سمير عادل
مدخل :
إن الأخلاق السائدة هي أخلاق الطبقة السائدة كما يقول لنا ماركس وانجلز في“ البيان الشيوعي .”وفي عالمنا المعاصر حيث العلاقات الإنتاج هي علاقات رأسمالية، فأن الأفكار والأخلاق والتقاليد الاجتماعية والسياسية السائدة في المجتمع هي للطبقة البرجوازية التي تدير دفة السلطة في المجتمع .
وهكذا أن كل شيء في المجتمع من الكذب والنفاق والرياء والفساد بكل أنواعه وشراء الذمم والاحتيال والانحطاط الأخلاقي، هو انعكاس للطبقة السياسية السائدة وهي البرجوازية .فالبرجوازية كي تديم نفسها بالسيطرة على المجتمع ومن اجل إدامة أرباحها وامتيازاتها، بحاجة إلى الكذب وبحاجة إلى الاحتيال على المجتمع وبحاجة أن تظهر بوجهين، الوجه الودود العلني، والوجه الآخر الذي يحوك الدسائس من خلف الكواليس والعمل تحت الطاولة لتحقيق مصالحها .ولننظر إلى المشاهد السياسية التي عكسها وباء كورونا، فإنك ستجد الأنظمة السياسية تكذب وتكذب وتظهر بوجهين وباتت حتى تغش و تسرق المعدات الطبية والكمامات من بعضها وتقوم بعمليات القرصنة وبشكل علني مثلما حدث في الشحنات التي أرسلت إلى فرنسا واسبانيا وايطاليا وتونس..الخ .فالانحطاط الأخلاقي ليس محصور ببرجوازية دولة معينة، ولكن درجته وشدته تختلف من مكان إلى آخر وحسب مستوى وتوازن القوى والصراع الطبقي ودرجة تطور المجتمع .أما في العراق، فإن الانحطاط الأخلاقي وبسبب حثالة
البرجوازية الحاكمة فيه، فأننا نجد درجته ومدياته أعلى بما لا يقاس مقارنة بالأنظمة البرجوازية الغربية . وإذا ما دققنا، فسنجد حتى الإعلام العراقي بجميع تلافيفه يفتقد إلى المصداقية والحرفية والذي هو لسان حال لتلك البرجوازية المنحطة .فأي تصريح أو حدث أو اتفاق سياسي أو اقتصادي، تتناوله كل فضائية أو وسيلة إعلام بشكل يختلف جذريا عن الأخرى .
إن الكذب هو مهنة في العراق وتجيدها البرجوازية الحاكمة بشكل احترافي يقل عن نظيرها في العالم . وقد أشرت إلى هذه الموضوعة في نهاية عام ٨٠٠٢ في ندوة في مدينة البصرة أمام جمع من القادة ونشطاء العمال حول مهنة“ الكذب”، فما بالك اليوم وبفعل التطور التكنولوجي وألمعلوماتي والفبركة
الإعلامية والخبرة التي اكتسبتها القوى السياسية الحاكمة، تجد التطور الهائل لمهنة الكذب بشكل كبير . والحق يقال، ويعود الفضل في براءة الاختراع الخاصة بتطوير مهنة الكذب إلى القوى الإسلامية التي سيطرت على السلطة.
أهم العوائق أمام العمل الشيوعي في الميدان الاجتماعي:

على مدى عقود وخاصة نحن نتحدث عن العراق، كانت المنابر الإعلامية والفكرية والسياسية وقوانين الدولة التي تسير المجتمع مفتوحة إلى جميع التيارات البرجوازية، القومية والإسلامية، بينما كانت الشيوعية محرومة منها وممنوعة، بل وان اي شخص يتحدث بها من بعيد توجه له أما من قبل الدولة أو
المجتمع أو بعض الأفراد تهمة الإلحاد أو مس الأمن القومي والوطني وانتهاك المقدسات ثم يحاكم ويسجن إذا لم نقل يعدم .
