العراق.. رقم صادم عن نسبة الفقر
نهاد الحديثي
العراق بلد يعوم على بحر من الثروة النفطية، لكن تلك الثروة لا تصل بأي صورة كانت إلى ربع السكان الذين يرزحون تحت خط الفقر، وفق أرقام رسمية، لكن تقديرات أخرى تفيد بنسبة أكبر بكثير, وذكرت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية إن 9 ملايين مواطن أي نحو ربع عدد السكان البالغ عددهم 41 مليونا،واشارت مديرة دائرة الرعاية الاجتماعية التابعة بالوزارة ذكرى عبد الرحيم، في تصريحات الرحيم إن عدد الأسر العراقية المستفيدة من برامج الرعاية الاجتماعية يبلغ مليونا و400 ألف أسرة، فيما يبلغ عدد الأسر المستحقة لرواتب دائرة الرعاية 3 ملايين أسرة , يرى مختصون وخبراء اجتماعيون أن هذه الأرقام الرسمية رغم ارتفاعها لا تعكس في الواقع العدد الحقيقي محذرين من التداعيات الخطيرة لتفاقم ظاهرة
الفقر بالبلاد على شتى الصعد, لا توجد إحصاءات دقيقة وعلمية بالعراق حول نسب الفقر، لكن الأرقام الدولية تشير إلى أن ما يقارب 30 في المئة من سكان العراق هم بالفعل تحت مستوى خط الفقر، بمعنى أن دخلهم اليومي يقل عن 3.2 دولار أميركي أي ما يعادل نحو 4750 دينار عراقي , الأرقام الفعلية لنسبة الفقراء هي أكبر بكثير، إذ تصل لما فوق 30 بالمئة كحد أدنى، وحتى النسب التي تعلنها الجهات الرسمية هي أيضا غير قليلة، حيث تشير لوجود 9 ملايين عراقي تحت خط الفقر، والذين لا يكفي دخل الواحد منهم لوجبة طعام فردية واحدة باليوم, وما يزيد الطين بلة، الدولة لا توفر الخدمات الأساسية للمواطنين من رعاية اجتماعية وسكن وطبابة ونقل، وحتى المتوفر منها في القطاع العام فهي رديئة جدا, هناك مبادرات لمواجهة هذه الظاهرة كالخطة الوطنية لمكافحة الفقر، وثمة شراكات بصددها مع جهات دولية عديدة كالبنك الدولي، لكنها مع الأسف غالبا تبقى حبرا على ورق ولا تجد طريقها للتطبيق ,, أن البنى التحتية للبلاد وفق التقديرات المختصة هي بحاجة لنحو 88 مليار دولار لاعادة تأهيلها، ويعاني القطاع الزراعي من الركود والتراجع بفعل غياب الخطط الاستثمارية وتغيرات المناخ وشح المياه، كما أن قطاعات الطاقة الحيوية للنهوض بالصناعة والاقتصاد، كالكهرباء تعاني من مشكلات بنيوية، حيث يتم استيرادها من دول الجوار ما يثقل كاهل الميزانية ,
قالت وزارة التخطيط انها اعدت خطة تنمية خمسية للسنوات المقبلة كما تعمل على إعداد ستراتيجية جديدة لخفض نسبة الفقر في العراق لذلك ستكون مؤشرات مسح سوق العمل مهمة لهذه الخطط لهدف وضع السياسات المناسبة لكل مفصل من هذه المفاصل ومعالجتها,, وأكدت أن التعداد السكاني لن يكون بديلاً عن المسح الإحصائي، فيما أشارت إلى تحرك لخفض نسبة الفقر في العراق, ويجري خلالها مسح القوى العاملة في العراق ,و تسليط الضوء على مفاصل مهمة منها وضعف مشاركة النساء في القوى العاملة وارتفاع نسبة البطالة بين الشباب ومؤشرات أخرى مهمة والهدف منها الوقوف عليها لمعالجتها من خلال الخطط المستجيبة لهذا الواقع
