علي الطالقاني
يعج الحديث عن التحديات التي يواجهها العراق مع خروج آخر جندي أمريكي، ومع كل حركة جندي تخرج تصريحات مخيفة عن تحديات مقبلة. وهناك من يرى إن البلد سيكون أكثر مأساوية على أعتباره بلدا غير مستقر سياسيا وخصوصا هناك حالات عنف مستمرة قد تزلق البلاد في حرب طائفية حسب مايقول محللون
..
ويعتمد بعض المحللين على براهين تؤكد ان الأميركيين عملوا على تكوين حكم يستند على المحاصصة الطائفية. ويستمر اللوم على السياسة الأمريكية لذلك، كما أن الانسحاب من العراق ليس النهاية، بل هو بداية تدهور الأوضاع وهناك ستكون شروخ كبيرة تتعلق بخصوص منطقة الشرق الأوسط. كما توجد صراعات داخلية متعلقة بالعلاقة مع اقليم كردستان، وإشكالية المناطق المتنازع عليها.
ويتهم بعض السياسيين والمحليين موقف شيعة العراق من ايران حيث يستندوا الى تحالف بعض القوى العراقية مع ايران وهم متهمون بتكتلات قد تبتلع العراق.
لكن الرأي الرسمي الأمريكي يقول ان مساعي ايران للتدخل في العراق فشلت، وهناك استقلال العراق بعد انسحاب اخر القوات الاميركية بحسب مستشار الرئيس الاميركي للامن القومي. الذي أكد ان ايران فشلت في محاولاتها لتحويل العراق الى بلد تابع لها، على صورتها.
ويعول بعض السياسيين على ان العراق يخرج من هذه التهديدات في حالة حصول ماتبقى من الامريكيين المدنيين على الحصانة.
الكاتب سايمون تسيدَيل في صحيفة واشنطن بوست من جهته يرى أن الانسحاب الأميركي من العراق ليس النهاية، بل هو في الحقيقة مجرد بداية لحالة عدم استقرار وبروز العديد من القضايا المعلقة في الشرق الأوسط إلى السطح بمجرد اكتمال الانسحاب الأميركي. ويرى الكاتب الفكرة القائلة بأن حرب العراق قد انتهت بأنها جذابة ولكنها مضلِّلة.
ويرى مراقبون أن الانسحاب الأميركي سوف يوقظ قضايا معلقة ونائمة منذ أيام حكم صدام حسين، وهذه القضايا تمتد من شمال العراق إلى جنوبه بالإضافة إلى عواصم إقليمية عديدة.
ويشبّه الكاتب الخروج الأميركي من العراق بخروج بريطانيا من مستعمراتها السابقة وتركها للكثير من المسائل العالقة, ويعي حكام إيران هذه المعضلة والحقيقة التاريخية، فلا يمكن للغازي أن يغلق الأبواب التي فتحها، وبما أنهم يعون أيضا الحقيقة التي يدركها الكثير من المحللين وهو أن طهران وليس واشنطن هي من كسب الحرب في العراق، فسوف يعملون على استغلال ذلك جيدا.
وقد حرص رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي خلال زيارته لواشنطن قبل أيام على أن يشير إلى رفضه أي تدخل إيراني في الشؤون العراقية.
واقتصاديا يرى خبراء أن كلفة الحرب على العراق نحو 700 مليار دولار مما شكلت تداعيات خطيرة داخل الولايات المتحدة والتي اعطت هذه الإنعطافة قوة اقتصادية للدول الأخرى للتلاعب الاقتصادي كالصين.
وخلاف ذلك فهناك رؤية أخرى من قبل الكثير من العراقيين فهم يرون انهم قادرون على حكم نفسهم دون اللجوء إلى الوصاية وهناك شواهد كثيرة فالعراق تصدى لصفحات من التاريخ قاومها بقوة فقد اجتاز صفحة التقسيم والتوتر الطائفي الى حد كبير وهو اليوم يحرص على ضمانة سيادته الكاملة وأن الحكومة العراقية لن تغفل عن التحديات في المرحلة القادمة وان رفض الاحتلال وبقاء أي قوات أعطى قيمة لمستقبل العراق، وبالتالي فإن الانسحاب الأميركي سيكون بمثابة الخروج من عنق الزجاجة. لأن وجود هذه القوات عائق كبير امام استقلال الرأي وتحديد سياسة البلد واستقلاله.
ويرى محللون سياسيون ان الانسحاب المبكر للقوات الاميركية ناتج من حسابات مدروسة وان ما يحدث من خروقات امنية، هو نتاج من التجاذبات السياسية والأعمال الإنتقامية بين الكتل وبين بعض القادة الامنيين.
ويؤكد مراقبون أن المرحلة المقبلة تتطلب تحديث اساليب المنظومة الامنية في التعامل مع الواقع، والتركيز على تعاون المواطن مع اجهزة الامن. في موازاة ذلك يواجه العراق والذي يصدر حوالي 2,2 مليون برميل يوميا محققا عائدات شهرية بقيمة سبعة مليارات دولار، عجزا في تامين الخدمات الاساسية كالكهرباء والمياه النظيفة. ويوجد امام العراق خطر تدهور الوضع في سوريا المجاورة التي تشهد حركة احتجاجية ، وامكانية وصول متشددين الى الحكم فيها.