اغتيال الهاشمي ليس آخرها.. من يقف وراء انتكاسات الكاظمي؟ وما قصة الصديق العراب؟
عمدت الدائرة الإعلامية الخاصة برئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي على إظهاره في جولاته بصورةٍ غير مألوفة لدى الوسط السياسي، لكن سرعان ما تنقلب المعادلة كل مرةٍ ويحدث عكس المتوقع، مما يعرضه لانتقادات حادةً بسبب المواقف المتناقضة التي تصدر عنه، وأبرزها ما حصل بينه وبين وشقيقه عماد داخل دائرة التقاعد.
وسجلت هذه الحادثة ما يمكن اعتبارها نقطة سلبية أو “هفوة” على الفريق الإعلامي الخاص بالكاظمي بعد تسريب مقطع الفيديو الخاص بذلك، لكن سرعان ما عاد بالاعتذار لأخيه بعد سوء فهمٍ حدث في الموضوع.
وفي تفاصيل الحادثة، طلب الكاظمي من شقيقه بلهجة حادة عدم “الاتصال بأي أحد في الدولة العراقية” بصفته شقيق رئيس الوزراء، محذرا إياه من استغلال ذلك في إنجاز معاملاته الرسمية أو خدمة مصالحه الشخصية.
الصّديق العراب
ويُدير الدائرة الإعلامية للكاظمي صديق مقرب منه وهو صحفي معروف عملا معا خلال عام 2011، ويُقيم بإحدى مدن إقليم كردستان العراق، وفي ذات الوقت هو مقرّب من رئيس الجمهورية برهم صالح لدعمه إعلامياً على منصّات التواصل الاجتماعي وتقديمه بطلاً استعراضيا “هوليودياً” أمام الشعب.
ونجح الكاظمي بظهوره الاستعراضي على غرار الرئيس الراحل صدام حسين في كسب ود وتعاطف الشارع، غير أنه سرعان ما تلاشت هذه الأماني بعد اجراءات وصفت بأنها “انتكاسات” سجلت في ملف الكاظمي.
ووفقا لمصدر حكومي أجرى “الصديق” سلسلة صفقات ومفاوضات مع شخصية سياسية وإعلامية لتتبوأ مناصب حساسة في الدولة، وعمل على كسب إعلاميين بارزين ومعروفين بمعارضتهم للحكومة والعملية السياسية، في الفضائيات التي كانوا يعملون فيها والتي تبث من خارج البلاد، أبرزهم الإعلامي أحمد ملا طلال.
وأخطأ الكاظمي خطأٌ فادحاً -حسب المصدر- عندما اعتمد على إعلاميين أصدقاءً له معروفين بازدواجيتهم وتقلّبهم وتنقلّهم بين السياسيين العراقيين، متجاهلاً نخبة من الصحفيين والأكاديميين البارزين في مجال الإعلام.
ومن المواقف التي أحرجت الكاظمي كثيراً أمام الرأي العام تكليف الإعلامي البارز نبيل جاسم برئاسة شبكة الإعلام وصدور الأمر الإداري بذلك، لكن بعد يوم واحد من التكليف، أعلن جاسم اعتذاره عن عدم قبول التكليف.
وعزا جاسم السبب الى الهستيريا التي أصابت بعض القوى السياسية التي ترى الشبكة مزرعةً تابعةً لها، وكذلك الموقف الحكومي غير الواضح والمتهاوِن بدعم شبكة إعلام مستقلة، وسبقه بذلك استقالة الأكاديمي ياسين البكري من منصب المتحدث الرسمي باسم المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء بسبب ظروفٍ خاصة.
ووضعت الاستشارات الخاطئة -حسب المصدر الحكومي- الكاظمي في بالون اختبار ومدى قدرته على مواجهة الفصائل المسلحة بإصداره أوامر متناقضة، منها اعتقال عناصر من كتائب “حزب الله” المنضوية ضمن هيئة الحشد الشعبي خلال عملية مداهمة قوات مكافحة الإرهاب التابعة للجيش لمقرها غربي بغداد يوم 26 يونيو/حزيران الماضي، وتمت مصادرة منصة صواريخ كاتيوشا قالت السلطات إنه تم استخدامها لقصف قاعدة أميركية في محيط مطار بغداد الدولي ومبان ومواقع حكومية، إلا أنه بعد يومٍ من اعتقالهم أطلقت السلطات سراحهم بحجة عدم كفاية الأدلة.