الفساد المستشري بصفوف الطبقة السياسية،هو السبب الرئيس وراء ارتفاع عدد الفقراء تسبب الفساد المالي والإداري بسوء صرف وهدر أكثر من ترليون دولار أميركي، جلها مداخيل جناها العراق تبلغ قرابة 800 مليار دولار, اولحل، حسب اصلاحيون ، يكون بتشكيل حكومة تكنوقراط وخبرات تقوم بأمرين اثنين إنشاء محكمة بقضاة مستقلين سياسيا لمحاكمة الفاسدين واسترداد المليارات المنهوبة لخزينة الدولة، التي لو استردت بالكامل لقفزت حصة الفرد العراقي الواحد من الدخل إلى 50 مليون دينار عراقي أي نحو 35 ألف دولار,, وضعها لاستراتيجية علمية وتنموية تنفذ على مراحل للحد من البطالة وتوفير فرص العمل وتبدأ بخريجي الجامعات والمعاهد– وللاسف هذا كله لن يتحقق بطبيعة الحال في ظل انشغال الفرقاء السياسيين بالصراع على السلطة والمناصب، والذين لا مكان لقضايا مثل مكافحة الفقر على أجنداتهم وأولوياتهم
وفقًا للبنك الدولي، يعيش ما يقدَّر بنحو 711 مليون شخص في فقر مدقع -يعرّف بالعيش على أقل من 1.90 دولارًا في اليوم- في عام 2021، وهو ما يعادل حوالي 10% من سكان العالم.
في العراق، تتضارب الأرقام الرسمية حول نسبة الفقر الحقيقية في البلاد، خاصة أن هذه الأرقام تحرج الجهات الرسمية التي يتبع أغلبها لأحزاب تروّج لنفسها على أنها تحظى بشعبية عالية بين الجماهير, فضمن مؤشرات وزارة التخطيط العراقية إن معدل الفقر وصل إلى 27%، بزيادة 3% عن المعدل الأصلي نتيجة قرار الحكومة خفض قيمة العملة أواخر عام 2020، لكن تقريرًا لمنظمة الأغذية والزراعة “الفاو” والبنك الدولي وبرنامج الأغذية العالمية، يقول إن هناك ما بين 7% و14% زيادة بعد قرار الحكومة بخصوص الدينار.ويضيف التقرير أن قرار خفض قيمة العملة المحلية سيؤدي على المدى القصير إلى زيادة أعداد الفقراء في البلاد بين 2.7 مليون و5.5 ملايين عراقي، وأن هذه الأعداد ستضاف إلى نحو 6.9 ملايين عراقي موجودين أصلًا قبل اندلاع أزمة جائحة كورونا, التقرير الذي حمل عنوان “أثر فيروس كورونا المستجد على الأمن الغذائي في العراق”، أشار إلى أن الحكومة العراقية تواجه “مهام صعبة في محاولة احتواء الفيروس وحماية صحة الناس وإعادة تشغيل الاقتصاد المتداعي”.يعيش الأشخاص والأسر المنكوبة بالفقر دون سكن لائق ومياه نظيفة وغذاء صحي ورعاية طبية، وقد يكون لكل أمة معاييرها الخاصة لتحديد عدد سكانها الذين يعيشون في فقر، ولا يزال الكثير من الناس حول العالم يكافحون لتغطية نفقاتهم.
