فتيحة بجاج السباعي
البيت بيتي والباب بابي
هذه مراجيعي
أتصفحها بين الحين والحين
فتخبرني
أنني ابن المكان
تشهد عروق الحارة
وأعمدة الإنارة
وأدخنة كل إغارة
هذا عهد
تردده أختي دعاء استخارة
تحتضنه أمي بشارة
وتحفظه ذاكرة
العمة والخالة والجارة
حتى في غارها تلك الفارة
أنا هنا رمز الزمان
تقسم بذلك أوراق السدرة
والميسم والعوسج والصنوبر
وتشهد به زهرات الدفلى…
بيضاء ووردية
وأعشاش اللقالق
على أهلة الصوامع
وهدير اليمام
على الأبراج العتيقة
هذا البيت بيتي
وهذا الباب بابي
ليس لأقفاله سدادات
ليس لنوافده شباك
وحده كف فاطمة
يختزل سر الطارقين
وملامح العابرين
ورائحة الوالجين
دمي عصارة أوراق الزيتون
والأريج زهرات الليمون
والنضارة بتلات الزيزفون
انا لا أتذكر يوم مولدي
أذكر أن
هذا البيت بيتي
وهذا الباب بابي
أنا الأصل والتاريخ العريق
وأسماء الحواري… والدروب…
والأرصفة… والزوايا…
والنواصي.. وكل العناوين…
والأزقة… والبوابات…
ودكاكين البقالين….
وجنائن الأقحوان والنرجس
والريحان والياسمين
وذاك الجدار… ولونه القمحي
ومن لجأ إليه من المتوسلين
أنا كل هؤلاء…
هنا تعلمت
كيف تكون وطأة الخطوة الحنون
وكيف يُقْتَلَعُ الحجر من بطن السكون
وكيف يُخْتَصَرُ الخوف في كلمة
… كنت… وأكون
وكيف من العفة تٌعْصَبُ البطون
نعم وبصدح الصوت
كان ومازال
هذا البيت بيتي
وهذا الباب بابي
ذاك ترتيبه في اللامتناهيات
يكاد الصدع يكتسح أسواق الجوار
نتجافى،
يتراءى الخلاف خيالا في الأوراق
ويبقى
الملح والسكر والرغيف بنفس المذاق
كل الأشياء تتشابه
حتى الصدى المدوي في الآفاق
وحشحشة الهروب حين تسري في الأنفاق
وحده لغز الأصوات
في أصداءَ دموع وتأوهات
وفي أخرى هلهلة وقهقهات