التعايش بين البشر و ثقافة التسامح
خالد الياس رفو
لكل مجموعة من البشر مجتمع له من القيم والأخلاق والمفاهيم والأفكار والمعتقدات يختلف من مجتمع إلى آخر . كما لكل ديانة او طائفة او مذهب مجموعة من العادات والطقوس التي تميزها عن غيرها . هناك الكثير من القيم والأخلاق والتقاليد والموروثات المجتمعية التي تتشابه بها غالبية او جميع المجتمعات على اختلافها بغض النظر عن اللون والدين واللغة وما إلى ذلك . المجتمعات البشرية ( الانسانية ) وعبر التاريخ الطويل ومنذ عشرات او مئات الالاف من السنين أعطت للموت مكانة ورمزية واحترام كبير جدا . كما أعطت لقبور الموتى مكانة وقدسية واحترام فائق ومتميز جدا ، بدليل ان اغلب الحضارات رغم اختلافها وقدمها وتباعدها إلا أن قبور تلك الحظارات بقيت شاخصة وتم الحفاظ عليها بشكل فريد ومميز ، وخير دليل على ذلك مقابر الفراعنة و الأهرامات . وفي وقتنا هذا وفي الزمن الذي نعيش فيه الان بقي للقبور والموتى احترام ورمزية فائقة ومكانة لا تقدر بثمن ، لأن من أخلاقيات المجتمعات الانسانية الحالية على اختلافها هي الحفاظ على الإرث الانساني وتقدير كبير للإنسان واحترام تاريخه وكيانه حتى بعد الموت ، لذا نجد بأن لكل الأديان ولكل الطوائف ولكل المذاهب ولكل المجتمعات على اختلاف الوانها وقومياتها ولغاتها وانتماءاتها وجغرافيتها بأن لقبور من فقدوهم مكانة مرموقة ويتم الحفاظ عليها وتزينها بالحجارة والنقوش و الكتابات وتزينها بالزهور والمشاعل والشموع وما إلى ذلك . وأبناء الديانة الايزيدية الذين لهم تاريخ موغل في القدم وباعتبارهم من اقدم الديانات الحية واول الديانات الموحدة لهم احترام كبير للموتى واهتمام بالغ بقبور اجدادهم وآبائهم واهلهم من المتوفين ويزورونهم في كل المناسبات الاجتماعية و الدينية و يظهرون الاحترام للموتى بشكل ملفت . وكما هو معروف عن الديانة الايزيدية والمجتمع الايزيدي بكونهم جماعة مسالمة محبة للخير وتتحلى بكل قيم والأخلاق الإنسانية النبيلة ، ولكن لم يجنبهم ذلك من الاعتداءات الكثيرة والمتكررة . وليس خافيا على احد ما عانى منه الايزيدية ومازالوا يعانون من ظلم واعتداء غير أخلاقي وغير إنساني في العراق وسوريا على يد الإرهاب الإسلامي المتطرف والكارثة الانسانية التي حلت بهم في شنكال حين تعرضهم إلى حملة ابادة جماعية على يد ( الدوله الاسلامية في بلاد الشام والعراق ) داعش ، دليل على هول ما يتعرضون له من اعتداء . وكأن ما أصابهم ( الايزيدية ) لم يكن كافيا لتمتد اليهم يد الغدر والخيانة المتمثل بالارهاب الذي تطاول على مقابر الايزيدية في قرى في كردستان تركيا حيث قامت مجموعة من المتطرفين بكسر قبور الموتى من الايزيدين في سابقة خطيرة جدا ، حيث لم يكن التطاول على الإنسان كافيا ، فتم التطاول على المقدسات من المعابد الدينية ، واليوم يتم التطاول والاعتداء على المقابر . في الحقيقة نحن نستغرب من مقدار التخلف والتطرف والارهاب ورفض الآخر المختلف الذي تعيشه مجتمعات الشرق اوسطية والمفاهيم التي يتحلون بها والكراهيه والبغض الذي تتعامل به المجتمعات الاسلاميه مع بقية المجتمعات في المنطقه ومنها المجتمع الايزيدي وهم ليسوا الوحيدين في الضرر بل المجتمعات المسيحية والكاكئية والصابئية وغيرها حظيت هي الأخرى بالضرر من التطرف الإسلامي الإرهابي في منطقة الشرق الأوسط ، وان كان المجتمع الايزيدي هو الأكثر تضررا . هنا لا يسعنا الا ان نؤكد بكل ما لنا من قيم وأخلاق ومبادئ بعدم الانصياع والنزول إلى ذلك المستوى من التدني الذي يحاول البعض زجنا فيه بل سوف نستمر ونقاوم ونعمل على زرع بذور الخير والمحبة والتعايش السلمي والعمل على ترسيخ المساواة والعدل المجتمعي والسلم العالمي ، وفي الوقت نفسه لن نغض النظر عن تلك الاساءات وسوف ندعوا للعمل على محاسبة ومعاقبة القائمين عليها بالطرق القانونية ليكونوا عبره لمن يعتبر …