الدكتور رافد علاء الخزاعي
الجزء الأول
إن الاطلاع على تجارب الآخرين والاستفادة منها هي ديدن الذين يبحثون عن التطور في كل المجالات ويجب إن نستفد منها حسب تغيير متطلباتنا إن تركيا كانت قبل 2002 تعاني من التضخم الاقتصادي والاقتصاد المرهق نتيجة الحكم العسكري الذي امتد من عشرينات القرن الماضي وحتى الثمانيات في تطور الأفق الديمقراطي ووصول أناس ذو اختصاص يريدون الرقي لشعبهم وتقليل معاناته وان الإصلاح شمل كل المجالات ومنها الأهم هو إصلاح القطاع الصحي في تركيا , حيث كانت الصورة المقرية لدى المتابع للرعاية الصحية التركية (يتخلف نطاق تغطية الرعاية الصحية وجودتها في القطاع الصحي بتركيا عن مثيلاتها من البلدان المتوسطة الدخل، على الرغم من النمو الاقتصادي الذي شاهدته البلاد عام 2003. ولهذا لجأت الحكومة التركية للبنك الدولي للإنشاء والتعمير (IBRD) من أجل توسيع نطاق التأمين الصحي لأوساط المعوزين والأسر الفقيرة بنسبة 75% على مدار ثلاث سنوات. وقد أدى هذا التوسع إلى إحداث تخفيضات هائلة في تكاليف الرعاية الصحية، وزيادة الانتفاع بالخدمات الصحية، وزيادة رضا المنتفعين عن الخدمات المقدمة) إن تطبيق الإصلاحات كان ضمن استتراتيجيتين قصيرة الأمد الاستفادة من البني التحتية الموجودة وللموارد البشرية والمالية المتوفرة وتوسيع الخدمات في الاستغلال الأمثل للطاقات بشفافية ورؤية واضحة في تعميق الرقابة على الموارد وكيفية صرفها في سبلها المعروفة واستتراتيجية طويلة الأمد وهي شراكة مع المنظمات العالمية التأهيلية ومنها صندوق النقد الدولي ومنظمة الصحة العالمية في التخطيط وفي توسيع البني التحتية من مستشفيات وأجهزة وتطوير الموارد البشرية في الاستخدام الأمثل ضمن فصل القطاع الصحي العام من القطاع الصحي الخاص ووضع قاعدة بيانات تعتمد على الإحصاءات الدقيقة للسكان والرقم المدني الموحد ووجود نظام أرشفة صحي اليكتروني يتابع حالات المريض الصحية والخدمات المقدمة له والمصروفة له ويتابعه حسب نظام الإحالة الصحية وعن طريق الاتصال الهاتفي والرسائل القصيرة حتى لا يشكل جهد على المؤسسة الصحية وتقليل معانة المواطن المريض في الانتظار الطويل والحصول على الأدوية(مثلا الطبيب فقط يعطي للمريض قصاصة فيها رقم اليكتروني ويستطيع صرفها من إي صيدلية بسعر مدعوم إلى حد 80% من سعر الدواء والأدوية المنقذة للحياة والطوارئ والمزمنة والأدوية لمرضى الإمراض المزمنة والسرطانية فهي مجانية ومتوفرة دوما) إن النظام الاليكتروني الأرشيفي لمتابعة حالة المريض يعطي أولوية لأرشفة التاريخ المرضي للمريض من تاريخ التلقيح ورعاية الأسنان والإمراض الانتقالية والمزمنة وهي مع كل الفحوصات وموجودة في قاعدة بيانات وطنية متاحة لذو الاختصاص المخولين ومن ناحية أخرى تعطي للمتابع إحصائية دقيقة عن حجم الخدمات المقدمة والمواد المصروفة والكلفة الاقتصادية للرعاية الصحية المقدمة لمقارنتها بالمبالغ المخصصة للرعاية الصحية مما يعطي شفافية في استخدام الموارد المالية). إن تركيا من خلال تُوسِّيع نطاق نظام التأمين الصحي وتُحسِّن الرعاية الصحية لمواطنيها بهذه الصورة . . هكذا كانت الصورة وإما اليوم في 2012 فان التقدم الصحي في خطوات متقدمة من خلال المشروع الانتقالي لنظام الرعاية الصحية (المرحلة الأولى من المبادرة الممتدة على مدار 10 سنوات)، ساعد البنك الدولي للإنشاء والتعمير الحكومة التركية على بناء قدرات وزارة الصحة ومعهد الضمان الاجتماعي، من أجل توسيع نطاق التغطية التأمينية لقطاع الرعاية الصحية كي يشمل مزايا متعلقة بصرف الأدوية وخدمات لمرضى العيادات الخارجية، وتحسين خدمة صرف الأدوية للأسر، وزيادة استقلالية المستشفيات. وقد تم استحداث العمل ببرنامج جديد للسداد مقابل الأداء في كل مستشفيات وزارة الصحة وعددها 850 مستشفى، ما عزز من مستوى المساءلة. ومن الجدير بالذكر أن هذه الإصلاحات منحت مديري المستشفيات المزيد من الاستقلالية للتحكم في ميزانيات المستشفيات، وأدخلت نظام تعهيد الرعاية التشخيصية في المستشفيات إلى القطاع الخاص، وآليات جديدة لضمان الجودة، كما نظمت إجراءات إدارة ضغط المرضى بالمستشفيات. زادت أعداد حاملي بطاقات التأمين الصحي الحكومية من 2.5 مليون في عام 2003 إلى 10.2 مليون فرد في عام 2006، وهي زيادة بنسبة 75 في المائة في ثلاثة أعوام فحسب. وعلاوة على ذلك انخفضت نسبة من أبلغوا عن صعوبات في القدرة على تحمل تكاليف الأدوية ونفقات الرعاية الصحية الأخرى من 50 في المائة عام 2003 إلى 19 في المائة عام 2008.وبعد تفعيل أحد القوانين الإدارية التي تسمح باندماج برامج التأمين الصحي، تم دمج أنظمة الضمان الاجتماعي الثلاثة في تركيا، كما تم تطبيق نظام واحد للمطالبات لشركات التأمين. وبحلول عام 2008، تم التأمين على 57.7 مليون شخص يمثلون 82 في المائة من السكان، وذلك لدى معهد الضمان الاجتماعي الجديد في تركيا. اعتمد البنك الدولي للإنشاء والتعمير المرحلة الثانية من مشروع تحويل نظام الرعاية الصحية وإصلاح نظام الضمان الاجتماعي . في مايو/أيار 2009. حيث يساند المشروع الذي سوف يستمر حتى عام 2013، المرحلة الثانية من إصلاحات وزارة الصحة لزيادة استقلالية المستشفيات، والتوسع في تقديم الخدمات الطبية للأسر في أنحاء البلاد، واستحداث مبادرات إدارة الأداء والسداد في مقابل الأداء. ومن بين الجوانب المبتكرة تأسيس نظام تمويل مستند إلى المخرجات لتمكين وزارة الصحة من مكافحة الأمراض غير المُعدية. والانتقال إلى الطب الوقائي والتشخيص المبكر ضمن نشاطات التثقيف الصحي. وهنا يأتي التساؤل الأزلي لماذا العراق متأخر في هذا المجال والى متى نبقى نعلق الفشل و نلقي التهم على الحروب والحصار الاقتصادي والإرهاب و المحاصصة . إن التامين الصحي هو إحدى مقاييس نجاح النظام السياسي الحاكم وقد شاهدنا ذلك في معركة الانتخابات الأمريكية وكيف استفاد اوباما في تغيير نظام الرعاية الصحية في كسب مزيدا من الأصوات. إن غياب الرؤيا الواضحة لدى من يقود النظام الصحي في العراق والفساد المستشري وعدم تجديد القوانين وتعطيل البناء والتوسع في البني التحتية سوف تكون مقياس لدى الناخب العراقي في انتخابات 2014 وثانيا ستكون مسؤلية إمام الله لكل معاناة لمريض عراقي لم يلقى الرعاية الصحية اللازمة.