الجنس مقابل الماء.. والماء مقابل التجارة..!!
خدر خلات بحزاني
في ثمانينيات القرن الماضي، عانت النساء في احدى القرى التركية من تكاسل رجالهن في متابعة امر جلب المياه العذبة لقريتهم الوادعة عبر الانابيب وعدم متابعة البلدية في هذا الشأن، وكانت مسؤولية جلب المياه تقع على عاتق النسوان لأغراض الشرب والطبخ وغيرها..
وبعد ان اصاب اليأس اولئك النسوة، اتخذن قرارا غريبا، وهو هجر فراش الزوج الى حين وصول المياه، واتفقن جميعا على المضي بقرارهن..
وخلال ايام قليلة اصيب رجال القرية في مقتل، واصبح الواحد منهم يشكو للثاني من “مصابه الاليم”، لكن الطريق امامهم كان يمر عبر ايصال مياه الشرب العذبة للقرية..
وانطلق الرجال كالغزلان في مهمتهم التي طالما اهملوها، وخلال اقل من اسبوع وصلت المياه العذبة للقرية، وناموا ليلتها نوم العوافي جميعا.
في ايامنا هذه، نرى المياه القادمة من تركيا وايران للعراق تنخفض بأرقام خيالية، فبعض الانهر والروافد وصل الوارد منها الى (صفر) والاخر تترواح وارداته بين 10 الى 60% في افضل الاحوال، فيما مسؤولون عراقيون كبار باتوا يتحدثون عن ان الامن الغذائي للفرد العراقي بات مهددا بسبب عدم كفاية المياه للزراعة، بينما مسؤولين اخرين يطالبون بفتح باب الاستيراد للخضراوات والفواكه من ايران وتركيا لتلبية حاجة السوق (وهذا هو المطلوب ايرانياً و تركياً فعلا).
علما ان الارقام الرسمية عن التبادل التجاري مع الجارين، الذين تشكل ارضيهما نحو 80% من واردات العراق المائية، فانها تبلغ، سنويا، 20 مليار دولار مع تركيا، و 13 مليار دولار مع ايران، والاخيرة تعاني من ازمات متتالية بسبب العقوبات الاميركية، وفي نفس الوقت “تتنعم” بالتسهيلات الممنوحة لها امريكيا للتجارة مع العراق، اي ان العراق يمثل احد موارد الاوكسجين الرئيس للرئة الايرانية المتضايقة.
اما تركيا، التي قامت ببناء 13 سدا من ضمن 22 سدا ضمن خطة (الجاب) فانها تتغنى بتجارتها المزدهرة مع العراق وتطمح لرفع أقيامها في قادم السنوات.. (طبعا العراق بس يصدر نفط لتركيا)..
عليه، ولان بغداد تبدو حاليا، عاجزة سياسيا عن الوقوف بمستوى الند للند امام انقرة و طهران، فلا مفر من استخدام ورقة التجارة والتبادل التجاري، اي: الماء مقابل التجارة، وابلاغ الطرفين انه يمكن البحث عن بدائل للبضائع الايرانية والتركية في الاردن ومصر والسعودية واليونان والامارات وغيرها (اهم شي يكون السعودية واليونان بالموضوع).
وصدقوني، ان انقرة وطهران ستتراكضان لفتح السدود باتجاه العراق، مثل ركض رجال تلك القرية التركية لدائرة البلدية لإيصال المياه العذبة لقريتهم، لأجل فراش نسوانهم الوثير.