الأمل في الحزب الثوري، أمل في حياة مستقبلية كريمة…..
محمد الحنفي
إلــــــــــــــــــــى:
كل من اختار الانتماء إلى الحزب الثوري، باعتباره حزبا للطبقة العاملة.
كل من اختار التضحية من أجل بناء حزب الطبقة العاملة، كحزب ثوري.
إلى روح الشهيد عمر بنجلون، الذي أسس لدور أيديولوجية الكادحين في الحركة الاتحادية الأصيلة، قبل اغتياله من قبل أعداء التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.
روح الفقيد أحمد بنجلون، والرفيق عبد الرحمن بنعمرو، لقيادتهما، وبنجاح باهر، حركة ما بعد 08 مايو 1983، في أفق إعادة تسمية الحركة ب: حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، كحزب للطبقة العاملة، وكحزب ثوري.
كل المعتقلين في محطة 08 مايو 1983، الذين يعود لهم الفضل في التخلص من الانتهازية الحزبية.
من أجل الاستمرار حتى تحقيق الاشتراكية، بعد القضاء على الرأسمالية التابعة، بكل ذيولها.
محمد الحنفي
مقدمة:
عندما نتكلم عن الأمل، نتكلم عن التغيير، وعندما نتكلم عن التغيير، نتكلم عن الوسيلة، وعندما نتكلم عن الوسيلة، نجد أمامنا الحزب الثوري، الذي تقوم أيديولوجيته على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، بقوانينها: المادية الجدلية، والمادية التاريخية، باعتبارها وسيلة ناجعة، للتوظيف في عملية التحليل الملموس، للواقع الملموس، وصولا إلى امتلاك نظرية ثورية، عن الواقع المستهدف بعملية التغيير، ووضع خطة لأجرأة النظرية الثورية، وفق خطوات محددة، ومضبوطة، يتبعها الحزب الثوري بمفرده، أو في إطار تنسيق معين، أو تحالف معين، أو فيدرالية معينة، أو جبهة وطنية للنضال من أجل التغيير المنشود، والمتمثل في التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.
وعندما نتكلم عن الحزب الثوري، فإن هذا الحزب، لا يمكن أن يكون إلا حزبا للطبقة العاملة، كطليعة للمجتمع. ولا يهمنا إن كانت هذه الطبقة تقليدية، أو متطورة، بقدر ما يهمنا أن تمتلك الوعي بالذات، وبالواقع، وبالموقع من علاقات الإنتاج، وبفائض القيمة، وبتحول ذلك الفائض إلى وسيلة لمضاعفة الاستغلال المادي، والمعنوي للمجتمع، وبالوعي بضرورة التخلص من الاستغلال، في أفق تحقيق التحرر من العبودية، والاستبداد، والاستغلال، وصولا إلى تحقيق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، على المدى القريب، والمتوسط، والبعيد.
ـ فماذا نعني بالأمل؟
ـ وما المقصود بعملية التغيير؟
ـولماذا يعتبر الحزب الثوري مجرد وسيلة؟
وما هي الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها؟
ولماذا اعتبرت تلك الأهداف مرحلية / استراتيجية؟
وما هو الفرق بين المرحلى، والإستراتيجي؟
ما الذي يخدم الآخر: المرحلي، او الإستراتيجي؟
وهل تتعاطى الجماهير الشعبية الكادحة مع الحزب الثوري، ومع الصحافة الثورية، ومع الفعل الثوري الهادف إلى تحقيق عملية التغيير؟
أليست الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، مستفيدة من عملية التغيير، الهادفة إلى إيجاد مجتمع جديد، وحياة جديدة، في واقع جديد؟
ولماذا نجد الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، تتعامل بشكل سلبي، مع الحزب الثوري، الذي يفترض فيها أنها تحتضنه، وتدعم برنامج عمله؟
أليس الحزب الثوري بأفق مستقبلي؟
ألا يعمل على تحرر الكادحين من الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، كثلاثية مسؤولة عن تخلفنا؟
أليس تحقيق أهداف الحزب الثوري: المرحلية / الإستراتيجية، في خدمة سائر الكادحين، وطليعتهم الطبقة العاملة؟
أليس الوصول إلى التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، قضاء على الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال؟
أليس في ذلك تحقيق لأمل الكادحين، وطليعتهم الطبقة العاملة؟
أليس جعل الواقع ينتقل من خدمة المستغلين، الذين يمتصون دماء العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، إلى خدمة الشعب المغربي، بكل كادحيه المحرومين من كل شيء في هذه الحياة، ثورة على واقع الظلم، والقهر، والعبودية، والاستبداد، والاستغلال؟
أليست الثورة على الأوضاع القائمة، هي نقطة التحول في اتجاه تحقيق البديل الثوري؟
أليس تحقيق البديل الثوري، إعلانا عن تحرير الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة؟
أليست الجماهير الشعبية الكادحة، وسيلة لتحقيق الديمقراطية، بمضامينها المختلفة؟
أليس بناء الدولة الوطنية الديمقراطية الاشتراكية العلمانية، ضمان لفرض التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، بين جميع أفراد الشعب المغربي؟
ألا تشكل الدولة، بالمواصفات المذكورة، سدا ضد كل أشكال الفساد القائمة؟
ونحن عندما نطرح هذه الأسئلة الممنهجة، فلأننا نسعى إلى الوضوح، في تصورنا للحزب الثوري، كوسيلة لتغيير الواقع، في أفق تحقيق الأمل في التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، إنما نسعى إلى جعل المتلقي يستوعب ما نطرحه، سواء اقتنع به، أو لم يقتنع؛ لأن الأمر يبقى، في نهاية المطاف، له. مع العلم، أن الحزب الثوري، هو حزب الطبقة العاملة، المقتنع بالاشتراكية العلمية، التي اعتبرها أساسا لأيديولوجيته، التي تعتبر أيديولوجية للطبقة العاملة، أو أيديولوجية الكادحين.
والاشتراكية العلمية: كوسيلة، وكهدف، هي التي يعتمد الحزب الثوري قوانينها: المادية الجدلية، والمادية التاريخية في التحليل الملموس، للواقع الملموس، من أجل الوصول إلى امتلاك نظرية علمية عن الواقع، يمكن اعتمادها في عماية التغيير المنشود، وصولا إلى تحقيق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.
وامتلاك النظرية عن الواقع وحده، ليس كافيا، بل لا بد من تقوية التنظيم الثوري، وتكوين أعضائه، تكوينا علميا: أيديولوجيا، وسياسيا، وعلمانيا، بالإضافة إلى التكوين الاشتراكي العلمي، على مستوى استيعاب القوانين، وامتلاك القدرة على توظيفها توظيفا علميا دقيقا، بهدف جعل الواقع، مؤسسا على أساس النظرية الاشتراكية العلمية، التي امتلكها الحزب الثوري، حتى يصير في خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، في أفق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.
والتفرغ من أجل بناء الدولة الوطنية الديمقراطية الاشتراكية العلمانية، يقتضي اعتبار هذه الدولة أساسا لضمان الإشراف الصادق، على توزيع الثروة المادية، والمعنوية / الوطنية توزيعا عادلا، وهادفا إلى تحقيق الاشتراكية العلمية كنظرية، وكممارسة، للواقع المغربي، من أجل:
1) الانتماء إلى التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية الاشتراكية، بعد القضاء على التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية الرأسمالية، وبقايا الإقطاع، والإقطاع الجديد، ووضع حد لشيوع الليبرالية الجديدة في المجتمع.
2) التخلص من البورجوازية، والإقطاع، من خلال تأميم وسائل الإنتاج، وتحديد الملكية العقارية في الحواضر، وفي البوادي، وتجريم القطاع الخاص في مجال الخدمات: كالصحة، والتعليم، والسكن، وكل ما له علاقة بحاجة المجتمع، وتمتيع جميع أفراد المجتمع بحقوقهم الإنسانية، وبحقوق الشغل، حتى نعتبر العاملات، والعاملين في القطاعات الإنتاجية، والخدماتية، التي تشكل غالبية الشعب المغربي، وأي شعب آخر، مع العمل على تقليص الفوارق بين الأجور، وفي المداخبل، التي يجب التحكم فيها، عن طريق تحديد أسعار العقار، وكل المواد الاستهلاكية، كالخضر، والفواكه، والمواد الغذائية، والألبسة، وغيرها، مع تحديد قيمة الكراء، بالنسبة للمساكن، والمحلات، التي تعود ملكيتها للشعب، وللدولة الاشتراكية.
3) الحرص على أن يكون العمل الاشتراكي، في خدمة كادحي المجتمع، والحيلولة دون التمكن من تحقيق التطلعات الطبقية، ومنع الأجور الخيالية، التي تقف وراء إفقار الكادحين، والحيلولة دون إعادة استنبات الطبقات الاستغلالية، كالبورجوازية، والإقطاع، والإقطاع الجديد، الذي ينمو رأسماله، وممتلكاته، نموا سرطانيا، ويتجاوز استهلاكه كل الحدود، إلى درجة أن توفير شروط عودة الطبقات الاجتماعية، الممارسة للاستغلال المادي، والمعنوي، بدون حدود مقبولة، على حساب العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، والفلاحين الصغار، والمعدمين، وهؤلاء، بطبيعة الحال، عندما يسمح باستنباتهم في المجتمع الاشتراكي، يقفون وراء انهيار الدولة الاشتراكية، كما حصل فيما كان يسمى بالاتحاد السوفياتي السابق.
فالانتقال إلى التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية الاشتراكية العلمانية، المحصنة ضد عودة النظام الرأسمالي، أو ما قبل رأسمالي، والتخلص من البورجوازية، وبقايا الإقطاع، والإقطاع الجديد، من خلال تأميم وسائل الإنتاج، ونزع الملكيات الكبرى، الزائدة على السكن الاجتماعي، وتحديد الملكية العقارية، والحرص على أن يكون الأمل الاشتراكي في خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، والحيلولة دون إعادة استنبات المستغلين في المجتمع الاشتراكي، منعا لعودة الرأسمالية من جديد، تعتبر مسألة أساسية، في تحصين التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية الاشتراكية، باعتبارها تشكيلة مرحلية، كباقي التشكيلات السابقة عليها، في أفق الانتقال إلى التشكيلة الأعلى، لكن بعد التخلص نهائيا من النظام الرأسمالي، على وجه الكرة الأرضية، حتى لا يكون هناك مجال للتذكير بوجود أي شكل من أشكال الاستغلال. وعندما تنضج الشروط للانتقال إلى التشكيلة الأعلى، وبطريقة إرادية، من الأنظمة الاشتراكية القائمة.
فهل تستطيع البشرية العمل على إقامة التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية الاشتراكية، في كل أقطار الأرض؟
وهل تستطيع البشرية الانتقال إلى التشكيلة الأعلى؟
وهل تستطيع البشرية التغلب على العوائق، التي تحول دون تحقيق الاشتراكية في كل الأقطار؟
وهل تقتنع بضرورة الانتقال إلى التشكيلة الأعلى، التي تنتفي فيها السلطة، التي يرفع فيها شعار إنساني عميق، يتمثل في:
(لكل حسب حاجته وعلى كل حسب قدرته).
مفهوم الأمل:
والأمل، كلمة متداولة بين الناس، في أحاديثهم اليومية. وتحيلنا هذه الكلمة: (الأمل)، على إمكانية تحقيق تصور معين، في المستقبل القريب، أو المتوسط، أو البعيد.
والتصور القائم الآن في أذهان الكادحين، بناء على شيوع الاشتراكية العلمية فيما بينهم.
ونظرا لشراسة الاستغلال في مرحلة الأسياد، والعبيد، أو في مرحلة الإقطاع، وعبيد الأرض، أو في مرحلة الرأسمالية، والطبقة العاملة، فإن البشرية، بعد ظهور الاشتراكية العلمية، على يد ماركس، وأنجلز، صارت تعلم بالتحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، التي استطاع الشهيد عمر بنجلون، أن يربط بينها ربطا جدليا، مع الحرص، كذلك، على الربط الجدلي بين تحرير الأرض، وتحرير الإنسان، ومع إعطاء مفهوم الديمقراطية: مضامين اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، وسياسية، لا يمكن أن تتحقق إلا في إطار الدولة الاشتراكية، التي لا يمكن أن يتحقق التوزيع العادل للثروة المادية والمعنوية إلا في إطارها، ولا يمكن أن تتحقق الديمقراطية، بمضامينها المذكورة، كذلك، إلا في إطارها أيضا، ولا يمكن كذلك، أن يتم الجمع بين تحرير الأرض، وتحرير الإنسان، إلا في إطارها.
ولذلك، كان الربط الجدلي بين التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، الذي انفرد به الشهيد عمر بنجلون، وأخذت به الحركة الاتحادية الأصيلة، التي تحولت بعد 08 مايو 1983 إلى الاتحاد الاشتراكي ــ اللجنة الإدارية الوطنية، التي تحولت في اجتماع اللجنة المركزية، المنعقدة في بداية تسعينيات القرن العشرين، إلى حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، الذي يقتنع بالاشتراكية العلمية، الذي بنى أيديولوجيته، التي هي أيديولوجية الطبقة العاملة، بدون منازع، من داخله على الأقل، وهذا الحزب، يحمل هذا الأمل، ويعمل على تحقيقه بشكل منفرد، أو في إطار أحزاب فيدرالية اليسار الديمقراطي، التي تناضل من أجل هذا الأمل، بشكل، أو بآخر، أو حتى في إطار الحزب المندمج، كإطار لذوبان الأحزاب اليسارية الثلاث.
وأي حزب يساري، أو توجه يساري، يصادق على أوراق التأسيس، التي اعتمدتها فيدرالية اليسار الديمقراطي، بعد مصادقة الأحزاب الثلاثة، في اجتماع الهيأة التقريرية، قبل الإعلان عن قيام فيدرالية اليسار الديمقراطي، في أفق الاندماج في حزب اشتراكي كبير، يصير حاملا للأمل، في أفق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، لتتحقق، بذلك، طموحات العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.
وبناء على ما رأينا، فإن الأمل الذي نتحدث عنه، في هذه الفقرة، هو الأمل الجماعي، الطبقي، الذي يقود الصراع، ويوجهه، في أفق تحقيق حزب الطبقة العاملة، أو الحزب الاشتراكي الكبير.
أما مفهوم الأمل الفردي، الذي يقود إلى العمل على تحقيق التطلعات الطبقية، التي لا تخدم إلا مصلحة الصعود البورجوازي، من أجل استغلال العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين؛ فلا يهمنا هنا، ولا يمكن أن يسعى إلا إلى تحقيق تطلعات البورجوازية، في تجددها، عبر إنتاج شروط إعادة إنتاج نفس الهياكل الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي تتحمل مسؤولية إعادة إنتاج التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية الرأسمالية، الضامنة لتجدد البورجوازية، التي تستغل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.
ولكن العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، عندما يمتلكون وعيهم بالذات، وبالأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وبالوقع من علاقات الإنتاج، وهو ما يسمى باختصار: (الوعي بضرورة خوض الصراع الطبقي)، أو الوعي الطبقي الذي يقود إلى صراع مرير، في مستواه الأيديولوجي، والسياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، الذي ينتهي غالبا بالصراع التناحري، الذي يحسم الصراع، غالبا، لصالح الطبقة العاملة، وحلفائها المالكين جميعا، للوعي الطبقي، كشرط لخوض الصراع، غالبا، ضد البورجوازية، والإقطاع، والإقطاع الجديد، في أفق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.
مفهوم عملية التغيير الشامل:
والحزب الثوري، عندما يقود حركة نضالية شاملة، إنما يقودها من أجل التغيير الشامل، للأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، في أفق جعل الواقع، في تجلياته المختلفة، في خدمة الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، بدل أن يبقى في خدمة المستغلين، أنى كان لونهم، وطبقتهم، ومستوى استغلالهم المادي، والمعنوي، ودرجة استعبادهم للبشر، أنى كان لونهم، وجنسهم، ما داموا يكدحون.
