العمليات الاجتماعية
د.شاكر حسين الخشالي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ في منشور سابق نشرته يوم 10 سبتمبر بعنوان ” الهجرة دوافعها وتداعياتها على البناء الاجتماعي” استهللنا المنشور بتعريف المجتمع , واليوم نسبر غور هذا التعريف ونحلل مفرداته بتغطيتنا لمصطلح جديد هو العمليات الاجتماعية , فالعمليات لا تتم إلا بالتفاعل , ويترابط الناس فيما بينهم عن طريق التفاعل , وذلك بطرق أو عمليات تُؤدى وتُمارس في المجتمع بصيغة أفعال وحوادث وأنماط سلوكية متكررة , تحدد شكل الحياة الاجتماعية لمجتمع معين بذاته , أطلق عليها مصطلح العمليات الاجتماعية , وظيفتها الحفاظ على النظام الاجتماعي وتماسكه واستمراره والسعي لنموه واتساع حجمه , وتختلف العمليات الاجتماعية من مجتمع لآخر وربما حتى ضمن المجتمع الواحد , إذن يمكننا القول إن العمليات الاجتماعية هي الصفات العامة لنشاط الحياة الاجتماعية في منطقة معينة والمُحدِدة لشكل تلك الحياة , وشكل الحياة هذا قد يكون ثابتاً خلال فترة زمنية قصيرة ومتغيراً ديناميكياً وغير مستقر خلال فترة طويلة , إذن حوادث الحياة الاجتماعية وما تنطوي عليها من أفعال وردود أفعال تشكل العمليات الاجتماعية , وهذه العمليات تتغيَّر بتغيُّر الحياة الاجتماعية التي تكتنفها وتعبر عنها , تمارَس العمليات الاجتماعية بثلاث مستويات أو صُوَر , الأول هو تفاعل بين الأفراد بعضهم البعض , والثاني هو تفاعل بين مجموعة أفراد مع مجموعة أفراد آخرين من نفس المجتمع الأكبر , والثالث هو تفاعل المجتمع الأكبر مع مجتمع آخر , أما أنواع العمليات الاجتماعية , فقد صنَّف علماء اجتماع التربية العمليات الاجتماعية من حيث تأثيرها في الأفراد والمجتمعات وكما يأتي : 1 . العمليات الاجتماعية ألمُجَمِّعَة , وهي العمليات التي تُجَمِّع الأفراد مع بعضهم البعض , وتكون ممارستها محببة لديهم , ولهذا توصف بأنها عمليات اجتماعية مُجَمِّعة , ويطلق عليها البعض بالعمليات الاجتماعية الإيجابية أو الجاذبة كونها تجذب الناس بعضهم للبعض , ومن هذه العمليات , التعاون , والتكيُّف , والالتزام , والثقة , والتوافق , 2 . العمليات الاجتماعية الهلامية , أي إنها يمكن ان تكون مُجَمِّعة أو مُفَرِّقة , ويقصد بها العمليات الاجتماعية التي يحكم عليها من حيث شدَّتها وحدتها وممارستها بطريقة مقبولة إلى حدٍّ ما , فإذا ما مورست بطريقة مناسبة كانت عمليات مُجَمِّعة وإيجابية وجاذبة , وإذا ما اُستغلت لغايات غير حميدة وغير مناسبة كانت عمليات مُفرِقة وسلبية وطاردة , وهذه تشمل المنافسة , والخضوع , والتهرب , والتبرير , والانسحاب , 3 . العمليات الاجتماعية المُفرِقة , وهي العمليات الاجتماعية التي تُفرِق بين الأفراد والجماعات إذا ما تمت ممارستها في المجتمع , وهي عمليات غير مُحببة وغير مُستحبة , ويطلق عليها العمليات السلبية , أو العمليات الطاردة , لأن أفراد الجماعة الواحدة عندما يمارسونها يتنافرون ويبتعدون عن بعضهم البعض , فهي تولد الضغينة والكره , وهذه تشمل الغِيبة , والنِفاق , والتملق , والانتقاد , والصراع , أملنا أن يبتعد مجتمعنا عن هذا النوع من العمليات الاجتماعية , خلاصة القول المجتمع يُبنى ويتهدم بأفراده , فالفرد هو المُتحكم بنمط الفعل الاجتماعي , والأفعال الاجتماعية هي نشاط الحياة الذي يحدد شكلها , وحوادث الحياة من أفعال وردود أفعال هي التي تشكل العمليات الاجتماعية , وما نبتغيه اليوم بظرفنا الحرج أن يعي مجتمعنا ما لتصرف الفرد وسلوكه من أهمية في صناعة اللُحمة , فأملنا أن يكون الكبير قدوة للصغير بالتسامح والتوادد , والمسؤول رمزاً لمعيته بالإيثار والتضحية , والعالم والمتعلم لا ينشد إلا الخير في نشر علمه , والفقيه ورجل الدين لا يرى إلا عدالة السماء في الأرض في قوله , الله هم قي شعبنا من كل سوء فأنت خيرٌ حافظاً ……….