الخيال الإبداعي والمخيال الاجتماعي
د زهير الخويلدي
استهلال:
” الخيال أهم من المعرفة، فهو رؤية مسبقة لجاذبية الحياة المستقبلية” – ألبرت أينشتاين-
لقد درجت الفلسفة منذ القديم على تهميش الخيال والنظر إليه بازدراء وتحقير على مستوى المعرفة وعلى مستوى الوجود. فقد وضع جنب إلى جنب مع الحس والظن واعتبرت المدركات الخيالية خالية من كل معنى ودلالة وقريبة من الوهم واللاّحقيقة والدرجة الصفر من المعرفة. كما وقع التعامل مع الوجود الخيالي بوصفه اللاّوجود وبصورة أخرى الوجود الشبهي وذلك لتضاده مع الوجود الحقيقي والواقعي.
هذه النظرة الميتافيزيقية للخيال ساهم في تشكلها تنزيل العقل منزلة السيد المطلق وتفضيل لغة المفهوم ومنزع التجريد على الإنصات إلى دروس التجارب والرجوع إلى الوقائع الخام والاحتكام إلى لغة الحياة. كما نظر الحس المشترك إلى الإنسان المتخيل نظرة سلبية واعتبره غارقا في أوهامه تقوده تمثلاته وتهيئاته وخواطره ولا يقودها ويوجد دائما خارج ذاته وبعيدا عن الواقع ومبحرا في عوالم وبحار غريبة.
لئن أنهت الفلسفة النقدية عند عمونيال كانط رحلة العذاب الذي عاشتها ملكة الخيال طوال تاريخ الأنساق الأنطولوجية التقليدية وميزيت بين الخيال التكراري والخيال المبدع وأسندت إلى الخيال المتعالي مهمة التأليف بين مقولات الذهن ومعطيات التجربة الحسية تحت توجيه أفكار العقل فإن المقاربة الفنومينولوجية قد أعادت الاعتبار لهذه التجربة الإدراكية وسلكت هذا السبيل للإطلالة على الزمان والوجود في العالم.
لقد انطلقت الفنومينولوجيا أثناء تتبعها طرق اشتغال ملكة الخيال من سجلات المعرفة واللغة والدين والفن والأحلام والوعي والذاكرة والانفعالات والأهواء وميزت بين فعل التخيل وملكة الخيال وتجربة المخيال.
من هذا المنطلق فإن الإشكاليات التي تطرح ههنا يمكن إثارتها من خلال التساؤلات التالية: ماهو الحقل الايتيمولوجي الذي تتحرك ضمنه مفردات خيال وتخيل ومخيال ومخيلة؟ ما علاقة الخيال بالواقع؟ ماهو دور العاطفة في اشتغال ملكة التخيل؟ هل الخيال ملكة الخطأ دوما؟ ألا يمكن أن نتحدث عن الحقيقة بالنسبة إلى الخيال؟ وهل ثمة اتفاق بين الفلاسفة حول الخيال؟ ولماذا تعودت الميتافيزيقا الغربية على كبت طاقة الخيال؟ وبأي معنى ارتبط قدر الخيال بالحواس والوهم؟ وكيف أمكن للخيال التحرر من قبضة العقل؟ وما المقصود بالخيال المبدع؟ وأي معنى يمكن إسناده إلى مفهوم المخيال؟ وماهي التجربة الفنومينولوجية التي ينطبق عليها فعل التخيل؟ كيف تم الانتقال مع فنومينولوجيا المخيال من الاعتناء بالمفاهيم إلى معالجة الصور والرموز والحقول والأشكال والعلامات؟ وهل يمثل المخيال جهاز تحكم أم تجربة تحرر وانعتاق؟ ثم ما الفرق بين الإدراك الحسي والتمثل الخيالي وبين الوعي الانعكاسي التأملي والصورة المتخيلة ؟ ألا يوجد تناقض بين الخيال الشعري والخيال العلمي؟ ماهي العناصر المكونة للخيال المبدع؟ ألم يؤسس الخيال طبيعة ثانية في الإنسان بعدما أسس العقل طبيعة أولى؟ هل يعني الخيال الغياب أم الحضور؟ ألا يعد الخيال ذاكرة لا يمكن التحكم فيها ؟ والى أي حد يكون من الضروري ممارسة التخيل لبلوغ المعرفة؟
إذا كان الغرض هو التحليل الفلسفي للمسلمات الضمنية لهذه الاستشكالات واستخراج التبعات الإيتيقية فإنه من الحري بنا أن نقوم بتقسيم هذا المبحث الذي نعتزم الخوض فيه إلى جملة من اللحظات المنطقية التالية:
– الخيال بين التصور والوعي
– تجربة التخيل والإبداع الفني
– المخيال بين التفكير والافتراض
من المفيد المراهنة على التأسيس الفنومينولوجي للخيال وتخليصه من النظرة التقليدية المزدرية وإعادة الاعتبار إلى هذه الملكة من زاوية دورها العرفاني والعلمي وتأثيرها السياسي والاجتماعي.