فماهو مفهوم عملية التغيير الشامل؟
إن عملية التغيير الشامل، هي عملية معقدة، تستهدف الواقع، في شموليته، من أجل جعله يؤدي دور النقيض، للدور الذي اعتاد أن يؤديه، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، سعيا إلى تغيير اتجاه الخدمة، التي يقدمها لمؤسسة معينة، أو لطبقة معينة، أو لتحالف طبقي معي، فيتغير تقديم تلك الخدمة، في اتجاه المتضررين من الوضع القائم، كما هو الأمر بالنسبة للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين ينتجون، ويقدمون كافة الخدمات، لصالح مؤسسة معينة، أو لصالح طبقة معينة، أو تحالف طبقي معين، وبأجور زهيدة، والقيام بإعادة هيكلة المجتمع، في أفق تحرير عملية التغيير الشامل، في اتجاه جعل الخدمة الإنتاجية، والخدماتية، لصالح المجتمع ككل، على أساس القيام بالتوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، بين جميع أفراد الشعب: ذكورا، وإناثا، على أساس تحرير الأرض، والإنسان، وتحرير الاقتصاد من التبعية، وجعل الديمقراطية بمضامينها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، قائمة في الواقع، حتى لا يقوم التمييز في الواقع، على أي أساس من الأسس، التي كانت معتمدة في التمييز بين البشر.
وعملية التغيير الشامل، لا يمكن أن تتم إلا على أساس:
1) بناء الأداة الثورية، التي تقود عملية التغيير الشامل، بناء علميا دقيقا، على مستوى الهيكلة التنظيمية، التي تعتمد أيديولوجية الكادحين، المعبرة عن مصالح المستهدفين بعملية التغيير، كالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، والعاملات، وباقي الأجيرات، وسائر الكادحات، في المجتمع المستهدف بالتغيير، من خلال تغيير اتجاه الخدمة المصحوبة بعملية تأميم كل وسائل الإنتاج المادي، والمعنوي، لقطع الطريق أمام إمكانية تحرك المستغلين، في اتجاه القيام بثورة مضادة، للحفاظ على مصالح البورجوازية، والإقطاع، أو لصالح التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، اعتمادا على المفسدات، والمفسدين، والفاسدات، والفاسدين، في مختلف القطاعات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، في أفق مساءلة، ومعاقبة كل من وقف وراء إنجاز، أو محاولة إنجاز الفعل الثور، من أجل القضاء النهائي، على كل من يفكر في القيام بثورة ضد الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، كما حصل عدة مرات في المغرب. وفي المقابل، وعندما تنجز الثورة مهامها، وتتحقق أهداف الثورة، بقيادة الحزب الثوري، نرى ضزورة تثبيت الثورة، في شموليتها، والقيام بعملية تأميم وسائل الإنتاج المادي، والمعنوي، لإرجاع ملكيتها إلى الشعب المغربي، ووضع حد للملكيات الكبرى، والمتعددة لنفس الشخص، وانتزاع أراضي الإقطاعيين، وتوزيعها على الفلاحين المعدمين، وتقديم الدعم المشروط للفلاحين الصغار، والمعدمين، الذين وزعت عليهم الأراضي المنتزعة من الإقطاعيين، وتحديد ملكية الأراضي، وإخضاع الفاسدات، والفاسدين، والمفسدات، والمفسدين، والمرشيات، والمرشين، والمرتشيات، والمرتشين، والريعيات، والريعيين، الذين يجب العمل على إرجاع ممتلكاتهم إلى الشعب، وتاجرات، وتجار الممنوعات، والمهربات، والمهربين، وغير ذلك، ممن يفلتون من العقاب، قبل إنجاز الثورة المادية، والمعنوية، الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، في أفق القيام بالتغيير المنشود.
2) القيام بمعالجة القضايا الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ذات الأولوية، وخاصة تلك التي لها علاقة بالاستجابة لإرادة الجماهير الشعبية الكادحة، للتعبير على أن الثورة تحققت لصالحهم، وضدا على مصالح البورجوازية، والإقطاع، والتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، في أفق وضع حد لكافة أشكال الاستغلال المادي، والمعنوي، والمعالجة، يجب أن تشمل كل القضايا، ذات الأبعاد الاقتصادية، مثل جعل الشغل في متناول كافة العاطلين، والمعطلين، أو ذات أبعاد اجتماعية، من أجل استرجاع أهمية، ومكانة المدرسة العمومية، والصحة العمومية، وتأميم المدارس الخاصة، مهما كان مستواها، ومهما كان عدد تلاميذها، من منطلق أن المدرسة العمومية، هي وحدها التي تتكفل بإعداد الأجيال الصاعدة، وعلى يد نساء، ورجال التعليم، الذي يتلقون تكوينا متميزا، من أجل إنجاز المهام الموكولة إليهم.
3) إعداد الأجيال الصاعدة، إعدادا جيدا، في مستوى متطلبات الحياة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وعلى جميع المستويات، وعلى أساس تمتيع تلك الأجيال، بالحقوق الإنسانية، وحقوق العمال، مع تجريم ممارسة مختلف الخروقات، مهما كان نوعها، سواء تعلقت بالحقوق الإنسانية، أو بحقوق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، لضمان احترام كرامة الإنسان، وكرامة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، حتى لا يوجد من يقدم على إهانة الإنسان، وإهانة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وفي أفق ذلك، لا بد من إدراج الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وحقوق العمال، في البرامج الدراسية، والعمل على تربية الأجيال عليها، حتى يكون الجميع على بينة منها.
4) وضع قوانين خاصة بالخروقات، التي ترتكب في حق الإنسان، وفي حق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، مما يخالف مقتضيات الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وحقوق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين. ومقتضيات القوانين المعمول بها، المتلائمة مع صكوك حقوق الإنسان، وحقوق العمال، استحضارا لأهمية الأولوية، لاحترام حقوق الإنسان، وحقوق العمال، على أن تكون العقوبات الزاجرة متناسبة مع طبيعة الخرق الممارس، سعيا إلى التزام جميع أفراد المجتمع، باحترام حقوق الإنسان، وحقوق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.
اعتبار الحزب الثوري مجرد وسيلة:….1
وإذا كانت معظم، أو كل التنظيمات، بما في ذلك تنظيم الدولة نفسها، مجرد وسيلة لتحقيق هدف معين، فإن الحزب الثوري، كذلك، يمكن اعتباره مجرد وسيلة للوصول إلى تحرير الأرض، وتحرير الإنسان، وفرض تحقيق الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والوصول إلى القيام بالتوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، في أفق تحقيق الاشتراكية.
ولا يمكن أن يعتبر الحزب الثوري، المقتنع بالاشتراكية العلمية، كوسيلة، وكهدف، إذا لم يبن أيديولوجية الطبقة العاملة، على هذا الأساس، وإذا لم يتشبع كل أعضائه بقوانين الاشتراكية العلمية: فلسفة، وعلما، ومنهجا علميا، من أجل امتلاك القدرة على التحليل الملموس، للواقع الملموس، مع الوقوف على الخلفيات التاريخية، والآفاق المستقبلية للواقع المستهدف، في أوجهه الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، في أفق تغييره، تغييرا شاملا، انطلاقا من نتائج التحليل.
وبالتالي، فإن الحزب الثوري، لا يحتاج إلى بناء أيديولوجيته، التي سماها بعض الرفاق، في نقاش يعود إلى سنوات خلت، بالأيديولوجية العلمية، وإنما هي أيديولوجية مبنية على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية.
والاقتناع بالاشتراكية العلمية، هو المبتدأ، وهو المنتهى، بالنسبة للحزب الثوري، ومن لا يقتنع بالاشتراكية العلمية، كوسيلة، وكهدف، لا مكان له في تنظيم الحزب الثوري، الذي يبني أيديولوجية الطبقة العاملة، أساسا، ومنطلقا لبناء التنظيم الثوري.
وإذا كانت الأيديولوجية، هي التعبير بواسطة الأفكار، عن المصلحة الطبقية، لأي طبقة اجتماعية، فإن أيديولوجية الطبقة العاملة، هي التعبير، بواسطة الأفكار، عن المصلحة الطبقية للطبقة العاملة، وحلفائها، انطلاقا من التحليل العلمي الملموس، للواقع الطبقي الملموس، الذي توظف فيه أدوات الاشتراكية العلمية: المادية الجدلية، والمادية التاريخية.
واعتبار الحزب الثوري، مجرد وسيلة، يقود إلى:
1) ضرورة التمسك بأمهات قيام الحزب الثوري، والعمل على استحضار تلك الأمهات، في جميع الحالات، وفي كل المحطات النضالية، بما في ذلك أدبيات الاشتراكية العلمية، كفلسفة، وكعلم، وكمنهج علمي.
2) ضرورة المحافظة على التراث النضالي للحزب الثوري، كتراث انبنى على أساس الاقتناع بأمهات قيام الحزب الثوري، وتوظيف ذلك التراث، من أجل الربط الجدلي بين الحزب الثوري، وبين المحطات النضالية للشعب المغربي، في تاريخيتها، وفي الواقع الراهن.
3) ضرورة إخراج أدبيات أصول الحزب الثوري، وأمهاته، من أجل أن تصبح في متناول الشعب المغربي، حتى يستطيع تتبع التطور التاريخي للحزب الثوري، ومن أجل أن يكون على بينة من آفاق عمل الحزب الثوري.
4) بناء الأداة الثورية، بناء علميا، وفق ما تقتضيه قناعته بالاشتراكية العلمية، وبأيديولوجية الطبقة العاملة، وبالأهداف المرحلية / الإستراتيجية، التي يسعى إليها.
5) توجيه كل مناضليه، ومناضلاته، إلى الارتباط بالمنظمات الجماهيرية بصفة عامة، وبالمنظمات النقابية بصفة خاصة، شرط أن تكون كل المنظمات الجماهيرية، مبدئية / مبادئية مناضلة، لتحقيق أهداف جماهيرية محددة، على مستوى كل منظمة.
6) الحرص على التوسع التنظيمي للحزب الثوري، مع ضرورة استحضار أهمية الكيف، الذي يتحول، بالضرورة، إلى كم.
7) حضور الحزب الثوري في كل المحطات النضالية، للإطارات الجماهيرية، ومنظمات اليسار الديمقراطي، بالإضافة إلى قيامه بمبادرات محددة، في مناسبات محددة.
8) الحرص على تحديد موقف الحزب، مما يجري على المستوى الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، واستغلال كل المناسبات، لإعلان موقف الحزب منها.
9) الحرص على إنضاج شروط عمل الحزب الثوري، من أجل فك الحصار المضروب عليه، تنظيميا، وجماهيريا، وسياسيا، حتى يتمكن من التواجد في كل الظروف، وفي كل المحطات، وعلى جميع المستويات.
10) وضع برنامج عمل الحزب الثوري، محليا، وإقليميا، وجهويا، ووطنيا، على أن يستهدف ذلك البرنامج، بالدرجة الأولى، العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، والتلاميذ، والطلبة، ثم باقي الجماهير الشعبية الكادحة، وصولا إلى تنظيم الفئات المستهدفة، في صفوف التنظيم الثوري، ووصولا إلى قيادته، في اتجاه جعل الفئات المستهدفة، تتحمل مسؤولية المساهمة في بناء الحزب الثوري، وفي قيادته، في اتجاه تحقيق الأهداف المحددة، في التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.
فالحزب الثوري، إذا، ليس هدفا في حد ذاته، بقدر ما هو وسيلة، للنضال مع الجماهير الشعبية الكادحة، ومن خلال المنظمات الجماهيرية المبدئية، والمبادئية، المناضلة، والمخلصة في نضالها إلى المستهدفين، وقيادة نضالاتهم، سعيا إلى تحقيق الأهداف المسطرة، وصولا إلى قيادة الحزب الثوري، للنضالات الجماهيرية، في تحقيق الأهداف المرحلية / الإستراتيجية، المتمثلة في التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، التي لا تتناقض مع خصوصية المجتمع المغربي.
والأهداف التي يسعى الحزب الثوري إلى تحقيقها، تجعل من أي تنظيم، كيفما كان، لا بد أن يكون محددا للأهداف، التي يسعى إلى تحقيقها، مع فارق بسيط، وهو أن التنظيمات الجماهيرية، لا تحدد إلا أهدافا جماهيرية مرحلية، لا تتجاوزها إلى تحديد أهداف استراتيجية، حتى وإن كلنت تفعل العلاقة الجدلية بين النضال الجماهيري (النقابي ـ الحقوقي ـ الثقافي ـ التربوي ـ التنموي)، والنضال السياسي، في عموميته، وليس في تبعيته لحزب معين؛ لأن أي عمل جماهيري، تنجزه تنظيمات جماهيرية، يرتبط بمرحلة معينة، فإذا تغيرت تلك المرحلة، تغير، تبعا لذلك، البرنامج المرحلي، كما هو الشأن بالنسبة للتنظيم النقابي، أو التنظيم الحقوقي.
أما التنظيمات السياسية / الحزبية، فتضع برامج نضالية مرحلية، وأخرى استراتيجية.
وبالنسبة للحزب الثوري المغربي، بالخصوص، فإنه يعتمد برامج مرحلية / استراتيجية، في نفس الوقت.
فما هي سمات البرنامج المرحلي / الإستراتيجي؟
إن أي برنامج للحزب الثوري، لا بد أن يكون منسجما مع إرادة الطبقة الاجتماعية، التي يقتنع بأيديولوجيتها، ويعبر عن مصالحها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.
وبما أن الحزب الثوري، يتبنى أيديولوجية الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، القائمة على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، كوسيلة، وكهدف، فإن المصالح التي يعبر عنها، في ممارسته اليومية، هي مصالح الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.
وانطلاقا مما رأينا، فإن حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، باعتباره حزبا ثوريا، يسعى إلى تحقيق أهداف مرحلية / استراتيجية، متداخلة فيما بينها، وانطلاقا من خصوصية الواقع، الذي يناضل فيه هذا الحزب الثوري.
وبالنسبة لنا في المغرب، فإن الحزب الثوري، الذي هو حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، الذي هو حزب الطبقة العاملة، يسعى إلى تحقيق الأهداف المرحلية / الإستراتيجية، المتمثلة فيما صاغه الشهيد عمر بنجلون، في تقديمه للتقرير الأيديولوجي، المقدم للمؤتمر الاستثنائي، للحركة الاتحادية الأصيلة، في يناير 1975، والمختصرة في:
(تحرير ـ ديمقراطية ـ اشتراكية).
إن الأهداف: مثل التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، هي أهداف تجمع فيما بينها: علاقة جدلية / عضوية، في نفس الوقت، فلا يكون هناك نضال من أجل التحرير، منفصل عن النضال من أجل الديمقراطية، منفصل عن النضال من من أجل الاشتراكية. وهي الميزة التي يتميز بها الحزب الثوري، الذي يجمع بين أهدافه المرحلية / الإستراتيجية: التحرير ـ الديمقراطية ـ الاشتراكية.
فما المراد بمفهم التحرير؟
وما المراد بمفهوم الديمقراطية؟
وما المراد بمفهوم الاشتراكية؟
اعتبار الحزب الثوري مجرد وسيلة:….2
إن مغهوم أي هدف، من الأهداف المرحلية / الإستراتيجية، كالأهداف: موضوع الأسئلة أعلاه، يختلف مدلوله، حسب التوجهات، وحسب الأفراد، والمنتمين الحزب الثوري، نظرا للمصلحة التي تقتضي إعطاء أي فهم، لأي هدف من الأهداف المرحلية / الإستراتيجية.
وبما أن المغرب عرف احتلالا أجنبيا، واستقلالا شكليا، وتبعية للنظام الرأسمالي العالمي، وغرقا إلى الأذنين، في خدمة الدين الخارجي، مما جعل غالبية الشعب من العمال، والفلاحين الفقراء، والمعدمين، وتجار صغار، مهيكلين، وغير مهيكلين، فإننا سنعمل على تحديد المراد بكل مفهوم من المفاهيم الثلاثة، المكونة للأهداف المرحلية / الإستراتيجية، للحزب الثوري، سعيا منا إلى ترسيخ مفاهيم: الأهداف المرحلية / الإستراتيجية. وبناء عليه:
1) فإن المراد بالتحرير: فإنه فيما يخص هذا الهدف، تحرير الأرض، وتحرير الإنسان.
