حاوره: صلاح بابان
تتجه الأنظار إلى اقتراب تحرير كامل محافظة نينوى من قبضة تنظيم داعش الإرهابي، إلا أن الكثير متخوف من وضع ومستقبل المدينة بعد داعش بسبب الإنتهاكات التي قام بها التنظيم ضد أبناء المدينة لاسيما من الأقليات والديانات الأخرى.
الكل متخوف من شيوع ظاهرة أخذ الثأر من قبل الذين تعرضوا للظلم على يد الأشخاص المنتمين لداعش من أهالي الموصل، وهذا يعني مستقبل المدينة يتجه نحو الخطر مع غياب القانون.
في هذا الحوار استضفنا الحقوقي سليم شوقي، عضو اللجنة القانونية النيابية، وسلطنا الضوء على العديد من القضايا التي تخص واقع مدينة الموصل بعد تحريرها وكيفية ادارة المدينة من الناحية القضائية بعيداً عن الظواهر والحالات الغير قانونية. وكيف يتم حل الصراعات والنزاعات والأزمات تحت قبة القانون والقضاء.
بابان: بصفتك خبيراً قانونيّاً، ما هي الوسائل البديلة الّتي تقترحها لحل النزاعات في محافظة نينوى ما بعد داعش؟.
شوقي: بداية نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفق جهود قواتنا الأمنية، وحشدنا الشعبي، وعشائرنا الغيورة في المنطقة الغربية، في تحرير كافة الأراضي العراقيّة، وتحديداً محافظة الموصل الحدباء من دنس داعش الإرهابي.
حقيقة القانون لابد أن يكون له تثقيف مجتمعي، ومصالحة مجتمعية حتى نستطيع أن نأمّن ما أفسده داعش في تلك المناطق.
ليس للقانون ولا للقائمين على القانون أن يفرضوا سلطة القانون دون أن يكون هناك نوع من التعايش، ونوع من المصالحة في تلك المناطق، سيما وأن داعش قد زرع بذور الفتنة والشر بين أبناء الوطن الواحد، وحقيقة إرتكبت جرائم وممارسات يدنى لها جبين الإنسانية، لم ترتكب في زمان ومكان مثلما إرتكبت في محافظة نينوى.
لذلك أنا أعتقد إن أوّل خطوة بعد تحرير المحافظة لحل كل المشاكل هو أن يكون هناك مؤتمرا للمصالحة الوطنيّة في المدينة.
والقضية الأخرى بالإضافة إلى وجود القانون والقوات الأمنية يجب أن يكون هناك وضع أمني مستقر في الموصل بحيث تكون سلطة القانون وفرض الأمن قوة أولوية حتى تتمكن الجهود المجتمعية، والمنظمات الدولية، والجهود العشائرية، ومؤتمرات المصالحة الوطنية، أن تأخذ دورها في التنفيذ، وتكون حيز التنفيذ بوجود وضع أمني تأمّنه القوات الأمنية، والقوات المشتركة في تحرير الموصل.
بابان: قيام داعش بعمليات إجرامية ضد الأقليات في محافظة نينوى زرع بذور الإنتقام في نفوس الكثير منهم.
بصفتك حقوقي وقانوني وعضو اللجنة القانونيّة النيابية، ما هي الآليات القانوية التي يمكن من خلالها حل الخلافات بشكل سريع وعادل وفعال، لاسيّما بعد طرد تنظيم داعش الإرهابي من المدينة، وعودة هذه الأقليات إلى مناطقهم الأصلية؟.
شوقي: نحن نعود إلى المستندات القديمة التي يمتلكها هؤلاء، ونحاول أن نرجع ما كان سابقاً، وإما القرارات والسندات التي أتخذت أو التي عملت عند دخول داعش تعتبر باطلة، ونحنُ في اللجنة القانونيّة، وفي مجلس النواب قلنا أي تعامل بالأموال المنقولة أو غير المنقولة بعد سيطرة داعش على أرض الموصل تعتبر باطلة، يرجع إلى ما قبل دخول داعش، وقبل أن تسقط المدينة بيد الإرهاب.
بابان: ما المشكلة لو أخذت الأعراف الإجتماعية والعشائرية دور القضاء في حل هذه النزاعات والخلافات، بعد أن تشعبت العلاقات بين بعض من الطوائف والمذاهب في محافظة نينوى على يد داعش، ليأخذ الظالم جزاءه، والمظلوم حقّه؟.
شوقي: إن الوجود الحكومي والوجود الأمني في محافظة الموصل هو الكفيل بجهود مدنية وجهود مؤسساتية ومجتمعية وعشائرية، هذه وحدها لا تحل المشكلة، بل يجب أن تعمل في ظل تواجد أمني، وكما نقول بالعراقي (العافية تجي بالتدريج).
لذلك لايمكن بأي حال من الأحوال أن يقضى على ما فعله داعش في يوم وليلة، ولابد أن يكون هناك تثقيف ووضع أمني يوفر غطاء للمنظمات وللعشائر وللجهات المدنية أن تأخذ دورها في إصلاح ذات البين وما أفسده داعش.
بابان: ما هو دور نظام التحكيم كأسلوب بديل لحل النزاعات؟ ومتى يتم اللجوء إليه؟.
شوقي: القضاء هو الكفيل بقضيّة التحكيم، وإن نظام التحكيم العشائري ولربما تكون هناك لجان تشكل من رئاسة الوزراء وتدعم من مجلس النواب، تقوم بحلحلة النزاعات الموجودة وتقديم الدعم والعون فيما يتعلق ببعض المتعلقات سواء كانت مالية أو سكن أو ما إلى ذلك.
الدولة يجب أن يكون لها دور في ذلك، ولا بأس أن تشكل لجان من قبل الحكومة ومن قبل البرلمان ومن قبل الجهات والمنظمات الحقوقية، خاصة التابعة للأمم المتحدة ومن قبل العشائر، جميعها تعمل في بودقة واحدة لإصلاح الوضع في الموصل.
بابان: كلمة أخيرة نختم بها حوارنا؟.
شوقي: العراق بلد عريق تمتد حضارته إلى 7000 سنة، كان فيه تعايش ووئام، والعراقيين يختلفون عن كل بلدان العالم في الطيب والكرم والسماحة، وكل ما هو جميل، وهذا التعايش، وهذا التكامل بين مكوناته، وبين أطيافه، هو أجمل ما يمثل العراق.
لايمكن للعراق أن يعيش دون هذا التكوين، أو هذه الباقة من الجمهور، لذلك نحن نعمل على أن نسقيها بماء المحبة، وبماء الود والإحترام المتبادل، والتعايش، حتى تتمكن هذه الباقة أن تزهر وتعطي روائع طيبة في هذا البلد المتعدد الأطياف، وبإعتقادي أنّنا قادرين على تجاوز هذه المرحلة، ولقد تعرضنا إلى تحديات كبيرة على مر التاريخ، لكن عاد العراق قوياً بأهله وحضارته ومكوناته، لذلك نستيطع أن نتجاوز هذه المرحلة وأن نتعافى وأن نكون أقوى من الأول إن شاءالله.