فليحة حسن
قرأت قبل أيام مقالاً في (جريدة الزمان) للأستاذ حيدر عبد الرضا جاء تحت عنوان (مراهقة الأدب النسوي) وقد وسم هذا الكاتب نتاج المرأة الأدبي السردي بصفتي القصور والمحدودية ( شكلاً وموضوعاً ومضموناً) وهذا عائد في رأيه كون تلك الكتابة لم تخرج عن حقل المرأة المعتاد المتمثل بالأسرة والهواجس الخاصة بل بقيت فيه وإنغلقت عنه دون سواه ،
يقول : (إن المتابع لمشهد اشراقات وانفتاحات معالم مخيلة الأدب والفنون النسوية، وعلي صعيد آليات الأعمال الأدبية والنصوص الابداعية، وعلى مدى ممارسات حقل الرواية والقصة القصيرة والقصيدة تحديدا، لربما سوف يلاحظ، ما على هموم ومخيلة وعاطفة أدب المرأة من أفكار وتجليات موضوعية محدودة وقاصرة شكلا وموضوعا ومضمونا. فعلى سبيل المثال، لو ذهبنا الي حقل الكتابة الروائية عند المرأة الكاتبة المتزوجة، لما وجدنا سوى موضوعة (الزوج / الأولاد / الهواجس الخاصة)
أما إنتاجها الشعري فيسمه بالأباحية والمشاعية والشبقية الغوائية والتوسلات الجنسية الفاضحة حين يقول في مقاله هذا ، ما نصه (نعاين هناك بروز ثمة موضوعة أخرى ملازمة لعالم الأدب النسوي وتحديدا في القصيدة الشعرية، وهي الإباحية والمشاعية في صوت سلوكيات الراوي والدلالات الشبقية الغوائية، لدرجة وصول الأمر الى حالة من الرجاءات والتوسلات الجنسية الفاضحة والمشينة بحق تلك الشاعرات)
وفي نهاية المقال يؤكد على إن الأديبات لسن سوى داعرات ومراهقات يدعون الى الأباحية حين يقول (هكذا وبأختصار شديد وجدنا الأدب النسوي مجرد أصوات من الهموم الزوجية وإباحيات ودعارة ومراهقة ثقافية بعيدة جدا عن فضاء ملامسة المعنى الثقافي والكتابة الابداعية الجادة والرصينة)
وبدا صاحب المقال وكأنه يطلب من المرأة أن تفترق عن ذاتها كيما تكتب ،ويطالبها بتبني الموضوعات التي لاتمت لواقعها بشي فتصوره ،
وهذا منافٍ تماماً للأدب النسوي ونقده الذي له طروحاته وفرضياته التي يقدمها على شكل أسئلة عند تحليله لنص نسوي وكالاتي :
هل المؤلف ذكر أم أنثى ؟
هل الراوي ذكر أم أنثى ؟
ماهي أدوار المرأة في النص ؟
هل إن شخصيات الإناث في النص رئيسية أم ثانوية ؟
هل تظهر في النص أي خصائص نمطية للمرأة ؟
ماهي المواقف التي تتخذها الشخصيات الذكور تجاه المرأة؟
ماهو موقف المؤلف أو المؤلفة تجاه المرأة في المجتمع ؟
كيف تؤثرالثقافةعلى موقفها أو موقفه؟
هل يحتوي النص على صورة مؤنثة؟ ما أهمية مثل هذه الصور؟
هل تتكلم الشخصيات الإناث بشكل مختلف عن الشخصيات الذكور ؟ كيف وما هي النسب ؟
مما يؤكد شرعية إنتماء ذلك النص لذات كاتبته ، هذا من جهة
ومن جهة أخرى إن المرأة لاتكتب من فراغ بمعنى إنها تكتب من خلال تراكمات معيشة فلماذا نطالبها أن ترتدي زي الجندي في الحرب وهي التي تعيش في الأصل دور أم أو زوج أو ابنة أو أخت أو حبيبة ذلك الجندي ؟،
وما الضير لو إقتربت المرأة من ذاتها شعراً وصوّرتها لنا قصائد ؟
وهل إذا ما طالبت بسكون ذاتها مع حبيب حقيقي أو منشود صارت هنا داعرة وشبقية ؟!
هي دعوة لنقرأ الأدب النسوي على إنه أدب صادر من ذات المرأة والتي غالباً ماتسهم المعاناة بشتى أنواعها في تشكّله ، بعيداً عن التنكيل والإزدراء وإلحاق الشتائم بها لأنها ببساطة كائن موجود مثله مثل الرجل فلماذا نحاول الحطّ من مكانته الإبداعية بهذه الطرق الرخيصة تحت مسميات النقد ،
وحقيقة الأمر إننا مادمنا نشير الى هكذا نوع من الأدب وأعني -(الأدب النسوي ) – مدحاً أو قدحاً فهو موجود وواقع فعلاً ولانستطيع التعتيم عليه ولو عمدنا في ذلك الى وسائل شتى
نعم إن “مهمة المبدع أن يجعلنا نرى” – كما يذهب الى ذلك كونراد – والمرأة المبدعة هي التي تجعلنا نرى ذاتها والحياة التي تعيش من خلال ماتبدعه سرداً ونثراً ليس أكثر،
فلماذا إذا ماحاول الآخر الرجل أن يرى كتابتها لايرى فيها إلا الدعوة الى الاباحية ، والمشاعية الجنسية والكبت والشبقية والغواية ؟
وكيف بعد كل ذلك نطالب بالرقي والتطور ومساواة الشعوب المتقدمة ونحن ننظر الى أدب المرأة بهذا التدني ؟