د. علي عبدالحمزه
بدايةً أرجو توضيح إنني ضد كل أشكال الدكتاتورية والطغيان والتسلط على رقاب مقدرات الشعوب .
إنفجرت أحداث الوطن العربي الأخيرة على حين غرة منذ أن أشعل بوعزيزي النار في جسده إحتجاجاً على سوء معاملة شرطية من شرطة تونس معه ، فأنفجرت الأحداث في الوطن العربي تحت مسمى واحد هو الربيع العربي ، والربيع كما نعرف هو الفصل الذي تتفتح فيه الأزهار ويعتدل النسيم ويروق الحال وتصفوا النفوس . ولكن حين نقارن هذه المواصفات في البلدان العربية التي (هبت) فيها نسائم الربيع لا نجد فيها أي تفتح لأزهار ولا إعتدال لنسيم ولا روقان لحال ولا صفاء لنفوس ، فالحال ظل على ما كان عليه ، إذ لَمْ يُشَم نسيم لعبير أزهار تفتحت ، فالحرمان والتهميش ظل لى حاله والمراوغة السياسية
زادت عن ما مضى ، فلا إنتخابات أجريت لوضع دستور ولا آفاق ورؤى لمنهج وصيغة الرئاسة القادمة بعد أن أُطيح بالرئاسات السابقة ، فظل الليل ليلاً وظل الصبر صبراً وإزداد الألم ألماً ومع ذلك إستمرت وسائل الأعلام التي دعمت هذا (الربيع) وهذه (الثورات) في دعم ووصف من شارك بتلك الثورات بالأبطال العظماء الذين يستحقون الترشيح لنيل أعظم الجوائز العالمية كجائزة نوبل كما حصل في ترشيح توكل كرمان اليمنية كناشطة لحقوق الأنسان وكأنها الوحيدة التي عانت لشهرين أو أكثر من طغيان حاكم مستبد ولم يكن في العراق من عانى وناضل وقارع دكتاتورية حكم لأربعة عقود من الزمن ، وترشيح
شباب من (ثورة) مصر لنيل !
وائ
أخرى ربما ساهمت فيها أوساط إعلامية وبقصد في توجيه ذلك مثلما وجهت سابقاً في الحصول على شرف تنظيم مباريات بطولات رياضية عالمية ، أو غعتبار محمية طبيعية كأحدى عجائب الدنيا ، كل هذا من أجل أن تبقى صفة الربيع هي السائدة لوصف مايجري من أحداث في الوطن العربي بالرغم من دكتاتورية الحكام المقلوب ليهم من أسيادهم والتي إنقلبت دنياهم بحيث شُرِدَ الأول وسُجِن الثاني وقُتِلَ الثالث شر قتلة ومُثِلَ به على مرأى ومسمع وبكل تأكيد أمر الأسياد .. فأي ربيع هذا والصورة التي تُنقل عن (ثوار) ليبيا تُجسد وبتعمد إعلامي مقصود وحشية العربي وتؤكد بداوته وأعرابيته ، وأن
الدين الأسلامي ها هو يوضح كيف تتم معاملة أسير الحرب المُعلنة رسمياً من قبل الأمم المتحدة وحلف الناتو والجامعة العربية ..؟! أي ربيع هذا الذي يمزق الوطن الواحد إلى إثنيات قومية ولغات عديدة بعد أن كانت هذه الأثنيات نائمة تحت التراب ؟ أي ربيع هذا الذي يتم بأشراف وإعداد أميركا وربيبتها إسرائيل؟! والذي يسلب حق دولة عربية في تمثيل رسمي في الجامعة العربية وتعليق عضويتها لأنها لم تمتثل لتفاصيل وآلية قرار لجنة الجامعة العربية بأن مارست دورها في مجابهة المسلحين والعصابات التي أغرت البعض وأجبرت البعض الآخر في الخروج بمظاهرات محسوبة الأعداد والأخراج
وبتقنيات عالية الجودة في إظهار !
