الاستثمار في الفساد
بقلم امنه سعدون البيرماني
21/1/2016
نعم لم تخدعكم اعينكم بل قرأتم العنوان بشكل صحيح , ليس في الامر اي غرابه ,بل هو في الواقع مقترح للمواطن العراقي المغلوب على امره والمتلقي للطعنات والتقلبات الاقتصاديه في هذا البلد ومنذ عقود كثيرة يمكنكم تسميته خارطه عمل للاستثمار في المجال الوحيد المضمون في بلد السياسات الكارثيه !
ففي العراق ومنذ تأميم النفط تحديدا , لا يوجد قاعدة اقتصاديه ثابته يمكن الركون اليها او البناء عليها لمستقبل اقتصادي يتمتع بدرجه ولو بسيطه من الضمان , الدول المتقدمه وحتى الناميه التي تتمتع بأستقرار نسبي تقوم في العادة بتطبيق خطط على مدى سنين ( ما يصطلح على تسميتها خطط خمسيه مثلا )بعد دراسه وضع السوق المحلي او العالمي واعتمادا على درجه النموالسكاني والموارد المتوفرة و ايضاتقدير حجم الصادرات المطلوبه لتنميه قطاعات الصناعه او الزراعه او السياحه ,هكذا دراسات يقوم بها خبراء اقتصاديون محليون من ذوي الشهادات العاليه في مجال تخصصهم اي تكنوقراط بعيدا عن احلام او توجهات السياسه ,نعم هذه الدراسات قد تتناغم مع السياسات العامه وقد تكبح جماحها في احيان اخرى اي انها صوت العقل في الموضوع حفاظا على الصالح العام ومنعا للخطر الغير المحسوب العواقب المتأتي من السياسه سواء الداخليه اوالخارجيه. بل ان بعض الدول تلجأ احيانا, في حال توفر الامكانيات الماديه , الى مؤسسات عالميه رصينه لوضع دراسات اضافيه على ضوء تلك المعطيات وايضا الاستعانه بمؤسسات عالميه اخرى لمراقبه وتقييم الاداء الحكومي او الخاص ولمتابعه سير المشاريع على ارض الواقع
ما يحدث في العراق لا يمت لكل ما سبق بصله ! فمنذ الحرب العراقيه الايرانيه ورغم استماته النظام في محاولات ايجاد استقرار اقتصادي نسبي الا ان العمله بدأت بالتراجع بالرغم من ذلك لتستقر مع انتهاء تلك الحرب بسعر دولار للدينار العراقي الواحد ثم لتنخفض اكثر الى ثلاث دنانير للدولار الواحد بعد ان كان سعر الصرف الرسمي هو ثلاث دولارات ونصف للدينار العراقي ابان فترة السبعينات ! لتأتني بعد ذلك غزوة الكويت فتكون القشه التي قصمت ظهر الاقتصاد كما يقال ! تقلب العمله والحروب المتتاليه الحمقاء التي ابتلينا بها والسياسات الاقتصاديه الخرقاء بل المقامرات المجنونه بمقدرات البلد الاقتصاديه ومنها النفط التي عانى منها العراقيون عل مدى عقود طويله جعلت من غير المعقول التنبوء بما سيحدث لاحقا فيما يخص تنميه الاقتصاد . لمسنا هذا بوضوح ابان فترة الحصار الاقتصادي وطبع العمله بدون غطاء , فسح المجال للاستثمار الخاص بدخول السوق العراقيه عن طريق افراد مرتبطين ومدعومين من ازلام النظام بل ان بعض هؤلاء كان واجهه مزيفه لرؤوس اموال اسرة المقبور ومعاونيه ,تلاعب هؤلاء بسعرصرف العمله بما يناسب مصالحهم وحصول خضات كبيرة ادت الى كوارث للعديد من الناس على نطاق الافراد او حتى اصحاب رؤس الاموال الخاصه , في خضم هذه الفوضى الاقتصاديه والماليه يبرز لنا الموظف البسيط بطلا للمأساة , فبراتب لا يتعدى الثلاث دولارات وربما اقل في الشهر اضطر الكثيرون الى بيع ممتلكاتهم اوالعمل في اعمال اخرى بسيطه كسائقي التاكسيات اوانشاء ما نسميه بسطيات الخضر والكماليات ,اعرف احد المهندسين عمل في السباكه وطبيبا عمل بائع طرشي واخر صباغا للدور ! بينما اتجهت الكثيرات من النساء الى عمل الاغذيه حسب الطلب في المنازل . واتجه الكثيرون الى الهجرة بشكل رسمي الى العمل في ليبيا او اليمن او عن طريق التهريب الى اوروبا. من ذكرتهم هم القله التي رفضت سلوك درب الرشوة والفساد في مجال وظائفهم الرسميه الا ان الغالبيه التي بقت في مواقعها رغم تفاهه الراتب ارتضت السير وبخطى حثيثه في درب الفساد , ونتيجه سنين طويله من التمرس في هذا الدرب اتقتن هؤلاء صنعتهم وكونوا كارتلات محكمه من الاذناب والاتباع وسلسله من القيادات المرتبطه احداها بالاخرى صعبه الاختراق .المشكله ان بعض هؤلاء وصل اليوم الى مراكز مهمه سواء في الدوله او البرلمان او حتى في مجالات العمل الخاص فمنهم اثرياء فاحشي الثراء وعلى صلات قويه بازلام النظام المقبور من جهه وبالمافيات الدوليه من جهه اخرى ولديهم جيش من المطبلين والمزمرين بل ان للبعض بند خاص على سلم رواتبه للقتله المأجورين لتصفيه من يشكلون عقبات امام تطلعاتهم او مصالحهم ولا علاقه للامر بالسياسه بل هي مجرد اعمال !