ومعلوم أن المغرب، ومنذ استقلاله الشكلي، بقيت هناك، حتى بعد استرجاع الصحراء المغربية، من الاحتلال الإسباني، جيوب لا زالت محتلة إلى يومنا هذا، ومنها سبتة، وامليلية، والجزر الجعفرية، وجزيرة ليلى، بالإضافة إلى منطقة تندوف، التي اقتطعها الاحتلال الفرنسي، وألحقها بالجزائر، التي كان يحتلها حينذاك؛ لأن تحرير الأرض، جزء لا يتجزا من تحرير الإنسان، الذي يوكل إليه تحرير الأرض؛ لأن تحرير الأرض، وتحرير الإنسان الذي يعيش عليها، متلازمان. والتلازم هنا مبدئي؛ لأنه لا يمكن أن نعتبر إنسانا حرا، وهو يعيش في أرض محتلة، أو لا زالت أجزاء منها محتلة، كما هو الشأن بالنسبة للمغرب، فإن أجزاء منه لا زالت محتلة، أي أن تحرير الأرض لم يكتمل بعد. وعلى المغاربة أن يعملوا على تحرير الثغور التي لا زالت محتلة، في تفاعل مع النضالات المطلبية، التي يخوضها الشعب المغربي، بجمعياته، ونقاباته، وأحزابه اليسارية، بما فيها الحزب الثوري، من أجل تحرير الإنسان من العبودية، ومن الاستبداد، ومن الاستغلال، ومن خدمة الدين الخارجي.
والعلاقة القائمة بين تحرير الأرض، وتحرير الإنسان، علاقة جدلية. فتحرير الأرض، أساس لتحرير الإنسان، وتحرير الإنسان، وسيلة مثلى لتحرير الأرض، بالإضافة إلى أن تحريرهما معا، لا يمكن أن يتم إلا بالتحرر من خدمة الدين الخارجي، والداخلي معا، على حد سواء؛ لأن خدمة الدين الخارجي والداخلي معا، هو احتلال من نوع آخر.
وإلى جانب التحرر من كل أشكال الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وخاصة الفساد الإداري، الذي صار يشمل كل القطاعات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية؛ لأن التحرر من الفساد الإداري، والسياسي بالخصوص، يشبه، إلى حد كبير، الاحتلال، والاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، التي يعتبر التحرر منها مكلفا كثيرا، إلى درجة الاستشهاد.
وإذا كان تحرير الأرض يعني: خلوها من أي شكل من أشكال الاحتلال، فإن تحرر الاقتصاد من الارتباط القسري بالاقتصاد الأجنبي، وبخدمة الدين الخارجي، والداخلي، على حد سواء، يعتبر مسألة أساسية في عملية التحرير، التي لا تتم إلا بالتحرير الكامل للإنسان، وللأرض، وللاقتصاد، وللاجتماع، وللثقافة، وللسياسة من التبعية، إلى مراكز السيطرة الرأسمالية على العالم، حتى يشعر الإنسان المغربي بإنسانيته، وبحرصه على السعي إلى البناء السليم، لمستقبل الأجيال الصاعدة، وحتى تتمتع بحريتها كاملة، في وطن متحرر، باقتصاد نام متحرر، حتى تتمكن الأجيال القادمة، من الانتقال بالمغرب، إلى إنتاج الحضارة الإنسانية، المعبرة عن التقدم، والتطور المنشودين.
2) والمراد بالديمقراطية، ليس هو الانتخابات، التي لا تشكل إلا جزءا بسيطا من الديمقراطية، بمفهومها السياسي، وليس هي ديمقراطية الواجهة، التي ابتدعها المخزن، للظهور أمام العالم، بأنه يلتزم بالممارسة الديمقراطية، مع أن الوزارة الوصية، تعرف جيدا: أنها لا تمارس إلا انتخابات ديمقراطية الواجهة، حتى تصعد من تشاء، وتنزل إلى الأرض من لا تشاء.
ومشكلة المغرب، أن ديمقراطية الواجهة التي اعتمدها الحكام، والتي تمكن السلطات الإدارية، باختيار من تريد من الأحزاب، التي صنعتها، ومن الحزب الذي صنعته الدولة، في هذه الانتخابات، التي تجري كل خمس سنوات، أو ست سنوات.
وبالتالي، فإن من يتمكنون من الصعود إلى المؤسسات الجماعية: المحلية، والإقليمية، والجهوية، أو إلى مجلس النواب، أو مجلس المستشارين، بالنسبة للناخبين الكبار. وهو ما يعني: أن السلطة الوصية، تقوم بعملية الإخراج، باختيارها من تريد من المترشحين، إلى العضوية الجماعية، أو إلى عضوية البرلمان. والظلاميون المجيشون، لمن يعتبرون أنفسهم مسلمين، بالتبعية إلى الظلاميين، الذين ينفذون الأوامر، التي يوجهها إليهم أمراء الظلاميين، من أجل الفوز بالجنة، التي يبشرهم بها أمراء الظلاميين، حيث الحور العين، وحيث مالا عين رأت، ولا أذن سمعت من الخيرات، يستغلون اعتماد الحكم المخزني، ديمقراطية الواجهة، ليقدم مرشحيه إلى البرلمان، من أجل الفوز بالأغلبية الأولى، في مجلس النواب، ليصير صاحب حق، في ترأس الحكومة المغربية.
ومعلوم أن أدلجة الدين الإسلامي، التي تمكن من استغلاله أيديولوجيا، وسياسيا، للوصول إلى تجييش المغفلين، الداعمين للظلاميين، في أي انتخابات تجري في هذا البلد، أو ذاك، في هذا الإقليم، أو ذاك، على المستوى الوطني، لتوجه المجيشين، إلى ردم صناديق الاقتراع، بتصويتهم على الظلاميين، الذين يظهرون أثناء إعلان النتائج، كقوة برلمانية أولى، في مجلس النواب، على دورتين انتخابيتين، ولتحمل مسؤولية ترأس الحكومة، وليتقاسموا السلطة مع القصر.
أما الديمقراطية الحقيقية، التي لا تكون إلا بمضامينها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، فلا وجود على أرض الواقع، المغربي، والنضال من أجلها، بقيادة الجبهة الوطنية للنضال من أجل الديمقراطية، انطلاقا من برنامج حد أدنى، يتم وضع خطة، من أجل تحقيقها، بكل المضامين: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى تصير وسيلة للتوزيع العادل للثروة الوطنية، المادية، والمعنوية، ولتمكين جميع أفراد الشعب، من حقهم في التعليم، وفي الصحة، وفي السكن، وفي الترفيه، وغير ذلك، مع العمل على تمكين جميع أفراد المجتمع، من التمتع بالحقوق الإنسانية، وحقوق الشغل، حتى تأخذ الديمقراطية بعدها الإنساني؛ لأن حقوق الإنسان، جزء من الديمقراطية، ولأن الديمقراطية، هي الالتزام الفعلي بحقوق الإنسان، في مستوياتها المختلفة، سواء تعلق الأمر بالاقتصاد، أو بالاجتماع، أو بالثقافة، أو بالسياسة، وفي كل أماكن تواجد الإنسان، في الحاضرة، وفي القرية. والديمقراطية، بمفهومها الحقيقي، وبمضامينها المختلفة، تفسح المجال أمام تقدم الإنسان، وتطوره، كفرد، أمام تقدم المجتمع، وتطوره، في أفق تحقيق المساواة الكاملة، بين أفراد المجتمع، وعلى جميع المستويات.
3) والمراد بالاشتراكية: هو ما يستهدف أمرين اثنين:
الأمر الأول: فرض التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، بين جميع أفراد المجتمع المغربي، بعد انتقال ملكية وسائل الإنتاج، المادي، والمعنوي، إلى الملكية الجماعية، حتى يصير الإنتاج المادي، والمعنوي، والأفراد الذين انتزعت ملكيتهم، يصيرون كباقي أفراد المجتمع، والأراضي الواسعة التي يمتلكها الإقطاع، أو الإقطاع الجديد، تنتزع منهم، وتوزع على الفلاحين المعدمين، الذين لا يملكون أي متر من الأرض. والباقي، يوزع على الفلاحين الصغار، الذين لا يكفيهم ما تنتجه الأرض، التي يمتلكونها، فيأخذون من الأراضي المنتزعة من الإقطاع، والإقطاع الجديد، حتى يصير ما ينتجونه من فلاحة الأرض، كافيا لأسرهم.
والاشتراكية التي نتكلم عنها، هي القائمة على أساس الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج المادي، والمعنوي، في كل المؤسسات الإنتاجية، والخدماتية، وتمكن جميع أفراد المجتمع من كافة الخدمات بالمجان، ودون بذل أي مجهود مادي، أو بدني، من أجل الحصول عليها، حتى يتم توزيع الثروة المادية، والمعنوية، توزيعا عادلا، بين جميع أفراد المجتمع، ودون تفضيل فيما بينهم، خاصة، وأن كل فرد من أفراد المجتمع، يقوم بواجبه تجاه المجتمع. وبالتالي، فمقابل القيام بالواجب، ضرورة الحصول على الحاجة الضرورية، لاستمرار الحياة الكريمة المفترضة في المجتمع، الذي تحققت فيه الاشتراكية.
والأمر الثاني: بناء الدولة الاشتراكية، باعتبارها دولة وطنية ديمقراطية علمانية، ودولة للحق والقانون، من أجل إشرافها على التطبيق الاشتراكي العلمي، تجاه الإنسان، وتجاه المجتمع الإنساني، الذي تشع إنسانيته، بتحقيق الدولة الاشتراكية، التي يختفي منها الفساد بصفة عامة، كما يختفي منها البؤس، والفقر، والمرض، بصفة خاصة، ولا مجال، في الدولة الاشتراكية، لشيوع الدين الإسلامي المؤدلج، الذي يستعبد أتباعه، ويجيشهم ضد التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية. أما الدين الإسلامي، كمعتقد من بين المعتقدات، التي يعتقدها الناس، كشأن فردي، من منطلق أن الدولة الاشتراكية، هي دولة علمانية، في نفس الوقت. والعلمانية لا تعني إلا أن على جميع المعتقدات، أن لا تتدخل في شأن الحكم، وأن تبقى منحصرة، كشأن فردي. والشأن الفردي له علاقة بالدين، أو بالمعتقد الذي يومن به كل فرد، ولا شأن للجماعة به، إلا فيما يخص أداء الطقوس بشكل جماعي، في أماكن محتجزة، لهذه الغاية، في الديانات السماوية الثلاث؛ لأن الدولة الاشتراكية، هي دولة كل من يعيش على الأرض، التي تحكمها، سواء كان معتقدا بدين معين، أو غير معتقد بأي دين، شرط أن لا يقحم دينه في الأيديولوجية، والسياسة.
وبالتالي، فإن الدولة الاشتراكية، هي دولة متقدمة، ومتطورة في اتجاه الأرض، خاصة وأن الإنسان طموح، إلى ما لا نهاية،إلى درجة أنه يطمح إلى أن يحكم نفسه بنفسه؛ لأنه يستطيع أن ينظم حياته الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، دونما حاجة إلى أية سلطة تؤول إلى الدولة، أو الحكومة التي تشرف على تنظيم الاقتصاد، والاجتماع، والثقافة، والسياسة، خاصة، وأن الدولة الاشتراكية، التي تتحول إلى اللادولة، مهمتها المرحلية: هي حماية النظام الاشتراكي، من بقايا الرأسمالية، التي لا يطمئن البلد إلا بصيرورتها اشتراكية.
اعتبار أهداف الاشتراكية مرحلية / استراتيجية:
إن معنى أن تصير الأهداف مرحلية استراتيجية، أن تلك الأهداف، تقوم بدور الهدف المرحلي، والهدف الإستراتيجي في نفس الوقت، بالنسبة للجماهير الشعبية الكادحة، وغالبا ما نجد أن الهدف المرحلي، هو الذي يتم تحقيقه، في أفق العمل على تحقيق الهدف الإستراتيجي؛ لأن تحقيق أي هدف مرحلي، يقربنا من تحقيق الهدف الإستراتيجي، ما لم يتحول الهدف المرحلي القريب، أو المتوسط، إلى هدف استراتيجي، كما هو الشأن بالنسبة إلى الانتخابات، أي انتخابات.
ففي الدول المتقدمة، والمتطورة، تكون الانتخابات، عادة، هدفا مرحليا، للوصول إلى تحقيق هدف استراتيجي، يمكن الوصول إليه، عن طريق صناديق الاقتراع، كما حصل في أميريكا اللاتينية، وكما يمكن أن يحصل في أي بلد تحترم فيه الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ويتحرر فيه الإنسان من العبودية، والاستبداد، والاستغلال، ليصير صوته، الذي يدلي به، مرتبطا باقتناعه بما يعرض عليه من برامج الأحزاب. الأمر الذي يترتب عنه: اعتبار الانتخابات مجرد هدف مرحلي، في أفق تحقيق الهدف الإستراتيجي.
أما عندما لا تحترم الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، فإن الدولة، في مثل حالة المغرب، تصير معتمدة لديمقراطية الواجهة. ولذلك فهي تعتبر الديمقراطية هي الانتخابات، والانتخابات التي لا تكون حرة، ونزيهة، هي الديمقراطية. وفي هذه الحالة، تتحول الديمقراطية إلى وسيلة لنشر الفساد في المجتمع، ليصير الوصول إلى المؤسسات المنتخبة، وسيلة لاستثمار الفساد، في تحقيق التطلعات الطبقية، التي يسعى الفاسدون إلى تحقيقها، وبالسرعة المطلوبة، بعيدا عن الانخراط في الممارسة الديمقراطية الفاسدة أصلا، وفي الانتخابات التي لا تكون إلا فاسدة، من أجل الوصول إلى المجالس، التي أريد لها أن تكون فاسدة، والذين يحققون تطلعاتهم الطبقية، هم الذين يتحكمون في الجماعات الترابية، التي يمتصون دماءها، ويجعلونها في خدمة مصالحهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي يستثمرونها لخدمتهم.
ولكن عندما نعمل على تحقيق الديمقراطية، بمضامينها المختلفة، وعندما يتمكن أفراد المجتمع من التمتع بحقوقهم الإنسانية، ويمتلكون وعيهم الطبقي الحقيقي، فإن الانتخابات لا بد أن تكون حرة، ونزيهة. وبالتالي، فإن الانتخابات تتحول إلى هدف مرحلي، والديمقراطية بمضامينها المذكورة، تحافظ على هويتها الاستراتيجية، مثلها مثل تحقيق التحرير، وتحقيق الاشتراكية، التي يجمعها كونها أهدافا مرحلية / استراتيجية، لا يمكن تحقيقها إلا بالقضاء على الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، والإداري، في الإدارات العمومية، والجماعية، والقضاء على نظام الامتيازات، والريع المخزني، التي تشكل جميعها أرضية لإنتاج الفساد الانتخابي، وفي أفق ذلك، لا بد من التخلص من الممارسة المخزنية، حتى تصير السلطة للشعب الديمقراطي، كهدف مرحلي استراتيجي.
الفرق بين المرحلي والإستراتيجي:
بالنسبة للأحزاب الرجعية، والإدارية، وحزب الدولة، وغيرها، بما في ذلك الأحزاب، والتوجهات الظلامية، أو المؤدلجة للدين الإسلامي، كل حزب، أو توجه، حسب هواه، فإن أهدافها المرحلية، هي تضليل الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، من أجل تحقيق الهدف الإستراتيجي، المتمثل في تأبيد الاستبداد القائم، وبكل أمراضه الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ما دام هذا الاستبداد القائم، يخدم المصالح الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، للمنتمين للأحزاب، والتوجهات المذكورة. وإلا، فإن بعضها، إذا كان لا يستفيد في ظل هذا الاستبداد القائم، فإنه يسعى إلى تأسيس استبداد بديل، عن طريق الاستغراق في أدلجة الدين الإسلامي، نظرا للقطاع العريض، المتفاعل مع الاستغراق في الأدلجة المذكورة.
وبالنسبة للأحزاب البورجوازية الصغرى، التي تأخذ، أيديولوجيا، من هنا، ومن هنا، وتقول هذا لنا، مما يجعل أيديولوجيتها خليطا من مجموع الأيديولوجيات القائمة في المجتمع، التي تؤلف فيما بينها، بما فيها أيديولوجية الظلاميين، من أجل جعل تحقيق الهدف المرحلي، المتمثل في ممارسة تضليل الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، في أفق إيجاد أرضية مناسبة، يمكن استغلالها استغلالا غير مشروع، لتحقيق الهدف الإستراتيجي، المتمثل في تحقيق التطلعات الطبقية، التي تمكنها من التصنيف إلى جانب الطبقات العليا: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا.