شود
جماهيرية في ملعب كرة قدم وتوليفها على أنها تظاهرات ضد النظام .. فهل في هذا الكذب شيٌ من ربيع أم ضحك وإستخفاف بالعقل العربي وإظهاره بمظهر المُهرج الذي يضحك عليه الآخرون … فأين الربيع في ذلك ؟! أليس في ذلك خريف وجدب وتساقط لأوراق العقل والفكر العربي والضحك عليه كما ضحكوا عليه في الأمس القريب عندما صوروا طائراً ملوثاً بالزيت في عملية تسريب وقود في بحر آيسلندا على أنه في الخليج العربي جراء ونتيجة إجتياح العراق للكويت ، وكما ضحكوا على العالم عندما صوروا المتظاهر البحريني الضحية التي داسته سيارة الشرطة على أنه شرطي وأن الثوار في البحرين ماهم إلا
عصابات مسلحة مدعومة من جهة خارجية أجنبية ، وأن من تفجر رأسه من الثوار في البحرين هو الذي أقدم على ذلك بأن نطح أقرب حائط له ولم يكن ذلك نتيجة إطلاق نار الشرطة البحرينية والجيش السعودي الذي جاء ليقلب الربيع العربي في البحرين ويجعله عمليات قطاع طرق ولصوص وخارجين عن القانون! أي ربيع هذا الذي يمر بخط الطول الجغرافي لتونس ومصر وليبيا ولا يمر على البحرين التي لايفرقها عن تلك البلدان سوى خط أو خطين( إسألوا أهل الجغرافيه في ذلك ) وكأن فرق التوقيت الزمني بين البحرين وتونس ومصر وليبيا هو ذات الفرق بين بلدان الشرق الأوسط وأستراليا فالصيف عندنا شتاء ٌ عندهم
والعكس صحيح ؟! لقد أعقب ربيع ت!
ونس
بشكل رئيسي وواضح ربيع البحرين، ولكن إرادات القوى العظمى أرادت أن تمنع حركة الأرض والشعوب حينما إعتبرت ربيع البحرين مجرد عصيان وشق عصا الطاعة على سلطان عادل .. أي ربيع هذا ومصادرة الحريات في الجزيرة العربية على أوسع مداه ، فلا حرية لمرأة تقود السيارة ولا حرية لبنت تجلس مع أبيها خوفاً من خلوة غير شرعية ؟! أي ربيع هذا والحقد الفكري والمذهبي على أوسع مدياته في قتل العراقيين في مدرسة أو سوق أو مسطر عمال أو متنزه أطفال وكل يوم بأنفجار سيارة ملغومة أو حزام ناسف أو عبوة أو كاتم صوت ، دون سماع صوت لمن ينتقد ويجرؤ على شجب وتحريم إباحة الدم العراقي ؟! هذا
الدم الذي طالما نُزِف في مختلف بقاع أرض العرب دفاعاً عن العرب . أي ربيع هذا وإصرار الأعلام المدعوم والمقصود يُظهر بأن العرب لا يمتلكون من أخلاق الفروسية شيئاً ، وإن كل ما قرأناه من فروسية علي بن ابي طالب ووصايا أبي بكر لجيشه في كيفية التعامل كان مجرد كذبة ، وإن ذهاب صلاح الدين الأيوبي لمعالجة عدوه وغريمه الذي جاء لمحاربته ريتشارد قلب الأسد هو الآخر كذبة، وإن معلقات شعراءنا وقصائدهم كذبة ، وأن لاوجود لمتنبي ومعري وجواهري ودرويش وفيتوري وشابي وأحمد مطر وناجي العلي ولا .. ولا ..لأن كل ماقالوه كان محض خيال وقول شاعر قالوه ولم يكن له من الحقيقة شئ ..
لماذا ؟ لأنهم عرب والعرب هم أع !
اء ا
ليهود الصهاينة لذا يجب إظهار (ربيعهم) بالمظهر الذي يراه المخرج والمنتج والسيناريست الأميركي والمسوق الأميركي .. المظهر الذي يصور العربي في المرتبة الأدنى من غيره في كل شئ، في التفكير والتصرف والسلوك .. وإذا كان الربيع يُراد له أن يكون بهذه المواصفات ،فلا خير في كل الفصول .. ودعونا نعيش حياتنا دون أن نعرف ذائقة سمعية لأغنية عاد الربيع عاد من تاني ، لأننا لسنا بالمكانة التي تستحق أن نشم عبير أزهاره والجلوس في بزرنكوش صيفه ، ولأننا العرب مولعون بالثورة ولكن ليس لنا منها إلا متعةُ النظر ( إستعارة من بيت الشعر لعمر بن أبي ربيعة .. وإتي إمرؤٌ مولعٌ
بالحسنِ أتبعُهُ … لاحظ لي فيه إلا مُتعةُ النظرِ ) لأننا لانفهم أنفسنا كمايجب وبالتالي لا نعي ماهية مانقوم به. ربما يُفهم من كلامي هذا والذي هو موقف ورأي شخصي ليس إلا بأنه ضد أنواع الربيع ومع من يقتل هذا الربيع … كلا .. أبداً ، أنا مع الربيع الذي تهب نسائمه لتدخل من كل شباك لكل بيت أينما كان موقعه الجغرافي على أي خط طول أوعرض دون أن تعكر صفوٍ أو تغير مزاج . فأذا لم يكن في ربيع العرب من فائدة تُذكر لهم فهذا يعني ضررهم وهذا الضرر فيه من الفائدة الشئ الكبير لعدو العرب إسرائيل وآل صهيون ليكون بحق ربيع إسرائيل