سداد جواد التميمي
لا شك ان فضاء الانترنت قد فتح الباب على مصراعيه لنقل و تبادل الاخبار و الروايات و الاتهامات بمختلف اشكالها. بالطبع لا يخضع ما ينشر على الانترنت لتدقيق حذر من رئيس التحرير او الخبراء على عكس ما ينشر في صحف و دوريات عالمية علمية كانت ام ادبية. على ضوء ذلك ما يطلع عليه الانسان على صفحة من صفحات الأنترنت بدون ان يكون مرفقا بمصادر معينة قد يكون:
1 محتمل بتحكيم العقل.
2 غير محتمل بتحكيم العقل.
3 كذب غير متعمد.
4 كذب متعمد.
بالطبع لا تنفرد فضاء الانترنت بهذه الميزة و انما يشاركها في ذلك الفضائيات العربية التي لا عد لها و لا حصر و التي ان تميزت بصفة واحدة فهي: غياب الحيادية في نقل الخبر وحتى في استعمال الالفاظ. ما عليك الا ان تنتبه لاستعمال كلمة شهيد فهي كلمة اصبح استعمالها محرماً بحق ضحايا الارهاب في العراق.
اصبح انشاء المواقع الإلكترونية ظاهرة من ظواهر الربيع العربي و بالأخص الثورة السورية. لا يحتاج انشاء هذه المواقع الكثير من الخبرة و يمكن لأي طالب له المام باستعمال الكمبيوتر اقامة الهيكل المناسب لموقع ما. يمكن للمشاركين في انشاء هذا الموقع زيارته الاف المرات ليعطي انطباعاً لأجهزة التحري او مكائن الأنترنت بان له زوار عدد و بعد ذلك يصبح اكتشافه من قبل الجالسين امام شاشة الكمبيوتر سهل للغاية. عملية لا تحتاج الى فطنة من بعيد او قريب.
ولكن ما الذي يحدث لو اكتشف البعض بان الموقع ارتكب الخطيئة الرابعة و هي الكذب المتعمد؟. بالطبع لا سبيل لملاحقتهم قضائياً في بلاد العرب او غيرها كما هو الحال في الغرب و لكن هل يمكن بعد ذلك لأي انسان ان يصدق ما يكتب في هذا الموقع ؟. بالطبع لا و في ادناه سأتناول موقع سوريا الحقيقة و نقله و تفاعله مع خبر ليس مشكوكا في صحته و حسب بل و انه كاذب بدون ادنى شك.
ألمعلومات الخاطئة حول اضطهاد المسيحين السوريين
نشرت ارقى صحيفة اسرائيلية ألهارتس Ha’aretz المعروفة بميولها اليسارية و التي تكاد قراءتها محصورة على الطبقات المثقفة الاسرائيلية و الغربية، في يوم السادس من نيسان المقال المدون اعلاه. كاتب المقال مفكر شاب بريطاني يحمل اسماً عربياً لم يتجاوز التاسعة عشر من العمر و له كتابات عدة، سياسية و ادبية.
لم يحتوي المقال على اي كلام جارح و تناول سوء نقل المعلومات حول التحذير السوري من احتمال التطهير العرقي لما يقارب 90% من المسيحين السوريين في حمص بسبب الصراع المسلح. تطرق المقال الى تقرير نشرته وكالة انباء الفاتيكان في 21 آذار و تداولته الكثير من المراكز الاعلامية، و الذي تطرق الى مذابح و عمليات تهجير جماعية بحق المسيحين في حمص على يد كتيبة الفاروق. تبين بعد ذلك بان الكلمات الواردة في التقرير كانت منقولة حرفياً من موقع سوريا الحقيقة و تم نشره في يوم 13 آذار و ليس كما ادعى الفاتيكان من مصادر زعماء الكنيسة في سوريا. بعبارة أخرى المذكرة التي تم نقلها
الى الفاتيكان تم نقلها حرفياً من سوريا الحقيقة الى جهات الكنيسة في سوريا ثم الى الفاتيكان بالضبط تماماًكما تنقل جزءاً من مقال على الكمبيوتر بمجرد تحديد الكلمات و الجمل و من ثم نسخها و لصقها على مذكرة جديدة في خلال ثانية واحدة.
