التعليم الالكتروني، يمثل تجربة عالمية، تشابهت فيها ظروف الجامعات والكليات عالميا، بما يتعلق بتحديات فرضتها جائحة كورونا، وشائعات خلفتها، شكلت تحديا وتهديدا إضافيا لحياة الإنسان. ورافق أزمة الوباء مطلع 2020 وانكماش الحياة، لجوء الجامعات والمؤسسات الأكاديمية والفكرية، لعقد آلاف المؤتمرات والندوات والحلقات النقاشية والمناظرات الفكرية والعلمية، فبرز تساؤل، شغل الجميع، هل حققت تجربة التعليم فرص نجاح؟ أم هي انتكاسة علمية، تضاف للانتكاسات الصحية والاقتصادية والاجتماعية، التي واجهتها بلدان وشعوب العالم؟
ومن وحي التجربة، فقد واجهت غالبية الجامعات في بلدان العالم، ومنها جامعات العراق في العام الدراسي 2020 تحديات كبيرة بشأن برامج التعليم، وتحولت مسيرتها والقرارات الصادرة بصددها، الى ما يشبه المحاولات المرتبكة المليئة بالاجتهادات، الباحثة عن بناء بيئة تعليمية رقمية مناسبة، وتحقيق التواصل ما بين الأستاذ والطالب، عبر تطبيقات وبرامج على منصات التواصل الاجتماعي، وتسيير شؤون الكليات دراسيا، والبحث عن خطوات تذلل العقبات الحاصل. وثبت أن من أصعبها “الأمية الرقمية” التي واجهت كثير من الأساتذة والطلبة في التعاطي مع منظومة البرامجيات والتطبيقات على الحاسوب، والتي تحولت الى بديل للقاعة الدراسية في التعليم التقليدي. الأمر الذي لخص لجواب شبه متفق عليه من غالبية المعنيين بالتدريس سواء في العراق، أو البلدان العربية والأجنبية، هو الشكوى من صعوبة التواصل وإيصال المادة الدراسية بين الأستاذ والطالب، عبر المنصات الرقمية، فسادت عشوائية تقديرات نجاح الطلبة، وبدرجات عالية تنافس فيها الطالب الكسول مع المتفوق. ومع هذا فحتما لكل صعوبات حلول، إذ تندرت القيادات التعليمية عالميا بحلول من وحي التجربة، وتحديدا البلدان التي تعاني من ارتفاع نسب الأمية الرقمية، وضعف الانفتاح على التعليم الالكتروني، فأضحت التجربة في العالم الدراسي 2021 مختلفة عما كانت عليه في عام الجائحة الأول، فالتحدي غالبا ما تنجم عنه إنجازات ويكشف عن مهارات جديدة، فتطورت عملية التعليم الالكتروني بشكل كبير على الرغم من وجود حوالي 20 بالمئة من الهيئات التعليمية والطلبة خارج نطاق التعامل مع التجربة بالاتجاه الرقمي، لكننا أمام نسبة عالية من المتفاعلين والمندمجين مع التعليم بتفاؤل واضح، وابتكارات مشهودة لبعض الملاكات الاكاديمية ،حتى أن آراء كثير من الأساتذة الجامعيين في العراق على وجه التحديد، يقولون أن تقييماتهم لمستويات الطلبة علميا، وتواصلهم فاقت من حيث النجاح كثيرا على واقع التعليم في سنوات ما بعد الاحتلال الأميركي للعراق سيما في سنوات 2004 حتى 2007.
ومن المرجح أن يعود العالم الى وضع طبيعي، ويعود التعليم الى القاعة الدراسية التقليدية في العام 2022، لكن من المؤكد أن كثير من الجامعات لن تغادر تجربة التعليم الالكتروني، لأن العالم المتقدم كان يعتمد التعليم المفتوح، أو التعليم الالكتروني منذ زمن طويل، وعندما حلت الجائحة لم يتأثر التعليم فيها، ويحتاج من الجامعات انتهاج استراتيجيات تعليمية، لأنه قد تحل بالعالم أوبئة جديدة على غرار وباء كوفيد 19، وقد تتعقد الحياة جراء زحمة الشوارع، أو زيادة أعداد الطلبة فوق الطاقة الإستيعابية للجامعات، فبلدان العالم المتقدم، وحتى متطلبات سوق العمل في بلداننا، أصبحت تعتمد الكفاءة، بالدرجة الأساس، وليس الشهادة في برامج التوظيف في القطاعين العام والخاص.