أما العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين يتسلحون بالوعي الطبقي، الذي يقف وراء اكتسابهم له: المثقفون الثوريون، الذين يؤدون دورهم بامتياز، في تبليغ الوعي الحقيقي، إلى أصحابه الحقيقيين، الذين يمتلكون وعيهم الحقيقي بالذات، وبالواقع، الذي يعيشونه في مستوياته المختلفة، وبالموقع في علاقات الإنتاج، وبفائض القيمة، وأين يذهب ذلك الفائض، وبالفساد، في مستوياته الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والإدارية، فإن الهدف المرحلي بالنسبة إليهم، هو التخفيف من حدة الاستغلال، ووضع حد للفساد في مستوياته المختلفة. أما الهدف الإستراتيجي، فيتمثل، بالنسبة إليهم، في تغيير الواقع تغييرا جذريا، وشاملا، حتى يصير في خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وفي نفس الوقت، مجموع أفراد الشعب المغربي، ولذلك، فالفرق القائم بين الهدف المرحلي، والهدف الإستراتيجي، يتمثل في:
1) أن الهدف المرحلي: هو الذي يمكن تحقيقه على المستوى القريب، أو المتوسط، عن طريق النضال النقابي، أو الحقوقي، أو الجمعوي: الثقافي، أو التربوي، أو التنموي، الذي يفترض الرضوخ إلى مطالب الجماهير الشعبية الكادحة، حتى يصير في خدمة الهدف الإستراتيجي.
2) أما الهدف الإستراتيجي، فهو الذي يسعى إلى تغيير الواقع، تغييرا شاملا، انطلاقا من البرنامج المرحلي / الإستراتيجي، يناضل من أجل تحقيقه الحزب الثوري، سعيا إلى تحقيق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، وإقامة الدولة الاشتراكية.
هل المرحلي في خدمة الإستراتيجي، أو العكس؟
إننا عندما ندرس التشكيلات الاقتصادية / الاجتماعية، التي عرفتها البشرية، منذ وجودها، إلى اليوم، ومنذ التشكيلة العبودية، ومرورا بالتشكيلة الإقطاعية، ووصولا إلى التشكيلة الرأسمالية، في أفق التشكيلة الاشتراكية، التي لا تعتبر حسب تمرحل التاريخ، إلا مرحلة ما قبل التشكيلة الأعلى.
فالوصول إلى قيام التشكيلة العبودية، كان محكوما بالعمل على تحقيق الهدف المرحلي، بالعمل على إنضاج شروط انقسام المجتمع إلى أسياد، يمتلكون القوة اللازمة، لجعل المجتمع، كذلك، يخضع لمن أصبحوا يسمون بالأسياد، الذين يمتلكون قوة السيطرة على جميع أفراد المجتمع، وتحويلهم إلى مجرد عبيد لهم، لتنشأ بذلك التشكيلة العبودية، التي تتكون من طبقتين رئيسيتين: طبقة الأسياد، وطبقة العبيد، أما الطبقة الوسطى، فتتكون من القوات المعتمدة، في عملية إخضاع باقي أفراد المجتمع المشاعي سابقا، إلى عبيد.
ومعلوم أن طبقة الأسياد، تصير متحكمة، بواسطة قواتها، في العبيد الذين يشكلون غالبية الشعب.
والهدف المرحلي للعبيد، هو مجيء قوة تحركهم، في اتجاه تحولهم إلى شيء آخر، غير ملك الرقبة، فعاشوا مرحلة معينة، حتى تكون الإقطاع، على أساس امتلاك الأراضي الواسعة، ليعمل الإقطاع على القضاء على التشكيلة العبودية، ليتحول العبيد من ملكية الرقاب، إلى عبودية الأرض. وهو ما يعرف في التشكيلة الإقطاعية: بعبيد الأرض، التي يصير فيها العبيد لا يعرفون إلا استخدام العضلات، في فلاحة الأرض، وتربية المواشي، يباعون، ويشترون، تبعا لبيع، أو شراء الأرض بعبيدها، الذين الذين ينتظرون مجيء قوة خارقة، لتحويلهم إلى شيء آخر، غير عبودية الأرض، فكانت الثورة البورجوازية، التي عملت، بعد إقامة دولتها، على أساس انهيار الإقطاع الفرنسي، بقيادة لويس الرابع عشر، لتعمل البورجوازية، في أوروبا كلها، على تحرير عبيد الأرض، بعد القضاء على الحكم الإقطاعي، بطريقة، أو بأخرى.
ولأن الطبقة العاملة تمتلك وعيا معينا، من خلال وقوفها وراء إنتاج الخيرات المادية، والمعنوية، وبما أنها تعمل بشكل جماعي، فإنها تستطيع إنتاج وعيها بالأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، فإن هذه الطبقة، تستطيع أن تنظم نفسها، إلى جانب الأجراء الآخرين، وسائر الكادحين، في نقابات، وجمعيات حقوقية، وثقافية، وتربوية، وتنموية، تمكن كل الكادحين، من تحقيق أهداف مرحلية، كما تستطيع الانخراط في أحزاب ثورية، وتعمل على قيادة نضالاتها، في أفق تحقيق الأهداف المرحلية / الإستراتيجية.
فالبرنامج المرحلي / الإستراتيجي، لا يمكن الحديث عنه، إلا في المرحلة الرأسمالية. والبرنامج المرحلي / الإستراتيجي، هو الذي تكون فيه العلاقة القائمة بين المرحلي / الإستراتيجي، علاقة جدلية، يكون فيه المرحلي في خدمة الإستراتيجي، وفي نفس الوقت، يكون الحرص على الوصول إلى تحقيق البرنامج الإستراتيجي، في خدمة التسريع بتحقيق البرنامج المرحلي.
وقد تكون الشروط غير ناضجة، لتحقيق البرنامج الإستراتيجي في البلدان التابعة، نظرا لغياب شروط التحول في اتجاه تحقيق البرنامج الإستراتيجي، مما يطيل من عمر الأنظمة المتخلفة، فيصير من واجب اليسار المناضل، بالخصوص، العمل على إنضاج الشروط المطلوبة، في اتجاه تحقيق الاشتراكية، كهدف استراتيجي.
تعاطي الجماهير الشعبية الكادحة مع الحزب الثوري، ومع الصحافة الثورية، في أفق التغيير المنشود:
والجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، عندما تتفاعل مع تنظيم الحزب الثوري، وتقتنع به، وتعمل على الانتظام في إطاره، وتسعى إلى جعله يقود نضالاتها المطلبية، بمبدئية، وبمبادئية، وبإخلاص، في أفق انتزاع البرامج المرحلية القريبة، أو المتوسطة، في أفق الرضوخ إلى تحقيق البرنامج المطلبي إلى فرض التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، في نهاية المطاف، ليقوم الحزب الثوري: إما بمفرده، أو في إطار تحالف معين، أو في إطار فيدرالية اليسار الديمقراطي، أو بواسطة الجزب الاشتراكي الكبير، أو في إطار الجبهة اليسارية، أو الجبهة الوطنية للنضال من أجل الديمقراطية.
وارتباط الجماهير الشعبية، وطليعتها الطبقة العاملة، بالحزب الثوري، كان يهدف إلى:
ـ دراسة برامجه المرحلية / الإستراتيجية، من أجل استيعابها، والمساهمة في تطورها، وتطويرها، انطلاقا من الشروط الجديدة، التي يجب أن ينسجم معها البرنامج، حتى يصير أكثر تأثيرا في الواقع، وفي العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ومن أجل أن تزداد الجماهير الشعبية المعنية تمسكا بالحزب الثوري، وارتباطا ببرنامج الحزب، وبأيديولوجيته، وبالانتظام فيه، والسعي إلى تحقيقه اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا.
ـ التشبع بأيديولو جية الحزب الثوري، والتعمق في دراستها، واستيعابها، مع الاهتمام بدراسة الاشتراكية العلمية كفلسفة، وكعلم، وكمنهج علمي، قاد الحزب الثوري إلى بناء ايديولوجية الطبقة العاملة، على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، والعمل على تفعيل تلك الأيديولوجية، في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وفي صفوف الشعب المغربي، بتوظيف كل الوسائل التعليمية، والإعلامية، لجعل الشعب المغربي يحتضن أيديولوجية الطبقة العاملة، بدل أيديولوجية الظلاميين، التي لا تنتج إلا التخلف المستقبلي، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.
ـ التشبع بالإعلام الحزبي الثوري، أو بالصحافة الثورية، التي يصدرها الحزب الثوري، حتى تصير الجماهير الشعبية الكادحة، متتبعة لحياة الحزب الثوري النضالية، وما يقوم به من أجلها، في أفق انعتاقها من الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، ومن أجل أن تنخرط، وبطريقة عفوية، في النضال الذي يقوده الحزب الثوري، في أفق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، والشروع مباشرة في بناء الدولة الاشتراكية، كإطار لتفعيل مكتسبات الثورة، التي تحقق الأهداف المرحلية / الإستراتيجية الثورية.
ـ المساهمة الجماهيرية الفعلية، في جعل الحزب الثوري يتجذر في صفوف الشعب المغربي، حتى يصبح الحزب الثوري، والشعب المغربي شيئا واحدا، بالنسبة للمستقبل، الذي يصير لصالح الكادحين، ولصالح الشعب المغربي.
ومعلوم أن الجماهير الشعبية الكادحة، عندما تقتنع بضرورة التغيير، الذي يصير لصالحها، وبقيادة الحزب الثوري، فإنها تنحرط، ومن الباب الواسع، في العمل على تحقيق الأهداف المرحلية / الإستراتيجية، التي ستعمل، وحدها، على تحقيق التغيير لصالح الجماهير الشعبية الكادحة، حتى يصير ذلك التغيير، من أجل الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، وبالجماهير التي تتحمل مسؤولية حماية المكتسبات الثورية.
الواقع الجديد الذي تحققه الثورة، لا يكون إلا لصالح الكادحين:
عندما حرص الشهيد عمر بنجلون، على اعتبار أيديولوجية الطبقة العاملة، أيديولوجية للكادحين، كان يدرك، جيدا، أن الطبقة العاملة هي الطبقة التي لا تناضل من أجل تحقيق مصلحتها الطبقية، من منطلق أن مصلحتها، هي مصلحة المجتمع ككل، بنسائه، ورجاله، بكادحاته، وكادحيه، في إطار تحقيق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية؛ لأن هذه الأهداف المرحلية / الإستراتيجية، عندما تتحقق بنضالات العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وبقيادة الحزب الثوري، وبتوجيه الصحافة الثورية، المقروءة، والمسموعة، والمسموعة / المرئية، والإليكترونية، المتتبعة للنشاط الحزبي، وعلاقته بالنشاط الجماهيري، وتعمل على أن يكون النشاط الحزبي الثوري، في متناول الشعب، وأن يكون الوعي الشعبي بأهداف الحزب الثوري، المرحلية الإستراتيجية، في خدمة الجزب الثوري؛ لأن ذلك الوعي الشعبي، يقلص المسافة بين الجزب الثوري، الذي يقود العمل الثوري، وبين تحقيق الأهداف المرحلية / الإستراتيجية، التي لا تكون إلا في خدمة الشعب ككل.
وإذا كانت طبقة الأسياد، لا تخدم إلا مصلحة الأسياد، في امتلاكهم للعبيد، وكانت طبقة الإقطاع، لا تخدم إلا مصلحة الإقطاعيين، من خلال سياسة الدولة الإقطاعية، وكانت طبقة البورجوازية، تحرص، من خلال سياسة الدولة البورجوازية، على خدمة مصالحها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، فإن الطبقة البورجوازية الصغرى، تحرص على أن تكون السياسة الحكومية، في خدمة تحقيق تطلعاته الطبقية، موظفة كل الوسائل التي تمكنها من ذلك، بما في ذلك أدلجة الدين الإسلامي، التي تتحول إلى دين جديد، يصير في خدمة تحقيق التطلعات الطبقية، وبما في ذلك أيضا التحايل على قيادة حزب الطبقة العاملة، من أجل توظيف التواجد في القيادة، في المساومة التي تمارسها، عادة، القيادات التي تدعي أنها تناضل من أجل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من خلال قيادتها للأحزاب التي تقتنع بالاشتراكية العلمية، ولكنها، في نهاية المطاف، لا تسعى إلا لتحقيق التطلعات الطبقية الخاصة بها، لتنفضح بذلك، كما حصل في الحركة الاتحادية الأصيلة، في 8 مايو 1983، حيث نجد أن المكتب السياسي، في ذلك الوقت، قاد عملية الانشقاق من الأعلى. وهو ما يثبت أن الطبقة العاملة، التي قاد نضالاتها الحزب الثوري، هي وحدها التي تقوم بعملية إنجاز ثورة، لصالح مجموع أفراد الشعب المغربي، بعد القضاء على كل الأمراض الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وبعد اجتثاث جذور الفساد من المجتمع، ومن الإدارة، ومن الممارسة السياسية.
وهكذا، تصير الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، هي المستفيدة، بالدرجة الأولى، من العمل الثوري، الذي يقوده حزب الطبقة العاملة، الذي هو الحزب الثوري، في نفس الوقت، وبعد تحقيق الأهداف المرحلية / الإستراتيجية؛ لأن جزب الطبقة العاملة، أو الحزب الثوري، يختلف عن كل الأحزاب، التي لا تخدم بسياستها إلا الطبقات المستغلة، بما فيها أحزاب البورجوازية الصغرى، التي لا تسعى إلا لتحقيق تطلعاتها الطبقية.
وهذا الاختلاف، بين الحزب الثوري، وباقي الأحزاب، يتمثل في كون تحقيق الأهداف المرحلية / الإستراتيجية، من أجل مجموع أفراد المجتمع الخالي من كل الأمراض: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ومن الفساد الإداري، والسياسي، ومن الريع المخزني، ومن الاتجار في الممنوعات، ومن التهريب من وإلى المغرب؛ لأن الأمراض المختلفة، عندما تنتشر في المجتمع، ولأن الفساد عندما يسود، في واقع ما، يصير غير قادر على الاستمرار، في قبول القيام بثورة ما، بقيادة الحزب الثوري، وبتوجيه من الصحافة الثورية، في أفق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.
ولكن عندما يتم التخلص من الأمراض المختلفة، وعندما يتم اجتثاث الفساد، تصبح إمكانية تحقيق أهداف الثورة المرحلية / الإستراتيجية ممكنة.
عندما تتعامل الجماهير الشعبية، بشكل سلبي، مع الحزب الثوري:
إن المفروض في الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، أن تمتلك وعيها الطبقي، ووعيها بذاتها، في نفس الوقت، وبموقعها من علاقات الإنتاج، وبفائض القيمة، وبوقوفه وراء تراكم الثروات الهائلة لدى الطبقة البورجوازية المالكة لوسائل الإنتاج، وبضرورة الانتظام في النقابات، وفي الجمعيات، من أجل فرض التخفيف من حدة الاستغلال المادي، والمعنوي، والعمل على امتلاك الوعي الطبقي، الدافع، أو الموحي بضرورة الانتظام في الحزب الثوري، الذي يقود نضالات الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، في أفق تحقيق الأهداف المرحلية / الإستراتيجية، لتحقيق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، والمرور إلى بناء الدولة الاشتراكية، التي تأخذ على عاتقها: حماية نتائج الثورة من أي تحريف، وأي ردة، وأي هجوم رأسمالي / رجعي / ظلامي، على ما تحقق لصالح الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة.
غير أن العكس، هو الذي يحصل في هذا الوطن الفاسد، وفي هذه الدولة الفاسدة.
فالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، يعتقدون أن استغلالهم في عملية الإنتاج، وفي مجال الخدمات، هو نعمة من الباطرونا، التي تهدد بالطرد، أو بالفصل من العمل، كل من امتلك ذرة من الوعي الطبقي، وطالب بحق من حقوقه، يكون نصيبه الفصل من العمل، مما يجعل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، لا ينتظمون إلا بنسبة قليلة في النقابات، وفي الجمعيات، مما لا يتجاوز حسب بعض الإحصائيات 15 في المائة.
أما الانتظام في الحزب الثوري، وفي أحزاب اليسار بصفة عامة، قد يقل كثيرا عن 05 في المائة، من العاملين في قطاعات الإنتاج، وفي قطاعات الخدمات، وقد يبقى في حدود نسبة محددة، الأمر الذي يترتب عنه، أن العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، يقبلون بممارسة الفساد السياسي. وهو يجعل الفساد، في مستوياته المختلفة، وخاصة، منه، الفساد السياسي، والإداري، يزداد استشراء، ليفتك بمستقبل الشعب المغربي: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، لتصير الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، قابلين حميعا لما يمارس عليهم من الاستغلال.