كانت الشيوعية محرومة من منابرها الفكرية والاجتماعية والسياسية، وأكثر من ذلك وفي خضم الحرب الباردة وبتحالف القوى الإسلامية ومعمميها وفقهاءها ومنظريها والمخابرات الأمريكية والغربية على العموم أصدرت الفتاوى في محاربة الشيوعية دفاعا عن بقايا الإقطاع والملاكين الزراعيين، ومقاومة تغيير قوانين الأحوال الشخصية التي سنت بعد انقلاب ٤١ تموز ٤٥٩٢ وتأسيس الجمهورية، وقد منعت تعدد الزواج وسمح بزواج الكتابي من المسلمة وبالعكس دون تغيير ديانته إلى مسلم .وكانت أشهر تلك الفتاوى ضد الشيوعية هي فتوى مرجع الشيعي الأعلى محسن الحكيم في أواخر الخمسينات وبداية
الستينات“ الشيوعية كفر والحاد ”والتي مهدت لإباحة دماء الشيوعيين في انقلاب شباط ٤٥٩١ وقد تحول بيت محمد مهدي الخالصي في منطقة الكاظمية في بغداد وهو احد مراجع الشيعة إلى مقبرة للشيوعيين . وهكذا وفي نهاية الحرب العراقية-الإيرانية وفي اجتماع لمجلس القيادة القطرية لحزب البعث، كانت واحدة من المواضيع التي جرت مناقشتها بشكل جدي هو السماح للتعددية الحزبية في العراق لأسباب ليس هنا المجال لذكرها، إلا أن أغلبية القيادة كانت تميل لمنع مشاركة الأحزاب الشيوعية بذريعة إلحادها أو عدم اعترافها بأي دين .
ما نريد أن نبينه وبشكل واضح هو أن ما هو سائد في المجتمع العراقي هو الأخلاق والتقاليد الاجتماعية للبرجوازية، وعلى مدى عقود، عملت المنظومة السياسية والأمنية والفكرية والاجتماعية للبرجوازية في ترسيخها .
هذه بعض الوقائع تعلمنا، إن مهمة الشيوعيين اليوم بالوقوف بوجه التيار السائد ليست مهمة سهلة، وخاصة في الميدان الاجتماعي .إن شيوعية( ماركس – منصور حكمت )هي منظومة فكرية – سياسية – اجتماعية هي تيار مضاد بعكس التيار السائد .وعليه أن صراع الشيوعية مع البرجوازية ليس صراعًا محصورًا في ميدان الفكر والنظرية كما يعلمنا“ البيان الشيوعي”، اي انه ليس صراع النخب المثقف،
ولكنه صراع في جميع الميادين الفكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية . نضال الشيوعيين في الميدان الاجتماعي:
يقول لنا ماركس إن تقاليد الأجيال الغابرة تجثم كالكابوس على أدمغة الأحياء .إن أصعب الميادين بالنسبة للشيوعيين هو الصراع في الميدان الاجتماعي، صراع بين التقاليد والأخلاق الشيوعية والتقاليد والأخلاق البرجوازية، وخاصة في المجتمع العراقي، تواجه الشيوعية مهام كبيرة وصعبة، بسبب التداعيات

الاجتماعية الخطيرة التي خلفتها لنا، الحروب والحصار الاقتصادي والحرب الطائفية وداعش .اي أن الشيوعيين في العراق ورثوا مجتمع دمرت كل أركانه، وتسود فيه كل الأفكار البالية والغيبية والتقاليد العشائرية المتعفنة التي أطلق العنان لها نظام البعث بعد الحصار الاقتصادي وتغذى اليوم بمال ونفوذ السلطة الإسلامية، تسود فيها القيم الذكورية المتخلفة وكل ما هو غير إنساني في المجتمع من عنف لفظي وجسدي ومعنوي ضد الأطفال وضد المرأة وهناك سلوك منظم للحط من إنسانية وقيمة المرأة وكرامتها
ومعاملتها بشكل دوني .*
فليس سرا على احد عندما ترتفع صيحات وتشتاط القوى الإسلامية ومعميمها غضبا في كل خطوة حين تتسع دائرة الداعين للحرية والمساواة، وعندما تظهر المرأة في ساحات الاحتجاج والتظاهرات، وهي تتقدم، في الوقت الذي فرضت سلطتها المليشياتية بحراب المارينز الامريكي منذ ما يقارب عقدين من
الزمن في، وانفقت الملايين من الدولارات على عصاباتها وفضائياتها وتخرصاتها ومأجوريها القتلة وبث الرعب في صفوف المجتمع كي تكون المرأة جليسة البيت .وجدير بالذكر أن انتفاضة أكتوبر ساهمت في أعادة ترتيب الخارطة الاجتماعية وضربت مشروع القوى المتخلفة“ أسلمة المجتمع ”في الصميم
ونسفته.