رغم الموارد الكبيرة التي يتمتّع بها البلد، إلا أن خط الفقر آخذٌ بالازدياد بصورة متصاعدة، خاصة مع تأثر العراق بالأزمات الداخلية والخارجية، الفساد منتشر على جميع مستويات الحكومة في العراق، ليس ظاهرة فردية، بل تحول إلى قانون بُنيت عليه الدولة برمّتها، خير مثال على ذلك عدم قيام مجلس النواب بالتحقيق مع أي وزير منذ بداية الفترة التشريعية السابقة وحتى انتهاء عملها بحلول الانتخابات، رغم وجود عدد من الطلبات للتحقيق في عدة وزراء قدموا إلى رئاسة المجلس، حيث يلجأ بعض الممثلين إلى التلويح بورقة التحقيق الخاصة بوزير أو آخر لتحقيق مكاسب ذاتية. فوفقًا لتقرير عام 2021 الصادر عن هيئة النزاهة، تمَّ إصدار مذكرات استدعاء لـ 52 وزيرًا أو من في حكمهم، كما تمَّ إصدار حوالي 491 استدعاء ضد 329 من كبار المسؤولين من ذوي الدرجات الخاصة، كما ذكر تقرير المفوضية لعام 2018 أن أكثر من 3000 متّهم أُحيلوا للقضاء، بينهم 11 وزيرًا و157 فردًا من ذوي الدرجات الخاصة.
ونتيجةً للفساد والإهمال اللذين أدّيا إلى انخفاض مستوى التعليم وانعدام فرص العمل لخريجي الجامعات العراقية، غالبًا ما يختار الخريجون العمل في مجالات أخرى مختلفة عمّا درسوه في الجامعة أو المعهد.-يضاف إلى ذلك، ظاهرة ترك الدراسة للالتحاق بالعمل، إذ تتوفر العديد من فرص العمل بالوظائف الحكومية بفضل نظام المحاصصة الطائفي الذي يسمح لكثير من غير المؤهلين من الالتحاق بالمكاتب الحكومية بناءً على الانتماء الطائفي أو الحزبي، بينما يفتقد الآخرون هذه الميزة، حتى لو كانوا من المؤهلين.لذلك، شهد الشباب العراقي ارتفاع معدلات البطالة في بلادهم في ظل الحكم الفاسد،
يقول معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية إن الفساد وفشل منظومة الحكم الاقتصادية أحد أهم أسباب تحوُّل دول الشرق الأوسط، وبينها العراق، إلى دول فاشلة، حيث “تعاني جميعها تقريبًا من الفساد وفشل الحكم، ومن الفشل في تحديث اقتصادها وانفتاحه، ومن الضغط السكاني والمشاكل الحادة في التعامل مع “تضخم الشباب” ونقص الوظائف”.مكملًا: “إن التجاوزات الاستبدادية وانتهاكات حقوق الإنسان هي القاعدة وليست الاستثناء، والتفاوتات الكبيرة في توزيع الدخل والعقيدة والعرق كلها شائعة جدًّا، ويبدو أن العديد من البلدان في المنطقة غير قادرة على مساعدة نفسها، فقد وصلت إلى النقطة التي تتحول فيها المساعدات الخارجية إلى سبب لإطالة أمد المشاكل بدلًا من حلّها، وتسمح لمشاكلهم بالتفاقم والنمو بدلًا من أن تؤدي إلى تقدم حقيقي وحلول”.
وكما تخبر الأرقام حقيقة وطبيعة المشكلة، تخبر أيضًا حجم التحديات المنتظرة في المستقبل، ففترات الازدهار التي عاشها العراق قبل الاحتلال من خلال طريقة إدارة الموارد الكبيرة على عدد قليل من السكان، سينقلب نقمة في المستقبل مع الزيادة المتوقعة في عدد السكان، وازدياد المطالب بالتعيينات الحكومية والخدمات، دون أن تكون هناك فرصة لتلبيتها. بالمحصلة النهائية، هناك خياران أمام الحكومة العراقية لا ثالث لهما: أولًا، خفض الاعتماد على النفط وتطوير موارد أخرى مثل القطاع الزراعي، وما يرتبط به في مجالات الموارد المائية والنقل والصحة الغذائية، والتوجُّه نحو إصلاحات طويلة ومتوسطة الأمد بإشراك القطاع الخاص، وتقليل الملاك الحكومي البالغ أكثر من 6.5 ملايين موظف ومتقاعد