ربما هي خطوتك الاولى لترى ملامحه او خطوتك المندثرة بآتجاهه او المبتوره الاخيرة لكن هنالك اناس لا يعرفون ما دفع الجميع للسير نحوه.
الى الباقات الملونة المقتطفة من ربيعها بمنجل الارهاب الدامي
إكتشاف
سقاها كدأبه كل يوم
لكن عنقها الدقيق مال كمن يشكو جرحا ،
أفرغ كل محتويات قارورة الماء ،
وترقرت في عينيه دموع سخية ،
سقطت إحدى بتلاتها على كفه …
فدفنها بخشوع …
وكتفاه الصغيرتان ترتعدان …
امام هول إكتشافه للموت صدفة ..
هذا الصباح..!!
الى شهداء المقابر الجماعية
نورية
اطلت ابدا من تلك النافذة المتهاوية الخربة لتبدو كأحد احجارها التي عبثت بها السنون وربما صنعت منها الريح و زيارات الامطار القليلة نقشا طرزته الصدفة وحدها فخيل الينا انها امرأة عجوز او كائنا بشريا نشعر بوجوده بيننا باستمرار ينبهنا بين الحين والاخر انه لم يزل على قيد الحياة بصوتها المشروخ وهي تقطع علينا مرحنا في الساحة لتطلب ان نأتي لها بالماء او الحلوى او بقايا الطعام.
لم نتساءل يوما لم هي هناك لا تقف ولا تتحرك مسمرة كالجدار ومنذ متى كانت كذلك..بدت لنا كمنعطف طريق او هيئة منزل هرم لابد من وجوده لسبب ما لحين اختفائها فجأة.
احدنا ضحك و قال
– لم تزعجنا نورية اليوم
وعند الغروب نظرنا باتجاه تلك النافذة المفتوحة صيف شتاء و دلفنا الى منازلنا مندهشين وشيء من الخوف يتسرب الينا مع ذكراها.
مرت اربعة ايام لم يجرؤ اي احد من الحي على ولوج غرفتها الوحيدة المظلمة او مجرد طرح سؤال عما قد يكون حل بها وهي مشلولة الساقين.
في الطريق الى المدينة قال احدهم انه رأى مزق ثوبها الوحيد الذي عرفناها به يغطي عظامها الناتئة تتطاير من فوق كتلة لحم غرزت فيها انياب كلاب بالتتابع حتى اسودت وجفت.
لم نعد نتكلم عنها او نقترب من نافذتها المرعبة لم يدر حديث حولها لكننا كنا على يقين انها تزورنا جميعا كل ليلة في كوابيس لا تنتهي.
الحروب تمر و لا تصطحب سوى الموتى
الجذع
تلوى في فراشه كأفعى … اصبح دبره امام ناظريه فحدق به مليا وتمنى لو نبتت له ساقا او ذراعا هناك … كل رفاقه من الزواحف يمتلكون ما يمكن ان يسمى اطرافا الا هو………التف حول نفسه عدة مرات ونظر في المرآة…..
لا محالة انه افعى…
هل كان منذ الطفولة كذلك؟
في الدرج هنالك عشرات من الصور مع زملائه في المدرسة والحي والجامعة وخيط مبهم من الذكريات يؤكد له انه كان بشرا يوما ما……
كان يوم الجذع سيئا رغم ان الحرب انتهت لكنها مازالت تعلن عن نفسها باصوات تفزعه ليلا او اثناء النهار…….
هي ذات الاصوات التي حولته يوما ما الى مجرد جذع افعى………..
لكل زمن لون ومن لا يغير جلده يُجلَد
نائبة البرلمان
وضعت السيدة نائبة البرلمان البدينة ساقا على ساق ونادت
– سعدية وقت الشاي الان
– حاضر من بطن عيني
غاب عن ذهن السيدة ان الفتات الذي جمعته المرأة لأطعام اولادها الخمسة قد وضع على الطاولة لم تصب منه الخادمة شيئا.
– سعدية بسرعة لدي موعد على الفضائية لا تنسي ان تشاهديني
سترين كيف اتحدث ببراعة ولن يستطيعوا احراجي بسؤال
– انا لا املك جهاز تلفاز فانت تعلمين انهم فجروا بيتنا بأثاثه بعد التهجير
– سعدية انت نحس…نحس
اني اخشى على مستقبلي السياسي من نحسك فهو معد مثل انفلونزا الخنازير
اغلقت الباب الرئيسي بعنف وسمع صوت تشغيل عربتها الفارهة في موقف السيارات الفسيح و توبيخها اليومي المعتاد لحراسها الشخصيين.