إن صعوبة هذا الصراع بالنسبة لنا نحن الشيوعيين، تكمن في افتقارنا إلى المنابر المتوفرة للبرجوازية وغير متوفرة لنا بسبب الإمكانات المادية الكبيرة التي تمتلكها البرجوازية من سرقة ونهب ثروات المجتمع، وكذلك تكمن في عدم تجذر تقاليد الشيوعية تاريخيا، وضعف تقاليدنا نحن أيضا، اضافة الى
العوامل الموضوعية الاخرى التي ذكرناها . ومن هنا يجب أن نعي هذه الحقيقة وان نعمل بشكل جدي وندرك ما معنى نضال الشيوعيين في الميدان
الاجتماعي وكيف نحوله إلى ممارسة اجتماعية ويومية بل وحياتية بالنسبة لنا .
ليس هناك أدنى شك في حقانيتنا، حقانية الشيوعية .إنها حقانية مطلقة، وهذه الحقانية ليست نابعة من تقديس منظومتنا الفكرية، ولا هي حصيلة ذهن نخبة معينة في المجتمع، ولا تنبع من مصدر مثالي وخيالي خارج منظومة الإنسان، مثلما تصور القوى اللاهوتية أو الدينية، حقانيتها، من وجود قوة خارجية سماوية، ووظفت نفسها بأن تكون وكيلها الأرضي ونظمت كل قوانين القصاص والقتل والسرقة لإثبات حقانية تلك القوة الخارجية غير المرئية لإدامة سيطرتها هي على المجتمع.
إن حقانية الشيوعية تنبع من الإنسان، من الماهية الإنسانية، من انه أثمن رأسمال كما يعلمنا ماركس .إن حقوق الإنسان وكرامته وقيمته أصبحت معيار عالمي لتقدم البشرية والمجتمعات والبلدان، وتعترف كل المواثيق الدولية بها .ما قاله ماركس وانجلز قبل أكثر من قرنين وناضلا من اجل تحقيقه، ثبت في تلك
المواثيق .من هنا تستمد الشيوعية حقانيتها من الجنة الأرضية وليس من الجنة السماوية.
بيد أن العوائق التي تقف أمام نضالنا الاجتماعي لن تحول أو تنال من عزيمتنا إذا عرفنا أو أدركنا أهمية ميدان النضال الاجتماعي بالنسبة للشيوعية والمناضلين الشيوعيين، وإذا عرفنا آلية عملنا في ذلك الميدان.
وإذا أدركنا إذا ما كانت تقاليد المجتمع متحضرة ومتمدنة، إذا ما كانت هناك تقاليد اجتماعية تحررية وتقدمية، فان الأرضية ستكون ملائمة للشيوعية .ففي الأوضاع الرجعية وسيادة كل الأفكار المتخلفة والمعادية للإنسانية، نجد العمل الشيوعي ليس سهلا بل تحتم علينا مهام جسيمة وكبيرة.