1- ملكة الخيال ونظرية المعرفة:
” الخيال هو إمكانية إبرام كل الأنواع غير الشرعية من الزواج والطلاق بين الأشياء”
– فرانسيس بيكون-
لقد دأب التناول الفلسفي التقليدي على إدراج مفهوم الخيال ضمن دائرة المعرفة المشتركة ووضعه في إطار الفانتازيا والوهم وتم الحط من قيمته وتحميله مسؤولية وقوع الإنسان في الغلط وعلامة إصابته بالجنون ولكن في الأثناء تم الرفع قليلا لهذا الاستخفاف وتعامل مع الخيال باعتباره ملكة الصور ويلعب دورا تكوينيا للفهم في إنتاج المعرفة ويساعد المرء على اكتساب درجة من الذكاء والانتباه إلى الواقع. لقد طرحت الفلسفة منذ بداياتها الأولى مشكل الخيال أو الفانتازيا ضمن إطار الموقف الأول الذي يعمل على بلورة ظرفية متعينة ترتبط بالنشاط العرفاني للإنسان ومن ناحية ثانية في سياق الموقف الذي يعتبر الخيال من الأمور غير مجدية وغير نافعة أي من الأشياء الضارة والمعرقلة في مستوى معرفة الحقيقة.
والحق أن التخيل في المعنى العام هو القوة التي تستعيد بها النفس نماذج أو صور الإحساسات الماضية والأشياء الغائبة. كما يفيد التخيل في المفهوم الضيق تركيب صور في الذهن أو صور ذهنية. ولقد درج الخيال على تحويل الصورة إلى شيء. في الواقع عندما نحتفظ في ذهننا بصورة لشيء. فإننا نرى صورة ذلك الشيء كما أننا نرى الشيء نفسه. وبالتالي فإن الصورة هي عبارة عن فضاء يمكن أن نهتم به معرفيا.
من المعلوم أن أفلاطون نصص على ضرورة التمييز بين الخيال والإحساس بالرغم من تصنيفه لهما ضمن الدرجات الدنيا من سلم المعرفة واعتبر اعتقاد معرفة الصورeikasia مجرد خطأ يقع فيه الإنسان لا يوجد إلا في ذاته وفسر ذلك في نهاية الكتاب السادس من الجمهورية وفي محاورة الثياتات بأن صورة التمثال المنحوت تخدع العيون وتبتعد عن الحقيقة الواقعية مرتين تحت تأثير الممارسة المشوهة للمحاكاة. لقد وضع أفلاطون مركز الخيال في الكبد من حيث هو عضو لامع يقدر على قبول الصور وإظهارها وإنتاج مظاهر تمنحها الحواس ولكنها تبقى محددة بشكل تام من فوق على غرار تحديد الآلهة للألوهية1[1].
هكذا استقرت منذ أفلاطون نظرية في الخيال تعتبره مستقلا كليا عن التجربة الحسية، لكن أرسطو سيعيد الارتباط بين الخيال والإحساس وسيعثر على الصلة الضامنة لهذا الترابط بينهما في وظيفتها العرفانية بتأكيده على حقيقة أن :” إن الخيال هو حركة معينة تنتج بواسطة الإحساس حينما يكون متحركا”2[2].
والحق أن الخيال حسب أرسطو يتدخل بشكل بارز في مسار المعرفة حينما يساهم في صناعة الصور الموحدة للموضوع المدروس وذلك بالانطلاق من محسوسات خاصة مثل الطعوم بالنسبة إلى حاسة الذوق والروائح بالنسبة إلى حاسة الشم والأصوات بالنسبة إلى حاسة السمع والألوان والأشكال بالنسبة إلى حاسة النظر ومن محسوسات مشتركة على غرار الكتلة والشكل والحركة ومن محسوسات عرضية3[3]. لقد أعاد أن أرسطو في كتاب النفس دمج الإحساس بالخيال وحدد فعل التخيل بأنه تمثيل شيء وهو غائب. بعد ذلك تعامل الرواقيون مع الخيال باعتباره ملكة رأي وحددوه بأنه مجرد إحساس عفوي ومباشر يدخل الاضطراب على استعمال التمثلات ويسبب للنفس الأمراض والتوتر ويلقي بها في بيداء الوهم والفانتازيا. بناء على ذلك لقد أرجع أرسطو أصل كلمة فانتازيا phantasiaإلى لفظ phaos النور في كتابه النفس4[4].
إذا كان الإحساس يظل متحركا وفي حالة نشاط دائم فإن الخيال يمكن أن يتعرض للسحق والكبت ولكنه ينبعث مجددا إلى النشاط حينما يخمل الإحساس تماما مثل اليقظة التي تفسر الرؤى التي تظهر في الحلم. على كل حال ترسخ رأي أرسطو القائل بأن “الخيال امتداد لنشاط الأحاسيس حتى عند غياب الموضوع”.
كما منح الرواقيون إلى الخيال وظيفة إيتيقية وذلك حينما ربطوا سبب ترك الفضائل والإقبال على الرذائل بانشداد النفس إلى المتخيلات وغفلتها عن الجليّات وعجزها عن الفعل وفق قواعد الإرادة وتحت هداية العقل. ولهذا السبب دعا الرواقيون إلى مواجهة الخيال بغية إنقاذ العقل وتحرير الإرادة من غلبة الأهواء.
