مصطفى محمد غريب
من يتصور بعدما شاهد مقطع الفيديو أو قرأ ما جاء على لسان الداعية السلفي المعروف أبو إسحاق الحويني بخصوص المرأة انه الوحيد الذي يرى في جسد المرأة عورة في المجتمع فهو على خطأ وضلالة لان هذا الرأي موجود لدى 90% من رجال الدين وكذلك أكثرية قادة أحزاب الإسلام السياسي حتى الذين يهيمنون أو يقودون السلطة إذا لم نقل أكثر من هذه النسبة وهو منتشر في أكثرية المجتمعات العربية والإسلامية ولهذا لم نقفز من التعجب والاستغراب ولم نستفز من “خريط” هذا الداعية الذي ينتقص من كرامة النساء وفي مقدمتهن أمه وأخته وزوجته وبناته وكل قريبة إليه من الدرجة الثانية حتى آخر النسل، لكن الذي نستغرب منه الموقف الصامت تقريبا الذي هيمن على الكثير من أحزاب الإسلام السياسي حتى المتزنة منها بدون فضحه وفضح دعواه ودعوى كل من يريد أن ينتقص من مكانة ودور المرأة في المجتمع وما يثير القرف أكثر عدم تدقيق اللغو اللااخلاقي لهذا الداعية التي يُشبه وجه المرأة بفرجها بدون أي حياء ديني أو دنيوي وأمام جمع من الناس، وقد فسر السفهاء بأنه كان يهدف من هذا التشبيه الدعوة إلى ارتداء النقاب غير الإسلامي المتخلف الذي بدأت الدعوة له من قبل الجماعات السلفية والأصولية، وهذا التشبيه اللااخلاقي الذي ظهر على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك ومقطع فيديو لهذا الشيخ الحويني يعتبر تهجماً فضاً على حقوق المرأة الإنسان ومحاولة لجعلها دمية يحركها أمثال هذا الداعية بدون أي احترام لحرية الفرد فيما يختاره على شرط أن لا يتنافى مع حرية الالتزام ومراعاته في المجتمع وبمجرد انتقال هذا القول ونشره اجتاحت موجة الغضب بين النساء وكذلك مئات الآلاف من المسلمين ليس في مصر فحسب بل في العديد من البلدان وبخاصة فهو لم يكتف بهذا التشبيه بل نقل موضوعاً حول قائدة ثورة تحرير المرأة في مصر هدى الشعراوي وقضية حجابها والتخلص منه عندما عادت من دراستها في فرنسا وكيف أن والدها عندما وجدها سافرة أشاح بوجهه عنها ولم يستقبلها لكنه أغمض عينيه وأغلق عقله وأذنيه ولم يذكر أن مئات الآلاف من النساء المصريات اتبعن طريقها وتقلدن مناصب عليا في الدولة وفي المجتمع، لا ندري كيف يفكر هؤلاء السلفيون و الاصوليون ألا يوجد شيء آخر يضر البشرية أو المسلمين سوى وجه المرأة أو جسدها أم أن الجنس هو الشاغل الوحيد الذي يشغلهم ليضعوا وزر تمتعهم وشهواتهم في تحقير المرأة واعتبارها رجس مثلما يفعل المتعصبون الاصوليون اليهود الذين يعتبرون المرأة نجاسة مثل الخنزير ولا يدعوها تقرأ التوراة ومنعوها من الصلاة مثلهم عند حائط المبكى وهي كائن شيطاني وهو ليس اتهام فمن يطلع عن قرب أو في وسائل الإعلام المنظورة فسوف لن يجد أية امرأة يهودية تقترب من حائط المبكى وتقرأ التوراة وإذا اقتربت فهي مطرودة بقوة الرفض حتى الجسدي منه وكما ورد في التلمود ” أن المرأة حقيبة مملوءة بالغائط ” ألا يرى هؤلاء العالم المتمدن والتطور الذي حصل في جميع مرافق الحياة؟ وكيف تعالج القضايا بالعلم وكيف تطورت الصناعة والعلوم الأخرى في مجالات السياسة والاقتصاد والطب والتعليم والفضاء وكيف أصبحت المرأة وهي تتبوء أعلى المناصب في الدولة رئيسة للجمهورية ورئيسة للوزراء ووزيرات ونائبات ورائدات فضاء وعالمات ومربيات ومثقفات وكاتبات .. الخ فهل ينطبق قول هذا الداعية بان وجههن كفروجهن مما يجعل البعض من الرجال الذباب يحوم حولهن، إلا تخجل اللغة من هذه السفاهة؟ والمصيبة أن الكثيرين يعتبرونه داعية سلفي إسلامي فهل أكثر من المسبة التي قالها عشرات لا بل مئات الألوف من النساء والشباب والرجال الإسلاميين بحق هذه الدعوة وهي ليست ببعيدة عن دعوة عدم كشف اليدين للرجال وكأنهم يقولون أن اليدين عبارة عن عورات الرجال فيمنعون من يلبس قميصاً بكمٍ قصير حتى لو كانت الحرارة 50% أو60% أو أكثر لكن البعض يخرج نصف ساقيه ويعتبرهما حلالاً وهما اقرب مسافة لعورات الرجل من اليدين، كم تبقى المهازل تتحكم في عقول المتخلفين عقلياً بحجة الشريعة والدين؟
لقد عانت المرأة أولا من هذه الأخلاقيات والدعوات غير المسؤولة والمفروض أن يعاقب مطلقوها بقوة القانون لحماية حقوق المرأة والدفاع عنها فهذه الدعوة تخلق الفتنة وتدفع من يؤمن بها أن يتصرف في الشارع بلا حياء ضد وجه المرأة وهذا يتنافى حتى مع القرآن الذي يقول على لسان الله ” لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ” ومعنى ” الإنسان” الرجل والمرأة وليس الرجل دونها، ومن المعقول جداً أن يخلق هذا التشبيه فتنة مادامت فتوى الداعية السلفي المشهور الشيخ أبو إسحاق الحويني المعروف على نطاق واسع ويؤمن بنهجه وفتواه ويطبقها وكأنها توصيات ربانية، وليس من المستبعد أن يقوم أصحابه بتطبيق دعوته ويتصرفون بحماقة على أساس أنها فتوى من شيخهم مثلما يؤمن الآخرون بمرجعياتهم الدينية، وإذا ذهبنا ابعد فقد يقوم البعض ممن يؤمنون بأقواله بالاعتداء على النساء السافرات أو المحجبات بشكل طبيعي باعتبارهن بدون النقاب فضلاً عن قيامهم بالتحرش الجنسي الموجود في أكثرية البلدان العربية والبلدان الإسلامية.
