علوان السلمان
شهد النص السردي على المدى التاريخي تحولا بنيويا في اجناسه..كونه نصا متمردا على الثبات والنوع..ابتداء من انطلاقته الحكائية وانتهاء بالقص القصير جدا آخر حلقات التحول..اذ ينطلق القص فيه من لحظة وعي يحققها الكاتب فيتجاوز الواقع وتقلباته صوب مطلقه.. اذ انها تعبر عن عصر سلبت فيه ارادة الانسان وسحق تحت تأثير الآلة الحديثة وما افرزته من تداعيات وصراعات اجتماعية معبرة عن رؤية انسانية.. لذا فنشأتها من حيث التأسيس والتجنيس تعود الى بداية النصف الثاني من القرن العشرين ..اذ كانت حركة التجريب السردي لمغايرة المنحى المألوف في الكتابة.. والسعي الى ابتكار آليات حديثة لاشتغالاته.. وعلى اثر ذلك برزت القصة القصيرة جدا والتي تشكل نصا يقدم نفسه وهو ينطلق من ذروة الحدث وتوهجه دون تفاصيل ..فكانت اضاءة سريعة تكشف حدثا في قمة تركيزه ولحظة ذروته القريبة الى التماهي مع لحظة الخاتمة..لذا فهي نهاية لرواية كما يسميها القاص محمد خضير..
انها جنس ادبي يتفق وروح العصر ومتطلباته من سرعة وتركيز وتكثيف وايحاء ..لذا فهي تعتمد الكم الكلمي الضروري لبناء النص.. حتى ان تعريفاتها منذ ادجارالن بو وموباسان وتشيخوف..تتحدث عن التركيز والايجاز والاختزال والتكثيف في الشخصيات والاحداث والزمكانية.. فهي تدور حول حدث ينمو بسرعة في اتجاه واحد ضمن حبكة مركزة صوب النهاية ولا وجود للذروة البنائية لانها تتمحور في نهايتها حيث التأزم والضربة المفاجأة ولحظة التنوير..لتترك انطباعا مؤثرا في نفس المتلقي..لجمعها ما بين السرد الذي اخذت منه الشخصية والحدث.. والشعرية التي اخذت منها الاقتصاد اللغوي والتركيز والتكثيف..مع الفارق بينها والشعرية ..اذ انها توفر الفكرة في تتابع جمالي مطرد وهي حاملة للشعرية في جسدها..اما الشعرية فهي توفر الحالة الشعورية او التجربة في ثوب من الدهشة والاثارة وهي تنبعث من دواخل النص وروحه..
لقد برزت القصة القصيرة جدا بعدد محدود ضمن مجاميع قصصية كما فعل احمد خلف في مجموعته (نزهة في شوارع مهجورة)..اذ ضمنها خمس قصص قصيرة جدا..ونشرت بثينة الناصري في مجموعتها(حدوة حصان)1974 قصة اسمتها(قصة قصيرة جدا) ونشر القاص خالد حبيب الراوي خمس قصص قصيرة جدا ضمن مجموعته (القطار الليلي)1975..ثم كانت مجاميع القص القصير جدا ضمنا واستقلالا.. فكان نتاج عبدالرحمن مجيد وابراهيم احمد وحنون مجيد وحسب الله يحي ومحمد سمارة وهيثم بهنام بردى وزيد الشهيد وصلاح زنكنه وعبدالكريم حسن مراد وعبدالستار ابراهيم وعلوان السلمان وكاظم الميزري وحميد الشريفي وجابرمحمد جابر وكريم الوائلي وجبار سهم.. وغيرهم.. وبذا قدم القصاصون تقانات فنية سردية تجاوزت التفصيلات واعتمدت التكثيف والاختزال كي تجعل من المتلقي مشاركا لتحقيق الكشف عن هدف النص ومضمونه..فكانت المنفذ المعبر عن حركة الحياة التي تتطلب السرعة والايجاز..اذ فيها لايستغرق القاص الحلم ولا تنعزل ذاته عن العالم الخارجي.. كونه يطرح قصصه باعتبارها جسدا لغويا.. باعتماد التحكم الدقيق والدقة في تكنيك السرد في الشكل والبناء..اذ ان مهمة الفن: (التجديد والتجدد والاستمرار..) كما تقول ناتالي ساروت..