لقد اهتمت المدرسة التجريبية كثيرا بالصورة الذهنية وربطت بين الإدراك الحسي والخيال وفسرت كلية الحياة النفسية بالاعتماد على هذه الصورة المتخيلة. كما تسعى الوظيفة التخيلية إلى المحافظة على الشيء في الصورة الذهنية وتتعامل مع الصورة بوصفها ما يتبقى من الإدراك الحسي بعد انعكاس الانطباع في الفكر واستمراره داخل الوعي. وبالتالي تستوعب الصورة عملية إعادة إنتاج للموضوع المدرك وتودعه في الفكر مثل تودع نسخة مطابقة للأصل في دفتر متكون من قوائم عن الانطباعات الحسية والتمثلات الخيالية. بناء على ذلك تمثل الصورة الذهنية سندا ماديا للإدراكات الحسية والانطباعات المرتسمة في الخلايا العصبية. لقد تعاملت السيكولوجيا التجريبية مع الفكر بوصفه وعاء مليء بالصور وتحدثت عن الخيال التجريبي الذي يُعبّر عن موضوع غائب بواسطة صور ذهنية ولقد فرق ديفيد هيوم بين الانطباعات (إدراكات العالم الخارجي) والأفكار (إدراكات العالم الباطني) ويعرف الأفكار بوصفها الصور الضعيفة عن الإنطباعات في التفكير والإستدلال وأشكال محرفة من إعادة إنتاج الإحساسات بعد غياب الأشياء.
” بعد أن يكون الموضوع قد أزيل، أو تكون العين قد أغمضت، ونظل محتفظين بصورة الشيء الذي رأيناه، ولو بوضوح أقل مما كانت عليه حينما نراه. هذا ما يسميه اللاّتينيين الخيال نسبة إلى الصورة التي تتكون في الرؤية ويطبقون الشيء نفسه ولو على نحو غير ملائم على كل الحواس الأخرى.”5[5]
لقد حمل هوبز الفانتازيا القدرة على التمييز الذهني بين الأفكار التي يوفرها الحس السليم الاجتماعي6[6].كما أن الربط بين الخيال والإحساس لم يوفر للفلسفة التجريبية فضاء إشكاليا حتى تتمكن من تغيير النظرة السلبية وإنما اقتصر الأمر عندها على النظر إلى الإحساس بوصفه مصدر الفكر وجعل كل ذهن مقيدا بملكة الصور وتم إسناد مهمة الوصل إلى ملكة الخيال بين التمثلات المستقلة عن نظام الأشياء.
غير أن الثورة الكوبرنيكية التي أحدثها ديكارت وكانط في الفلسفة الحديثة تجسدت في إعطاء الخيال مكانة بارزة في المنهج الفلسفي وتعاملت معه بوصفه أهم المواضيع لكل فلسفة عقلانية نقدية تُثمّن حرية الذات وتنطلق من تلقائية الذهن وتعطي قيمة للتجربة الحسية وتلتزم بالوقائع المادية وتمتحن مسلماتها الضمنية.
لقد منح ديكارت في التأمل الثاني للخيال منزلة ايجابية وقام بالتمييز بين العقل بوصفه حس سليم يضطلع بوظيفة تصور الطبائع اللاّجسمانية والخيال باعتباره من يتأمل شكل أو صورة الشيء المادي وتعامل مع الخيال بوصفه ملكة جسمية للروح تؤشر على خصوصية الفرد في وجوده الحسي ووحدة النفس والجسم.
غير أن ديكارت ينفي في التأمل السادس أن يكون الخيال ملكة جسمانية بكامله وقادر في جميع الأحول على بناء معارف صحيحة ويبين أنه يمكن أن يقع في الخلط ويعجز عن تصور العلاقات المعقدة للواقع، ويضيف إليه القدرة على بناء الأشكال وبلوغ الحقيقة الحسية حينما يستند على قوة الفكر ويقف عند الحد الأوسط ويبلور أحجاما مشابهة للأشياء وبالتالي لا يجب اعتبار الخيال مغاير للفكر بل الوسيلة التي من خلالها يحل الفكر في الجسم ويقدر الجسم بدوره على أن يحتل مكانا في الفكر, لقد عزز ديكارت هذا التطور بتأكيده في كتاب الانفعالات على الدور البيداغوجي والأخلاقي الذي يقوم به الخيال للحد من القوى المنفلتة للعواطف الجياشة والأحاسيس الجارفة وجعل الخيال ملكة عاقلة موجهة ضد بعدها اللاّمعقول.
لقد واصلت الفلسفة الحديثة نفس التصور حول أهمية الربط بين الإحساس والخيال وحددت هذا الأخير بكونه القدرة التي تمتلكه النفس لكي تتمكن من تشكيل صور عن الأشياء وحرصت على التمييز بين الخيال الانفعالي الذي يتأتي من الجسم والخيال الفاعل الذي يتأتى من النفس ويقدر على التحكم في الخطأ والغلط. في هذا السياق ربط سبينوزا الخيال بالتخمينات الخرافية التي يقع فيها المرء وتصوره في وجود الخرافة نتيجة التأثر بالخوف والابتلاء بالاعتقاد الضعيف بقوله:” كل ما نتخيل أنه يقود إلى الفرح فإنا نجد في الحصول عليه، وكل ما نتخيل أنه مناقض له أو يقود إلى الحزن فإنا نجد في إقصائه أو تحطيمه”7[7].
الغريب في هذا الوضع الحديث للفلسفة هو موقف مالبرانش في كتابه البحث عن الحقيقة الذي اعتبر فيه الخيال مجرد تجربة جنون تنتج مجانين ويمثل خطرا أخلاقيا ومعرفيا وذلك لتعارضه التام مع العقل وعدم قدرته على الخضوع للقواعد وبالتالي يجرف الإنسان بعيدا عن سبيل الحق ويقربه من الأهواء الهائجة.
