العولمة والنّعام
بقلم: صالح أحمد (كناعنة)
///
إنّ الحياة كانت وستبقى هبة الله لكل خلقه…
فإذا أراد كائن أن يسيطر عليها أو يتحكم بها…
فاعلم أن هلاكه قادم لا محالة… طال الوقت أو قصر..
…………………………… صالح أحمد (كناعنة)
///
سُحْقًا…
أَرى بِأُمِّ وَعيي أَنّها البِداية…
بِدايَةُ النّهايَة
وَباءٌ عِلمانِيُّ الحِكايَة
وباءٌ حضارِيٌّ يَعُمُ الكونَ… يَفتَعِلُ العَناصِر
فالعَناصِرُ غايَة
غايَةُ حَضارَةٍ تَفتَعِلُ الإجاباتِ قَبلَ أن تولَدَ الأسئِلَة!
والحقائِقُ مُغْفَلَة
حَضارَةٌ تَفتَعِلُ الزّلزَلَة
عَليها أَن تَكذِبَ كَي تَطمَئِنَّ الطّرائِد
طَرائِدُها المُستَغفَلَة
في عالَمٍ يَدّعي مَعرِفَةَ الحَقيقَة…
حَقيقَتُهُ مُعضِلَة
أَجوِبَةٌ تَتَجاهَلُ الأسئِلَة
تَبتَعِدُ، تَركُضُ، تَنأى…
في ظَلامٍ مُوحِشٍ عاقِرٍ كاذِب..
يَتيهُ في جُنونِ غِوايَتِه
حَيثُ يَرى بِالخَديعَةِ الكُبرى قُوَّتَه
يَعتَنِقُها…
هادِمَةَ الفَضيلَة
زاحِفَةً بِأهدافِها اللّزِجَة:
“ما لَيسَ لَنا لَسوفَ نَمتَلِكُه…
نَصطادُهُ بِشباكِ أجوِبَتِنا المُراوِغَة
نُلبِسُه حَقائِقَ على مَقاسِ كَيدِنا
فَلْتَخجَلِ الفَضيلَة!
ولْتَنسَحِبْ لِكَهفِها المَسكونِ بِالتّساؤُل”
(…..)
كَم مَساكينُ أَنتٌم أَيُّها الأَبرياءُ الطّيبون
لُعبَتُنا حِصارُكُم بِالحَقائِق
حَقائِقِنا التي أَردناها هازِئَةً بِالأَسئِلَة
ماحِقَةً للفَضيلَة:
لا ضَيفَ في الآفاق
لا نارَ في الكَثيب..
لا دخانَ في الخِباء
الكُلُّ فوقَ هذا الرّملِ نَعام
والصَّحارَى كُلُّها تيه
يَمتَدُّ إلى جَحيمِنا…
حَقائِقِنا الكاذِبَةِ المُفتَعَلَة
كَم مَشى فَوقَها النّعامُ القَهقَرى
ولَقَد كَنَسنا مِنها أَثَرَ الفَضيلَة
لَم نُبقِ للنَّعامِ سِوى عُيونِ الصُّدفَةِ العَمياء
وَيَدٍ تَلوحُ… والمَدى أَشباح
رَملٌ يُحاوِرُ ظِلَّهُ:
هَل الطريقُ مُتاح؟
وَكُلُّ شَيءٍ حَولَنا يَتَصَحّرُ
يَتَضَوَّرُ
ولا نَرى سِوى دُخانِ حُلولِنا في غابِراتِ الأزمِنَة
(…..)
كَم مساكينُ أنتم أَيُّها الحالِمون!
لا بَأسَ إن اختَزلنا لَكُم مَسيرَةَ العَدَم
فَالصّمتُ مِن وَرائِكُم
وأَمامَكُم دُخانُنا…
لا كَهفَ إلا ما حَفَرنا!
لا تَعجبوا!
تَأبى الحقائِقُ التي ابتَدَعنا إلا أن تكونَ مُضَلِّلَة
وإلا… فَكيفَ نَطعَنُ الفَضيلَة…؟
هَكَذا بِسُهولَة!
نَصعَدُ فوقَ رَمادِ الشّعوب
بِاسمِ الحضارَةِ النّاقِمَة!
تِلكُم حَقيقَتُنا الآثِمَة:
لا نَرى سَماءً تَليقُ بِالمُرتَبِك
يَأوي لِكَهفِ الذاكِرَة
ونَحنُ نَمضي عابِدينَ عَولَمَتَنا الكافِرَة
طُموحُنا الكَبير:
الأرضُ أَضيَقُ مِن قَبضَتِنا القاهِرَة
حَقيقَتُنا قُوّتُنا…
قُوَّتُنا قانونُنا…
الماضي نُشَوِّهُ مَصادِرَه
الحاضِرُ بِأَكُفِّنا نُحاصِرُه
المستَقبَلُ بِخُيوطِنا نُقَيِّدُه
تِلكُم هي الحيلَةُ الأقوى مِنَ القُوَّة!
يا ساكِني الهُوَّة
تِلكُم حَقيقَتُنا التي لا تَستَطيع إلا أن تَكونَ الخادِعَة:
ما لَيسَ لَنا نَغصِبُه
أو فَليَرُحْ للهاوِيَة
نهندس الجينات
ونحكم الحياة…
نُجَفِّفُ الأنهار،
ونُغرِقُ الأمصار،
ونَحرِقُ الدّيار،
نُفَجِّرُ البِحار…
كُلًّ شَيءٍ يَجِبُ أن يَكونَ لَنا
أَو فَليَحتِرِق بِكَيدِنا
هَكَذا نَكون نحنُ الحَقيقةَ…
والحَقيقَةُ نَحنُ!
(…..)
أَحبِبْنا أيُّها النّعام..
أَحبِب عَدُوَّك!
هَكَذا نَسحَقُ الفَضيلَة
عُقولُنا بارِعَةٌ…
دَولَتُنا عَميقَة…
نَصنَعُ عَظمتنا بإرادَةِ القُوَّة…
إرادَةُ القُوَّةِ نَجعَلُها الحَقيقَة…
ساحِقَةٌ مُحيقَة..
(…..)
سُحقًا…
هي البِدايَة
بِدايَةُ النّهايَة…
أن تَخونَ وُجودَك
وُجودُكَ يُنهيك.
أن تُزَوِّرَ الحقيقَةَ… وتَطعَنَ الفَضيلَة…
أن تَجعَلَ الحياةَ رَخيصَةً مَهينَة
تَنسى حُدودَ ذاتِك
سَتستَبيكَ الذاوِيَة
سُؤالًا عَبَثِيًّا
غَيبًا بِعَدَمَيْن
تِلكُم هِيَ النِّهايَة..
يا جاهِلَ البِدايَة.
::: صالح أحمد (كناعنة) :::