العمل الشيوعي ليس عمل نخبوي:
إن العمل الشيوعي، أو النشاط الشيوعي ليس هو في الاجتماعات الحزبية والندوات السياسية وكتابة المقالات والأبحاث والدراسات الفكرية والسياسية والتي كلها آليات ووسائط لتقوية حصانة المناضلين الشيوعيين وتسليحهم بأدوات نضالية لمقارعة البرجوازية في الميادين المذكورة .إن العمل الشيوعي هو عمل اجتماعي وحياتي ويومي .إن التصور اليساري السائد على ميدان العمل الشيوعي هو حصر النشاط شيوعي في الاجتماعات الحزبية والنضال ضد الدكتاتورية والامبريالية ..ولقاء النخب الفكرية والتجمع أيام الجمع في شارع المتنبي أو اتحاد الأدباء أو في إحدى يوميات أو أمسيات القشلة، في حين تترك المحلات والمناطق السكنية والمعيشية للإسلاميين أن يعبثوا بها وينثروا أفكارهم وتقاليدهم المتخلفة والرجعية، وفي أيام الجمع تفتح منابر الجوامع والمساجد ومايكروفوناته لبث كل السموم المعادية حتى النخاع للماهية الإنسانية .بينما الشيوعيين يتجمعون في تلك الامكان لممارسة نشاطهم النخبوي والاستمتاع بما تفرزه ذهنيهم .وهذا هو ما تريده القوى الإسلامية، فلا يهمها أن يتجمع الشيوعيين في تلك الصناديق ما دامت أفكارهم محصورة فيها، بينما الشارع الاجتماعي من المحلة والمنطقة والحي، بتقاليده
المعادية للطفل والمرأة والكرامة الإنسانية؛ في دائرة سيطرة الاسلاميين .
يقول لنا ماركس في جملته الشهيرة “ أن المربي هو نفسه بحاجة للتربية”، وعلينا أن نستمد من هذه الجملة ممارسة اجتماعية حياتية .علينا أن نفهم وننطلق من أنفسنا لنقل ممارستنا الاجتماعية إلى المجتمع . إن نقطة انطلاقنا يجب أن يكون في البيت الذي نحيا فيه، علينا أن ندرك وبشكل واعي إن العمل المنزلي ليس قدر المرأة بل هو نتاج تاريخي، نتاج الصراع الطبقي، نتاج انتصار المجتمع الطبقي .علينا البدء فورا نحن الشيوعيين بإنهاء هذا القدر .فكما أن تقسيم العمل في المصنع وممارسة العامل لمهمة محددة وخلال ثمان ساعات يومية تؤدي إلى البلادة الذهنية وتعدم روح الإبداع، فأن العمل المنزلي أيضا يلعب نفس الدور ويحول المرأة إلى إنسانة قليلة التفاعل من الناحية الذهنية والاجتماعية .وهنا تجدر الإشارة إلى ما قاله لينين حول المجتمع الروسي، كيف تحدث ثورة ونصف المجتمع عبيد للمطابخ !.إن المرأة أصبحت أسيرة للعمل المنزلي، وتنعدم أية فرصة لديها للقراءة والاطلاع والوقت ورفع مستواها الثقافي . وعلاوة على ذلك أن هذا العمل غير مدفوع الأجر ويجعلها تقبل بكل السخافات والحماقات والدونية التي تفرضها الذكورية بسبب إنفاقه المالي على البيت، والتي تعكس أيضا كل أخلاق وتقاليد الطبقة البرجوازية السائدة.
علينا نحن الشيوعيين إنهاء هذا القدر، علينا القيام بتقسيم عمل مع شريكة حياتنا أو الأخت أو الأم في العمل المنزلي .علينا ممارسة الطبخ والتنظيف والمساهمة في تربية الأطفال .
أما الجانب الآخر هو الممارسة الاجتماعية اليومية في البيت وفي المحلة، وهي عدم السماح أو النضال ضد كل انتهاك لفضي ومعنوي وحتى جسدي ضد المرأة وضد الأطفال .علينا أن نعلن قوانيننا في البيت، ويعرف الجميع أن هذا البيت يمنع فيه فرض العمل المنزلي على المرأة، يمنع كل أشكال العنف ضد المرأة والأطفال، يمنع المس بأي شكل من الأشكال بالإنسان، يمنع كل شكل من الأشكال التمييز أو الترويج للأفكار الطائفية والدينية والقومية، يكون نبراسا للنظافة والنظام .علينا أن نحول بيوتنا إلى

مجتمع اشتراكي مصغر، تسودها المساواة والحرية، إلى قلعة من قلاع انطلاق الشيوعية إلى المحلة والمنطقة .علينا نحن الشيوعيين التمييز في شبكات التواصل الاجتماعي، علينا نشر المدنية والتحضر وليس الابتذال، علينا أن ننشر الأمل والتفاؤل بالتغيير .يجب ومن خلال ممارساتنا الاجتماعية اليومية أن يختارنا المجتمع، أو تشير إلينا المحلة أو الحي السكني بسبب إنسانيتنا وأفكارنا السامية وعلى كسب الثقة
بأنه لو كانت السلطة بيدنا فمن الممكن تأسيس مجتمع حر ومتساوي.