لقد كانت نصوص القصة القصيرة جدا تنزع الى ترسيخ اعراف جنسها او نوعها الذي تنتمي اليه عبر تحقق وجودها ..فوجود النص الافتراضي هو ترسيخ للنوع واستمراره مع كل التحولات الشكلية.. وهذا ينطبق على القصة القصيرة جدا فهي ليست خروجا على قوانين واعراف جنس القص..بل هي امتداد لاستمرارية السرد كما في القصيدة التي تطورت من الانشاد والمقام الشفاهي الى الكتابة والتلقي البصري وتغير كيفياته من الوزن والقافية الى التفعيلة فقصيدة النثر انتهاءا..
فالقصة القصيرة جدا دلالة نوعية وكمية مرتبطة بالسرعة الداخلية للنص من خلال نسق لغوي فني مقدم بعناية وتنظيم يعتمد السنتمتر الواحد والمليم..بتكثيف العبارة وانتقاء اللفظ الرامزالذي يغني النص اختزالا ويثريه دلالة..ويمنحه بعدا تأمليا يحرك الخزانة الفكرية صوب البحث.. فيحمل المتلقي مسؤولية ملء الفجوة بينه والنص البعيد عن السردية والوصفية والتفصيلية..انها جنس ادبي امتلك مؤهلاته البنائية والجمالية والفنية من خلال تعبيرها عن اللحظة الحياتية ومسايرتها حركية الواقع وتغيراته التي يعيشها الانسان ويغص بها الوجود باستبطانه من الداخل عبر لغة ذات ايحاء يعتمد تيار الوعي وانزياح المعنى وتأويله..
..انها (فن الايجاز والتركيز الدال) كما يسميها فرانك اكونور في كتابه (الصوت المتفرد).. انها فن ابداعي ظهر مع عوالم العولمة وسرعة ايقاع العصر الذي وسم بعصر السرعة..وقد تواصلت ابداعات تجريبية على نحو متميز بحيث جعل منها كتابها ظاهرة جديرة بالدراسة والتحليل ابتداء من التسمية..اذ اطلق عليها اضافة الى القصة القصيرة جدا (الومضة القصصية ـ الومضة الموحية ـ اللحظة الغير قابلة للتأجيل ـ اللمحة القصصية ـ القدحة القصصية ـ القصة الشاعرية ـ القصة المشهدية..) كونها تعتمد دقة اللغة المجازية langage figure باتقان فلسفة المعنى وعمقه ..مع اقتصاد في مفرداته الدالة بدورها الوظيفي function nel ليجعل متلقيه يغوص داخل اللغة قارئا متفحصا بتأمل..محللا باتقان فقرات القص للوقوف على ما خلف الالفاظ من رمزية وشحنة ملتهبة نتيجة العبارة المكثفة بابتعادها عن الاستطراد والاسهاب في الوصف.. اضافة الى مضمون يقبل التأويل بتعدد قراءاته..كونها جنس يمتاز بقصر العبارة وتكثيفها مع ايحاء ونزعة سردية موجزة مع قصدية رامزة باعتماد الانزياحية.. والضربة المفاجأة التي تنطلق وامضة من نهاياتها وهي تبعث الدهشة التي هي مناط السرد وهدفه والتي تضفي جمالية دلالية على النص لما تكتنزه من معنى..وما يتسم به طابعها الوظيفي داخل النص..اضافة الى انها تحدث توترا وانفعالا وتفتح الآفاق صوب عوالم الطموح..باعتمادها الرؤية من الخلف..اذ الراوي العليم فيها هو الذي يتحكم بالسارد المفترض بذكاء وبصيرة ولا ينساق خلفه دون رقابة..اما فيما يتعلق بالتوصيف فقد خلط بينها والنثر لاشتراكهما في اللغة الشعرية والمجاز.. غير انها تتميز بالبنية السردية ..كونها تنطوي على مكوناتها التي تنحصر في (راو وحدث وشخصية وزمكانية..) مع ضربة مفاجئة في نهايتها تكشف عن تمردها ومشاكستها للسائد والمألوف..كي تشكل نصا متحركا يعتمد لغة شعرية تتطلب موهبة ومخزون معرفي وخيال ابداعي خصب..وهذا يعني انها تحتاج الى مهارة اكبر وتكثيف اشد وبراعة اعظم مما تتطلبه القصة القصيرة.. فهي خرق للمألوف السردي مع تركيز على شخصية تمثل رمزا جمعيا مرتبطا به.. اذ تجاوزها على تفاصيل السرد كالوصف والحوار واكتفائها بالرمز والاشارة.. اضافة الى انها تصور لحظة انسانية شعورية فتقدم نصا يعتمد وحدة الحدث ..مع اعتماد المفارقة التي تفاجيء المتلقي وتدهشه بنهايتها غير المألوفة..