فما هي مهمة الحزب الثوري، في مثل هذه الحالة، التي تجعله لا يستطيع تجاوز انكماشه؟
هل يعمل هذا الحزب الثوري على حل نفسه؟
هل يغير برنامجه المرحلي / الإستراتيجي؟
إن الحزب الثوري الذي نتكلم عنه، هنا، في المغرب، هو حزب، تضرب جذوره في عمق تاريخ حركة التحرر الوطني، في أوائل القرن العشرين، ومرورا بالعمل على امتلاك الوعي في مستوياته الطبقية / الوطنية، منذ ثلاثينيات القرن العشرين، والأربعينيات منه، ومرورا بحركة التحرر الوطني، وبجيش التحرير في جنوب المغرب، وفي شماله، وشرقه، وغربه، وبحركة المقاومة، وبخوض تجربة المفاوضات، من أجل استقلال المغرب، وبتأسيس الحركة الاتحادية الأصيلة، التي تجمع بين جيش التحرير، والمقاومة، والطبقة العاملة، والطلبة، والتلاميذ، وغير ذلك، في أفق خوض الصراع، من أجل تحرير الإنسان. وظهرت في هذه المرحلة قيادات، لعبت دورا رائدا في تاريخ المغرب، من أمثال الشهيد المهدي بنبركة، ليتدخل الحكم في تشويه التاريخ، عن طريق توظيف الريع المخزني، وبعد القضاء النهائي على جيش التحرير في الشمال، وفي الجنوب، وصولا إلى جعل امتيازات الريع المخزني، هي الوسيلة لخلق جيش من العملاء، ليعضد كل ذلك بدعم التجمعات الظلامية، التي ساهمت، وتساهم في التراجعات الخطيرة، التي يعرفها المغرب، ليبني أجهزته القمعية، التي يبعد منها، كل من يشتم منه رائحة الانتماء إلى الحركة الاتحادية الأصيلة، مما يجعلها قادرة على التحكم في ممارسة الجماهير الشعبية الكادحة، حتى تحافظ على عمالتها للمخزن.
المرحلي / الإستراتيجي البعيد المدى، سعيا
الحزب الثوري لا يكون إلا بأفق مستقبلي:
وإذا كان الحكم، ومعه الرجعية الإقطاعية، والبورجوازية، والتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، قد استطاع تقديم امتيازات الريع إلى عملائه، الذين يتكاثرون حوله، ليزداد عددهم مع مرور الأيام، وليصير المجتمع المغربي مجتمعا يعيش على الريع المخزني، الذي تحول إلى أساس لكل أشكال الفساد: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، إلى درجة وقوف الدولة المخزنية وراء انتشار الفساد، عن طريق وقوفها وراء تقديم المزيد من امتيازات الريع إلى العملاء شمالا، وجنوبا، وشرقا، وغربا، وفي أي اتجاه، حيثما تواجدوا، ليقف هؤلاء المتمتعون بامتيازات الريع المخزني، وراء انبعاث كافة أشكال الفساد الأخرى، التي تخرب المجتمع المغربي، الذي صارت فيه الدولة فاسدة، والسياسة فاسدة، ووسائل العيش، في معظمها، فاسدة، ليصير الفساد، الذي يعم كل البلاد، هو المبتدأ، وهو المنتهى.
ولذلك، نجد أن من المهام المرحلية، التي على الحزب الثوري أن ينجزها، في مرحلة معينة، كجزء مكمل للنضال، من أجل التحرير، ومن أجل الديمقراطية، ومن أجل الاشتراكية.
فالفساد القائم، في كل مناحي الحياة، وفي الإدارة المغربية، وفي الاقتصاد، وفي الاجتماع، وفي الثقافة، وفي السياسة، يتناقض تناقضا مطلقا مع التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.
ولذلك، نجد أن التحرر من كل أشكال الفساد، تحرر من الفساد، كشرط لتحرير الأرض، والإنسان، وتحرر من الانشداد إلى هضم حقوق الآخر، الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ومساهمة أساسية في العمل من أجل الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، وهي، في نفس الوقت، تمهد الطريق أمام تحقق الاشتراكية، التي لا تعني إلا الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج المادي، والمعنوي، والتوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، وجعل الملكية الفردية محدودة، والحرص على إمكانية جعل تلك الملكية، قابلة لأن تتحول إلى ملكية عامة.
ومعلوم، أن العلاقة بين التحرير،، والديمقراطية، والاشتراكية، بقدر ما هي علاقة عضوية، فهي كذلك علاقة جدلية، فهي ترتبط ارتباطا عضويا، وجدليا، في نفس الوقت, وهو ما يترتب عنه أن النضال ضد الاستعباد والاستبداد والاستغلال هو نضال ضد الفساد في نفس الوقت، باعتباره منتوجا للعبودية، والاستبداد، والاستغلال، وعلى رأس كل أشكال الفساد: الريع المخزني، الذي يقف وراء كل أشكال الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والإداري، والسياسي.
ومحاربة الفساد، دون محاربة المفسدين، يعتبر مسألة غير مقبولة منطقيا، ومعرفيا. ولذلك، فمحاربة الفساد، يجب أن ترتبط، عضويا، بمحاربة الفاسدين، والمفسدين، في أفق إخلاء المجال، من كل من يقف وراء إنتاج الفساد، سواء كان راسبا، أو مترسبا في أي إدارة، وفي السلطة، أو كان ممارسا للسياسة، أو عضوا جماعيا، أو برلمانيا، أو تاجرا في الممنوعات، أو مهربا للبضائع، من، وإلى المغرب؛ لأن خلو المجال من الفساد، والمفسدين، شرط الدولة الاشتراكية، باعتبارها دولة الحق، كما تفهمه الاشتراكية، والقانون، كما هو متلائم مع الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وحقوق العمال، مع وضع حد لاستنبات البورجوازية، والإقطاع، والإقطاع الجديد، والتحالف البورجوازي / الإقطاعي المتخلف.
وعندما يصير المجتمع خاليا من كل أشكال الفساد، يصير معدا، فعلا، إلى العمل الدؤوب، من أجل تحقيق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، باعتبارها أهدافا مستقبلية، مما يجعل الحزب الثوري، حزبا مستقبليا، وأفقه مستقبلي، وأهدافه مستقبلية، وعمله مستقبلي، باعتبار الأهداف التي يناضل من أجلها، تشكل أمل الإنسانية، باعتبارها أهدافا مرحلية / استراتيجية.
تحرر الكادحين من الاستعباد، والاستبداد، عمل مستقبلي:
فإذا كان الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، يشكل ثلاثية مسؤولة، عن تردي الأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ليبقى التخلف متراكما منذ القدم، إما على يد الدول القائمة، أو في عهد الاحتلال الفرنسي، والإسباني، الذي عرفه المغرب، منذ قيام دولة الأدارسة، على الأقل، إن لم يكن ذلك قد حصل من قبل.
فالعبودية فعل ماضوي، لا زال الشعب التواق إلى التحرر منه، يعاني منه حتى الآن. والتحرر من العبودية، لا يمكن أن يعمل على تحقيقه، إلا حزب ثوري.
والاستبداد، كذلك، فعل ماضوي قائم في واقع الشعب المغربي، التواق إلى التحرر من الاستبداد، الذي لا يمكن، كذلك، أن يعمل على تحقيقه، إلا الحزب الثوري.
والاستغلال، كذلك، فعل ماضوي، يقود إلى تراكم الثروات الطبقية، أو الطبقات الممارسة للاستغلال المادي، والمعنوي، الذي يعاني منه الشعب المغربي، منذ قيام الدولة المغربية، أو منذ تسلط الأجانب على المغرب، ولا يمكن التحرر من الاستغلال، إلا بالقيام بدور رائد، يقوده الحزب الثوري، الذي يسعى إلى تحرر الشعب المغربي، من الاستغلال المادي، والمعنوي، بصيرورة ملكية وسائل الإنتاج، ملكية جماعية، تقود إلى التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية.
وإذا كانت العلاقة القائمة بين الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، هي علاقة عضوية / جدلية، إلى درجة أن العبودية، لا تتكرس إلا بالاستبداد، وأن الاستبداد لا يتم إلا من أجل الاستغلال، الذي يمارس على الشعب ككل، وأن الاستغلال لا يستمر إلا بدوام العبودية، والاستبداد، وأن العبودية لا تستمر إلا بتأكيد الاستبداد، وتعميق الاستغلال، وأن الاستبداد لا يتأكد إلا بتكريس العبودية، وتعميق الاستغلال.
إن هذه العلاقة العضوية / الجدلية، لا يمكن التأثير فيها، والعمل على تفكيكها جزئيا، أو كليا، إلا بالنضال المستمر البعيد المدى، من أجل التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، والعمل على بث الوعي الطبقي، في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذي يكون مصحوبا بالدور الذي تلعبه البورجوازية الصغرى، المريضة بتحقيق تطلعاتها الطبقية، لصالح الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، كما يكون مصحوبا بالوعي بالدور الذي يقوم به الظلاميون، المؤدلجون للدين الإسلامي، لصالح تأبيد الاستبداد القائم، الذي يترتب عنه تعميق الاستعباد، والاستغلال، أو العمل على فرض استبداد بديل.
وإذا لم يتم اعتماد النضال المستمر، من أجل التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، فإن الحاجة إلى الحزب الثوري، باعتباره حزبا للطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ستنعدم في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ستنعدم في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ويصبح الحزب الثوري حزبا أجوف، لا قيمة له، ومن ينتمون إليه، لا يرتبطون لا بالعمال، ولا بباقي الأجراء، ولا بسائر الكادحين. والحزب الصوري، الذي لا يمكن أن يكون في مستوى الحزب الفاعل، والمفعل، في صفوف الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، حتى لا يضطر إلى الاستقواء بأطراف من خارجه؛ لأن قوة الحزب في قوته الأيديولوجية، والتنظيمية، والسياسية، وفي امتداداته الجماهيرية، عبر التنظيمات النقابية، والحقوقية، والثقافية، والتربوية، التي يعمل فيها مناضلو الحزب الثوري، وعبر وسائل إعلامه الورقية، والسمعية، والسمعية / البصرية، والإليكترونية، وغيرها من الوسائل، التي يمكن أن تكون في متناول الحزب الثوري، من أجل العمل على تحرير الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، من أجل إعدادها، إعدادا جيدا، في أفق العمل على فرض تحريرها، من الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، وتحقيق الديمقراطية، والاشتراكية، التي بدون الحزب الثوري، لا يمكن أن تتحقق على أرض الواقع.
قيام الحزب الثوري بتحقيق الأهداف المرحلية / الإستراتيجية، لا يكون إلا لصالح الكادحين:
وعادة ما يكون الحزب، أي حزب، طبقيا، فإن معنى ذلك: أن الحزب لا يكون إلا معبرا أيديولوجيا، وسياسيا، عن مصالح طبقة اجتماعية معينة، عن طريق الاقتناع بأيديولوجيتها، وبسياسة حماية المصالح الطبقية، كما هو الشأن بالنسبة للحزب الإقطاعي، والحزب البورجوازي، وأحزاب البورجوازية الصغرى، بما فيها أحزاب، وتوجهات مؤدلجي الدين الإسلامي، باعتبار أحزاب البورجوازية الصغرى، مضللة للجماهير الشعبية الكادحة، وعاملة على استغلالها، في تحقيق أهدافها الدنيئة، والمنحطة.
فحزب الطبقة العاملة، أو الحزب الثوري، لا يشذ عن هذه القاعدة. فهو معبر أيديولوجيا، وسياسيا، عن مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، كحلفاء طبيعيين للطبقة العاملة، بالإضافة إلى المثقفين الثوريين، الذين اختاروا الانحياز إلى الكادحين، كغالبية للشعب المغربي. وهو، لذلك، يقتنع بالاشتراكية العلمية، ويبني، على أساس هذا الاقتناع، أيديولوجية الطبقة العاملة، كمعبر عن مصالح كل الكادحين/ أو أيديولوجية الكادحين، كما سماها الشهيد عمر بنجلون.
غير أن الاختلاف بين حزب الطبقة العاملة، وكل الكادحين، الذي يعتبر الطبقة العاملة كطبقة مشغلة لوسائل الإنتاج، وكمنتجة، عن طريق ذلك التشغيل، للخيرات المادية، التي توضع رهن إشارة المجتمع، يختلف عن الأحزاب الطبقية الأخرى، من خلال:
1) جعل أيديولوجية الكادحين، باعتبارها موجها لخوض الصراع الطبقي، أيديولوجيا، وسياسيا، سعيا إلى العمل على مواجهة الحكم، باعتباره مشرعا، ومنفذا لصالح الطبقة الممارسة للاستغلال المادي، والمعنوي، للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، سواء كانوا إقطاعيين، أو بورجوازيين، أو بورجوازية صغرى، أو تحالف بورجوازي إقطاعي، بهدف العمل على حماية الطبقة العاملة، والوصول بها إلى امتلاك وعيها الطبقي، وتحريرها من قيود الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، وتحقيق الديمقراطية، والاشتراكية.
2) الدفاع عن مصالح الشعب المغربي، في التمتع بحقوقه في التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية؛ لأن مصالح الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، هي نفسها مصالح الشعب المغربي، التواق إلى الانعتاق من الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال المادي، والمعنوين والتمتع بالتحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، حتى يساهم، بدوره، في بناء الحضارة الإنسانية، التي لا يمكن اعتبارها إلا حقوقا إنسانية.
3) بناء الدولة الاشتراكية، التي تكون مهمتها الأساسية، هي حماية مصالح الشعب، التي تعتبر امتدادا لمصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ومنع استنبات، أي شكل، من أشكال الاستغلال في المجتمع، والعمل على منع ظهور أي شكل من أشكال الفساد، الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، حتى يستمر المجتمع الاشتراكي، خاليا من مظاهر الفساد، والاستعباد، والاستبداد، والاستغلال.
والأحزاب الطبقية الأخرى، تنحصر مهمتها في إشاعة أيديولوجية الطبقة التي تعبر عن مصالحها، انطلاقا من أيديولوجية تلك الطبقة، التي تتكون من الإقطاعيين، أو البورجوازيين، أو من التحالف البورجوازي / الإقطاعي المتخلف، أو من البورجوازية الصغرى، بتوجهاتها المختلفة، بما فيها التوجه المؤدلج للدين الإسلامي، وهذه الأحزاب، تقف إلى جانب تكريس الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، ولا تدافع عن مصالح الشعب أبدا.
تحقيق التحرير والديمقراطية والاشتراكية قضاء على الاستعباد والاستبداد والاستغلال:
والإقطاع، والإقطاع الجديد، والبورجوازية، والتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، والبورجوازية الصغرى، بتلويناتها المختلفة، بمن فيها مؤدلجو الدين الإسلامي، عندما يحولون دون تحقيق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، انطلاقا من الاقتناع بالاشتراكية العلمية كوسيلة، وكهدف، ومن أيديولوجية الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ومن جعل الوعي الطبقي وعيا جماهيريا، ومن إشراك هذه الجماهير الواعية بذاتها، وبالأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وبالدور الذي تقوم به المؤسسة المخزنية، والطبقة الحاكمة، في جل موارد الدولة المخزنية، المصادرة من الشعب، ومن الديون المقترضة على حساب الشعب المغربي، في خدمة الإقطاع، والإقطاع الجديد، والبورجوازية، والتحالف البورجوازي / الإقطاعي المتخلف، والبورجوازية الصغرى، المشكلين جميعا للعمالة المخزنية، التي توصلهم، عن طريق الانتخابات غير الحرة، وغير النزيهة، إلى تحمل المسؤوليات الجماعية: المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية المتمثلة في مجلس المستشارين، الذي ينتخب من الناخبين الكبار، انتخابا غير حر، وغير نزيه كذلك، لأنه محكوم بالتوجيه، وبيع وشراء الضمائر، من أجل الوصول إلى مجلس النواب، بطرق غير حرة، وغير نزيهة، كذلك، وتكون، كذلك، محكومة بالتوجيه المخزني، وببيع، وشراء ضمائر الناخبين، ليصير بذلك التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، في خبر كان.
