علي السوداني
لا تثقوا بخبر يبدأ بجملة « كما وردني « ولا تصدقوا النبأ الذي مقدمته تقول « قال قادمون من ذاك الصوب وصلوا البارحة الى هذا الصوب ورفضوا الكشف عن أسمائهم ، ولا تأتمنوا الخبر الذي أوله مقطع قال مراقبون ومطّلعون مقرّبون من دائرة صنع القرار ، ثم تكتشف أن هؤلاء المقربين ليسوا سوى عمالة رخيصة تشتغل في الدائرة الصحفية ، أو صناع قهوة تغلي على مبعدة مائة متر من خلوة الزعيم .
آخرون يصنعون وكالة أنباء صاحبها أو صاحبتها لا هما بالعير ولا تراهما بالنفير ، ويقوم هذا المطبخ المرتزق بصنع الخبر الكذبة المراد تسويقه ، فينشره الجيش الألكتروني ويسند منبعه الى تلك الوكالة البائسة . تركز الأخبار الكاذبة الكثيفة هذه الأيام على سيناريو أمريكي جديد في العراق ، سيكون بمثابة تسديد فاتورة الشعور بالذنب لدى أمريكا بسبب الفظائع والفضائح التي أنتجتها في العراق ، ويتم نشر تقارير عن قواعد عسكرية أمريكية وقوات تنزل على الحدود مع ايران من أجل إخصاء وليّ الساذجين وكنس نفوذه من على الأرض العراقية ، وأيضاً تصوير صهر ترامب وزوج ابنته كوشنر على أنه بريمر الثاني والمخلص المنتظر .
ثم يشارك الكذابون في زق سوق الفيسبوك بتقارير عن حرب قريبة جداً بين أمريكا وإيران ، وما عرف القارئون الساذجون أن حرباً كهذه لن تحدث أبداً ، بل ستتواصل شراستها وسخونتها فقط على شاشات التلفزيون ، حيث التفكير الاستراتيجي الأمريكي بقي على ما هو عليه راسخاً فوق مسلمة بقاء ايران دولة قوية وغنية ، من أجل مواصلة حلب محميات الخليج العربي نفطاً وخزائن دولارات دسمة ، تحت ضغط وجود بعبع شرقي قوي وربما حتى نووي وهذا ما يسمى بسياسة التخادم والتفاخذ الذي يسبب فائدة ومتعة للطرفين .
وعندك ناس من ضحايا الأنباء المفبركة المضللة ، جاهزون نفسياً لتصديق ما يقرئون خاصة اذا كان المكتوب يخدم أهواءهم الطائفية المريضة أو تجارتهم الحرام .
أما من عجائب الأخبار والمخبرين فهو ذلك التجاهل التضامني لكل منصات الاعلام تجاه صفقة اطلاق سراح المختطفين القطريين في العراق . انه خبر من النوع الثقيل والمطلوب شعبياً ، لكنه بقي في الظل تماماً مع معلومات شحيحة ومرتبكة لم تجب على أسئلة المشاهدين والمستمعين والقارئين ، ولم تكشف عن العنوان الأخطر في المسألة وهو أن دولة منحت تأشيرات دخول واستضافة لمواطنين تم اختطافهم فوق أرضها وجلبهم من صحراء الصيد في الجنوب واخفاءهم ببغداد على مدى سنة ونصف السنة ، حيث الجهة الخاطفة معروفة جداً للدولة ، والخطف هنا كان عملية عصابجية غير اخلاقية ، بغض النظر عن كون المختَطَفين هم من رعايا دولة قد سببت ضرراً قاتلاً ومدمراً لأهل العراق من قبل ومن بعد .
نقلا عن الزمان الدولية