“التغيير”: عنوان طالما استحوذ على تفكيري ورأيت فيه قدرة الإنسان الفاعلة وإرادته في إثبات الوجود. فعلٌ يترجم أنّ الإنسان صورة الله على الأرض!! إنتاج فردي إجتماعي يخرج به من إطار السلبية ويثبت قدرته على الخلق الذاتي متجاوزاً كل العوائق المجتمعية المحيطة.
إن تغيير تفاصيل حياتك مهما بدت “تافهة” و”سطحية” سوف تدفع بالمركب خاصتك الى شاطئ آخر؛ قد يشبه شاطئك القديم وقد لا يشبهه، إلا أنّه لن يكون هو نفسه على الإطلاق…. هو شاطئ جديد!! فوق رماله سترى بشرتك بلون جديد وتشعر بتبدّل ولو طفيف في ملامحك!!
إنّها هويتك يا عزيزي قد تبدّلت وتغيرت تبعاً للتجارب الشخصية والإجتماعية، تبعاً لما حققته من تراكم معرفي وما عقدته من علاقات مع الآخر فكان التثاقف أمراً حتمياً.
جميل أن نكون أحياء، ويرسم التغيير بريشته وألوانه فوق ملامحنا….ولكن يبقى التساؤل يؤرّقنا:
هل كل تغيير مطلوب؟؟ مقبول؟؟ أم أنّ بعض التغيير خيانة للذات أولا وأخيراً؟؟ أي قيمة لذلك التغيير الذي يكون بمبرر “أنّه لا يمكن السباحة ضدّ التيار” و”حط راسك بين الروس وقول يا قطّاع الروس”!! لا!! لن أضع رأسي بين الرؤوس فهو رأس مختلف ولن أرضى أن يقطع وأنا مستسلمة خانعة!!
ثمّ أليست فكرة السباحة مع التيار فكرة مكرّسة لمفهوم العددية الغوغائية سواء قبولاً بالتغيير أو رفضاً له؟!!….. الناس كلها متمترسة خلف طوائفها وزعماء عشائرها وقبائلها، فهل سأتمترس خلف جبّة ذلك الكاهن الذي يعتقد واهماً أنني رقماً ضمن رعاياه أو بالأحرى في قطيعه؟!!
إذا افترضنا أنّ كل الناس تغيّرت وقررت المصالحة والسلم مع “إسرائيل”، فهل يفترض بي أن أمدّ يدي وأصافح يداً ملوثة بالدم والإرهاب بحجة أنّ الناس كلها تغيّرت؟!! هذا غباء وجهل وتجهيل واستعمار فكري لن يولّد سوى التخلف والتبعية ومراكمة الأعداد!!
لقد بتنا نعيش وبكل أسف عصر المهزلة والفوضى!! التغيير وعدم التغيير لن يحصل دون وعيّ وإدراك!! فأنا الجماد حين تنطق التقاليد والأعراف! أنا التكفيري بحق الآخر حينما أكون وسط “جماعتي”!! أنا الملتزم بما نطق الشرع!!…… ثم أنا نفسي “المتطور” وفقاً للمعايير “الدولية” بمعنى أني “حرك وزلق ولص وأبضاي ونسونجي ومحتال” مع كل ما لهذه المصطلحات في زماننا هذا من مدلولات “إيجابية” غريبة حدّ الصاعقة.
صديقي المحترم، أن تتغير أو لا تتغير فليست تلك مسألة هندسية يمكن أن أرسمها لك على الورق!! مسألة التغيير مسألة وعي ويقظة مبنية على النقد الذاتي، فلنجرب مرة واحدة أن نعرّض ذاتنا بكل مكنوناتها للمساءلة والتدقيق!! فلنقف ذات فجر أمام المرآة ولنسأل: لماذا؟؟؟ لماذا نحن هكذا؟؟ وماذا سيحصل لو لم نكن هكذا؟؟ ماذا سيحصل لو جربنا التغيير؟؟ أي نتائج قد تلوح في الأفق؟!!!
التغيير”:
شارك هذه المقالة
اترك تعليقا
اترك تعليقا