خيري هه زار
ذات يوم التقى جحا لفيفا من العمال الذين كانوا يعملون في بناء احدى الدور, كانوا جالسين لتمضية استراحة الظهيرة , أسمالهم كانت مغبرة وضنك العيش وقساوة الزمان بادية على وجوههم الكالحة , فاستفرد بأحدهم مستفهما منه رأي هذا الصنف من الكادحين عن ماهية الاصلاح فقال العامل متسائلا بدوره :
وهل ذاك يعنينا … فالزمان يرمينا . .. الى أسفل الشقاء … من أجل سرالبقاء … تلك اللقمة الناقصة … في الأجواء الراقصة … بين المد والجزر … وذاك الكم النزر … في الفرص للعمل … ليحيا فينا الأمل … ندعوفي قنوتنا … لأكتساب قوتنا … ما لنا وما تقول … ليس له في العقول … حيزولا رقعة … داخل هذي البقعة … من الكوكب الدائر … نحن فيه كالزائر … ليس لنا من الوقت … لبث الكره والمقت … داخل حياضه … ولو في رياضه … ما نعمنا وننعم … بمليء القلب المفعم … من احاسيس البهجة … تطلق فينا المهجة … الى موطن الراحة … ان أردت الصراحة … نحن معول للخير … أداة بيد الغير … وتراب من موات … تحت أرجل الذوات … هوانا قد أضمحل … بعد القحط والمحل … فقط نسمع الصدى … أحيانا عبرالمدى … كالحباحب تارة … لدن أبناء سارة … وتارة كالنعام … نستخرج كل عام … رؤوسنا كي نرى … هل استفاق الورى … وهل هناك من بيض … نحضنها بعد الحيض … ماتت فينا الأماني … لم تعد الأغاني … تشدو كما في السابق … بنسيمها العابق … واندحرت معاني … من فقدها نعاني … ونقترف الذنوب … في الشمال والجنوب … من هذه الامارة … المثلى بالعمارة … في عصرنا ولكن … البخت فينا داكن … نحن نبتني القصور … دونما أي قصور … للعفاريت الزرق … ولقاطعي الطرق … لكَنَ بيوتنا … تباكي خفوتنا … من آثارالتصدع … والقص والتجدع … وتسري فينا أحكام … على هذه الآكام … تأنف منها الضباع … والخنازيرالقباع … خلت من الانتفاع … والسمووالارتفاع … للطبقات الدنيا … في حياتها الدنيا … ولكن للعلية … لترسيخ البلية … في المجتمع المخدوع … الأصم والمجدوع … آيات للبركة … دائمة الحركة … في النمووالتكاثر … تشبه القطرالناثر … تنقل عبرالساتر … بصيغة التواتر … للأنجال الكتاكيت … دون وخزأوتبكيت … للمسمى بالضمير … المراعى والنمير … فقط في رفد الفساد … بشحنات المداد … من الدعم والتطعيم … والتسميد والتقليم … لنبته وأرضه … لاستحالة قرضه … لذا قد آن الأوان … كي تجتمع الزوان … لاستنكارالغربلة … بالصوره المضللة … التي نراها الآن … مفرغه من الأمان … العدل فيها مفقود … ويشترى بالنقود … من فائض جهدنا … وعزيز زهدنا … من دموع وعرق … ناهيكم عن الفرَق … وجانب الخطورة … للمهنة المسطورة … في سجلات القدر … لمن أتى وانحدر … من هذه الشريحة … المنكوبة الطريحة … تحت سقوف الاذلال … بين جدران الاخلال … بالقيم الجليلة … وهي جد قليلة … في معسكرالحياة … تحت أمرة الجناة … وفي ثكنات العيش … حيث العسس والجيش … تحت سطوة الذوات … الفاسدين الهواة … لفنون الاستغلال … وفي احتكارالغلال … فقد أضحوا ماهرين … على الحجب ساهرين … واستحكام السيطرة … للنبع والقنطرة … لكامل الثروات … باطلاق النزوات … لصرف مال العموم … بالوفرة والجموم … على السراري الأخدان … بيض الخدروالأبدان … ماذا عساه ينفع … اصلاح فينا يسفع … نواصينا والهامات … وهل بركل القامات … سنعالج الأزمة … وبهذه الحزمة … من حلول يتيمة … كأنها شتيمة … موجهة للقانون … الموضوع في كانون … حين البرد والصقيع … فكان السم النقيع … في كأس همومنا … غصه في حلقومنا … فهل جئت تبارك … على هذي المدارك … لدى القطاع الشغيل … وأوائل الرعيل … من أساطين البناء … في فترات الغناء … أم جئتنا يا بهلول … لتستفهم الحلول … للمرض المضارع … حَسَب الماضي البارع … وفق علاجاته … وعن مناجاته … في الصباح والمساء … حين نشرب الحساء … مع خبزنا الطري … المهضوم والسري … والآن قبل الوداع … على سبيل المشاع … اليك هذي الأبيات :