أو ليس الملا أو المعمم الإسلامي، عندما يدخل إلى اي بيت كضيف، يتحدث لهم عن فوائد الصلاة والحج والصيام، ويخاطب الطفلة التي تجلب الشاي أو الماء ويسألها لماذا أنت غير محجبة ويسال عن عمرها، ويقول لها“ ما شاء الله إنها في عمر الزواج ”في حين لم تبلغ العاشرة من عمرها، وإذا شاهد أغنية أو امرأة تعزف على الة الكمان أو بيانو في التلفزيون فيعلق ويقول أنها فسق وفجور، لقد خرب الغرب الدنيا علينا، المرأة فقط للعمل المنزلي وتربية الأطفال، وعندما يخرج من البيت ويصادف أشخاص يقول لهم لا تنسوا الذهاب إلى الجامع للصلاة ..وهكذا .بينما نحن الشيوعيين نرى ونشاهد ونسمع هذه الممارسات، فبدلاً من أن نرد عليه وبشكل منطقي ونثير نقاش متحضر ومتمدن معه كي لا ينفرد هو بالساحة، نكتفي فيما بيننا بنعته بالرجعية والتخلف والرفض، ولا يتجاوز تعليقنا ونقاشنا حدود فرقتنا أو نخبتنا، في حين أن الفيروس الذي أطلقه الملا انتشر بشكل واسع دون أن نقيم عليه حجرا صحيا .وبدلاً من مجابهة هذا
الفيروس الاجتماعي نذهب في أقصى حالاته بندب حظ المجتمع .
لقد صورت البرجوازية بكل تلافيفها وكي تحد من انتشار الشيوعية بأن الشيوعيين نخبة لا شغل ولا عمل لها غير الإلحاد أو نشر الفكر الإلحادي بيد أن السر وراء هذه الحملة الشعواء على الشيوعية منذ صدور “البيان الشيوعي ”إلى يومنا هو الرعب من انتشار الشيوعية على الصعيد الاجتماعي والتمهيد لاجتثاث لكل ما هو رجعي ومتخلف، وتجفيف المستنقعات التي تنمو فيه البعوض القومي والديني؛ التي تلسع
المجتمع الإنساني وتنشر سمومها المعادية للتحضر والمدنية والإنسانية .
علينا نحن الشيوعيين أن نكون في وضع هجومي على كل التقاليد الاجتماعية التي تتمسك بها البرجوازية بقوميها واسلاميها، علينا أن نرد عليهم في كل محلة وكل ومنطقة، في كل منبر ومكان .فمثلا يتهمون الشيوعيين بإباحتهم للنساء، فكما رد“ البيان الشيوعي”، علينا أن نرد عليهم هل الشيوعيين أباحوا النساء، أم حثالة البرجوازية في الشرق الأوسط وخاصة في منطقتنا، تفننوا بمهنة الإباحية، مثل زواج المتعة والزواج العرفي والمسيار وتعدد الزوجات .علينا أن نشن هجوما ونقدا لاذعا على الصعيد الاجتماعي على كل قيم وأفكار وتقاليد تلك القوى المتخلفة .أما الذرائع التي تتحجج بها بعض أطياف اليسار أن الوقت ليس وقت التحدث ونقد تلك التقاليد، فلا يعبر عن خوفه وتردده من تلك القوى بقدر ما يعني أنها تستثني هذا العمل من أجندتها ولا يهمها لا من قريب ولا من بعيد مدنية وتحضر وإنسانية المجتمع إلا في مخيلته لتتغنى بها وسط نخبه.
