علي المطلبي
تجولت كثيرا وأطلعت على مختلف الثقافات والعادات لمختلف البشر ..من خلال رحلاتي التي يقتضيها في بعض الاحيان عملي ..في احدى زياراتي الى تركيا وتحديدا في اسطنبول عاصمة تركيا السياحية ذهبت انا وصديق لي تركي الجنسية وهو من اصول عراقية الى احدى الحدائق العامة قرب منطقة تقسيم وجلسنا هناك على احدى المسطبات داخل هذه الحديقة فلفت انظاري منظر لم اعهده من قبل ..حيث جاء رجل بالعقد الخامس من عمره وجلس بالمسطبة المقابلة لنا يحمل أكياسا ملونة مختلفة الاحجام ..الملفت للنظر ان هذا الرجل حينما جلس تجمعت من حوله اكثر من 17 قطة وبدأ الرجل بفتح الاكياس التي بداخلها علب طعام سفري مرتبا بشكل انيق ووضع كل علبة امام قطة من القطط …كل واحدة تأخذ حصتها من الطعام …اندهشت كثيرا وانا ارى هذا المنظر وعبرت عن استغرابي الى صديقي التركي الجالس بجانبي قلت له ( عجبا لهذا الرجل الذي يبدد وقته ونقوده بأطعام هذه القطط …أليس لديه عمل يعيل به عائلته واطفاله؟؟) …ضحك صديقي محمد ضحكة كبيرة وهو ينظر الى السماء وقال لي يا سيدي ..هذا الرجل هو موظف لدى الحكومة ووظيفته هي اطعام الحيوانات السائبة التي ليس لها مأوى او منزل …والحكومة مخصصة له راتب شهري مجزي بالاضافة الى مخصصات الطعام التي يشتريها كل يوم الى هذه القطط …ويوجد مثل هذا الموظف العديد منتشرين بجميع حدائق اسطنبول العامة …ذهلت وانا استمع الى صديقي …وحزنت كثيرا عندما تذكرت ان هنالك المئات من ابناء بلدي العراق …ينامون دون طعام …يتوسدون آلالام بطونهم الخاوية …تألمت كثيرا حينما تأكدت ان الحيوان بدول الجوار لديه مكانه وحقوق اكثر من مواطنينا …هنالك حكومة تشعر به وتلبي احتياجاته …فأي ألم هذا …وانا أرى بأم عيني ان القط التركي اهم من المواطن العراقي واغلى لدى حكومتهم ..أين حكومتنا من هذا ؟؟ ..ثم هنالك سؤال يطرح نفسه …اذا كانت الحكومة التركية تعامل الحيوان بهذا الشكل …كيف سيكون تعاملها مع مواطنيها …بالتأكيد ودون اية مناقشة …تعامل راقي ومن الدرجة الاولى ….أوجاع أحتلت احشائي وانا أفكر بأولئك الجياع في بلدي …بلد النفط والخيرات ……ومواطن يقتات على الفتات …وحكومة نائمة غارقة بالسبات …لاهمها …سوى الركض وراء المليارات …والخوض بالسياسة القذرة والمصالح الفئوية والمهاترات !!! ……لك الله ايها المواطن المغلوب على أمره ……أستأذنت من صديقي وقلت له هيا بنا نرجع الى الفندق ….لانني اشعر بألم …..لاطبيب له ….سوى رب العالمين …..