فعمل الإدارة المخزنية، في الحيلولة دون تحقيق الأهداف المرحلية / الإستراتيجية للحزب الثوري، يدعمه انشغال الأحزاب الإقطاعية، والإقطاع الجديد، والبورجوازية، والتحالف البورجوازي / الإقطاعي المتخلف، بعملية العرقلة تلك، التي تقف وراء التخلف، الذي يبقى جاثما على العمل على هضم الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والمدنية، كما هي في صكوك حقوق الإنسان، وحقوق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.
وهذه الهجمات المخزنية المدعومة من قبل الأحزاب، والتوجهات المستفيدة، بالدرجة الأولى، من عدم احترام حقوق الإنسان، وحقوق العمال، وهضم تلك الحقوق، حتى لا تتاح إمكانية القضاء على الدور الذي يلعبه الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال في ظل سيادة الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.
وإن عزيمة الحزب الثوري، هي عزيمة قوية؛ لأن الحزب الثوري لا يمكن أن يتراجع عن النضال المتواصل، وبالصوت النضالي، مهما كلفه ذلك من تضحيات مادية، ومعنوية، وجسدية، في أفق تحقيق الأهداف المرحلية / الإستراتيجية على المدى القريب، أو المتوسط، أو البعيد، في حالة تحقق التحرير: (تحرير الإنسان والأرض)، بالنسبة للمغرب؛ لأنه لا معنى لتحرير الإنسان، في الوقت الذي لا زالت أطراف مهمة، محتلة، وكان المفروض أن يتم تحرير ها على مدى عمر الاستقلال ككل، وفي نفس الوقت، النضال من أجل تحرير الإنسان، أي فرد من المجتمع، الذي يصير متحررا بتحرر أفراده، والوصول إلى تحرير الأفراد، بتحرير المجتمع ككل، لا يعني إلا شيئا واحدا، وهو القضاء على العبودية، واجتثات شروط استنباتها في المجتمع، حتى يمكن الشروع في تحقيق مستقبل جديد، والمستقبل الجديد، لا يكون إلا ديمقراطيا: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، كمضامين تعطى للديمقراطية مضمونها الواقعي، خاصة، وأن ما يسمونه في المغرب بالديمقراطية، لا يمكن أن يتجاوز ديمقراطية الواجهة، التي تتوجه بالخطاب إلى الخارج. والخارج الرأسمالي، لا يمكن أن يعتبر إجراء انتخابات موجهة، ومزورة، وفاسدة سياسيا، إلا ديمقراطية، بمفهومها الليبرالي، قياسا على ما يجري في مختلف الدول الرأسمالية، على أنه ديمقراطية، ودون الانتباه إلى المضمون الخالي من الاقتصاد، والاجتماع، والثقافة، والسياسة؛ بل إن الديمقراطية، بالمضامين المذكورة، تقود بالضرورة إلى العمل على تحقيق الاشتراكية، باعتبارها، كذلك، هدفا مرحليا / استراتيجيا. وهو ما يترتب عنه: التخلص من الاستبداد، والاستغلال، إلى جانب التخلص من العبودية، وإلى الأبد، ليصير المقتنع ديمقراطيا، اشتراكيا، متحررا.
القضاء على الاستعباد، والاستغلال، والاستبداد، أمل الكادحين، وطليعتهم الطبقة العاملة:
وإذا كانت الطبقة العاملة، وكل الكادحين، يعانون من ويلات الإقطاع، والإقطاع الجديد، والبورجوازية، والتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، ومن البورجوازية الصغرى، بكل تلويناتها الأيديولوجية، والسياسية، بما فيها التنظيمات البورجوازية الصغرى، المؤدلجة للدين الإسلامي، والمضللة للكادحين، الذين صاروا يعتقدون أن أدلجة الدين الإسلامي، هي الدين الإسلامي، مع أن الأمر ليس كذلك؛ لأن أدلجة الدين، لا تعني إلا تحويلة إلا مجرد أيديولوجية، معبرة عن مصالح المؤدلجين، المنتمين إلى البورجوازية الصغرى، مما يمكنهم من تحقيق تطلعاتهم الطبقية، على أساس استغلال الدين الإسلامي: أيديولوجيا، وسياسيا، لتضليل المومنين بالدين الإسلامي، الذين يتحولون إلى وسيلة لتحقيق التطلعات الطبقية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسىة، ليستمر الكادحون في كدحهم، لصالح خدمة نمو الرأسمال المالي بالخصوص؛ لأن البورجوازية الصغرى، لا علاقة لها بالرأسمال الإنتاجي، أو الخدماتي، بقدر ما لها علاقة بأشياء أخرى، لا داعي لذكرها في هذا السياق، لأنها تؤدي إلى الربح السريع.
غير أن القضاء على الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، مكلف كثيرا، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، بالإضافة إلى أنها تحتاج إلى برنامج يمكن تحقيقه في الأمد القصير، وبرنامج يمكن تحقيقه في الأمد المتوسط، وآخر في أمد طويل. وهذه الآماد، تتداخل فيما بينها، وتتغير، باستمرار، تبعا للشروط القائمة، المساعدة على تحقيق برنامج معين، أو معرقلة له. الأمر الذي يترتب عنه: تحول في الآماد المحددة، وما كان يمكن تحقيقه في الأمد القريب، لا يمكن تحقيقه إلا في الأمد المتوسط، وما كان يمكن تحقيقه في الأمد المتوسط، يصير تحقيقه ممكنا في الأمد القريب، وما كان برنامجا استراتيجيا، يمكن أن يتحقق في الأمد القريب، أو المتوسط، إذا كانت الشروط القائمة مناسبة لذلك.
وإذا تمكن الحزب الثوري، من تقريب مسافة القضاء على الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، وتم تحقيق التحرير بمضامينه المختلفة، والديمقراطية بمضامينها المختلفة، والاشتراكية، التي تقود إلى التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية. وهذا التحقيق المرتبط بإنضاج شروط معينة، يأتي استجابة لتحقيق أمل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين يتحررون جملة، وتفصيلا، من الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، لتنفتح الآفاق أمام العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، في إطار قيام الدولة الاشتراكية، التي ينعدم فيها الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، ويصير في إطارها الشعب سيد نفسه، ويستطيع تقرير مصيره الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، بما يتناسب مع شرط قيام الدولة الاشتراكية، التي يستحيل منها العودة إلى الوراء، إذا استمر الحزب الثوري، في جعل وعي العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.
إن آمال العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، تبقى معلقة إلى حين، في أفق إعادة الاعتبار للحزب الثوري، ولأيديولوجيته القائمة، على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية: أيديولوجية معبرة عن مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وقائمة على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، كوسيلة، وكهدف، وصولا إلى تمكين كل الكادحات، والكادحين، من الاقتناع بأهمية كل ذلك.
أنتقال الدولة من خدمة المستغلين، إلى خدمة الشعب الكادح:
إن نضال الحزب الثوري، من أجل تحقيق برنامجه المرحلي / الإستراتيجي، هو نضال يسعى، في عمقه، من تحويل الدولة القائمة، أو الدولة البديل، من خدمة مصالح الإقطاع، والإقطاع الجديد، والبورجوازية، والتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، والبورجوازية الصغرى، والمتوسطة، ومنها فئاتها المؤدلجة للدين الإسلامي، من أجل استغلاله أيديولوجيا، وسياسيا، في أفق تحقيق التطلعات الطبقية، على حساب العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين يعانون الأمرين، من أجل أن يعيشوا، لا من أجل أن يتمتعوا بحقوقهم الإنسانية، وبحقوق الشغل، إلى خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، عن طريق فرض تحسين أوضاعهم المادية، والمعنوية، عن طريق الدور الذي تقوم الذي تقوم به النقابات المبدئية، والمبادئية المناضلة، وعن طريق الجمعيات الحقوقية، المبدئية، والمبادئية المناضلة، الساعية إلى جعل حقوق الإنسان في متناول الجميع، وعن طريق الجمعيات التربوية، الهادفة إلى جعل الإنسان الناشئ، يتحلى بقيم نبيلة، في أفق الوصول إلى الانخراط في الحياة النضالية على المستوى العام، وعلى المستوى القطاعي العام، أو الخاص.
ونحن، عندما نلزم أنفسنا، بالتعاطي مع النقابات المناضلة، أو الجمعيات المناضلة، فلأننا نرى أنها تقوم بدور رائد، في التخفيف من حدة الاستغلال المادي، والمعنوي، سعيا إلى التخفيف من حدة الاستغلال الطبقي، الذي صار يتخذ طابعا همجيا، في زمن الليبرالية الجديدة، التي لم يعد، لا العمل النقابي، ولا العمل الجمعوي، قادرا على الحد من همجية استغلالها. وهو ما يترتب عنه مضاعفة العمل الثوري، الساعي إلى تغيير الأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، في أفق القضاء على الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، وتحقيق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.
وعملية التغيير هذه، تقتضي العمل عل تفعيل المنظمات الجماهيرية، في أفق تحقيق الأهداف المرحلية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، القريبة، والمتوسطة المدى، حتى نفسح المجال أمام إمكانية العمل على تحقيق إنضاج الشروط المساعدة على تحقيق الهدف الإستراتيجي الشامل، المتمثل في القضاء على الاستعباد، وتحقيق التحرير الكامل للإنسان، والأرض، والشروع مباشرة في تحقيق الديمقراطية، بعد القضاء على الاستبداد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، والعمل، في نفس الوقت، على تحقيق الاشتراكية، التي تضمن التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، حتى ينال كل فرد، في المجتمع، نصيبه منها، والمرور إلى بناء الدولة الاشتراكية، باعتبارها دولة وطنية / ديمقراطية / علمانية، ودولة للحق والقانون.
ذلك، أن العلاقة بين الأهداف المرحلية / الإستراتيجية، المتمثلة في التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، ما هي إلا أهداف تربط بينها علاقة عضوية / جدلية؛ لأن التحرير بمضامينه المشار إليها، لا يتحقق إلا بتحقق الديمقراطية، والاشتراكية. والديمقراطية لا تتحقق إلا بالتحرير، والاشتراكية. والاشتراكية لا تتحقق إلا بالتحرير، والديمقراطية، مما يجعل العمل على تحقيق التحرير، هو في نفس الوقت عمل على تحقيق الديمقراطية، والاشتراكية، والعمل على تحقيق الديمقراطية، هو كذلك عمل على تحقيق التحرير، والاشتراكية، والعمل على تحقيق الاشتراكية، هو، كذلك، عمل على تحقيق التحرير، والديمقراطية. والفصل بينها، في مثل حالتنا، يعتبر تعسفا، والنضال من أجلها جميعا، لا يمكن أن يقوده إلا الحزب الثوري، الذي يسعى إلى تحقيق انعتاق المجتمع المغربي من الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، حتى يصير متحررا، وديمقراطيا، واشتراكيا.
وهذا الأفق الذي يناضل من أجله الحزب الثوري، هو الأفق الذي تتحول فيه الدولة المغربية، من خدمة الاستغلال المادي، والمعنوي، للشعب المغربي، من الطبقات المستغلة، إلى خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، حتى تصير، فعلا، في خدمة الشعب المغربي، الذي يصير سيد نفسه، قادرا على تقرير مصيره الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، في إطار الدولة الاشتراكية.
الثورة على الأوضاع القائمة، نقطة تحول في اتجاه تحقيق البديل الثوري:
إن هاجس الحزب الثوري، في ارتباطه بالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وبالمثقفين الثوريين، وبالشعب، وبالعمل على انتشار الوعي الطبقي بين الكادحين، وطليغتهم الطبقة العاملة، هو العمل على تحقيق البديل الثوري، بطريقة سليمة، ودون اللجوء إلى العنف الثوري، بمفهومه التقليدي، والذي جر الكثير من الويلات على الأحزاب الثورية، حول العالم، نظرا لأن الرجعية، بألوانها المختلفة، ولأن البورجوازية، ومن قبلها الإقطاع، ولأن التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، استطاعوا، جميعا، أن يعملوا على تضليل الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، لتصير، بذلك، مهمة الحزب الثوري، الذي لا يتلقى أي شكل من أشكال التمويل، ومن أي جهة، وكيفما كانت هذه الجهة، حتى يعجز عن العمل في محاربة التضليل، الذي تسلطه كل القوى الرجعية المتخلفة على الكادحين، الذين لا يستطيعون القيام بالمد الثوري، لعدم وعيهم بخطورة ما يفعله الأعداء الطبقيون بمستقبلهم، وبمستقبل أبنائهم، وبناتهم.
ومحاربة التضليل المتمكن من العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، والذي عمل على التأثير عليه، وشرعنته، وتحويله إلى وعي قيمي، يجعل الكادحين يتركون الدنيا، ما لها، وما عليها، لمن يملكها، وينصرفون إلى صلب الجنة المليئة بالحور العين، وبما لا عين رأت، ولا أذن سمعت بعد الموت، وهو ما يجعل أمر توعيتهم طبقيا، أمرا صعبا، يجعل الحزب الثوري يضاعف التفكير، في أفق إيجاد خطة محكمة، ومتكافئة، من أجل فك الحصار المضروب على الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، من قبل الدولة المخزنية، ومن قبل الإقطاع، والإقطاع الجديد، والبورجوازية، والتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، ومن قبل أحزاب البورجوازية الصغرى المتمخزنة، والمتحالفة مع الحكم، ومع الأحزاب الإدارية، ومع حزب الدولة، ومع الأحزاب، والتوجهات الظلامية، بالإضافة إلى استغلال الدين، لجعل الجماهير الشعبية الكادحة، تنحشر وراء مؤدلجي الدين الإسلامي، باعتبارهم موزعين لصكوك الغفران، سعيا إلى دخول الجنة، بعد الموت مباشرة، بدون الحاجة إلى يوم القيامة، كما جاء في القرءان. وهذا اليسار الذي يضر به هؤلاء جميعا، يستوجب على العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، أن يعملوا على جعل مهمة الحزب الثوري، في إيصال الوعي الطبقي إلى أصحابه الحقيقيين. وهذه المهمة، صارت صعبة جدا، فكأن الكادحين الواقعين بين كماشة الاستغلال الهمجي، وكماشة التضليل المتعدد المصادر، يصيرون في مجتمعنا المغربي، وكأنهم غير موجودين، وهؤلاء جميعا، تجدهم ينحشرون وراء من يستغلهم، ودون اقتناع منهم؛ وإنما خوفا من المقدمين، والشيوخ، ومن القائد، ومن العامل، ومن الحرمان من قفة كورونا، أو قفة رمضان. وكلما كانت هناك حملة انتخابية، ينحشرون وراء الأحزاب، التي تتكلم باسم هؤلاء جميعا؛ لأن كل حزب، بما لديه من انحشار للكادحين، وراء مرشحيه، فرح، بيعا للضمائر، وشرائها من قبل المرشحين، من أجل الوصول إلى المجالس الجماعية، لنهب مواردها، وإلى البرلمان، من أجل التمتع بالمزيد من الامتيازات، التي ترفع شأن ثروتهم، التي ليست إلا ريعا.
وكيفما كان الأمر، فإن الحزب الثوري، مستعد للمواجهة المباشرة، وغير المباشرة. فمحاولة تصحيح وعي الكادحين، يدخل في إطار المواجهة المباشرة مع الإقطاع، والإقطاع الجديد، ومع البورجوازية، والتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، ومع البورجوازية الصغرى، ومع الأحزاب والتوجهات الظلامية المؤدلجة للدين الإسلامي، من أجل إغلاق مصادر الوعي الزائف، الذي تسلطه على الكادحين، وسيعمل الحزب الثوري، بالإمكانيات المتوفرة، على جعل الكادحين يمتلكون وعيهم الطبقي.
البديل الثوري إعلان عن تحرير الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة:
إن عملية التغيير، المنشودة لصلح الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، ليست عملية سهلة، وفي المتناول، خاصة إذا كان يقود العمل من أجلها الحزب الثوري، الذي هو حزب الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وبالأخص، إذا كان هذا الحزب هو حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، كحزب للطبقة العاملة، وكحزب ثوري، في نفس الوقت، لكونه حزبا صادقا مع الجماهير، وبالجماهير، ومن أجل الجماهير الشعبية الكادحة.
