ئارام باله ته ي
لابد أن أشير في البداية الى أن هذه المقالة قد تكون محفوفة بالمخاطر والمزالق من الناحية العلمية ، لأننا لم نعتمد على دراسة أركيولوجية معمقة للوصول الى حقائق غير مشكوكة في علميتها . لكن بعض المشاهدات اليومية أو بعض النتائج المترتبة على تصرفات بعض الجهات أو الأشخاص ، دفعتنا الى هذا الأستنتاج . دون أن ندعي أن الفكرة غير قابلة للدحض .
أثناء دراسة التاريخ الكوردي يعتقد المرء أن العلاقة بين أرض كوردستان وانسانها ، لاتتمتع بجاذبية قوية ، دون أن يكون لذلك علاقة بقوانين الفيزياء !! .
يذكر (باسيل نيكيتين) في كتابه (الكرد – دراسة سوسيولوجية وتاريخية) ، أن أعمق دراسة قدمت عن طبائع الكورد ، هي الدراسة التي قدمها الدكتور (هيملوت كريستوف) والتي يقسم فيها الكورد الى أربعة أقسام وفق اعتبارات سياسية وأجتماعية . أذ هناك نوعان ، هم رعاة المواشي ، نوع المقاتلين الرحل ، ونوع من أنصاف الرحل . بل أن المؤرخ الأمريكي (ديفيد مكدول) يذهب الى أن عبارة (الكردي) في زمن الفتوحات الأسلامية كانت تعني (البداوة) . وربما يجد (نيكيتين) عذرا لهذه الظاهرة بقوله ( ان الظروف المناخية وطبيعة التربة وتكوينها هي التي جعلت من الكردي منذ قرون خلت مربيا للمواشي ويرتحل من مكان لأخر لا فلاحا مستقرا في مكانه ) . أذن ليس هناك أستقرار دائم على الأرض ، وهذا بطبيعة الحال يولد ما أسميناه (ضعف جاذبية الأرض) لدى الأنسان الكوردي . ان (البدوي) لايقدر قيمة الأرض ولايستغل بقعة معينة بصفة دائمية ، مادام أرض الله واسعا أمامه . اننا هنا امام اشكالية الأنتماء الحقيقي ، ومدى تعلق الأنسان بأرضه .
ان العقل الجمعي الكوردي لم يتخلص بعد من (عقلية البدو) ، ولازالت تصرفات الفرد الكوردي في جوانب عدة (بدوية) ، بكل ماتحمل كلمة (البدوي) من معاني في العلوم الأجتماعية ، من ضعف جاذبية الأرض ، وغير ذلك من التصرفات غير المتمدنة . وليس كما فهمه البعض ذات مرة عندما وصفت عقلية المجتمع بأنها عقلية بدوية ، باني أعني بذلك عشيرة بعينها !! ، بل نحن نتحدث عن حالة اجتماعية تراكمت بفضل عوامل تاريخية ، لابد أن نعتق المجتمع الكوردستاني والفرد فيه من شوائبها . ان هذه العقلية تحول دون وجود (ذاكرة جمعية كوردية) مركزية واحدة منجذبة لترابها ومن يشارك في هذا التراب ، بالدرجة الأساس .
بعد الجريمة الشنعاء التي أرتكبها الجيش التركي والتي راح ضحيتها قرابة أربعين كوردي في كوردستان الشمالية ، بقي غالبية الأسلاميين عندنا مترددين في ادانة (تركيا – العدالة والتنمية) بطريقة صريحة لا لبس فيها ولا شعور بالأحراج جراء ذلك . بل كان تنديدا على أستحياء ، في حين ألقى البعض باللائمة على الجيش لتبرئة الحزب الحاكم (العدالة والتنمية) الأخوانية . ربما نسي هؤلاء أو تناسوا ، أن القائد العام للقوات المسلحة التركية هو من العدالة والتنمية !! . هذا لايعني أن الكثيرين من (العلمانيين) الكوردستانيين ، لايفضلون الأخرين على شركائهم الأسلاميين في كوردستان ! . أننا هنا أمام ادانة صريحة لهذه الثقافة المغروسة لدى الطرفين والتي تقف حجرة عثرة في خلق ذاكرة جمعية موحدة للكورد ، وما لهذه العقلية من اثار وتداعيات سلبية . أن القائد المفكر (عبدالله أوجلان) يحذر من أن (المجتمعات المفتقدة لذاكرتها لن تنجوا من التعرض بكل سهولة للأستعمار والأستغلال والغزو والأنصهار ) . هل بوسعنا أن ننكر أن تاريخنا كله يدور في هذا المضمار منذ سقوط (ميديا) ؟ . هل يمكن أن نكون أقرب للترك أو العرب او الفرس أو غيرهم ، من الكورد أنفسهم ؟ . مهما اختلفت رؤانا وقناعاتنا الأيديولوجية ومصالحنا الحزبية ، يجب أن تكون مصلحة كوردستان فوق كل الأعتبارات الأخرى . لست هنا بصدد الترويج لنظرية عنصرية قومجية ، بل ادعوا الى المساواة بين الكوردستانيين جميعا بغض النظر عن انتماءاتهم ، وفي الوقت نفسه لابد أن نسعى الى مساواة الكورد ببقية جيرانهم .
ان المرحلة المقبلة التي ستشهدها المنطقة ، قد تكون بالغة الخطورة والحساسية ، مع وجود ثورة في سوريا يمثل الكورد جزءا مهما منها ، وتأزم العلاقة بين ايران والغرب على خلفية عدة ملفات قد تصل نتائجها الى اندلاع حرب طاحنة ، هذا من جهة ومن جهة أخرى لابد ان نأخذ الوضع العراقي المتشظي بنظر الأعتبار في ظل العملية السياسية الشبه المنهارة . أي أن المنطقة بصورة عامة مفتوحة على كل الأحتمالات ، ويتوجب على الساسة الكورد أن يستعدوا لأسوء السيناريوهات ، من خلال اعلاء مبدأ (كلنا كوردستانيون ، كوردستان لكلنا ، ذاكرتنا الجمعية واحدة ) . لعل هذا من شأنه زيادة الجاذبية المفقودة بيننا وبين أرض كوردستان .
ئارام باله ته ي
ماجستير في القانون