جملة القول أن الخيال في الفلسفة الحديثة هو ملكة تمثل الأشياء التي لم يقع تسلمها في اللحظة من المحسوسات. من المعلوم أن الفكر التجريبي أكد على الفكرة المركزية التي ترى بأن الخيال هو الخاصية الأساسية التي تمنح القدرة على بلورة علاقات بين الأشياء ذاتها الأكثر تباعدا عن بعضها البعض. فماهو الدور الذي يؤديه الخيال الإبداعي في نظرية الفن في الزمن الذي تشكلت فيه الحداثة الجمالية؟
– 2– فعل التخيل والخلق الفني :
“الأعمال الفنية هي إشباع خيالي لرغبات لاشعورية وشأنها شأن الأحلام ، وهي مثلها محاولات توفيق، حيث إنها بدورها تجهد كي تتفادى أي صراع مكشوف مع قوى الكبت”8[8]
لا يستعيد الخيال صور عن الإحساسات الماضية ولا يقتصر على التكرار السالب والتفريق والاستحضار وإنما يجمع عناصر متباينة من إحساسات مختلفة ويؤلف مجموعات جديدة ويبتكر عن طريق استكشاف الفروض والأفكار من وراء الظواهر وتجاوز حدود الواقع والقفز في ميدان الحرية وممارسة الابتكار.
لقد تفطن أفلوطين في “التاسوعيات” بأن الخيال يمكنه أن يجري تشكيلا لصور عامة تساعد العقل على الصعود من مرتبة الإحساسات الكثيرة إلى المفاهيم الموحدة وتتيح اشتقاق الأشياء الحسية من الواحد.
لم يعد الخيال ملكة إنسانية فحسب وإنما أصبح لحظة من الوجود تماما مثل العقلnous والنفسpsyché. يحتاج الواحد إلى وجود عدد معلوم من الوسائط لكي تساعد على ولادة عالم الكثرة الذي يتكون من الموجودات الحسية. اللافت للنظر أن الخيال تماما مثل النفس يمثل المرتبة الوجودية الأقل بالمقارنة مع الوسائط الأخرى وفي هذا السياق يصرح أفلوطين:” من خلال الخيال تشكل النفس المادة وتمنحها حياة”9[9]. بهذا المعنى إذا كانت عقلانية القرن 17 عملت على إقصاء الخيال من ميدان المعرفة فإن تحالف آخر قد انعقد بصفة نهائية وحصرية بين الفن من جهة والخيال من جهة أخرى وقد أعاد هذا التحالف ما كان قائما في العصر الهيلينستي من اعتراف نظري بما تشير إليه الفانتزايا من صور تمنح الخطيب أو الشاعر القدرة على الإقناع والتأثير في السامعين. لقد ترتب عن ذلك ارتبط الخيال بالملكة التي تقول الشعر ولكنها تعاني من نقص في التشريع الذوقي وتحتاج إلى خصائص معيارية للتمييز بين الجيد والرديء وبين الجميل والقبيح. لقد ألف كانط في مذهبه الجمالي بين الأطروحة الأرسطية التي تثبت الوظيفة العرفانية للخيال والأطروحة الأفلاطونية المحدثة التي تعول على الخيال في عملية الربط بين الأشياء والمواضيع بوصفه أداة عميقة. لقد ميز كانط بين الخيال التكراري الذي يمتلك قدرة على استحضار مواضيع في الفكر كان الحدس قد انتبه إليها في مرحلة سابقة والخيال الإبداعي10[10] الذي يحوز على ملكة من الحدوسات الخالصة على غرار المكان والزمان11[11]. بعد ذلك وضع كانط الخيال في “نقد ملكة الذوق” إلى جانب الذهن والعقل في قلب نظرية الحكم واعتبره واحد من الملكات التي تتيح تجربة استيطيقية للجميل والرائع بواسطة اللعب الحر12[12].
اللافت للنظر أن الفلسفة النقدية مع كانط في نقد العقل الخالص قد تمكنت بشكل مبهر من إعادة الاعتبار لملكة الخيال ونظرت إلى الخيال المتعالي على أنه شرط إمكان التأليف بين الحدوسات الحسية والمقولات الذهنية عن طريق التخطيطاتSchèmes . على هذا النحو لا تمثل التخطيطات صور-نسخ للوقائع المادية ولا تعيد إنتاج المعطى الحسي بل تعد شرطا صوريا خالصا للحساسية وتقوم بتمثل منهجي وتقوم ببناء الموضوعات والتركيب بين الأشكال والمضامين وبين الحدوسات والأطر وبين التمثلات والبني.
لقد ربط كانط قوة الخيال الخلاق بمجموعة من الأفكار الجمالية على غرار العبقرية والإلهام واللعب والحرية ومنحه دورا بارزا في التجربة الاستيطيقية وأكد على أن الجميل هو رمز للأخلاقيةmoralité .
لقد ساهم تشكل المفاهيم الكانطية الجمالية في ميلاد النزعة الرومانطيقية وقيام الفلسفة المثالية الألمانية مع فيخته وشيلنغ وهيجل. في هذا الصدد يمكن ذكر المحاولة التي قام بها فيكو Vico حينما قام بثمين للوظيفة العرفانية للخيال وكشف عن وجود كليات خيالية universaux fantastiques تصل بين الشعر وتطور أشكال المعرفة الاجتماعية. من جهة ثانية لقد أكد شيلينغ على الوظيفة العرفانية للتخيّل وتعامل مع الخيال بوصفه المكان الذي يتوحد فيه المثالي والواقعي ، والطبيعة والروح بصورة أصلية واعتبره المنبع الذي ينبثق منه الفن من حيث أداة الفلسفة. في نفس الاتجاه جاءت محاولة هيجل في جعل الفانتازيا تقوم الوظيفة الإبداعية بتمييزها عن ملكة الخيال الذي ظل السابقون يتعاملون معها بوصفه ملكة إبداعية خالصة13[13].