وفي أفق تحقيق عملية التغيير المنشودة، لا بد من تحصين الحزب الثوري أيديولوجيا، وسياسيا، والعمل على تقوية التنظيم الثوري أيديولوجيا، بالعمل على تسييد أيديولوجية الكادحين، في المجتمع ككل، حتى تصير معبرة عن كادحي المجتمع ككل، ومن أجل أن يتغلغل الحزب في صفوفهم، مرورا بتوسيع التنظيم، وتقويته، وصولا إلى جعل مواقف المجتمع المغربي، من مختلف القضايا الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، هي نفسها مواقف الحزب الثوري، الذي يعتقد الجميع: أن الحزب الثوري، هو المجتمع، وأن المجتمع، هو الحزب الثوري.
وعندما يتحول المجتمع، في اتجاه الحزب الثوري، فإن الحزب الثوري، يتحول إلى دور الموجه، والقائد، في القيام بأي عمل جماهيري ثوري. ودور الموجه، يصير قائما، من خلال اعتبار الحزب الثوري، هو المرجع الأساسي، الذي يتم الرجوع إليه، في القيام بأي فعل ثوري، سواء تعلق الأمر بالاقتصاد، وبالاجتماع، وبالثقافة، وبالسياسة، باعتباره الواضح، والمتحكم في تصريف برنامجه المرحلي / الإستراتيجي، المتمثل في التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.
والحزب الثوري، الذي يصير قدوة للمجتمع ككل، يأخذ على عاتقه فك الحصار المضروب حوله، من قبل السياسة المخزنية، ومن قبل الطبقة الحاكمة، وجميع الأحزاب التي أنتجتها الإدارة المخزنية، وحزب الدولة، الذي أشرفت على تكوينه الدولة المخزنية، بالإضافة إلى ما صار يعرف في نفس (اليسار) المتمخزن، وكل الأحزاب، والتوجهات المؤدلجة للدين الإسلامي، بالإضافة إلى الطبقات الإقطاعية، والإقطاع الجديد، والبورجوازية، والتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، بالإضافة إلى شرائح البورجوازية الصغرى، المريضة بتحقيق التطلعات الطبقية، ليجد نفسه مواجها، ومصارعا للدولة، وللأحزاب، والطبقات الاجتماعية، خاصة، وأن الحصار المضروب حول الحزب الثوري، يهدف إلى جعله يتقلص، حتى يفقد القدرة على الاستمرار.
غير أن ارتباط الحزب الثوري بالجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، التي تعطي للحزب الثوري قوة الوجود، تساهم بشكل كبير، في تحرره من الحصار المضروب حوله، وفي نفس الوقت، حتى يقوم بدوره الرائد، في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين يجدون أنفسهم، وكأنهم غير موجودين، إذا لم يمتلكوا وعيهم الطبقي، الذي يكسبهم القدرة على مواجهة الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، والعمل على استئصاله من الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.
والدائرة المطلوبة لا تكتمل، إلا إذا تحول الوعي الذي يبثه الحزب الثوري في الواقع، إلى وعي جماعي للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين يصرون على تغيير الواقع تغييرا جذريا شاملا، للاقتصاد، والاجتماع، والثقافة، والسياسة، لأنه بدون التغيير المنشود، لا يمكن تحقيق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.
والحزب الثوري، الذي لا يخلص في نقل الوعي إلى أصحابه الحقيقيين، لا يمكن أن يكون في مستوى القيام بدوره، رغم الحصار المضروب عليه، خاصة، وأن الحزب الثوري، لا يحارب نفسه، ولا يمكن أن ينفصل عن الجماهير الشعبية الكادحة، وبالتالي، فإنه لا يمكن أن يتوقف عن بث الوعي في صفوفها، حتى تتحمل مسؤوليتها، أولا: في انتزاع حقوقها، وثانيا: في تغيير واقعها، من أجل أن يتحول إلى خدمتها.
الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، وسيلة لتحقيق الديمقراطية:
وهذه الجماهير الشعبية الكادحة، هي نفسها الجماهير الشعبية، التي يمكن الاعتماد عليها، في مقاومة ما يمكن تسميته بديمقراطية الواجهة، وتعمل على تحقيق الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، خاصة، وأن الديمقراطية الاقتصادية، لا تعني إلا التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية. والديمقراطية الاجتماعية، لا يمكن أن تعني إلا تمكين كل مواطن من حقه في التعليم، وفي الصحة، وفي الشغل، وفي السكن، وفي الترفيه، وغير ذلك، مما هو اجتماعي. والديمقراطية الثقافية، التي لا تعني إلا إعطاء الفرصة للثقافة المغبونة، ثقافة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين لا يستطيعون التعبير عن ثقافتهم، حتى تتفاعل مع الثقافات القائمة في المجتمع، خاصة وأن الثقافة، لا تنمو إلا بالتفاعل مع باقي الثقافات، ولا تتطور إلا بتطور ذلك التفاعل، الذي يجب أن يكون مستمرا، والثقافات القائمة في المغرب، تجعل الوسائل التثقيفية، تنحاز إلى الحكم، أو إلى الطبقة الوسطى، التي ينتمي إليها معظم المثقفين. وقلما نجد مثقفا منحازا إلى ثقافة الكادحين، الذين لهم اهتماماتهم الثقافية المختلفة، والتي إذا أتيحت له فرصة التعبير عن ثقافة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، فإنها تكشف عن معاناة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وعن ما يقوم به المستغلون من خروقات في حق هؤلاء الكادحين، من أجل إنتاج الخيرات المادية، والمعنوية، التي يحتاج إليها الشعب المغربي، ودون ضمان العيش الكريم لهم، ولأسرهم، من أجل حفظ كرامتهم جميعا. والديمقراطية السياسية، التي تلصق بها ديمقراطية الواجهة، التي تختصر الديمقراطية في إجراء انتخابات غير حرة، وغير نزيهة، كنتيجة لتضليل الرأي العام، مع أن الديمقراطية ليست هي الانتخابات، والانتخابات جزء لا يتجزأ من الديمقراطية، التي تجعل منها انتخابات حرة، ونزيهة. وإلا، فإنها مجرد محطة لتكريس الفساد السياسي، الذي لا يعبر إلا عن فساد الإدارة المنظمة للانتخابات، التي ليست حرة، وليست نزيهة، كما أنه لا يعبر إلا عن فساد الدولة. وفساد الدولة لا ينتج إلا الفساد.
ولذلك اعتبرت الجماهير الشعبية الكادحة، عندما تمتلك وعيها بضرورة العمل على تحقيق الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، كما اشرت إلى ذلك أعلاه، فإن هذه الجماهير، تعمل من أجل ذلك، وتحرص على الامتناع عن الانخراط في القبول بممارسة الفساد الانتخابي، الذي يعتبر جزءا لا يتجزأ من الفساد السياسي، وتقدم درسا بليغا للفاسدين، الذين تعودوا على الاستفادة من ممارسة الفساد السياسي، الذي يتم اختزاله في ممارسة الفساد الانتخابي.
وللتخلص من الفساد الانتخابي، لا بد أن يعمل الحزب الثوري، على إقامة إعلام هادف: متقدم، ومتطور، وقادر على مواجهة تشكل مظاهر الفساد الاقتصادي، والاجتماع،ي والثقافي، والسياسي، وساع إلى استئصال كل أشكال الفساد، المذكورة، من الواقع، حتى يصير الواقع محتضنا للديمقراطية، والديمقراطية محتضنة للواقع. لذلك نرى ضرورة تخلص الإدارة من الفساد، وتكون هيأة مستقلة تشرف على الانتخابات، مع الحرص التام على أن تكون حرة، ونزيهة، لا وجود فيها لكل مظاهر الفساد، التي لا تشرف أبدا الممارسة الديمقراطية، التي تحرص الجماهير الشعبية الكادحة على تحقيقها على أرض الواقع، على أساس الضرب بيد من حديد، كل من سولت له نفسه المس بحرية، ونزاهة الانتخابات، كجزء لا يتجزأ من الممارسة الديمقراطية، التي لا تكون إلا في خدمة الجماهير الشعبية الكادحة.
بناء الدولة الاشتراكية ضمان للتوزيع العادل للثروة:
وعندما يقوم الحزب الثوري بإنجاز مهام الثورة الاشتراكية، بالقضاء على الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال المادي، والمعنوي للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.
لكن هل تنتهي بذلك مهام الحزب الثوري؟
وهل يمكن القول بأن القضاء على الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، كاف لتحقيق الاشتراكية؟
ألا ترد الثورة المضادة، في حسابات الحزب الثوري؟
ألا تعمل الثورة المضادة على عودة الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، وبالهمجية المطلوبة؟
إن مهام الحزب الثوري، ومهام كل حلفائه، في إنجاز الثورة، لا تنتهي بالانتصار على الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال؛ بل إن ذلك الانتصار، ما هو إلا بداية الوصول، التي تعمل على حماية الثورة المتحققة، بحماية نتائجها، لضمان التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، على جماهير الكادحين، المنتجين للخيرات، والمقدمين لمختلف الخدمات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، سواء كان المنتجون للخيرات عمالا، أو فلاحين مرتبطين بخدمة الأرض، أو كانوا أجراء، موزعين لتلك الخيرات، أو مقدمين لخدمة التعليم، أو الصحة، أو غيرهما، من الخدمات المقدمة للمجتمع، الذي لا يتقدم، ولا يتطور، إلا بتقديم تلك الخدمات.
ذلك، أن بناء الدولة الاشتراكية، لا يتم إلا من أجل حماية الثورة، التي تعتبر شرطا لقيام الثورة؛ لأن السهر على حماية نتائج الثورة، تعتبر مسألة ضرورية.
والحماية المشار إليها أعلاه، لا يمكن أن تتم إلا بإحكام بناء الدولة الاشتراكية، بأجهزتها المختلفة، وفي مقدمتها: الجهاز الإعلامي، والجهاز التعليمي، والجهاز الصحي، وجهاز الإسكان، وجهاز التشغيل، والجهاز التنموي: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، بالإضافة إلى جهاز الأمن، وجهاز حماية الحدود الوطنية، وغيرها، من الأجهزة المختلفة، التي تحتاج إليها الدولة الاشتراكية، التي عليها القيام بمهمتين أساسيتين:
المهمة الأولى: حماية الثورة، من خلال تحصينها ماديا، ومعنويا، واقتصاديا، حتى تقطع كل الطرق، على إمكانية قيام الثورة المضادة.
والمهمة الثانية: هي الإشراف على التوزيع العادل للثورة المادية، والمعنوية، وبالطرق العلمية الدقيقة، من منطلق: ( لكل حسب كفاءته، وعلى كل حسب قدرته)، في أفق الوصول إلى تحقيق: (لكل حسب حاجته، وعلى كل حسب قدرته)، لجعل المجتمع الاشتراكي، ككل، منتجا للخيرات المادية، والمعنوية، ومستهلكا لها، وأن الدولة الاشتراكية، التي تجد نفسها في مواجهة الاستغلال المادي، والمعنوي، على المستوى العالمي، وفي مواجهة الدول الرأسمالية، والرجعية، بمن فيها الأحزاب، والتوجهات المؤدلجة للدين الإسلامي، التي لا تتجاوز أهدافها، العمل على تأبيد الاستبداد القائم، أو العمل على فرض استبداد بديل. وهو ما يعني: أن مؤدلجي الدين الإسلامي، الذين لا ينتجون إلا الظلام، يضعون أنفسهم في مواجهة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وإلى جانب النظام الرأسمالي العالمي، ومع الأنظمة الرجعية، والاستغلالية، المدعومة من الرأسمال العالمي، والمنتجة لكل أشكال التخلف الرأسمالي / الرجعي، والهادفة إلى دعم التخلف، مهما كان، وكيفما كان، بهدف جعل قيام الدولة الاشتراكية، مستحيلة، عن طريق العمل على إنضاج الشروط المعرقلة لقيامها: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، حتى ولو أدى الأمر إلى اغتيال قادة الثورة الاشتراكية، كما حصل، بالنسبة لاغتيال الشهيد عمر بنجلون، القائد الثوري العظيم، في الحركة الاتحادية الأصيلة.
تحقيق الديمقراطية، شروع في تحقيق الاشتراكية:
إن الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والاشتراكية، صنوان لا يفترقان. فإذا تحققت الديمقراطية بالمضامين المذكورة، كان ذلك شروعا في تحقيق الاشتراكية، وتحقيق الاشتراكية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، تعبير عن تحقيق الديمقراطية، بمضامينها المختلفة. فلا فرق بين الديمقراطية، والاشتراكية، في مجتمع يسود فيه الشعب، الذي يقرر مصيره الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي بنفسه، حتى يستطيع أن يعتمد الديمقراطية بمضامينها المذكورة، وأن يعمل على تحقيق الاشتراكية، على أساس تحقيق الديمقراطية في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، حتى تصير الدولة الوطنية / الديمقراطية / العلمانية، القائمة على أساس سيادة الشعب على نفسه، دولة اشتراكية، تشرف على التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، على جميع أفراد المجتمع، مهما كان لونهم، أو جنسهم، أو معتقدهم، أو لغتهم، ومهما كانت الشروط القائمة التي يعيشها الشعب؛ لأن المهم، عندنا، هو التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، مهما كان مستوى هذه الثروة، ولأن المهم، كذلك، هو الرقي بالإنسان، إلى مستوى احترام الإنسان في المجتمع، المحكوم بالنظام المتحرر، الديمقراطي، الاشتراكي.
وكون تحقيق الديمقراطية، بالمضامين التي أتينا على ذكرها، شروع في تحقيق الاشتراكية، سيتبين لنا ذلك الشروع، في نفس الوقت، الذي تحرص فيه الديمقراطية الاقتصادية، على التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، على جميع أفراد المجتمع، عن طريق تشغيل جميع المعطلين، والعاطلين، وتعويض جميع من لم يحصل على شغل، بما يتناسب مع حاجيات السكن، والعيش، وغير ذلك، مما يعتبر حرصا على التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، وتفعيل التعويض عن السكن، وعن الأبناء، وعن التقاعد، وعن العلاج، وعن السفر، والترفيه، وغير ذلك، مما تتكلف أسر العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من أجله كثيرا، والعمل على تمتيع جميع أفراد الشعب، بالخدمات الاجتماعية: كالتعليم، والصحة، والسكن، والشغل، والترفيه، والسياحة الوطنية، حتى يتأتى لكل مواطن، الشعور بوطنيته، والعمل على احتضان وطنه له، مقابل الخدمات اللا محدودة، التي يقدمها للوطن، بالإضافة إلى تفعيل الديمقراطية الثقافية، التي تمكن الإنسان من التفاعل الإيجابي، مع مختلف المكونات الثقافية، وخاصة، تلك التي لها علاقة، بتجذر الوعي الطبقي، وتقويم القيم الطبقية، التي ترفع من وعي العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، مما يرفع من وثيرة ممارستهم للصراع، من أجل التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، باعتبارها أهدافا مرحلية / استراتيجية، بالإضافة إلى تحقيق الديمقراطية، بمفهومها السياسي، الذي يقتضي تمكين جميع المواطنات، والمواطنين، بحق الانتماء السياسي، والنقابي، والجمعوي، ما لم يتعارض مع ما هو وطني، وما لم يتم استغلال ما هو مشترك بين الناس جميعا: أيديولوجيا، وسياسيا، كما هو حاصل بالنسبة للدين الإسلامي، الذي تعمل على أدلجته، وتحويله إلى مجرد شعارات سياسية، التوجهات، والأحزاب، التي تراهن على اعتبار نفسها: أحزابا، وتوجهات دينية، مع أن أي دين، مهما كان، وخاصة الدين الإسلامي، لم يعد في حاجة إلى من يعمل على نشره، أو حمايته من الأعداء؛ لأن ذلك تم في القرون الأولى. أما الآن، فهناك وسائل أخرى، غير أدلجة الدين الإسلامي، هناك التربية على القيم الدينية، التي لم يعد يتحلى بها المومنون بالدين الإسلامي العاديون، كما لا يدعو إلى التحلي بها: الأحزاب، والتوجهات المؤدلجة للدين الإسلامي.
وما يعمل على نشره مؤدلجو الدين الإسلامي، لا علاقة له بالقيم النبيلة للدين الإسلامي، بقدر ما له علاقة بالرجوع، بمجتمعات المسلمين، إلى مرحلة التخلف، بمظاهره المختلفة، بما فيها مظهر التكفير، والقتل، وغير ذلك، مما يقود إلى قيام مجتمع طائفي. والمجتمع الطائفي، هو مجتمع قائم على التناحر بين الطوائف، التي لها علاقة بين بعضها البعض، وخاصة، بين السنة، والشيعة، كما هو حاصل في العراق، وفي سوريا، وفي السعودية، وفي غيرها من دول المسلمين، وفي جميع أنحاء العالم.