أنتبه الفاتيكان الى الخطأ و سرعان ما بدأت وكالة انبائه بالتراجع تدريجياً عن هذا الخبر بعد مراجعة مصادرها في لبنان و التحديد الاباء اليسوعيون في حمص. بالطبع ليس الفاتيكان وحده الذي اكتشف زيف هذه الاخبار، و لكن كان يمكن تفادي هذا الاحراج الاعلامي لو راجع احد المحررين تقييم الاخبار المنشورة في هذا الموقع من قبل مركز بحوث الشرق الاوسط الاعلامية الذي وصف اخبار الموقع حول وجود كبير للإسلاميين ضمن المعارضة السورية في حمص بانه مجرد كلام كاذب. أكدت بعد ذلك صحيفة الكرستيان ساينس مونيتر الادعاءات الكاذبة اعلاه.
رد فعل نزار نيوف
أثار المقال غضب السيد نزار نيوف الذي يعرف نفسه بالمفكر و الشاعر و المعارض السوري. يعيش بين إنكلترا و فرنسا كلاجئ سياسي و معارض للحكومة السورية. تخرج من جامعة تشرين السورية و لم يكمل دراسة الدكتورة بعد اعتقاله عدة سنوات في سوريا استناداً الى سيرته الشخصية المنشورة في الانترنت و رحل الى بلاد الغرب قبل عدة سنوات.
بعث السيد نيوف رسالة الى كاتب المقال تم ارسالها لي لترجمتها في السابع من نيسان 2012. تهجم اولاً على كاتب المقال مشيراً الى احتمال كونه من القاعدة لولا ان المقال نشر في الصحيفة المشار اليها اعلاه. هناك اشارة في رسالته الى الاصل العرقي للكاتب استناداً الى اسمه العربي. يدعي السيد نزار انشغاله بالثورة السورية و الكفاح و غضبه من نشر هذه الاكاذيب بحق الموقع الذي يدعى سوريا الحقيقة.
بالطبع لا يصعب على اي شخص تتبع علاقة السيد نزار نيوف بهذا الموقع الموالي للأسد على حد تخمين الكثير، حيث تم نشر مقال آخر على موقع سوريا الحقيقة ينتقد بشدة كاتب المقال السيد ايمن جواد في يوم 17 نيسان 2012. بالطبع في هذه المرة اصبحت الكذبة مثيرة للسخرية. يقول الموقع بان اسم ايمن جواد هو اسم مزيف و لا وجود له، و هو اسم مستعار لعميل للموساد في كردستان العراق. اما الكذبة الاكبر هو ادعاء الموقع بان له مصادره الخاصة من طالب عراقي يدرس في اكسفورد و الذي أكد لهم هذا الخبر الذي لا غبار عليه. لا حاجة بان اقول لك بان ليس هناك طالباً يحمل جنسية عراقية يدرس في جامعة
اكسفورد حالياً، و عندما تستعمل هذا التعبير في بريطانيا فهو يشير فقط الى من بدأ دراسة البكالوريوس في هذه الجامعة. بالطبع السيد ايمن جواد ليس باسم مستعار و بدون ادنى شك.
بصراحة لا اعرف ما هي ميول السيد نزار نيوف الذي يدعي بانه مشغول بالثورة و النضال. الاغرب من هذا بانه اعتمادا الى سيرته الشخصية، هو المشرف على موقع سوريا الحقيقة و في عين الوقت يدعي بانه من المعارضة السورية و مشغولاً بالكفاح و الثورة السورية.
تكمن مشكلة سوريا الحقيقة و السيد نزار نيوف بان الكذب اصبح علامة مميزة لهذا الموقع. المأساة تكمن في ما قاله الفيلسوف نتشة بحق الكاذب و هو ان ليس من المحزن ان تكذب على احد و لكن المحزن في هذا الامر بانه لن يصدقك ابداً في المستقبل.
الاستنتاج:
ان الكاتب او المؤلف او الباحث الذي يتم كشف و اثبات كذبه و لو مرة واحدة لا يمكن تصديق كلامه في المستقبل. لا تقبل الشهادة في القضاء لمن نطق بالزور مرة واحدة يوما ما، و يتم شطب جميع ما يكتبه الباحث لو كذب مرة واحدة. على نفس القاعدة الاخيرة يجب على القارئ ان يصدق اي خبر من موقع نشر خبراً كاذباً. في هذا الامر اثبت موقع سوريا الحقيقة بانه و من يشرف على تحريره كذب مرتين و ليس مرة واحدة.
على ضوء ذلك يكفي القول بان الاسم الصحيح لموقع سوريا الحقيقة هو سوريا الكذب.
سداد جواد التميمي.
ملاحظة: يحتفظ كاتب المقال على جميع المراسلات التي بعثها نزار نيوف الى الكاتب ايمن جواد و اليه شخصياً بعد توجيه الانتقاد اليه.