لقد طور فريدريك شليجل ضمن إطار الفكر الرومانطيقي مذهب الخيال الفني حينما أطلق عليه تسمية “تنفس الروح”، وجعل مفهوم الخيال يلخص كل النشاط الذي بواسطته يقدر الإنسان على إدراك العالم وإنتاج آثاره، ولذلك نصص على إمكانية التطابق بين تاريخ الوعي وتاريخ الخيال وإنتاجاته الشعرية14[14]. لقد فتحت هذه إشارة شليجل الطريق إلى الفكر للخروج من الأزمة التي تعرضت لها المثالية الألمانية في منتصف القرن التاسع عشر نحو تأسيس نظرية في الخيال تدرس النشاطات المختلفة والعميقة التي ترتبط بالإنتاجات الثقافية التي تتشكل على مستوى الوعي والتمظهرات المادية التي تتجلى على مسرح التاريخ.
بيد أنه يمكن التمييز بين خيال خلاق يقتصر على إنشاء أشكال جديدة بالجمع بين الصور والأشكال وخيال تجديدي تختص مهمته في الاستشراف والاستباق والافتراض وإعادة بناء واقع جديد مغاير للواقع السائد.
كما تعامل فرويد مع الخيال بوصفه مصدر الإلهام وخزان الإبداع وكشف عن تأثير الميولات اللاشعورية في السلوكات المنحرفة التي يقترفها الناس وعن ضرورة باطنية تتعلق بالحياة النفسية للإبداعات الفنية. ” لقد اتضح أن مملكة الخيال ملجأ يتأسس خلال الانتقال المرير من مبدأ اللذة إلى مبدأ الواقع، كي يقوم محل إشباع الغرائز التي ينبغي الإقلاع عليها في الحياة الواقعية. ينسحب الفنان كالعصابي من واقع غير يرضي إلى دنيا الخيال، لكن بخلاف العصابي، يعرف كيف يعود منه لكي يجد مقاما راسخا في الواقع”15[15]
ما يجب الانتباه اليه هو انتقال البحوث النفسية من دراسة اللاوعي عن الأفراد إلى الاهتمام به عند المجموعات ومن ربطه بالجانب الفزيولوجي العضوي الى تقصي دلالات أبعاده الرمزية والثقافية. لكن كيف ساهم ظهور اللاشعور الجمعي في نحت الفكر المعاصر لمفهوم جديد هو المخيال الاجتماعي؟ وماهي الوظائف الابستيمولوجية التي أصبح يقوم بها هذا التوقيع المستحدث في ميدان العلوم الانسانية؟
3- وظيفة المخيال في الفلسفة المعاصرة:
” لا نستطيع تملك السلطة الخلاقة للخيال إلا ضمن علاقة نقدية مع هذين الشكلين من أشكال الوعي الخاطئ ( الإيديولوجيا واليوتوبيا)”16[16]
لقد قام جان بول سارتر بنقدcritique وإعادة بناءreconstruction جملة البحوث التي تتمحور حول الخيال17[17] وظلت تتحرك ضمن دائرة الفكر الوضعيpositivisme وطرح نظرية نادرة عن المخيال18[18] قام باستلهامها من فنومينولوجيا هوسرل19[19] مثنيا على قوة مداهمة للواقع التي يمارسها الخيال على الأشياء والتي تمكن الوعي البشري من القدرة على التعالي على العالم كما هو معطى وتمنحه الحرية والتجاوز.
لا تفرق الفنومينولوجيا عند سارتر بين التخيل والإدراك الحسي إلا بالدرجة وليس بالنوع . في الواقع ليست الصورة شيئا يمكن أن يكون موضوعا للوعي بل تعني بالأساس علاقة تربط الوعي بشيء معين أو بعبارة أخرى هي الطريقة التي يظهر بها شيء معين للوعي. وبالتالي” لا يتميز كل من الخيال والذهن مطلقا بما أن المرور من الواحد الى الآخر ممكن بواسطة تطور الماهيات المحتوية في الصور.”20[20]
في كلتا الحالتين التخيل أو الإدراك الحسي يبقى الشيء الذي أتخيله أو أدركه خارج الوعي فلا يمكن للإنسان القول بأن الشيء يوجد في إدراكه أو في مخيلته ويملك صورة مصغرة عنه. بناء على ذلك يساهم الخيال الخلاق في الإبداع الفني ويرتبط ميدان الجمال بوظيفة التخيل . علاوة على أن التأمل الفني يبتعد عن العالم الواقعي المادي ويعانق عالم الجمال الخيالي بل يخلق عالما جديدا. كما أن صفة الجمال لا تنطبق على الرغبة في الواقع السائد ولا يتوقف على إعطاء صور وفية عنه بل تستوجب نفي العالم في بنيته الأساسية وتعدم وجوده المادي وترتمي في تجارب من الخيال حيث تعتبره النبع الذي يتدفق منه الإلهام والحدس ومصدر الهام قريحة الفنان وابتكار رموزه وأشكاله. من هذا المنطلق ،الذي يتحرك فيه سارتر على أرضية فنومينولوجية هوسرلية تعود إلى الأشياء كما هي، يصرح ” أن الواقع ليس جميلا البتة- فالجمال صفة لا يمكن أن تنطبق إلا على ماهو خيالي وتستوجب نفي العالم في بنيته الأساسية…”21[21]
والحق أن مفهوم المخيال يتعلق بالأفراد والجماعات ويتمثل في مجموع التمثلات والتصورات التي تترسب بالتنشئة ويتم تناقلها عبر الأجيال عبر المثاقفة التي يتم تعميمها عن طريق الدين والأدب والفنون والأساطير واللغة المتداولة والخطاب السياسي ووسائل الاتصال الحديثة وأنظمة الدعاية والإشهار.
