الحقيقة نفسها لم تعد راسخة في “الراعي وفاكهة النساء” للكاتبة ميسون أسدي
بقلم: د. ثائر العذاري
قيل في الماضي: (الرواية ملحمة البورجوازية)، لكنها أضحت في القرن الحادي والعشرين سجل الإنسان المسحوق بالعولمة والليبرالية الجديدة التي صارت تضع ثمنا لكل شيء وتخضعه لحسابات الربح والخسارة. فوجد في الرواية عالما بديلا يستطيع تشكيله كما شاء، يتلاعب بالأزمنة والأمكنة، ويغير مصائر الأبطال والأشياء.
(هزّاع) هو إنسان هذا القرن الذي لا يستطيع أن يرى حقيقة حياته إلا لحظة موته، فهو في سباق دائم مع العصر يسعى إلى هدف غير محدد. لكنه لا يعلم أن حياته تلك ليست سوى وهم أو محض حلم.
في السنوات الأخيرة ابتكر الروائيون مصطلح (ما وراء السرد) الذي يعني ببساطة تهشيم النظام الصارم للسرد وتجريب تركيبات جديدة لعناصره بعد تفكيكها، ويبدو أن هذه الظاهرة ليست سوى صورة من صور التمرد على هذا العصر الذي يسحق روح الإنسان ويمجد الثروة.
في (الراعي وفاكهة النساء) صورتان متعارضتان، الحياة البدائية الطبيعية مقابل الحياة المعاصرة المعقدة، لكنهما توجدان معا في زمن واحد ومكان واحد، وهكذا يجعلنا تهشيم النظام السردي وجها لوجه أمام الحقيقة، لكن أية حقيقة؟
الحقيقة نفسها لم تعد راسخة، فهي حكاية يحكيها أربعة رواة، فيحذفون ويضيفون ويشكلون، وهكذا تضعنا ميسون أسدي في عالم تمتزج فيه الغرائبية بالواقع لتنتج إكسيرا يمكننا أن نعده بوابة للبحث عن الهوية المسحوقة في عالم العولمة.