الأديب الشاعر هادي اللوباوي الخفاجي (1921 – ت 1998م)
بقلم / مجاهد منعثر منشد
عرف الأديب الكبير بين أدباء الدول العربية والعراق بالشاعر هادي محي الخفاجي, ذكره العلامة المصري د. محمد عبد المنعم خفاجي: (ومن الخفاجيين في العراق أدباء كثيرون, منهم الشاعر المشهور الأستاذ عبد الهادي محي الخفاجي, وهو عضو بجمعية الرابطة الأدبية بالنجف بالعراق)(1). وعاد لذكره مع الشخصيات الخفاجية, فقال: ومن الخفاجيين في العراق: الشاعر الأستاذ هادي الخفاجي (2).
ألف أخوه الأستاذ علي ملا محي الخفاجي كتابا عنه بعنوان (هادي الخفاجي يضارع المتنبي وأبو تمام) تطرق فيه لنسب الشاعر الراحل الخفاجي بوثيقة مصدقة من النسابة الشيخ محمد الدجيلي في النجف الأشرف ورد فيها نسب شجرة آل لوبه من خفاجة(3).
ليس ذلك فحسب, إنما سجل الشاعر مجد قبيلته في ديوانه كأحداث ثورة العشرين بقوله:
كانت لمجد ذوى ريا وحين شكا
لها الردى شغبا كانت له أكلا(4)
وهناك عشرات المصادر النسبية والتاريخية القديمة والحديثة التي تنص على أن عشيرته لوبه تنتسب لقبيلة خفاجة.
إذن الشاعر من أسرة خفاجية نسبأ وتاريخا فخذ البو صليبي, عشيرة لوبه إحدى أسلاف خفاجة الحلة منذ القدم. ولنا تواصل واتصال مع صلة أرحامه وعشيرته في الوقت المعاصر .
تسلسله النسبي:
هادي بن ملا محي بن حمزة بن حسين بن حارث آل جبر بن محمد بن حمد بن حمود بن سليمان بن سلطان بن مهاوش بن مهنه بن صليبي بن شريعه بن ريس بن لواب بن صفوان بن سلطان بن عمران بن شاهين (5) بن (6) بن القحيف بن حمير بن سليم الندي بن عوف بن حزن بن خفاجة(7).
ولد في الكوفة ونشأ في النجف الأشرف, اكمل دراسته الجامعية في جامعة النجف, ثم عُيّن مدرّسًا في الحلّة بعد التخرج, وعاد إلى مدينته ليستقر فيها ردحا من الزمن ليغادر إلى بغداد ويدخل كلية التجارة والاقتصاد في العام 1954 التي حصل منها على الباكالوريوس وحصل على ماجستير علوم إدارية من جامعة هامبورغ ـ المانيا 1957.
فوالده الملا محي (1874 ـ ت 1975م) معروف بالملا كونه يقرأ ويكتب وكان شخصية خفاجية نجفية بارزة وأحد رجال ثورة العشرين, فكان مؤهلا في تعقيب القضايا القضائية في النجف إبان تأسيس الحكم الملكي فنال احترام القضاة لنزاهته وصدقه وارتقى إلى أعلى المناصب الإدارية والقضائية كما أنه حافظ لشعر الشعراء وخاصة المتنبي وهذا ما جعل ابنه شاعرنا متأثرا بوالده, فكان أبوه مربيه ومشجعه على قراءة الشعر وحفظه وغرس فيه الروح الوطنية والعربية الصادقة.
أما إنتاجه الأدبي فقد نشر في المجلات العراقية: الغري والبيان والاعتدال والعقيدة والصحف العراقية كالرأي العام والمجلات العربية منها الرسالة المصرية إضافة إلى الجرائد ومنها جريدة البلد, وقد نشرت جريدة الغري أولى قصائد الخفاجي راثيا الملك غازي في عام 1939م مطلعها:
ياشعب ماذا دها الإسلام والعربا
أزلزل بالأرض أم في الشمس نكبا
ومن أجمل قصائده في ديوانه قصيدة جنة بابل, ذكر عندما كانت أرض العراق قبلة العرب وغير العرب فمنها هذا البيت:
فكم أمة ضاقت مواطنها بها
فلم يلقها غير العراق بوسع
أشاد الأستاذ الكبير شاكر غني العادلي بشاعريته قائلا : (إن من يقرأ شعر الشاعر هادي محي الخفاجي في ديوانه (لحن الهوى) المطبوع يحس أنه إزاء شاعر غني بالمفردات الحية السليمة والتراكيب الصافية إزاء شاعر لامع متمكن الشاعرية وباعه طويل فيها خبر الشعر وتتلمذ عليه ووعت ذاكرته الكثير من صوره الفنية فلم يدع فنا من فنون الشعر التي اقتضت حياته إلا وأخذ نصيبا فيها مع الإجادة الفنية والصياغة الرصينة على أن الشعر الإخواني والاجتماعي لديه أظهر من سائر الفنون لأنه وليد المناسبات التي تعرض لإخوانه ومحبيه. والمتأمل في شعره كذلك يجده لم يخرج عن بناء القصيدة على أساليب الشعر العربي التقليدي من براعة الاستهلال وملائمة البحر للموضوع وحسن التخلص).
