ثامر سعيد
قُلنا لنطرقَ كلَّ أبوابِ
الأسئلةِ
عسى جوابٌ يقولُ لنا :
اِدخلوا ,
نطرقُ , ثم نطرقُ
وننتظرُ …
حتى صارتْ حَناجرُنا
حلباتٍ للسيرك
يرقصُ المهرجون على حبالِها
وعلى شَرفِها ..
يفتتحُ مروضو القرودِ
ومرقصو الأفاعي
عروضَهم التافهة ,
تحولتْ لغتنا إلى صالوناتِ تجميلٍ
لا تدخلُها
سوى بنات الليلِ
والعاطلاتِ عن الأمل .
نحنُ الغرقى ..
تشبثنا بأسماك وحشيةٍ
فصارَ دمُنا وليمةً للموجِ
أما أشجارنا , التي كلّما حاولتْ
أن تقنعَ الفؤوسَ
بالحؤولِ عن فكرةِ الحطب
راودتها المواقدُ بشهوةِ الحرائقِ .
كلُّ بابٍ إلى الشّمسِ , حديقةُ موتى
وبيوتُنا من نوافذِ الخوفِ
تنتظرُ البرابرة .
لقد كنتَ تقولُ لي دائماً
يا قسطنطين كفافي :
سيكونُ البرابرةُ ( حلاً من الحلول )
وأنتَ لا تدري بأنَّ بذرةً على الترابِ
لن تنقذَ الغابةَ ,
وثمة حطّابون يتربصونَ بالأفقِ
مواعيدَ البراعمِ العفويةَ
أو حفلة الأغصانِ .
كنّا نَنكِشُ أحلامَنا البسيطةَ بحذرٍ
فيما تشيحُ قلوبُنا عن أقمارٍ تحترقُ .
وقتها ..
كان الفاينكيج الجدد
يجوبونَ العالمَ بسفنٍ جديدةٍ
يبحثون عن روما
ليحرقوها في غابةٍ سوداءَ
والبرابرةُ الصغار
بائعو المسابحِ أو سُرّاقً الموبايلات
يحزمونَ حقائبَهم بالشهوات
ويهيئون عجيزاتهم للكراسي المترفة
فالوطنُ غابةٌ مفتوحةٌ للجَنيِّ والحرائق
كما يقولُ السادةُ الفاينكيج .
تذكروا ..
وأنتم تُمشطونَ العمرَ بالخيباتِ
وتوثقونَ الهواء بعدساتٍ مفزوعةٍ
بأنَّ الرملَ مقبرةٌ للأثرِ
والكوابيسَ أمواجٌ بلا أشرعة
فماذا بوسعِكم أيّها الطارقون
العالقون بين الوقتِ والفجيعةِ ؟
عطرُ كفوفِكم على الأبوابِ
سيُبعثرُهُ الترقبُ
وما زلتم تنتظرونَ البحرَ
تتذكرون أسماءَ الغرقى , تتبرعمُ
بلا هوادةٍ في ملحِ النسيان
وتُقيمون صلاةَ الغيابِ
ثم تعتنونَ بحرائقِكم القابلة ,
فلا تمنحوا أحلامكم للأسئلةِ
ولا تدخلوا حقولَها بمناجلَ عمياء
لا تنتظروا شمساً من الأجوبةِ
ولا مطراً
الأجوبةُ بلا فمٍ
لكنّ عيونُها أنيابُ .
لقد قُضيَ الأمرُ
فلا شيء أجملَ من كأسٍ تكرعُ
على قبرِ العاصفة .