Just business!
على رأي فلم العراب ! ولا ننسى البند الاهم لتمشيه الامور اي شراء ذمم هذا السياسي اوالمسؤول او ذاك وهذا ما اتحدث عنه اليوم , جربنا في العراق الاستثمار في مجال العقار الاان انعدام الاستقرار الامني وقله خبرة المواطن امام حيتان الفساد في هذا القطاع بالذات والذين لا يقلون دهاء عن امثالهم في القطاعات الاخرى جعل من هذا المجال غير مجدي بل ربما مجالا خاسرا لنا عباد الله المواطنين,جربنا ايضا الاستثمار في سوق العملات الا ان المتحكمين بهذا المجال لا يعطون الفرصه للمواطن العادي ليستفيد الا على نطاق محدود ,لا يوجد اي امل للاستثمار في مجال الصناعه او حتى الزراعه لا السلع المستوردة السيئه المنشأ والرخيصه تغرق الاسواق وسط جهل الغالبيه في تمييزالنوعيه او البحث عن الجودة ,اذن لا يوجد قطاع يربح بل يستمر قائما ورابحا طيله هذه السنين سوى الفساد لماذا ؟ لانه لا يحتاج الى رؤوس اموال ليبدأ ,لذا لامجال فيه للخسارة بل الكسب المستمر وقد يقول قائل هناك محاسبه قانونيه وهناك نزاهه, له اقول هذه اساسا هي الحلقه الضعيفه فالقضاء اما مسيس اومهدد وشراء الذمم في اكثر المؤسسات الامنيه او القضائيه او حتى النزاهه فاعل وبقوة ,تدخلات الساسه المنتفعين لدعم مصادر رزقهم, الطائفيه والمحاصصه حتى في مجال دعم الفاسدين يجعل من محاسبه هؤلاء امرا اقرب للاحلام !والامثله امامنا كثيرة ,يكفي هروب كبار السراق الى الخارج بلا محاسبه وعدم جديه الدوله في محاوله استرداد الاموال المنهوبه سواء في عهد النظام المقبور او بعد التغيير في 2003 ,لذا ونتيجه لكل ما سبق , اقترح على امثال هؤلاء الفاسدين ان يقوم كل منهم بانشاء مؤسسه تدير هذا الفساد ,وتقوم بطرح اسهم فساد للتداول ( كل حسب درجه فساده) للمواطن العادي ليستثمر هو ايضا من الفساد ولوبشكل ضئيل ولتمشيه احوال هذا البلد الذي يقف على حافه الهاويه بل ربما يمسك بحافه الهاويه باصبع واحد ! صدقوني هو استثمار رابح للكل فالفاسد سيضمن سكوت الناس لانهم مستفيدون من فساده او على الاقل لا يمتلكون القدرة على محاسبته ,وكل زيادة في في عمولاته ومحسوبياته ستنعكس ايجابا على رفع قيمه تلك الاسهم والسندات, كما ان هذه الاسهم ستطلق المجال للتنافس (الشريف ) بين الفاسدين بما يرفع قيمه اسهمهم فبالتالي يعود ذلك بالنفع على حاملي الاسهم وعلى الفاسد نفسه! وسنشهد لاول مرة فائدة لو بسيطه تعود للمواطن البسيط من فاسدي البلد بل ربما ينعكس هذا على تحسن الوضع الامني والخدمات لارضاء حاملي الاسهم وزيادة التداول ومن يدري فقد تعمم هذه التجربه على دول المنطقه والعالم ! اقتراح منطقي في بلد العجائب الذي لا لقمه خبز فيه للشرفاء , اليس كذلك ؟!
الاستثمار في الفساد
اترك تعليقا