ان البحث عن الجذور التاريخية لفن القصة القصيرة جدا يتخذ مسارين مهمين:
اولهما :الجذر الممتد في التراث والذي ينحصر في فن الخبر كما هو عند الجاحظ في كتابه (البخلاء)..اذ يقول( ما اخجلني الا امرأة مرت الى صائغ.. فقالت له: اعمل مثل هذا.. فبقيت مبهوتا..ثم سألت الصائغ فقال: ارادت هذه المرأة ان اعمل صورة شيطان..فقلت: لا ادري كيف اصوره؟ فأتت بك الي لاصوره على صورتك..) كما جاء في (المستطرف في كل فن مستظرف) للابشيهي 1/41..
ثانيهما: يرده الى الادب الغربي وتحديدا مع ترجمة (انفعالات) ناتالي ساروت الفرنسية.. بوساطة فتحي العشري عام 1971 في مصر..اضافة الى مجموعة ارسكين كالدويل التي ضمت خمسمائة وخمسين قصة قصيرة جدا منها(بلغت حرارة الشمس درجة جعلت طائرا يهبط ليتفيأ في ظلي)..والذي يقول فيها: انها حكاية خيالية لها معنى.. ممتعة بحيث تجذب انتباه القاريء ..وعميقة بحيث تعبر عن الطبيعة البشرية..) ولا يفوتنا ان نذكر ان ارنست همنغواي قد سبقهم في كتابة هذا النوع من السرد.. اذ نشر قصة قصيرة جدا عام 1925..( للبيع حذاء اطفال غير مستهلك).. تبعه العراقي نوئيل رسام عام 1930 في (موت فقير) و(اليتيم)..
وهي تعتمدعناصر القص ( حدث شخصية زمكانية حبكة عقدة درامية نهاية مفاجئة (ضربة).. مع امتلاكها قدرة التكثيف الدلالي الذي يصور عالما تتسع مدياته..صوب التأويل..
فهمنغواي يعتمد مفرداته الخمس لبناء قصته القصيرة جدا والتي تمتاز بقصر حجمها ونزعتها السردية التي تحدد معاييرها الكمية والدلالية بحكم التركيز والاقتصاد في المفردات لغرض بناء المقاطع الشاعرة واجتناب الاستطراد والوصف..والكمية..اذ الحدث والشخصية والفضاء والبنية الزمنية موظفة بشكل موجز ومكثف مع اعتماد المفردة الموحية الرامزة.. وبذا تشكل لقطة مشهدية لاختصار الزمن.. فيها يعتمد القاص على الالفاظ المركزة..الموحية بمعان عدة مع تكثيف
العبارة وضربة رؤيوية تنهي السرد .. محددة بمنظور جمالي يكشف عن المسكوت عنه مع ايقاع حاد للرؤيا وقدرة على الاقتصاد اللغوي .. وهذا يتطلب من المبدع البطء والتأمل والتفكير المتوقد من اجل بناء العبارة.. مع وعي لعناصر القص ومقوماته وتدقيق ما يكتبه اذ ان (المؤلف يجب ان يكون قارئا متيقظا الى اقصى حد..) كما يقول باشلار.. اذ عليه ان يتقن لغة المجاز langage figure بتنبهه للفظ وفلسفة معناه وعمق دلالته.. كون القص القصير جدا يعتمد الدقة في المفردة الدالة التي تحقق دورها الوظيفي وتركيزها في المعنى والعبارة والتعبير الموجز الحافل بالمضمون والرمز الذي يقبل التأويل..انه فن قائم على الالتزام بالقيم الجمالية والوعي بالوحدة الموضوعية التي هي (وحدة مستقلة ومتكاملة) كما يؤكد ذلك رولان بارت في (درجة الصفر المئوي) والتكثيف والايجاز والايحاء والمفارقة.. كونها ومضة تقف على نافذة ادراك المتلقي كي يعلن من خلال استبطانها فكرة اعلنت ولادتها فصارت خزينا في الذاكرة..