وقال العلامة الشيخ جلال الحنفي: عندما كنت في الصين خلال الستينيات اطلعت في جريدة البلد على شعر في الغزل للأستاذ هادي محي الخفاجي فعرفت الشاعر من شعره, فكان له تعقيبا بقوله ـ مات الغزل بعد عمر بن أبي ربيعة ولم يظهر إلا بظهور الخفاجي، وكان الأستاذ عبد القادر البراك صاحب جريدة البلد الغراء صاحب التعليق الآتي: إنه شاعر يشار له بالبنان.
وأما الأديب توفيق الفكيكي فقد طلب نسخة من قصيدة الخفاجي أنطاكية فيها صور أخرى لكي يكتبها على الجلد ويحتفظ بها كما فعل لقصيدة البحتري منها هذه الأبيات:
دعوهم إلى الإسلام دينا فأعرضوا
وحاد فيهم عن مذهب الحق حايد
فما أسلموا لولا رماح غوارس
ولا آمنوا لولا سيوف حواصد
لقد أخرجوا للنور منك فأصبحوا
وقد أخمدت للنار فيك مواقد
رأوا من جنود الوحي جيشا يقوده
إلى الطفر المحتوم سعد وخالد
كان الشاعر الكبير الخفاجي من رواد المجالس الأدبية, فأعدت دار الإذاعة العراقية في الخمسينيات برنامجا يلقى من خلاله نماذج من شعره في أمسية الأربعاء من كل أسبوع, علما هناك العديد من الموسوعات التي تناولت سيرة الشعراء وأشعارهم قد أفردت صفحات للتعريف بالخفاجي وشعره.
وللأديب الراحل قصائد وطنية عربية كفلسطين وبحق لبنان تتحدث عن أحداثها وموقف الشاعر الدفاعية عنها كما له قصائد مديح رسول الله (ص) و أئمة أهل البيت كقصيدته عن الإمام الحسين (ع). والصراحة أن من يقرأ قصائده يغوص في أعماق بحور الشعر فكلما وجد لؤلؤة دفعه الفضول لحصوله على أخرى.
سلوا بلبنان أحبابا وخلانا
لمن سقوا بالدماء الحمراء لبنانا
إنا وللعرب في لبنان مفخرة
نأسى له وهو يصلى اليوم نيرانا
*مؤلفاته المشهور عربيا ومحليا
1.ديوان شعر (لحن الهوى), طبع 1979م.
2.سنوات ضائعة من حياة المتنبي. هذا الكتاب ضمنه ردا على ما جاء في دراسات عميد الآدب العربي الدكتور طه حسين في كتابه مع المتنبي, إذ رد فيه على الاستنتاجات التي اعتبرها كاتبنا الراحل مجحفه بحق شاعر كبير كالمتنبي.
3.التيسير الكامل في اللغة والأدب تسعة أجزاء للمبرد فهرست وتحقيق.
أما المؤلفات التي تخص ترجمة حياته وإنتاجه:
أ.المشرف التربوي الأستاذ علي ملا محي الخفاجي في كتابه هادي الخفاجي يضارع المتنبي وأبو تمام.
ب.صلاح مهدي محي في كتاب شاعر الوجدان, جمع وتحقيق وإشراف المؤلف.
توفي الشاعر هادي الخفاجي بتاريخ 31|7|1998م فرثته الصحف العراقية كجريدة القادسية بقلم الصحفي أمير الحلو, ومجلة ألف باء تحت عنوان: رحيل آخر أعمدة الرابطة الأدبية بالنجف, كما رثاه الأديب كاظم محسن الخلف مؤرخا وفاته هذه بعض أبيات القصيدة:
ماذا تقول قرائح وقصائد
والشعر شعرك رائع أو خالد
قلت القريض ومن أجدت وزينت
صدر القريض قلائد وفرائد
لولاك ما باهت خفاجة في الورى
ومن القريض مفاخر ومحامد
هادي هداك الله جل جلاله
ودعاك للخلد الإله الواحد
المصادر والهوامش
(1) أ. د محمد عبد المنعم خفاجي في كتابه الخفاجيون في التاريخ, الطبعة الأولى, رابطة الآدب الحديث, جمهورية مصر (1971م ), ص 64 .
(2) راجع المصدر السابق, دراسة وتحقيق مجاهد منعثر منشد, منشور على الشبكة العنكبوتية, ص 65.
(3) أ.علي ملا محي, هادي الخفاجي يضارع المتنبي وأبو تمام , ص 13.
(4) ديوان الأديب الخفاجي (لحن الهوى) ص 280.
(5) أ.علي ملا محي, مصدر سابق, ص 13.
(6) عدم عثورنا على حقبة الأجيال في المراجع النسبية ولازال البحث جاريا للوصول لهذه الآسماء.
(7) مجاهد منعثر منشد الخفاجي, تحقيق عمود نسب خفاجة في الأرجوزة الخفاجية الكاملة, الطبعة الأولى, دار جسد (شارع المتنبي), بغداد 2020م , ص 43.
(8)كتب القصيدة في العام 1946 ونشرت في مجلة الغري سنة 1947.