من موقع مغاير في الفلسفة المعاصرة يحاول أرنست بلوخ أن يؤسس مفهوم المخيال ضمن استعادة تأويلية للفلسفة الهيجيلية والجدلية الماركسية بغية تطوير نظرية لليوتوبيا تتسلح بمفهوم معاضد لها هو مبدأ الأمل.
علاوة على ذلك عرف القرن العشرين ظهور نظريات جديدة حول المخيال خارج إطار اللقاء الذي تم بين بالديالكتيك والفنومينولوجيا تتقاطع فوق أرضية نفسية تحليلية مع كارل يونغ وأنثروبولوجية بنيوية مع غاستون باشلار والتي استعادها جاك لاكان بإعادة تأويل المدونة التحليلية النفسية التي تركها فرويد.
لقد تم وضع مفهوم المخيالimaginaire مكان مفهوم الخيالimagination ولقد ترتب عن هذا التغيير الدلالي فقدانهما لقسم كبير من الخصائص التي حملها عليهما الفكر الغربي طوال تاريخه الطويل ووقع إعادة تعريف المفهومين بحيث لم يعد الخيال يعني ملكة من بين ملكات أخرى وإنما الذخيرة الكبيرة للأساطير والرموز والإبداعات الشعرية وبالتالي هي ملكة قادرة على تحليل إنتاجاتها بالكف عن الصعود إلى مصادرها الأولى وأصولها الخفية وذلك بالعمل على إدراك دلالتها بواسطة بناها الداخلية الفارقية.
كما تعامل فرويد مع الخيال بوصفه مصدر الإلهام وخزان الإبداع وكشف عن تأثير الميولات اللاشعورية في السلوكات المنحرفة التي يقترفها الناس وعن ضرورة باطنية تتعلق بالحياة النفسية للإبداعات الفنية.
” لقد اتضح أن مملكة الخيال ملجأ يتأسس خلال الانتقال المرير من مبدأ اللذة إلى مبدأ الواقع، كي يقوم محل إشباع الغرائز التي ينبغي الإقلاع عليها في الحياة الواقعية. ينسحب الفنان كالعصابي من واقع غير يرضي إلى دنيا الخيال، لكن بخلاف العصابي، يعرف كيف يعود منه لكي يجد مقاما راسخا في الواقع”22[22]
إذا كان باشلار قد اعترف للخيال بوظيفة تكاملية مقارنة بالفكر العلمي لمساعدته على التجريد والافتراض وبناء الأحلام وبناء التجارب واستنتاج القوانين لكونه يمثل عاملا محركا للتقدم والتطور فإن لاكان يحمل موقفا جذريا تجاه المقولات التقليدية ويتعامل مع المخيال بوصفه المكان الذي توضع فيه الصور الخاطئة والمشوهة التي يشكلها الأنا عن ذاته منذ المرحلة التي يبدأ فيها بالنظر إلى ذاته عن طريق المرآة والتي يبدأ فيها الأنا تثبيت كل طاقاته الليبيدية حول رغبات محددة تخص علاقة العالم الفردي بالمحيط الخارجي.
لقد تم تأشير تجارب المخيال في ثبت الهوية بواسطة طبائع خاطئة لا يمكن العلاج منها والتي توقع المرء في جملة من الإخفاقات المتواصلة وتراكم الفشل والإحباط وتسقطها في تجارب متعاقبة من خيبات الأمل. على خلاف ذلك يبقى التاريخ الحقيقي للأنا يجري في مستوى الرمزي الذي يختص بالحركية والبنية الفارقية التي تسعى جاهدة إلى الربط بين النسق الداخلي الذي تتكون منه اللغة وطابع الاتفاق الاجتماعي.
هكذا يكون لكل مجتمع متخليه المشترك بين الأفراد الذين يتكون منهم ولكن شخص المخيال الاجتماعي الذي يخصه ويحدد نمط سلوكه وطبيعة فعله وحدود اجتهاداته وطريقة رد فعله عند الشعور بالمخاطر. لكن هل يساهم المخيال في تجييش الناس وتضخيم الأحداث أم يعمل على تلطيف الواقع وتجميل العالم؟
خاتمة:
” هكذا تتشابك روابط متعددة بين الاجتماعي والنفسي عبر وساطة المخيال”23[23]
بقيت الفلسفة لفترة طويلة تعتبر الخيال ملكة تشكيل الصور في مستوى ثان وتقرنه بالفانتازيا وتجعل منه ملكة للجمع بين الصور في لوحات وفق التتابع الذي يحاكي وقائع الطبيعة لكن دون أن يمثل أي شيء في الواقع ودون أن يعكس الموجود وبهذا المعنى توزع بين خيال تصويري وخيال تكراري وخيال إبداعي.
