السلام في الإطار الحقيقي
بقلم : سردار سنجاري
ان مفهوم السلام هو تحقيق الحالة المثالية للحرية وتوفير الحياة الافضل للشعوب والعيش الكريم وضمان حقوق الانسان والعمل على ايجاد الحلول الممكنة لتحقيق التعايش بين الثقافات والاديان والاعراق المختلفة بين البشر . وقد تختلف وسائل تحقيق السلام حسب مفهوم ثقافة الحوار وترجمة المعاني الحقيقية للسلام واهميته لدى الشعوب . وقد دار جدل كبير في الاونة الاخيرة حول كيفية ادارة مفهوم السلام في الشرق الاوسط وطريقة التعامل والعمل به . وقد قامت محاولات عديدة لتبني مشروع السلام نجح منها ما كان تحت المظلة الرسمية للدول ولكن مازالت عقبات السلام الداخلي بين الشعوب قائمة . من بين الدول الاكثر حساسية في الشرق الاوسط هو العراق ويعود ذلك لخلفياته العرقية والدينية والطائفية وموقعه الجغرافي والاختلاف البيئي فيه . عوامل كثيرة حولت العراق خلال العقود الاخيرة الى ساحة حرب وصراعات محلية واقليمية ودولية راح ضحيته عشرات الالاف من ابنائه باختلاف خلفياتهم ومكوناتهم . ولعبت السياسة الغير مسؤولة في كثير من محطات العراق الحديث دورا سلبيا في تعزيز الفرقة بين مكوناته المختلفة . وانعكست الرؤية الرسمية لنظرية التفرقة على الكثير من افراد الشعب مما سبب ازمات داخلية كان نتاجها الاقتتال على اساس الطائفة والعرق والدين . وعليه بدات تنشط منظمات مدنية في الساحة العراقية تحمل مسميات السلام تدعوا الى توحيد الصف العراقي واحترام خصوصيات كافة الاقليات والمكونات الدينية . ولكن في المقابل تم استغلال الفسحة الديمقراطية في تاسيس المنظمات الانسانية مما افقد المعاني الحقيقية لها. العمل المنظماتي والانساني بالتحديد يحمل في طياته رسالة واضحة تحاول تلك المنظمات من خلال عملها ان تكون اهدافهم مبنية على العمل الجاد في تحقيق الاهداف والرسالة معا . ولكن ما نلاحظه اليوم من مقاهي سفراء السلام في العراق التي افقدت المعاني الرزينة للسلام والتي كثرت حتى بين الافراد الذين مايزال تاريخهم الانساني تحت المجهر . عندما يكون السلام وسيلة لتحقيق اهداف سامية فان على العاملين به والمؤمنين بمبادئه ان لا يميزوا بين احد من مكونات الشعب مهما كان حجم هذا المكون وتاثيره السياسي او الاجتماعي والديني . واما اذا كانت الغايات من تاسيس منظمات انسانية لا تمد للانسانية بآية صلة وتعمل ضمن اجندات سياسية وطائفية فان هذه المنظمات سيكون دورها تدميريا للسلام والانسانية معا . لا يجب ان نعطي المبررات الوهمية لانفسنا ونعتقد بان عملية بناء الانسان تخص فئة من ألشعب عندها نكون قد وقعنا في أزمة الشوفينية المقيتة من دون ان ندرك ذلك . وهذا يقودنا الى تدمير اسمى رسالة انسانية وهي السلام . ان اي خطوة تتبناها اية جهة تنظيمية او رسمية في بلد شعبه متعدد المكونات والاديان يجب مشاركة كافة المكونات في صنع القرار وعدم استثناء اية مكون مهما كان تاثيره او حجمه . السلام يصنعه الشجعان ولايمكن لفرد لا يملك تلك الصفة ان يتبنى عملية السلام . عندما قررت ان تكون رسالتي رسالة محبة وسلام لم اكون باحثا عن مكانة اجتماعية او سياسية انما انطلقت من تاريخي الذي كان معبأ بالالام نتيجة الخلافات بين مكونات العراق المختلفة الثقافات والاعراق وكان لابد لنا من ان نضع ذاك التاريخ في ميزان العقل وان نسعى باخلاص لنشر ثقافة السلام التي هي من مهام منظمات المجتمع المدني وفي صلب اعماله . وطالما كانت الخلافات في العراق الحديث قائمة بين مكونين اساسيين هما المكون الكوردي والمكون العربي والذي يضم اقليات دينية وطائفية تحت مسمياتهم . وقادت تلك الخلافات الشعبين الى المواجهات العسكرية عدة مرات وكان الخاسر في تلك المواجهات هم الشعبين والعراق اقتصاديا واجتماعيا وعسكريا . وعليه كان لابد من البحث عن مخارج حقيقية للازمة بين الشعبين وإعادة ترتيب البيت العراقي على اساس احترام وتقبل الاخر وتحقيق العدالة والانصاف ومن خلال هذه الاهداف النبيلة انطلقنا واسسنا شبكة الاخاء للسلام وحقوق الانسان تدعوا الى نشر ثقافة السلام الحقيقي بين الشعبين الكوردي والعربي وطي صفحات الماضي والعمل معا في بناء عراق قوي قادر على توفير سبل العيش الكريم لكافة ابنائه . ولكن في كل خطوة نحاول فيها التقدم نحو الامام مع بعض الاخوة العرب العراقيين العاملين في مجال السلام نصطدم في طريقة تفكيرهم باتجاه الكورد واضعين الكورد خارج الخارطة العراقية سياسيا وانسانيا ، او ربما يكون تاثير القادة السياسيين واجنداتهم هي التي تخطط وتسيطر على اهدافهم . ان تهميش مشاركة الكورد في اي صنع القرار العراقي سواء على المستوى السياسي او الاقتصادي والاجتماعي والمنظماتي يهدد بزوال الدولة العراقية على المدى البعيد . الكورد مكون هام واساسي في العراق ولهم الفضل في بناء تاريخ العراق الحديث ولعبوا دورا ايجابيا في تعزيز اواصر الاخاء وضربوا اروع الامثلة في احتواء وتقبل الاخر والعيش المشترك وبالاخص الاخوة العرب الذين اصبحوا يشكلون نسبة كبيرة في اقليم كوردستان جراء السياسات الطائشة واللامسؤولة في العراق الحديث . كوردستان العراق اليوم نموذجا فريدا في الشرق الاوسط وحظى باحترام العالم بانتهاجه سياسة السلام والقادة الكورد اليوم يتمتعون بمكانة ووزن دولي وقادرين على المساهمة في بناء العراق على كافة الاصعدة اذا مازالت تلك النظرة الشوفينية وتهميشهم . عليهم التفكير بمستقبل العراق ووحدة اراضيه وتوافق شعبه وهذا لايتم الا بتغير نمط التفكير الضيق الذي يعطي الحق للاكثرية في حكم الاقلية . ان زمن حكم الاكثرية ولى ولن تقبل شعوب الارض باختلاف مسمياتها ان تحكم من مجموعات بشرية خارج نطاق منظومتها الثقافية والاجتماعية . السلام مهمة كبيرة ورسالة عظيمة يحملها العظماء ويصنعها الشجعان فلا تجعلوها غاية شخصية لتحقيق اهداف ضيقة .