شهرياً تخرج علينا التقارير الاقتصادية سواء التي تصدر في طهران أم في أنقرة، لتؤكد أنّ العراق هو أكبر مستورد من إيران ومثلها تركيا. وفي تقريرها الأخير أعلنت تركيا، اليوم الخامس من أبريل نيسان، أن العراق قد تصدَّرَ قائمة دول الجوار الأكثر استيراداً منها في الربع الأول من هذا العام 2021.
إذ وصل حجم الصادرات إلى العراق إلى مليار و875 مليونا و111 ألف دولار، من أصل 4 مليارات و327 مليونا و858 ألف دولار مع دول الجوار في المدة بين كانون الثاني وآذار 2021 بما يساوي حوالي44% من مجمل التجارة مع ست دول تجاور تركيا!
فيما لم تشكل مجمل خمس دول مجاورة لتركيا أكثر من 56% فقط لا غير من تلك الصادرات… وبيّنت التجارة التركية، أنّ المواد والمنتجات الكيميائية جاءت بالمرتبة الأولى بواقع 743 مليونا و889 ألف دولار، تلتها مواد قطاع الحبوب والبقول والبذور الزيتية ومشتقاتها بـ 552 مليونا و789 ألف دولار، ثم المفروشات والورق ومنتجات الغابات بـ 537 مليونا و610 آلاف دولار.
ومع إيران كانت التقارير تتحدث عن ديون العملة الصعبة على العراق مقابل الغاز الإيراني والمشتقات البترولية بوقت يتم حرق الغاز العراقي ونسبة غير قليلة من المواد المستوردة تقع في خانة ما تتلفه أذرع الجارة الوادعة من منتجات زراعية عراقية أو ما تمنع من إنتاجه بتعطيل جهات الإنتاج ووسائله وبفرض التصحر وتبوير الأرض بقطع الأمواه وغير ذلك! حيث تجاوزت الديون بهذه الميادين الاستهلاكية ال_3 مليار دولار!!
إنّ أي مبلغ زهيد لتوفير فرص استثماره ببناء الركائز الأساس لإعادة تدوير المنتجات النفطية وإنتاج الغاز محليا تفي وتكفي وطنيا ولا حاجة لتحميل تلك الديون على اقتصاد منهك مستنزف دع عنك أن إنتاج الفلاح العراقي مازال يتعرض للاستهداف بصورة ممنهجة لتخريبه وتعطيله بمختلف الطرق..
وإذا كنا نتفهم ونتجاوز فكرة الاستيراد العاجل مقابل مشهد الخراب وتعطل الدورة الاقتصادية فإننا نتساءل عن السر الذي يقف دون توجه الحكومة نحو استراتيجية تحرير الاقتصاد العراقي وتدوير عجلته بالتوجه للاقتصاد الاستثماري المنتج لا الريعي المستهلك الذي يأكل نفسه ويُراكِم الديون..
إن الاستمرار بالمنطق الريعي حصراً لا يعني سوى مزيد تمرير للسرقات المافيوية المحلية والدولية وتجريد البلاد أولا بأول من إمكانات البناء والتقدم دع عنكم موضوع التنمية! والأمر سيظل بوابة استنزاف تضعنا بمنطق التهلكة وبيع الإنسان بعد نهب الثروات وبيع الوطن..
ولابد من القول هنا إن حصر الاستيراد بلقمة الخبز وبالبضاعة التي يمكن إنتاجها محليا ومن هاتين الدولتين إنما يؤكد نهج نهب الثروة الوطنية والامتناع عن أي عمل استثماري إنتاجي يمكننا من مواجهة التحديات كما أنه يربطنا بديون تجعلنا أبعد من التبعية خاضعين لسطوة وبلطجة لا اقتصادية حسب بل وسياسية واجتماعية تُدار فيها كل شؤون المواطن ضد إرادته وحقوقه وحرياته..
فلنتنبه على المجريات وما يحيط بنا ولنقف بوجه اشكال الاستيراد للمواد الكمالية ولتلك الممكنة الإنتاج محليا وطنيا ولنبدأ رحلة بناء وإعادة إعمار ما خربته حروب فرضوها على شعبنا بمختلف أشكال الدجل وخطاباته وتبريراته…
لنتبنى مشروعات اقتصاد وطني لا نريد في فعالياته بكل تفاصيلها ومحاور إنجازها أي وجود خارجي بخاصة ذاك الذي يبتزنا و يستنزفنا ويعطل حراكنا لنمنع ربطنا بشروط الصناديق الدولية والإقليمية ولنتصدى للتخريب من فورنا..
لنعلن استراتيجية اقتصاد شعب منتج لا مستهلك ولا يفتح بوابات الاتجار بمصيره مع التسليم لأشكال النهب والسرقة المافيوية الأخطر عالميا…
اقتصاد ريعي تبتزه دولتا جوار وتنتهكه بنيويا باستغلال مخرجاته
اترك تعليقا