إذا كان الخيال التكراري يلعب بطريقة انفعالية وبإتباع المجرى الطبيعي للترابطات والاقترانات فإن الخيال التجديدي يستمد تمرده على الواقع من قدرة الفانتازيا على تشكيل تجميعات رهيبة ووحشية وينتج جملة من المواد العجائبية التي تدهش العقول وتحير القلوب وتشوش بداهة النظر في العيون وتعبر عن حرية الفكر وقدرته على خلق صور غير متوقعة وغير منتظرة ومتناقضة مع مقولات المنطق المعتاد.
أما المتخيل الاجتماعي فقد ربطه علماء الأنثربولوجيا في الحقبة المعاصرة بالزمن الآتي والقدرة الاستشرافية بالمستقبل وذلك من أجل الانعتاق من الحاضر البائس والتخلص من سيطرة الواقع وإنشاء مملكة الخلاص الجماعي وذلك بإعادة توليد العالم وذلك بانتظار ظهور المخلص والخروج عن المألوف والانفلات من التاريخ بالانجذاب الجماعي إلى سلوكات انفعالية وإنشاء نظام اجتماعي أشبه باليوتوبيا.
لقد سبق لفرويد أن ربط بين الحالات الوجدانية للشعوب والتمثلات السياسية وبين الدوافع اللاشعورية الجماعية والمضامين المتخيلة أثناء الصراعات بين القوى الاجتماعية وأقر بوجود استثمارات وجدانية للمتخيلات أثناء حالات الشدة وعند التعرض للخطر من اجل تكثيف نقاط المقاومة والمحافظة على الذات.
كما يؤكد فرويد على أن عمليات إنتاج الحلم هي عمليات إنتاج خيالي تعبر عن عمليات لاشعورية دفينة وان رجوع الإنسان إلى التخيلي في السخرية والنكتة هو بمثابة بحث اقتصادي عن مصدر اللذة والتخلي المؤقت عن بذل الجهد في عملية الكبت والمقاومة وما يرافق ذلك من تخلص من الإرهاق وتفادي الألم.
لقد كانت وظيفة الخيال متمحورة حول الابتعاد والتجاوز والإثارة والانزياح والتكثيف والتدمير وتم استعماله في عمليات التدمير والهدم والإغارة على الواقع قد إعادة تشكيل العالم وإعادة البناء لواقع جديد. كما ظل المخيال يساهم في إقامة الروابط بين غرائز الأفراد والمؤسسات الاجتماعية تفاديا للضغوط الخارجية والكبت الباطني ويدعم الشكل السائد من الحياة أو يعمل على إضعافها واستبدالها بأغيارها.
في هذا السياق تحدث جيلبر دوران عن المخيال الرمزي24[24] وبحث عن البنى الأنثربولوجية للمخيال ضمن مشروعه الناقد للأنطولوجيا النفسية والتائق نحو بناء تأويلية رمزية تقوم بوصف فنومينولوجيا لمحتويات المخيال وتتجاوز التمييز الذي تجريه الخطابة الكلاسيكية بين معنى حقيقي ومعنى مجازي وتشتغل على الترسيمات الذهنية الأصلية والنماذج الأساسية لكل مخيال إنساني وتقر بقابلية البنيات الأنثربولوجية للتغير والتحول وضرورة تجميع الموارد اللغوية الأولية التي يستعملها المخيال الرمزي في الإبداع وقصد بناء المخيال الرمزي العام وتستنتج عدم إمكانية ترجمة النموذج الأصلي إلى لغات مغايرة عن رحمه الأول[25]. لكن إلى أي مدى يساعد نقد المخيال على استخراج النواة الأساسية التي سيكون عليها المجتمع البشري في المستقبل؟ وبأي معنى يحمل في رحمه الردود الممكنة على تحديات يمكن أن تواجهها الحضارة الراهنة؟وما الفرق بين الوظائف الاجتماعية للمتخيل الفردي والوظائف النفسية للمخيال الاجتماعي؟
الهوامش والإحالات:
[1] Platon, Timée, 71a, sq
[2] Aristote, de l’âme, III, 3, 429a 1
[3] Aristote, de l’âme, III, 3, 429b 18-30
[4] Aristote, de l’âme, II, 3, 429a 2
[5] هوبز (توماس) ، اللوياثان،الأصول الطبيعية والسياسية لسلطة الدولة، ترجمة ديانا حبيب حرب/ بشرى صعب، دار الفارابي، بيروت، الطبعة الأولى، 2011. القسم الأول، في الإنسان، 2 في الخيال، ص.27.
[6] Hobbes Thomas , Léviathan, 1651 , I,8
[7] سبينوزا (باروخ)، علم الأخلاق، ترجمة جلال الدين سعيد، الجزء الثالث: في أصل الانفعالات وطبيعتها، القضية 28، دار الجنوب، تونس، طبعة أولى، 1991، ص193.
[8] فرويد (سغموند)، حياتي والتحليل النفسي، ترجمة جورج طرابيشي، دار الطليعة، بيروت، طبعة 1981، ص75.
[9] Plotin, Ennéades, IV, 4, 13.
[10] Kant (Emmanuel), critique de la raison pure, §24
[11] Kant (Emmanuel), Anthropologie de point de vue pragmatique, I,
[12] Kant (Emmanuel), critique de la faculté de juger, taduit par A. Philonenko, Librairie Philosophique, J. Vrin, Paris, 1982.
[13] Hegel, Encyclopédie, §455-457
[14] Schlegel Friedrich, le développement de la philosophie, V
[15] فرويد (سغموند)، حياتي والتحليل النفسي، مرجع مكور، ص75.
[16] Ricœur (Paul), De Texte à l’action, essais herméneutiques, II, édition du Seuil, Paris,1986, p391.