باعتمادها الحدث المركزي واللحظة السردية مع تماسك وثراء بنائها الفني ودلالاتها المعتمدة على اللغة الشاعرة المكتنزة خيالا وعاطفة..المترعة بالجمال..القادرة على التعبير والايحاء.. اذ فيها يطرح القاص بلاغه السردي الموجز باعتماد اللمحة الخاطفة التي تمثل خلاصة لفكرة ما.. بلغة مكثفة مبتعدة عن الاستعارات النمطية باختزال الزمن وتكثيف الاحداث مع تكنيك حداثوي معمق الدلالة..فالقاص في القص القصير جدا يصل الى مبتغاه السردي بتحميل النص عناصره السردية وانتقاء المفردات والعبارات الموجزة وسبكها بفنية تقتضي الرمزية المحركة للخزانة الفكرية ..ومن ثم تحقيق المتعة والمنفعة في نفس المتلقي بتناول الوجود الانساني واشكالاته بمسحة شعرية تنطلق من موسيقى الحركة الاليفة التي تدعو المتلقي لتحقيق ذاته والنص السردي حتى التماهي.. بتجاوزه حدود الزمكانية والوصف ..مع رمزية شفيفة تتوالد من خلال التكثيف والايجاز وعبر اهتمام القاص بالزمانية لابراز متغيرات المكان.. واقتناص اللحظة بطريقة اسلوبية تثير الاندهاش وشاعرية تعتمد الاختزال الذي يسبح في عوالم التخييل والتأويل..اضافة الى اعتماد المنولوج الداخلي بتصوير الذات في صراعها مع كينونتها الداخلية..
ان علاقة الشعر بالسرد قديمة قدم الشعر نفسه.. لكن القصيدة تنحى بايقاعها وتفعيلاتها حين توغلها في السرد.. فتعتمد مكوناته.. فيصبح السرد ذا تأثير فاعل بمنح النص شاعرية اكثر عمقا..بل تنتقل هذه الشاعرية الى اطار صوري يخلق حميمية متحفزة في الذاكرة..كونه يدعم ما يعززه الذهن من تركيبات بنائية..وجعل مكونات النص منبع اثارة لذائقة المتلقي وتحقيق المتعة والمنفعة بتماهي السردي بالشعري وتداخلهما الذي يعطي مسارات للتأويل.. كون القصيدة فكرة تعتمد السياق الدلالي والفني وتلتقي مع القصة في الفكرة التي تصبح قاسما مشتركا بين الخطاب السردي والشعري.. وهنا يتداخل الخطابان ضمن خواص مشتركة ويذوب جدار التجنيس فيتخلق نص مفتوح يسبح في الفضاء الشعري والسردي عبر نص جامع..
والشاعر يبني نصه الشعري برؤاه وادواته الفنية واشعاعه الفكري وتوغله في عوالم السرد من خلال كوامنه الشعرية وصوره الفنية والتنامي الدرامي يحصنها من الوقوع في السردية التي تجعل من النص الشعري قصة مجازية..ففي (سردية الشعر يكون المتلقي امام شاعر يفضي ببوحه وحالاته ورؤاه وهو ذات حقيقية ترتبط مباشرة بتجربة شعرية لها ابعادها الذاتية والموضوعية والوجدانية.. وبذا يكون المتلقي امام شعر يوظف ابعادا سردية لغرض درامي..).. اما شعرية السرد ففيها تكون الذات الساردة وهمية اذ يتوارى خلفها المؤلف وبذلك يكون المتلقي امام سرد له جمالياته التي تستفيد من مجازات الشعر..