على ما يظهر أن الهوس عند هؤلاء بالجنس يجعلهم يفرطون في أذية النساء بطرق سادية فمن يرى في المرأة فراش يأوي إليه للنوم للممارسة شهواته الجنسية فقط، ومن يرى فيها عبارة عن حاضنة للأطفال ومكانها السجن الأبدي في البيت، ومن يراها مغفلة وبدون وعي وتخدع فوراً، ومن يراها ناقصة عقل ودين ولهذا فهي ميالة للسقوط في أي مطب حياتي، ومن يسعى لعدم تعليمها أو منعها في الاستمرار في الدراسة، ومن يقف بالضد من استماعها إلى الموسيقى والغناء ومشاهدة التلفزيون وهو يصارع بعدم منح حقها في الانتخابات حتى لو كانت نسائية .. الخ وهؤلاء وغيرهم وان تباينت آرائهم لكنهم يتفقون بشكل ما على أن المرأة ضعيفة ولا تستطيع حماية نفسها ومشكلتهم رؤيتهم الناقصة باعتبارها مجرد بقرة حلوب تدر عليهم كل شيء ويمنع عنها ابسط المطالب التي من حقها الحصول عليها، هؤلاء كأنهم يغمضون أعينهم عن ما جرى من تطورات على المجتمعات البشرية فالمرأة ومنذ القرون الوسطى وحتى بداية القرن العشرين كانت إمعة بفضل تسلط القوانين الذكورية وتسلط الرجال تحت حجج مختلفة لكنها كما هي قوانين التطور والحياة انتفضت على واقعها المرير وراحت تسير في طريقها لاستكمال حقوقها وهي اليوم وبكل صراحة قطعت أشواطاً غير قليلة من اجل استحصال حقوقها كإنسان له الحق في كامل الحقوق والواجبات كما عرفت أنها ليس فقط نصف المجتمع بل العنصر الأساسي في البناء والتطور والحضارة وسوف يأتي اليوم الذي سيضع هؤلاء المتخلفين رؤوسهم في المستنقع الرجعي المتخلف وينفقون فيه دون أسف عليهم.
أن الداعية السلفي المشهور أبو إسحاق الحويني حسبما جاء في وسائل الإعلام لن يكون الأول والأخير في شعوذته وكلامه السيئ الذي لا يدل على الخلق الإسلامية الصحيحة سوف يُفرخ العديد من أمثاله وسوف يقفون مع المتخلفين في طابور واحد وفي دائرة ضيقة يتقاسمون الخزي والعار بما يحملون من نظرات احتقار ضد المرأة وعندما شبه أبو إسحاق وجه المرأة كفرجها فهو مرة أخرى نقول ونعيد ونكرر لعل من يسمع منهم ومن إتباعهم أن الله قال في القران الكريم ” ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ” لكن هذا الحويني يخالف هذا التعليم والإعلان وهو يقول عن نفسه إسلامي سلفي فكيف يمكن مقارنة تضاده مع قول صريح جاء في القران وبين حقيقة إسلاميته وتشبهه بالشرع كما يدعي لكن كما نرى ونثق يوماً بعد أخرى أن أكثرية المجتمعات الإسلامية ترى في فرج المرأة الشرف الرفيع الذي يذودون عنه بحمايتهم فكيف يسيء هذا الداعية لشرفهم وبمذمة وكأن وجهها سوف يكون محتقراً أو داعياً للفجور إلا يرون فيه مساً عقلياً أو تطرفاً يراد منه الإساءة للشرع والدين أم أن البعض انتشوا نشوة خمرٍ لما أعلن عنه لأنهم مثله لا يفرقون بين الوجه الصبوح الذي يشع بنور الإنسان وبين عضو موجود في الجسم الطبيعي وإلا ماذا نقول لهم هل وجوههم ووجه الداعية السلفي عند كشفه أو كشف زنودهم بلبس الكم القصير لا يختلف عن تشبيهه بان ذكورهم في وجوههم وأذرعهم المكشوفة