[17] Sartre (Jean Paul), l’imagination, édition PUF, Paris, 1936
[18] Sartre (Jean Paul), l’imaginaire: psychologie phénoménologique de l’imagination, édition Gallimard, Paris, 1940, IV,
[19] Sartre (Jean Paul), l’imaginaire, op.cit, IV,
[20] Sartre (Jean Paul), l’imagination, op.cit, p13.
[21] Sartre (Jean Paul), l’imaginaire, op.cit, IV,
[22] فرويد (سغموند)، حياتي والتحليل النفسي، مرجع مذكور، ص75.
[23] Ansart (Pierre), l’imaginaire social, Encyclopédia Universalis, lien : http://www.universalis.fr/encyclopedie/imaginaire-social/
[24] Durand Gilbert, l’imaginaire symbolique, édition PUF, Paris, 1964, 1998.
[25] دوران (جيلبير)، الخيال الرمزي، ترجمة علي المصري، المؤسسة الجامعية للنشر والتوزيع، مجد، بيروت، 1991.
المصادر والمراجع:
باللسان الفرنسي:
Ansart (Pierre), l’imaginaire social, Encyclopédia Universalis, lien : http://www.universalis.fr/encyclopedie/imaginaire-social/
Durand Gilbert, l’imaginaire symbolique, édition PUF, Paris, 1964, 1998.
Kant (Emmanuel), critique de la faculté de juger, taduit par A. Philonenko, Librairie Philosophique, J. Vrin, Paris, 1982.
Sartre (Jean Paul), l’imagination, édition PUF, Paris, 1936
Sartre (Jean Paul), l’imaginaire : psychologie phénoménologique de l’imagination, édition Gallimard, Paris, 1940
Ricœur (Paul), De Texte à l’action, essais herméneutiques, II, édition du Seuil, Paris,1986,
باللسان العربي
دوران (جيلبير)، الخيال الرمزي، ترجمة علي المصري، المؤسسة الجامعية للنشر والتوزيع، مجد، بيروت، 1991.
فرويد (سغموند)، حياتي والتحليل النفسي، ترجمة جورج طرابيشي، دار الطليعة، بيروت، طبعة 1981،
هوبز (توماس)، اللوياثان-الأصول الطبيعية والسياسية لسلطة الدولة، ترجمة ديانا حبيب حرب/ بشرى صعب ، تحقيق رضوان السيد، دار الفارابي، بيروت، الطبعة الأولى، 2011.
سبينوزا (باروخ)، علم الأخلاق، ترجمة جلال الدين سعيد، الجزء الثالث: في أصل الانفعالات وطبيعتها، القضية 28، دار الجنوب، تونس، طبعة أولى، 1991،
كاتب فلسفي
[1] Platon, Timée, 71a, sq
[2] Aristote, de l’âme, III, 3, 429a 1
[3] Aristote, de l’âme, III, 3, 429b 18-30
[4] Aristote, de l’âme, II, 3, 429a 2
[5] هوبز (توماس) ، اللوياثان، الأصول الطبيعية والسياسية لسلطة الدولة، ترجمة ديانا حبيب حرب/ بشرى صعب، دار الفارابي، بيروت، الطبعة الأولى، 2011. القسم الأول، في الإنسان، 2 في الخيال، ص.27.
[6] Hobbes Thomas , Léviathan, 1651 , I,8
[7] سبينوزا (باروخ)، علم الأخلاق، ترجمة جلال الدين سعيد، الجزء الثالث: في أصل الانفعالات وطبيعتها، القضية 28، دار الجنوب، تونس، طبعة أولى، 1991، ص193.
[8] فرويد (سغموند)، حياتي والتحليل النفسي، ترجمة جورج طرابيشي، دار الطليعة، بيروت، طبعة 1981، ص75.
[9] Plotin, Ennéades, IV, 4, 13.
[10] Kant (Emmanuel), critique de la raison pure, §24
[11] Kant (Emmanuel), Anthropologie de point de vue pragmatique, I,
[12] Kant (Emmanuel), critique de la faculté de juger, taduit par A. Philonenko, Librairie Philosophique, J. Vrin, Paris, 1982.
[13] Hegel, Encyclopédie, §455-457
[14] Schlegel Friedrich, le développement de la philosophie, V
[15] فرويد (سغموند)، حياتي والتحليل النفسي، مرجع مكور، ص75.
[16] Ricœur (Paul), De Texte à l’action, essais herméneutiques, II, édition du Seuil, Paris,1986, p391.
[17] Sartre (Jean Paul), l’imagination, édition PUF, Paris, 1936
[18] Sartre (Jean Paul), l’imaginaire: psychologie phénoménologique de l’imagination, édition Gallimard, Paris, 1940, IV,
[19] Sartre (Jean Paul), l’imaginaire, op.cit, IV,
[20] Sartre (Jean Paul), l’imagination, op.cit, p13.
[21] Sartre (Jean Paul), l’imaginaire, op.cit, IV,
[22] فرويد (سغموند)، حياتي والتحليل النفسي، مرجع مذكور، ص75.
[23] Ansart (Pierre), l’imaginaire social, Encyclopédia Universalis, lien : http://www.universalis.fr/encyclopedie/imaginaire-social/
[24] Durand Gilbert, l’imaginaire symbolique, édition PUF, Paris, 1964, 1998.
[25] دوران (جيلبير)، الخيال الرمزي، ترجمة علي المصري، المؤسسة الجامعية للنشر والتوزيع، مجد، بيروت، 1991