اربيل والدوحة خطوات جادة نحو بناء مصالح مشتركة
جواد ملكشاهي
منذ ان تولى السيد نجيرفان بارزاني رئاسة اقليم كوردستان بتفويض من برلمان كوردستان في 28 ايار 2019 ومصادقة برلمان كوردستان على وزارة السيد مسرور بارزاني في تموز من نفس العام ، حصل تغيروتطور كبيرين في سياسة الاقليم الخارجية مع مختلف دول العالم وبالاخص مع اوروبا والعالم العربي واصبح اقليم كوردستان عنصرا مهما وفاعلا في تحقيق التوازنات الاقليمية.
تغير السياسة الخارجية للأقليم كان جزء من البرنامج الحكومي الذي قدمه السيد مسرور بارزاني لبرلمان وشعب الاقليم حيث نصت المواد اولا وثانيا وثالثا ورابعا منه على مايلي:
اولاً: المؤسسات الرسمية ذات العلاقة في الاقليم تدير العلاقات الاقليمية والدولية لإقليم كوردستان. ولهذا الغرض فأننا ندرس إعادة تنظيم دائرة العلاقات الخارجية على اساس قانوني جديد.
ثانياً: التأكيد على العلاقات الجيدة وحسن الجوار مع مراعاة المصالح المشتركة وعلى اساس الاحترام المتبادل و على تنمية العلاقات فيما بيننا وعلى كافة الصعد.
ثالثاً: دعم جميع الجهود السلمية لحل المشاكل في المنطقة، وليكون الجميع على يقين بان دور إقليم كوردستان ومكانته، جزء من الحل بهذا الخصوص.
رابعاً: ستعمل حكومة الاقليم على تعزيز مكانة ممثلياتها في الخارج وفتح ممثليات جديدة في دول اخرى بحسب الضرورة، وكما سنعمل على تهيئة المناخ المناسب لفتح ممثليات لدول اخرى في اقليم كوردستان.
ان انفتاح الاقليم على دول مختلفة وتوطيد العلاقات معها جاء بناء على ارادة قادة الاقليم وتنفيذا للبرنامج الحكومي في بناء علاقات متوازنة مع دول العالم و في حل جميع الاشكاليات في داخل العراق ومع دول الجوار على وجه الخصوص وبناء علاقات مميزة مع العالم العربي وبالاخص الخليجية منها، انطلاقا من هذا المبدأ شهدت علاقات الاقليم الخارجية خلال العامين الماضيين تطورا ملحوظا وتجسد ذلك في زيارات لقادة وشخصيات دولية و اقليمية وعربية الى اربيل،قابلتها زيارات السيد رئيس الاقليم ورئيس الحكومة الى دول متعددة.
واذا ما نظرنا للسياسة الخارجية لدولة قطر نرى انها ترتكز على توطيد السلم والاستقرار في المنطقة والمادة السابعة من برنامج الدولة تنص على ان السياسة الخارجية القطرية “تقوم على مبدأ توطيد السلم والأمن الدوليين، وتعمتد كذلك على العمل من اجل فض المنازعات الدولية بالطرق الدبلوماسية ودعم حق الشعوب في تقرير مصيرها وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
بناءاً على تلك المشتركات في سياسة كل من اربيل والدوحة، عمل الطرفان خلال السنوات الماضية على تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون المشترك للعب دور محوري في حل المشاكل السياسية والأمنية في المنطقة وتعزيز الامن والاستقرار والعمل على النمو والأزدهار الاقتصادي نظرا لما يمتلكه الجانبان من مقومات وعناصر تؤهلهما للعمل في تلك المجالات.
ومن هذا المنطلق تم تبادل الزيارات بين مسؤولي الجانبين حيث زار وزير خارجية قطر محمد بن عبدالرحمن ال ثاني في شهر اذار الماضي اربيل والتقى كبار المسؤولين هناك وتم التباحث بشأن كيفية تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون بين اربيل والدوحة،فضلا على زيارات متبادلة لوفود اخرى على مستويات مختلفة.
زيارة السيد رئيس اقليم كوردستان(نجيرفان بارزاني) الى الدوحة التي جرت يوم السبت 16 تشرين الثاني الجاري جاءت استكمالا لرغبة الجانبين للتعاون في المجالات المختلفة لاسيما في حل مشاكل العراق السياسية وتعزيز العلاقات الاقتصادية بين قطر واقليم كوردستان وبالاخص في مجال الاستثمارات وفتح افاق جديدة للتعاون المشترك من اجل مصلحة الشعبين العراقي والقطري وبالاخص شعب كوردستان مع اشقائه القطريين وايجاد فرص جديدة للعمل المشترك.
ان ماتم اعلانه في وسائل الاعلام عن هدف زيارة السيد رئيس الاقليم للدوحة ولقائه كبار المسؤولين هناك لايرتكز على العلاقات الثنائية فحسب وانما تم التباحث بشأن الاوضاع في العراق والمنطقة وبالاخص مرحلة اعلان نتيجة الانتخابات النيابية والسبل الكفيلة لدعم تشكيل حكومة عراقية رصينة تحظى بتأييد اكثرية القوى السياسية التي تمثل مكونات الشعب العراقي والعمل على تعزيز الامن والاستقرار في العراق والمنطقة وبدء مرحلة الاعمار وبناء الاقتصاد الذي دمرته الحروب والصراعات السياسية على مدى عقود.
افتتاح قنصلية لأقليم كوردستان في الدوحة وقنصلية قطرية في اربيل وفسح المجال امام المستثمرين القطريين لأنشاء مشاريع خدمة وسياحية كان ابرز ما تمخض عن زيارة السيد رئيس اقليم كوردستان الى هذه الدولة الخليجية التي رغم صغر مساحتها تلعب دورا كبيرا في توازن القوى في المنطقة والتحكم بمصادر الطاقة كونها تمتلك احتياطي كبيرمن النفط والغاز،فضلا على اقتصاد مزدهر واستثمارات هائلة في دول المنطقة والعالم.
ويعتقد المراقبون السياسيون ان كل من اربيل والدوحة سيلعبان دورا مهما واساسيا في تخفيف حدة التوتر في المنطقة في المرحلة المقبلة ولاسيما في السعي لتحقيق الامن والاستقرار في العراق والمنطقة وتعزيز العلاقات مع دول العربية والاسلامية نظرا للموقع الجيوسياسي الذي يمتاز به الطرفان وكذلك امتلاكهما حدود مشتركة مع دول المنطقة تمتد لمئات الكيلومترات فضلا على امتلاك عمق ستراتيجي في منطقة الشرق الاوسط بحيث يمكنهما ان يكونا عاملا مهما لتحقيق الامن والاستقرار والازدهار الاقتصادي لشعبيهما وشعوب المنطقة.
نظرا لوجود احتياطي كبيرمن النفط والغاز في اقليم كوردستان ودخوله سوق الطاقة فضلا على موقعه الجيوسياسي، ينبغي لأربيل تعزيز علاقاته مع جميع الدول العربية وبالأخص الخليجية لبناء شراكات اقتصادية معها بالأضافة الى جذب الاستثمارات لتعزيز موقعه الاقليمي وتعظيم موارده لنيل حقوقه كاملة كثالث قومية في المنطقة.