بلا أدنى شك أن حلم الإنسان وطموحاته لن تقف عند مكان محدد ، لاسيما إذا كانت لديه إرادة صلبة فلا شيء يمنعه من السعي لتحقيق هذا الحلم الطموح . بالتأكيد أن عملية الإصلاح الاجتماعي تبدأ من خلال التَّعليم لأنه مركز محوري في صناعة المجتمع ،وأن تغيير سلوك الإنسان نحو الأحسن هو أعظم مهمة يقوم بها التّعليم .ولاشك أن أغلب الناس تقع في الخطأ ، ولكن طريق النجاة من الخطأ والانحراف يبدأ من اللحظة التي يتبنى فيها الفرد إصلاح ذاته . قبل فترة ليست بالبعيدة قرأتُ خبراََ مفاده ” قبول نزيلين من سجن الناصرية الإصلاحي في جامعة ذي قار ، بعد اجتيازهم مرحلة
الإعدادية بنجاح ” هذا
الإنجاز يعد ثمرة الجهود الكبيرة من قبل دائرة الإصلاح العراقية،لما تقوم به من عمل دؤوب لإصلاح واقع النزلاء وتأهيلهم ،وبالتأكيد أنه فعل يُحسب لمنتسبي دائرة إصلاح الناصرية بمختلف عناوينهم الوظيفية، من خلال تهيئة الأجواء المناسبة لإكمال دراسة النزلاء ،وهو رسالة للعالم ايضا مفادها أن السجون ليست بنايات إقصائية أو مقاصل تعذيب، وانما هي مؤسسات إصلاحية مهمتها تأهيل النزلاء
ودمجهم مع المجتمع. نحن بحاجة أن نسمع أخباراََ إيجابية من داخل أقسام الإصلاح، ولابدّ أن يُشرّع قانونا لهذه الحالات مثلا أسقاط مدة زمنية من العقوبة على النزيل الطموح لإعادته إلى الحياة ، وندعو جميعَ المسؤولين لتكن أقسام الإصلاح أماكن إصلاحية حقيقية بالمعنى
والمضمون .وإذا كان النزيل يتمتع بسمعة حسنة وسلوك منضبط فأنه أقرب إلى منحة العودة للمجتمع ،عدا أولئك الإرهابيين الذين صارت أفعالهم عقيمة الإصلاح. ومن الحكايات اللافتة للانتباه أن أحد السجون في الدّول المتقدمة فكرياََ خصّص مكتبةََ للنزلاء وقراءة كتاب واحد من تلك المكتبة يخفف عنهم مدة الحكم .أن هذا العمل يجعل من السجون مراكز إصلاح وتأهيل بالفكرة والواقع بغية الاّ تكون وسيلة لتكريس الكراهية. والتأهيل عادةََ ما يبدأ من موظفي الدائرة الإصلاحية،لهذا لابدّ من
اختيارهم بشكل صحيح وأن يكونوا من خريجي علم النفس والاجتماع
ولاننسى الجدل المزمن بين علماءالنفس وعلماء الاجتماع حول السؤال الأتي: هل السجون للإصلاح أم للعقاب؟
ولكن مافعله الشابان العراقيان كان حلا لهذا الجدل ، وبالنهاية لنجعل
من هذا النجاح فرصة لتشجيع جميع النزلاء بالسير على النهج الصحيح ليكونوا نواة صالحة في المجتمع. ولا بأس أن تتبنى الحكومة مشروع تعليم النزلاء بعض المهارات والحرف بغية أن يتم تأمين فرص عملِِ لهم بعد خروجهم ، ولاضيرَ ان تُفتح مدارس خاصة لهم وذلك بالتنسيق مع المؤسسات المعنية بهذا الشأن ،هناك الكثير من الأحداث وقعوا ضحية المجتمع والظروف، وأن مسؤولية تأهيلهم تقع على عاتق موظفي إدارات الإصلاح لإعادة زجهم من جديد داخل المجتمع وجعلهم يدركون أن المجتمع بحاجة إليهم.