احمرُ شفاهٍ باهتٍ
أمٌّ منهكةٌ اعياها الانتظارُ، تلمسّتْ ذكرى حملهِ ومخاضهِ وعسرِ وضعهِ، شفاهها ترتجف بتمائم التّوسل والرّجاء ان لا تفقده، هوَ فرسُ رهانها اللّيلة، غامرتْ بكلّ ما تجودُ وتحدّتْ الاملاقَ.
زحفَ الدمُ بأناةٍ ينزوي بينَ الشّقوقِ المعتمةِ للرّخامِ المتهدلِ اسفلَ السّريرِ، بعدَ زخاتٍ خفيفةٍ هوتْ من الجرحِ الماطرِ، آهابٌ بضٌ ونحيلٌ لم يرهقْ زحفَ المديةِ عليه ،مرتْ دونَ تعثر. بأحمرَ الشّفاهِ اصطبغَ فمُها، خصلٌ اِرتمتْ بحياءٍ توارى بريقَ العينين الافلَ، اناملُ زمّتْ الفراغَ بقسوة ٍمتحجرةٍ، علاَ احدهم حزُّ الخاتمِ المعقوفِ المتواري تحتَ البلاطاتِ، سيقانٌ نحيلة ٌبيضاءُ تشبّثتْ فردةُ الحذاءٍ بإحداهنَ.
غريرٌ يفرُّ بعينهِ من جسدٍ حبسَ قسراً، يلصقُ عيناهِ بالجدارِ الأبكم، معتمراً يديهِ المتشابكةِ ،زاماً بينَ اصابعهِ الغضةِ منديلاً، مهمتهُ ملاؤهُ بدليلِ فحولتهِ، وبعذريةِ رفقيتهِ، من دونِ أدلّةٍ لا يعدو كونهُ خرقةٍ باليةٍ للمسحِ، صوتُ جلبةً وضجيج ٌ تزعزعُ أعتابَ البابِ وترعبُ فرائصهُ، مشهدٌ طقوسيٌ يجتمعُ النّاسُ ليروا دمَّ الذّبيحةِ المسالِ على طوطمِ ما كَي ينفضّوا.
يلتقط ُانفاسهُ الخافتة، يزّمُ أكرةَ البابِ بارتعاشٍ، يطلُ متحسراً بأكفهِ الملتاثةِ ومنديلهِ النّاصع.
حيدر الناصري