أما من يقول لنا بأن المسالة الامنية وسيطرة المليشيات تحول من عملنا كشيوعيين في مناطقنا المعيشية والسكنية .ونحن نرد على ذلك أن العمل الشيوعي ليس رفع الراية الحمراء على البيت، ليس رفع صور ماركس، ونعلن على إننا شيوعيين ونوزع المناشير الشيوعية والأدبيات الشيوعية بشكل علني بحيث
يدخلنا في معركة غير متكافئة في المنطقة وليس الوقت وقتها وأننا غير مستعدين لها في الوقت الحاضر . أن الشيوعية هي ليست عمل نخبوي، ليس عمل فرقوي ليس عمل مجموعة من المثقفين وندير النقاشات، ليس عمل نادي، انه عمل اجتماعي .فكما يخبرنا لينين تصرف كشيوعي ولا تقل إني شيوعي .أن
(الاجتماع الحزبي )ليس مكان لممارسة العمل الشيوعي، ولا يتحدد العمل الشيوعي بفترة محددة، بساعات أو أيام، وينتهي مثل انتهاء اي عمل آخر ننجزه، بل هو عمل آني وفي كل لحظة وكل ساعة وكل يوم ومتواصل وتراكمي، مثلما تعمل القوى البرجوازية بجميع تياراتها .
فالشيوعية تعني التغيير في المجتمع، تعني أن من ينتمي ويعتنق الأفكار الشيوعية يحدث تغيير ايجابي في حياته ويؤثر على محيطه الاجتماعي، تعني هناك تغيير في تقسيم العمل المنزلي، تعني إنهاء كل أشكال العنف المنزلي، تعني سيادة المساواة في البيت، ويتحول هذا النموذج إلى المنطقة والمحلة، وينعكس هذا التغيير في صفوف شباب المحلة والمنطقة، وتنتقل تقاليدنا وأفكارنا الإنسانية وعاداتنا إلى البيوت والمنازل .ليس هذا فحسب بل علينا نحن الشيوعيين أن نواجه النزعة الاجتماعية ضد التنظيم وقد عشنا مرارتها في أيام الانتفاضة، علينا أن نكون نموذجا للتنظيم، فإذا كان هناك عمال في المنطقة فعلينا أن نطرح عليهم فكرة التنظيم للمطالبة بحقوقهم وتتحول لقاءاتنا واجتماعاتنا في المحلة الى مناقشة مشاكلهم في العمل، وهكذا بالنسبة للطلبة والنساء..الخ .وبهذا سيكون لدينا شبكة تنظيمية اجتماعية واسعة ومن
خلالها أيضا ننشر كل تقاليدنا وأفكارنا .
فمثلا في مواجهة فيروس كورونا، على الشيوعيين أن يلعبوا دور متميزا في تشكيل اللجان لبث الوعي
الصحي بالتنسيق مع الكوادر الطبية وتعقيم المنطقة وجمع التبرعات من اجل دعم العاطلين عن العمل و الأقسام الاجتماعية التي فقدت أعمالها جراء الحجر الصحي، علينا نكون متميزين في هذا الميدان، ويدرك الجميع أن الشيوعيين مسؤولين عن المجتمع وهم أصحاب المجتمع الحقيقيين .علينا أن نعبئ المحلة والمنطقة حول الوثيقة“ الدولة مسؤولة عن صحة وسلامة الجميع ”ونبين لأهاليها عن حقانيتهم وحقوقهم تجاه الدولة .
وأخيرا إن ما وصلت إليها البشرية المتمدنة اليوم على صعيد الحقوق وفي الميادين الاجتماعية، هي في جزء كبير منها يعود إلى نضالات الشيوعيين وحصيلة عملهم المتواصل، وخاصة إلى ثورة أكتوبر الاشتراكية ومكتسباتها .
*الحط من قيمة وإنسانية المرأة وكرامتها بالعنف اللفظي والمعنوي والجسدي الذي تحول إلى تقليد اجتماعي في مجتمعنا العراقي وبقية المجتمعات الأخرى إلى درجة ازداد بشكل مطرد في هذه الأيام أثناء الحجر الصحي لاحتواء فيروس كورونا مما دعي الأمين العام للأمم المتحدة انتونيو غوترنيبس التحدث عنها والحذر منه، كما منحت الحكومة الكندية ٨٩ مليون دولار لدعم مراكز إيواء النساء..الخ بسبب
تزايد أشكال العنف ضد المرأة منذ إعلان الحجر الصحي ضد فيروس كورونا.