نمط سلوكي إيجابي يمنح لصاحبها بموجب مقدمات مهمة وتكوين أساسي متعلق بالوعي مستخدم النظام العقلي بما فيه من خزين وذاكرة ومنشطات ومفاعلات لفهم الواقع أولا كم هو وهل يمكن أن نتجاوزه بالقدرة على توظيف ما يمكن توظيفه لهذا التغير أو للهدف المنشود على قاعدة البحث عن الأحسن, هذ البحث ليس أفتراض فقط بل عن سابق تصميم يؤدي إلى إحداث نقلة نوعية باتجاه أولا نحو سد الحاجة الملحة وبدرجاتها ومن ثم الأنتقال إلى ما بعدها بالأهمية ثانيا, وفي مراحل أكثر تطورا لمحاولة سبق الزمن بقراءة السيرورة الخاصة بالأحداث المتوقعة ومحاولة سوقها وفق مصلحة حقيقية أي تطويع الحدث أما للتخلص من سلبياته أو محاولة جني أكثر فائدة مرجوة منه أو على التأثير على مجريات الزمن وما سيفرضه على الواقع من نتائج فهي تتقدم على واقعها وتنتج من هذا التقدم أسباب لتطور. إذن الشخصية الفاعلة يمكن أن نصفها بأنها القادر بالقوة أن تنشئ واقع جديد سواء أكان الواقع كلي عام أو جزئي خاص, المهم أنها تنتج تدبير إيجابي فاعل ومفعل لسلسة من الردات الإنفعالية دون أن تتحكم بها أدوات الواقع ولا شروطه القاهرة ,فهي إيجابية بهذا المعنى عقلانية متفهمة واعية ومثمرة تحتكم للعقل وأدواته وتستقرئ الواقع ومن كل ذلك تستنبط فعلها من مجموع كل هذه الأدوات. حتى يمكن أن تكون الشخصية فاعلة عليها أن تتكون طبيعيا من خلال بيئة صالحة تشترط فيها الحرية أولا والسلام ثنيا والإعداد والتقويم ثالثا, وبدون هذه الشروط لا يمكن تصور تكوين هذه الشخصية إلا نادر ولظروف خاصة تتجاوز طبيعية الشخصية فتكون استثناء إبداعي فقط, الحرية تمكنها من أن تختار من مجموعة خيارات تكون مسؤولة عن خيرها النهائي وتبني عليه لأنها تدرك أن النتاج المتحصل عائد لها وعليها فهي تمثل نفسها في النتاج. أما عنصر السلام مع الحرية يمنحها التعاطي مع موضوع والحدث والرؤية بعيدا عن القهرية والإستلابية التي تحول مفهوم الفعل من إيجابي إلى سلبي أتقائي, أي تحويل الجهد من محاولة الدفع عن الذات قهرا إلى صنع دفاع طبيعي مستديم غير مرتبط بالإلجاء القهري لصد عوامل طارئة. النقطتين الأوليتين لا يمكن تفعيلهما دون إعداد وإعادة تقويم مرحلي يترفق دوما مع كل خطوة إعدادية أو تمهيدية حين اكتمال أساس القوة الذاتية في الشخصية كي تعمل بقوتها الخاصة, ويتم بناء الإعداد والتمهيد في المراحل التربوية والتعليمية وصولا إلى مرحة النضج الواعي, هنا يمكننا ان نثق أن ما ينتج من بناء التربية والتعليم قادر مع الحرية والسلام أن يهيئ للفرد أساسيات القوة القادرة على الفعل وأنتجه بدون الخوف من تأثيرات جانبية طارئة. أما عن كيفية تحويل هذا التكوين إلى عطاء وهو المحور الثاني فلا يحتاج إلى إعادة زرع الثقة بالوعي وفسح المجال أمام الطاقات من خلال جملة من التدابير التشجيعية والتعبوية واللوجستية التي تساعد على إظهار المكمن الإيجابي من الفعل دون أن نستصغر هذا الفعل أو نجعله عرضة لهزات تحد أو تمنع من تكرار المحاولة مثلا أو إعادة مستويات التخطيط والمتابعة إلى مراحل سابقة
د.عباس العلي