إيفان ريلوف: كاتب روسي ذائع الصيت، كتب حكايات على لسان الحيوان، سميت كليلة ودمنة الروسية. وغالباً ما تتضمن قصص ريلوف معلومات رائعة عن طبائع الشعب الروسي وتفكيره، وهي جديرة بأن يقصها الإنسان لمتعتها الذاتية، لكنها في الحقيقة ذات قيمة أفضل من ذلك، إذ أن فيها عظات أدبية وخلقية، ولها مغزى تعليمي تربوي. فهي تعلمنا ما يجب أن نُلِمَّ به.
تبحر ” إيفان ريلوف ” في قراءة الفرنسية والألمانية والإيطالية وألم بآداب هذه اللغات، كما تعلم العزف على الكمان وأصبح ماهراً فيه، غير أنه كان يحلم دائماً بالكتابة للمسرح الذي بدأ عمله فيه برواية هزلية، ثم أتبعها بأخرى، فحازتا نجاحاً غير كبير.
ولم يصب ” إيفان ” النجاح إلا حين ظفر بالثناء الكثير لترجمته إحدى قصص ” لافونتين ” الروائي الفرنسي المشهور، فشجعه ذلك على كتابة قصص من تأليفه أعجب بها الشعب الروسي، وتناقلها الذين لم يستطيعوا القراءة بأنفسهم بسرعة.
وقصة ” القائد ” التي نحن بصددها الآن، والتي تدور على لسان الحيوان هي واحدة من قصص هذا الكاتب البارع، الذي يقول عنه الكتاب الروس:” إذا أردت أن تعرف شعبنا، فاقرأ ريلوف”.
( حكاية القائد )
ضلَّ جحش أعمى طريقه وسط غابة كثيفة، وكان الليل قد أرخى سدوله، ولفَّ الكون في عباءة دكناء قاتمة، فوقف المسكين بين الأشجار يخشى السير إلى اليمين أو إلى اليسار.
عندئذ، رأته ” بومة ” كانت بقربه، فرثت لحاله، وتطوعت لتهديه وسط الظلمة، فهي تبصر بوضوح تام، الأحراش والجداول والخنادق والطرق والممرات، الممهد منها والوعر، كما نراها نحن في وضح النهار.
وقبل أن يلمع الفجر بخنجره الفضي في وسط الدجى، كانت ” البومة ” قد أوصلت الجحش سالماً إلى الطريق.
لذلك لم ينكر الحمار فضل ذلك القائد الطيب القلب، فتوسل إلى البومة أن تظل معه لتقوده بالنهار أيضاً، فوافقت ” البومة ” وقبعت فوق ظهر الجحش في عجب وخيلاء، كأنها السيد الحاكم بأمره، وهكذا بدأ الصديقان سيرهما.
وعندما أشرقت الشمس بأشعتها على الكون، ونثرت غبارها الذهبي على العالم، تعذر الإبصار على ” البومة “، وأصبحت ” أعمى يقود أعمى “. ولكن من فرط غرورها لم تتنحَّ عن ذلك المنصب الذي أولاها إياه صديقها الحمار المكفوف، وعلى حين غرة صاحت به :” خذ حذرك يا صاحبي.. فلو إتجهت إلى اليسار لسقطت في مستنقع عميق “. فانتحى الحمار مسرعاً جهة اليمين، لكنه سقط في هوة سحيقة، ولقي حتفه
مهشماً !.
القائـــــد حكاية من حكايات ريلوف
اترك تعليقا