نحن كنا ونكون …………. غرقى داخل السكون
رغم كل الدواعي ……….. العجرة في المتون
لما تزل تثنينا …………… عن نهضة للجنون
ندك رأس الفساد ……….. بمطارق المنون
ثم قام وذهب الى عمله بعد ان ودع جحا بتلك الابيات التي جعلت البهلول يقف في ذهول ويرمقه بنظرات ملئها الاعجاب والاندهاش من نظمه ومعانيه , وبعدها غادرهم وهو يتمتم بالمعوذات الى ان وصل الى بيته فاستخرج قصاصات من ورق وبدأ بكتابة الرد على اقوال واستفسارات العامل مبتداً بما يأتي :
كنت أحسب العمال … داخل رث الأسمال … عضلات وأجساد … لا تعي معنى الفساد … وتنآى عن التفكير … في ربيبه السكير … بمشرق هذا الكون … ودون ان تلقى العون … من العقل المدَبِر … الكاسرالمتَبِر … للأجنحه والأقطاب … بالمحوأم بالاعطاب … لمنهجه الساري … ومفعوله الناري بالسياسة اللعوب … في بيادرالشعوب … لكنني علمتُ … والآن قد سلمتُ … بأنهم لا عورة … بل زخم لثورة … رغم الكد والنصَب … وكونهم كالحصَب … الا أنهم فتيان … يعلو بهم البنيان … ولديهم أحاجي … تدعم الفكرالناجي … من الرأسمالية … بالمآسي المالية … ومن الاقطاعية … بالشرورالغائية … ومن الحكم الرجعي … باسلوبه القمعي … ومن حكم القبائل … بمسارها المائل … للغنى والاستملاك … بأفكارالاستهلاك … وغيرها من أفكار … تُقابل بالانكار … من الانسان الوديع … صُنْعَ ربه البديع … وجامع الأساليب … بكثرة المطاليب … على هذه الربوة … المفضالةُ الحُبْوة … وتربها الزكية … المعطاءة النقية … دونما أي ثمن … وعلى مرالزمن … هواها يسعد الروح … رغم كثرة الجروح … وحبها فرض عين … نكتحل بها العين … يمشي الكل ويذهب … وتبقى انت الذهب … في بطنك يرقدون … وقد كانوا يرفدون … الحياة بالنسم … وأغلظوا في القسم … على هواك المجنون … الى قدوم المنون … منهم بروفاجر … كالسياسي والتاجر … ومنهم من السواد … كالبخيل والجواد … ومنهم من الوسط … يسرق من السفط … وكذلك النزيه … في قبالة السفيه … كان أيام الشدة … يشكوقلة العدة … في أدب التزاول … وغيره يحاول … بكل أنانية … للأهداف الآنية … ان يغتنم الفرص … ولا يخاف البرص … كلهم قد ذهبوا … من أعطوا أم نهبوا … وبقيت يا وطن … سرا دام واستقطن … فهل هناك أولى … من الأفكارأعلى … من محبة الأوطان … يُقَفّى بها الأوزان … فيا أخوتي العمال … لا يعتريكم اهمال … وسوء في المقاصد … أخشوا ضميرا راصد … حين وضع اللبنات … لا تغرركم أجندات … انكم انتم بناة … لا تخشوا من الجناة … لكم أعطرالذكرى … من لدن رب الشعرى … شكرجهدكم موصول … ولغاية الوصول … الى ضفة الأمان … حيث لا ينسى الزمان … سخاءكم في العطاء … وسياسة رقطاء … لا تقدرالبذل … الا أوان العذل … رغم اجتناء الثمار … ترمي الجب بالجمار … سواد جلودكم … يفضي لخلودكم … في ذاكرة الاجيال … وفق جميع الأكيال … للمعاني والرموز … بالقدْرالذي يحوز … كل من الكرامة … والذل والغرامة … وليحيا هذا الوطن .
وتوقف عن الكتابة بعد ان جف قلمه من المداد , وفي قريحته الكثير لكي يسطرها , على الورق كأن هاتفا دعاه للتوقف وبعد ان اعطى لغرباله ما يكفي من الحب لهذا الجزء , وبدأ يفكر مليا مع أي الصنوف سيهز الكفوف لغرباله في الجزء الثالث .
والسلام ختام
الجزء الاول
https://m3arej.com/article/2011-10-20-14-53-54/3046-خيري-هه-زار.html