وكيفما كان الأمر، فإن الحرص على تحقيق الديمقراطية، بمضامينها المختلفة، لا بد أن تعمل على تحقيق الاشتراكية، التي تحرص على التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، وتمكين جميع أفراد المجتمع، من تلقي الخدمات الاجتماعية.
قيام الدولة الاشتراكية، يشكل سدا ضد كل أشكال الفساد:
ومعلوم، أن قيام الدولة الاشتراكية في بلد ما، مهما كانت شروط قيامها، فإنها كانت، ولا زالت، وستبقى سدا منيعا ضد عودة قيام الدولة الرأسمالية المنهارة، أمام ضربات الحزب الثوري، وحلفائه، وأمام هبة الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، من أجل التخلص من الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، وسعياإلى التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.
فقيام الدولة الاشتراكية، هو الوسيلة المثلى لإنجاز:
1) حماية الثورة، التي قام بها الحزب الثوري، والحرص على جعل نتائجها في خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، حتى يطمئن الشعب الكادح، على مستقبله الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، من أجل أن يصير التحرير في خدمتهم. والديمقراطية، بمضامينها المذكورة، في خدمتهم، والعمل من أجل التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، في خدمتهم، وفي متناولهم، واعتبار إنتاج الخيرات المادية، والمعنوية، وتقديم كافة الخدمات لصالحهم، ولصالح الشعب المغربي كله، ولا شيء غير التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، تعمل الدولة الاشتراكية على حمايته، ما دام لا يهتم إلا بخدمة الكادحين.
2) الحيلولة دون استنبات الأمراض، الموجهة إلى إعادة إنتاج نفس الهياكل، المؤدية إلى عودة النظام الرأسمالي، أو إلى قيام الدولة الرأسمالية من جديد؛ لأن مراقبة عودة الإنتاج المادي، والمعنوي الرأسمالي، ليس إلا مقدمة، لعودة قيام الرأسمالية، بكل مقوماتها، وعودة الاستغلال بكل قيمه غير النبيلة، يحتاج إلى إعادة إنتاج الدولة الرأسمالية، التي ترعى همجية الاستغلال، وبأضعاف ما كان عليه، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، من أجل الحيلولة دون عودة انتشار الوعي في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.
3) استمرار بث الوعي، بضرورة العمل على تحقيق الاشتراكية، ومواجهة إمكانية إعادة إنتاج الرأسمالية، التي أذاقت البشرية الأمرين، منذ أواخر القرن الثامن عشر، حتى أصبح النظام الرأسمالي، باستغلاله الهمجي للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين ينتج بينهم الويلات المادية، والمعنوية، على مدى قرون بأكملها، التي لا تهم إلا الرأسمالية، التي تبرهن، يوما بعد يوم، بأنها لا تكرس إلا الويلات، في صفوف الكادحين، وخاصة في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وبالأخص، في البلدان ذات الأنظمة التابعة، على جميع المستويات.
ولذلك، فقيام الدولة الاشتراكية، ليس هو النهاية، بقدر ما هو بداية للعمل، من أجل الإنسان أولا، ومن أجل التحرير: تحرير الأرض، وتحرير الإنسان، بكل الدلالات، حتى يطمئن الإنسان على نفسه، وعلى الأرض التي يعيش عليها، ومن أجل الديمقراطية، وبكل المضامين المذكورة، باعتبارها المدخل إلى تحقيق الاشتراكية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، التي تعتبر أساسا، لقيام الاشتراكية، التي تقطع كل الطرق، وتسد كل مسام المجتمع الاشتراكي، التي لا يمكن أن تنفذ منها الرأسمالية، إلى الذات الاشتراكية، حتى تتحول الرأسمالية إلى دولة معتبرة، في ذمة التاريخ، ولا يمكن عودتها أبدا، لتختفي بذلك، وإلى الأبد، كل الأمراض التي ترتبط بها، لتحل محلها قيم الاشتراكية، باعتبارها قيما إنسانية.
وهكذا، يمكن اعتبار النظام الاشتراكي، بمثابة تحول في عمر الإنسان، وفي عمر المجتمع، وفي عمر الاقتصاد، وفي عمر الاجتماع، وفي عمر الثقافة، وفي عمر السياسة.
وعملية التحول التي لا يمكن اعتبارها إلا طيا للماضي، الذي يدخل في ذمة التاريخ. والنظام الرأسمالي، جزء من ذلك الماضي، الذي يجب طيه، حتى يعتبر في ذمة التاريخ.
خاتمة / خلاصة:
وهكذا، نكون قد تناولنا موضوع: (الأمل في الحزب الثوري أمل في حياة مستقبلية كريمة)، لنكون، بذلك، قد حاولنا أن نبرهن على أنه: إذا لم يكن هناك حزب ثوري قوي، وقادر على قيادة عملية التغيير الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، سعيا إلى جعل الجماهير الشعبية الكادحة المقهورة، تتحرر من عبودية الحكم، ومن استبداد الدولة المخزنية، ومن استغلال البورجوازية، والإقطاع، والإقطاع الجديد، والتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف.
وعملية التغيير، هي البرهان على أنه لا بد أن تسود الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية؛ لأنه إما أن تتحقق الديمقراطية، وبالمضامين المذكورة، وإما أن الديمقراطية ستختفي منها، وستعود الفوضى. وهو أمر ليس في صالح الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة.
ولذلك، كان، ولا زال، وسيبقى للنضال من أجل تحقيق الديمقراطية، بمضامينها المذكورة، دور أساسي في جعل الجماهير الشعبية الكادحة المذكورة، وطليعتها الطبقة العاملة، تطمئن على السير في اتجاه تحقيق الاشتراكية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية. وهو أمر، لا يمكن فهمه، واستيعابه والوقوف على حقيقته، ما لم نقف على الخطوات التي سلكناها، في تناول موضوعنا، تناولا موضوعيا، وعلميا، كما حاولنا ذلك.
فقد تناولنا، في هذا الموضوع، مفهوم الأمل بصفة عامة، ومفهوم الأمل باعتباره هدفا، تسعى إلى تحقيقه الطبقة العاملة، وحلفاؤها، عن طريق نضالاتها الطبقية، بقيادة حزبها الثوري، الذي يسعى إلى تحقيق أمل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، المتمثل في التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، في الآماد القريبة، والمتوسطة، والبعيدة. كما تناولنا مفهوم عملية التغيير، التي تهدف إلى جعل الاقتصاد، والاجتماع، والثقافة، والسياسة، حتى يصير التغيير في خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر كادحي الشعب المغربي، بدل أن يبقى في خدمة الإقطاع، والإقطاع الجديد، والبورجوازية، والتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، والبورجوازية الصغرى، المريضة بالتطلعات الطبقية، وفي خدمة التوجهات المؤدلجة للدين الإسلامي، التي تراهن على استغلال المؤمنين بالدين الإسلامي، الذين صاروا يعتقدون: بأن ما عليه المؤدلجون للدين الإسلامي، هو الدين الحقيقي، مع أن ما هم عليه، ليس إلا تحريفا له، من أجل تحويله إلى مجرد أيديولوجية، وشعارات سياسية.
وبالإضافة إلى ما ذكرنا، فقد تناولنا اعتبار الحزب الثوري، مجرد وسيلة، لقيادة نضالات العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، في أفق تحقيق الأمل في التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، بسبب ما يقتضيه برنامج الحزب الثوري، المحدد للأهداف القريبة المدى، والأهداف المتوسطة المدى، والأهداف البعيدة المدى، وصولا، في نهاية المطاف، إلى تحقيق الهدف المنشود.
ومعلوم أن الأهداف، التي يسعى الحزب الثوري إلى تحقيقها، هي التي حددها الشهيد عمر بنجلون، في تقديمه للتقرير الأيديولوجي، في المؤتمر الاستثنائي للحركة الاتحادية الأصيلة، المنعقد في أواخر يناير 1975، والمتمثلة في التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، كأهداف مرحلية / استراتيجية تشدها إلى بعضها البعض، علاقة جدلية، وعضوية، في نفس الوقت، حسب التعبير الغرامشي.
والأهداف التي يسعى الحزب الثوري إلى تحقيقها، اعتبرت مرحلية / استراتيجية، نظرا للعلاقة الجدلية / العضوية، القائمة بين المرحلي / الإستراتيجي، في أفق أن يكون نضال الحزب الثوري، مهما كان شكله، ليصير النضال من أجل الهدف المرحلي، في نفس الوقت، نضالا من أجل تحقيق الهدف الإستراتيجي، والعكس صحيح، خاصة، وأن النضال من أجل التحرير، هو نفس النضال من أجل الديمقراطية، ومن أجل الاشتراكية. والنضال من أجل الديمقراطية، هو في نفس الوقت، نضال من أجل التحرير، والاشتراكية. والنضال من أجل الاشتراكية، هو في نفس الوقت، نضال من أجل التحرير، والديمقراطية.
لذلك اعتبرنا الأهداف المذكورة، التي حددها الشهيد عمر بنجلون، أهدافا مرحلية / استراتيجية في نفس الوقت.
والفرق بين المرحلي، والإستراتيجي: أن الهدف المرحلي، يمكن أن يتحقق في الأمد القريب، أو المتوسط، على أبعد تقدير، وفي ظل ما نحن فيه، على المستوى العالمي، يمكن أن لا يتحقق أبدا. أما الإستراتيجي، فيرتبط بعملية التغيير الشاملة، التي يستحيل معها العودة إلى الزمن الماضي. وبالنسبة إلى الحزب الثوري المغربي، أو حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، أو حزب الطبقة العاملة، فإن الأهداف المحددة، تجمع بين كونها مرحلية / استراتيجية، إلى درجة أن الفرق بين المرحلي، والإستراتيجي فيها، منعدم تقريبا؛ لأن المرحلي يخدم الإستراتيجي، والإستراتيجي يخدم المرحلي في نفس الوقت.
والجماهير الشعبية الكادحة، التي تحرص على أن تتعاطى مع الحزب الثوري، ومع الصحافة الثورية، ومع العمل الثوري، الهادف إلى تحقيق عملية التغيير الشامل للأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، كما تقتضي ذلك أهداف الحزب الثوري المرحلية / الإستراتيجية؛ لأن هذه الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، هي المستفيدة من عملية التغيير، الهادفة إلى إيجاد مجتمع جديد، يخدم مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.
وكون الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، تتعامل بشكل سلبي مع الحزب الثوري، فإن هذه الجماهير، تعاني من تخلف وعيها بالذات، وبالواقع، وبأهمية الحزب الثوري، كما أنها تعتبر ضحية التضليل المسلط عليها، من قبل الحكام، ومن قبل أحزاب البورجوازية، والإقطاع، والتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، وأحزاب البورجوازية الصغرى، المريضة بالتطلعات الطبقية، والأحزاب الظلامية، المؤدلجة للدين الإسلامي، التي تكفر كل منتم إلى الحزب الثوري، أو إلى حزب الطبقة العاملة، بالإضافة إلى الترهيب الذي يلاحقها، إن هي تفاعلت مع الحزب الثوري، مع أن الحزب الثوري، يهدف إلى توعية هذه الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، من أجل العمل على صياغة مستقبلها، خاصة، وأنه يعمل من أجل التحرير والديمقراطية، والاشتراكية، الذي لا يمكن أن يكون إلا عملا مستقبليا.
ونجد أن من ضمن البرنامج المرحلي / الإستراتيجي، للحزب الثوري، العمل على تحرير الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، من الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، كثلاثية مسؤولة عن التخلف، الذي يعاني منه المجتمع. مع العلم أن هذا التحرير، مرتبط بتحقيق الأهداف المرحلية / الإستراتيجية، التي لا يمكن أن تكون إلا في خدمة الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة. خاصة، وأن تحقيق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، إعلان عن القضاء على كل أشكال العبودية، والاستبداد، والاستغلال في المجتمع، الذي يتحول إلى مجتمع اشتراكي، والمجتمع الاشتراكي، ليس إلا تحقيقا لأمل الكادحين.
وجعل الواقع ينتقل من خدمة المؤسسة المخزنية، والمستغلين، إلى خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وإلى خدمة مصالح الشعب المغربي، بكل كادحيه المحرومين من كل شيء، في هذه الحياة. وهو ما يشكل ثورة على واقع الظلم، والقهر، والعبودية، والاستبداد، والاستغلال، وشروع في ممارسة الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. هذه المضامين، التي تمكن الشعب من التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، بين جميع أفراد الشعب، من أجل تجاوز وضعية الردة، على جميع المستويات، التي عانت منها الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة.
وتحقيق الديمقراطية، المؤدي، بالضرورة، إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، يعتبر شروعا في تحقيق الاشتراكية، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي لا يمكن أن تتجذر على وجه الأرض، إلا ببناء الدولة الاشتراكية، باعتبارها دولة وطنية ديمقراطية، اشتراكية، علمانية، حتى تشرف على التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، بين جميع أفراد الشعب المغربي. وهذه الدولة، وبهذه المواصفات، لا بد أن تشكل سدا منيعا، ضد كل أشكال الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، مما يعتبر تحصينا للمجتمع الاشتراكي، وللدولة الاشتراكية في المغرب، كما في أي دولة اشتراكية.
ونحن، عندما ندرج موضوع: (الأمل في الحزب الثوري، أمل في حياة مستقبلية كريمة)، إنما نسعى إلى استعادة هذا النمط من النقاش إلى الميدان، بعد أن غاب عنه مدة ليست بالقصيرة، مما يجعل من الواقع الآسن، الذي تفوح منه رائحة الفساد النتنة، التي أصبحت غير محتملة، من الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، التي لا زالت لها نفس المكانة، التي تحتلها منذ ظهرت الطبقة العاملة، التي جاءت مصاحبة لنهوض النظام الرأسمالي، بعد قيام الثورة الفرنسية، وبعد تعميم هذا النظام: في أوروبا، وفي أمريكا الشمالية، وبعد أن تقوى، وأخذ يفك أزماته المتوالية، عبر احتلال الدول المتخلفة، في إفريقيا، وفي آسيا، وفي أمريكا اللاتينية. هذا النظام الرأسمالي، الذي تحول إلى نظام لافتعال الأزمات، ودعم كل أشكال التخلف، التي يستدعيها من الماضي الضارب في القدم، والتي لا تصلح، حتى للتذكر الزائف، الذي يقودنا إلى القول: بأن النظام الرأسمالي، الذي أصبحت تتحكم فيه الأليغارشة المالية، والذي يفرض على ضحاياه في كل البلدان، التي احتلها في زمن المد الرأسمالي. وهو ما يجعلنا نتساءل:
لماذا نحارب فساد النظام الرأسمالي الفاسد، والنظام الرأسمالي التابع / الفاسد، باستعادة النقاش حول السبل المؤدية إلى إلى استعادة المد الاشتراكي، ولو على مستوى الوعي بأهمية الاشتراكية، والدور الذي تلعبه في جعل الجماهير الشعبية الكادحة، تستعيد مكانتها في المجتمع، لدورها الرائد في تحقيق الاشتراكية، وفي بناء الدولة الاشتراكية، وفي حماية المكتسبات الاشتراكية، وفي توطيد السدود، التي تحول دون عودة الرأسمالية، كنظام فاسد مهترئ؟
أليست عودة الحديث عن الاشتراكية، عودة إلى الحلم بانعتاق الإنسانية من العبودية، والاستبداد، والاستغلال؟
ألا يستحق منا الشعب المغربي، أن نجعله يحلم بالتحرير، والديمقراطية، والاشتراكية؟
فما بناه الشهيد المهدي بنبركة، وساهم في بنائه الشهيد عمر بنجلون، وكل شهداء حركة التحرير الشعبية، والحركة الاتحادية الأصيلة، التي تنهل جميعا من الفكر الاشتراكي العلمي، المتطور باستمرار، والصالح لكل زمان، ومكان. وللتعامل مع أية خصوصية، يجب أن يستمر في الفكر، وفي الممارسة، وفي إعادة الاعتبار لدور الحزب الثوري، حتى تحقيق الأهداف المرحلية / الإستراتيجية.
ابن جرير في 29 / 05 / 2020
محمد الحنفي