ولابد من التذكير انه لم يدخل السرد في الشعرفنيا الا بدخول الشعر حومة الحداثة فكان السياب والبياتي انموذجا في السرد الشعر.. فالسياب يقول..
عطر يضوع فتسكرين به واسكر من شذاه
فاغيب في افق بعيد مثلما ذاب الشراع
في ارجوان الشاطيء النائي واوغل في مداه..
وللبياتي ..
تستيقظ (لارا) في ذاكرتي
قطا تتريا يتربص
بي..يتمطى.. يتثاءب.. يخدش وجهي المحموم
ويحرمني النوم..
اراها في قاع جحيم المدن القطبية
تشنقني بضفائرها وتعلقني مثل الارنب
فوق الحائط
مشدودا من خيط دموعي
اضافة الى محمد الماغوط في قصيدة النثر..
بع اقراط اختي الصغيرة
وارسل لي نقودا يا ابي
لا اشتري محبرة
وفي قصيدة (حارس الفنار) للشاعر محمود البريكان..نتلمس سردية تلج نسيج القصيدة باستخدامه الراوي الموضوعي الذي يعرف ما لا يعرفه الاخرون.. لكننا لا ننظر اليها من هذا المنظار..بل نعدها قصيدة لان ايقاعها الشعري يؤكد انتمائها الى الشعر اولا ..وان مفرداتها البنائية والدلالية هي مفردات قصة بحدثها وحوارها الداخلي.. حيث تشيع شكلية السرد فيها حتى ليغدو بنية اساسية لا يمكن تجاوزها..
انا في انتظار..
والساعة السوداء تنبض ..نبض ايقاع الجسد
رقاصها متأرجح قلق يميل الى اليمين .. الى اليسار
الى اليسار الى اليمين ..الى اليسار الى اليسار
فالحوار الداخلي الذي هوـ حوار بين النفس وذاتهاـ يقوم على الافعال التي ترافقه والمشاهد التي تكشف عن زمكانية وحالة نفسية..انه حوار مدغم بالحركة مما يعطي النص بعدا بانوراميا يحرك حتى الجمادات.. اذ اعطى الترابط بين المشهد الطبيعي وحالة الشاعر النفسية تماسكا للمشهد الطبيعي وقدرة على النمو بما يوازي حركة النفس..
لقد كان بناء الجملة الشعرية عند البريكان بناء لغويا تميز بالاختزال والتكثيف باعتماد الرمز الذي يحرص على ايجاده كونه( تعبير عميق الفكرة مزدوج المعنى)..فكانت قصيدته سابحة في الحسية المحاطة بالافكار الذهنية.. كونها بنية اشارية قوامها اللغة الشعرية التي تنقلنا الى افق تصويري ايحائي.. فالصورة الشعرية عند الشاعر لا تعبر عن تجربة حياتية بقدر تعبيرها عن تجارب ذهنية.. اذ انه
يقول( كثيرا ما يكون الشعر لدي نوعا من الكشف لما وراء الواقع.. نوعا من الغموض في اعماق الحياة والموت.. نوعا من الاحتفال بالجمال الخفي في مواسم ليس لها تقويم..)
لقد حققت القصة القصيرة جدا حضورا متميزا ومؤثرا في الخطاب السردي لما تمتلكه من امكانيات جمالية وقدرات تعبيرية ولغة شاعرة رامزة تجعلها اكثر جرأة بالتعبير عن عالم يخلقه القاص عبر تشكيل نصي يستوعب الرؤية والحدث والموقف بلغة مكثفة ومركزة مجردة عن التفاصيل السردية والوصفية ومنفتحة فيها الدلالة على آفاق الشعرية والدرامية ..وبذا اخترقت المألوف وتجاوزت الجمود فشكلت نسقا سرديا يرتكز على حداثوية متجاوزة التقاليد النصية ومنظومة القيم السردية..