وأقدمت العناصر على حرق أعلام أميركا وإسرائيل ودوس صور الكاظمي، في خطوات اعتبرها العراقيون نقطة ضعف في شخصيته، والسؤال عن أسباب سرعة حسم هذه القضية، في حين لم تحسم قضايا آلاف المعتقلين بالسجون رغم براءتهم.
بطل سينمائي
ونجح الفريق الإعلامي الخاص بالكاظمي في إظهاره على أنه بطل في حركات هوليودية، لكن الحقيقة عكس ذلك. وسيكشف للشعب أن رئيس الوزراء بطل سينمائي، فهو ممثل بارع في أداء أدواره، حسب الصحفي محمد فاتح.
ومن دلائل ضعف شخصية الكاظمي حادثة اغتيال الخبير الأمني هشام الهاشمي، فهي خير دليل على سطوة المليشيات، وليس الكاظمي إلا أداةً لتكملة الأدوار والمشاهد المرسومة لهم -كما يقول فاتح- متسائلاً في حديثه للجزيرة نت عن أسباب إطلاق سراح من اتهمهم بالتخطيط لاستهداف مواقع في المنطقة الخضراء؟
وكان الأجدر بالكاظمي أن يتجنب الظهور الهوليودي وتأدية دور الأبطال، لأن العراق شهد ثلة من الأبطال الهوليوديين دون تقديم أي انجازات تذكر لهم في التاريخ، حسب فاتح الذي قال: لا يمكن اعتبار الكاظمي أنه رجل المعجزة كما تصوّره دائرته الإعلامية، فسلبياته تزداد يوما بعد آخر، ولا يختلف عمن سبقه ممن جاؤوا ورحلوا عن هذا المنصب.
العصا السحرية
يقول المحلل السياسي عباس الصالحي إن هناك قراءات خاطئة أو سوء تقدير وفهم سجلت ضد أداء الفريق الإعلامي لرئيس الحكومة، مؤكدا للجزيرة نت ضرورة الارتقاء بالخطاب الإعلامي الحكومي والابتعاد عن التزويق لأن المرحلة التي تمر بها البلاد حاليا صعبة وحرجة تتطلب الموقف الشجاع الذي يكشف للرأي العام حقيقة الأوضاع.
ولا يمكن النظر لما سيحققه الكاظمي لاحقاً من إنجازات كونه لا يمتلك العصا السحرية التي تتيح له فعل ما يريد ناهيك عن الضغوطات الداخلية والخارجية، بالإضافة للتركات الثقيلة التي ورثها من الحكومة السابقة منها العجز المالي، الاقتصاد المتدهور، غياب الخدمات، سوء إدارة الدولة، والفساد المشتري، وآخرها أزمة كورونا. وبالتالي من الصعوبة تحقيق الإنجاز المطلوب الذي يتمناه المواطن، كما يقول الصالحي.
تراجع الشعبية
وهناك العديد من الأسماء -التي تحيط بالكاظمي- يستشيرها ويدفعها إلى الواجهة، وعليها الكثير من الملاحظات السلبية التي لا تنسجم مع طبيعة الأهداف المنتظرة ومطالب المتظاهرين التي وعد الكاظمي بتحقيقها، كما يقول رائد فهمي السياسي والبرلماني السابق.
وتوقع فهمي -في حديثه للجزيرة نت- تراجع شعبية الكاظمي خلال الأشهر المتبقية من العام الجاري، ومواجهة نفس مصير الحكومات السابقة لاسيما وهو أمام تحدٍ كبير ومعقد بعد الأحداث الأخيرة، ومنها اغتيال الخبير الأمني هشام الهاشمي، وهي قضية كبيرة وضعته أمام امتحان صعب، حيث لم تكن الحادثة استهدافاً للهاشمي فحسب بل للحكومة قاطبةً.