عبير حميد مناجد
ربما مايجمع بين الشباب الأوربي والعربي في مسألة الحب وأختيار شريك الحياة هو انه مسألة مبدأ وضرورة حياتية و(فطرة الله) التي فطر الناس عليها.. وتصب في مجرى استمرار الحياة وسر من اسرار ديمومتها .
هذا صحيح الا ان ثمة اختلاف جوهري في (تكنيك) اختيار الشريك او الحبيب بين كل منهما رجلا كان او أمراة فالرجل الأوربي مثلا يختار حبيبته وهي بالضرورة مشروع الزوجة المؤجل, حتى يتأكد من مشاعره نحوها هل هي مشاعر حقيقية ام مجرد نزوة. ويتيح لزمن الرومانسية بينهما ان يطول ما شاء دون قلق مبكر على اطفال سيأتون او أسرة كيف سيتكفل ببناءها والأنفاق عليها مايهمه ان تكون شريكة حياته شريكة بكل التفاصيل والمشاعر, لاتغادر صغيرة او كبيرة منها . بينما يختار الشاب العربي بشكل عام من ترضى عنها الاسرة والأم بشكل خاص, حتى اذا ما تأكد من ذلك حاول ان يفكر بها مع نفسه, وهل سيكون سعيدا معها السنوات المقبلة وربما السعادة ستكون مطلبا مترفا من قبله, سيكتفي بان يكون راضيا عنها بنسبة مقبولة. تحددها معايير الجمال اولا ورضا الأهل ثانيا وكونها مطيعة وخصبة , والأهم ان لاتكون ذات طموح يشكل تهديدا لطموحاته واحلامه ومستقبله الذي ياتي دائما في المقام الاول و(لاضير في ذلك بالنسبة لشريكة الحياة ).
المراة الأوربية وعلى عكس المراة العربية في تماهٍ مع شريكها الرجل. تقف معه موقف الند في علاقتهما العاطفية كما المهنية وتحاول جاهدة ان تتأكد بأنه هو الرجل الذي تحب ان تكبر معه, وتنجب له ابناء يربيناهم سويا ويوجهانهم سوية ويطمئنان على مستقبلهم سوية .
المراة العربية تكون مرغمة في معظم الأحوال بقبول افضل المتقدمين لها دون ان تملك ارادة اختيار من تريده هي, فالرجل الشرقي يرفض فكرة ان تختاره زوجته ويفضل ان يختارها هو. واذا حدث وربطته علاقة حب صادقة فأنه في الغالب سيرفض الزواج منها حتى لو كان يحبها حبا جما, خوفا من ان تكون جرأتها في حبه واختياره نابعة من صفة متأصلة فيها في كسر العادات والتقاليد واستعدادها لممارسة علاقات الحب المتكررة من وجهة نظره مع سواه كما فعلت معه. مهما كانت علاقة حبهما عذرية وبريئة . ويفضل عليها امراة اخرى من اختيار الأم او العائلة والأ قارب(أضمن) فالمهم عنده ان تكون متفاهمة مع أهله وراضين عنها كل الرضا , ولن تسبب له المشاكل والازعاج بالمستقبل, خاصة اذا كان سيسكن عند الأهل او قريبا منهم. لذلك بتنا نرى تزايد في حالات الهجران والخلافات الكبيرة بين الازواج واضطراد حالات الطلاق في مجتمعاتنا المحافظة والمعروفة بتماسكها العائلي وروابط الحب الكبيرة, التي تجمعها والسبب ربما يكون في ان الرجل مازال يفكر بنفس الطريقة التي فكر بها جده وابوه حين اختارا شريكة حياتهما , بينما صار وعي المراة العربية بكينونتها وحقوقها وتطور الزمن من حولها أكبر . وصارت تحلم بان يكون لها هذا الحق الذي تمتعت به نظيراتها الأوربيات والأمريكيات .. حق اختيار شريك حياتها وحبه دون قيد او شرط ودون خوف من تقدم في العمر يهددها بوصمة العنوسة وعدم القدرة على الانجاب في سن الثلاثين وما فوق, حق ان يتم اختيارها لذاتها وصفاتها وليس كما يفضل الناس والمجتمع ان تكون.
المراة الأوربية تربت لتكون امراة مستقلة فخورة بذاتها ومسؤولة عن قراراتها في الحياة واهمها قرار ارتباطها بمن تريد.
المرأة العربية تربت لتتحمل قسوة الحياة ومسؤولية البيت والعائلة و كيف تصون كرامتها وسمعتها . وبأنها قاصر عن فهم مصلحتها ولاتجيد اختيار شريك حياتها دون مشورة الاهل ونصيحتهم , وبأنها خلقت لتكون أما و(عيب) ان تفكر بذاتها اولا عليها ان تفكر بالجميع قبل نفسها, وان اي خطأ في شريك حياتها سببه وعلته هي.