لا شك أن الإنسان هو أسمى من الحيوان ترتيباً ، لأنه هو الذي يحرك عجلة الحياة, ولا بد أن يُعطى أهمية قصوى بدءًا من الأمور التي يحتاجها كالضروريات وانتهاءً بالكماليات، وهذه تُقَدَّر بقدرها حسب المكان والزمان,أما مسألة مجاورة الإنسان للحيوان، فهي جاءت كشيء ثانوي وهامشي أحيانًا على مر التاريخ، ولا سيما الكلاب بالدرجة الأولى ومن ثم القطط وغيرها من الحيوانات، سواء الأليفة منها أو المفترسة,وهذا فيه تفصيل كثير لكننا هنا نركز فقط على الكلاب والقطط، خصوصًا أن هناك فئة كثيرة من الناس تحب أن يكون لديها في البيت شيئًا يجلب السعادة إليها ويقلل التوتر في نفوسها ويحل محل الفراغ الذي أصاب القلوب الفارغة.
في الغرب، يتم العناية بالحيوانات باعتبار أن لديهم مشاكل أقل، ولهذا لديهم الوقت والمال الكافي للتركيز على هذه المسألة، على عكس بعض دول الشرق التي تسعى لتوفير حياة كريمة لأبنائها, ولأن الشرق دائمًا ينتظر الغرب في استيراد الأفكار واستجداء السلام والعون، كانت فكرة تربية الحيوانات جزءًا من عملية التصدير وسياسة التأثير,وفقًا للإحصائيات، فإن الولايات المتحدة الأمريكية تحتل المرتبة الأولى في تربية الحيوانات الأليفة تليها المملكة المتحدة حسب مجلة The Economist Newspaper ولذلك، فإن ذوي الدخل المحدود ليست لديهم الإمكانية الكافية للعناية بالحيوانات، فينحصر الأمر على الفئات الأخرى من ذوي الدخل المتوسط والدخل الوفير.
ربما يتساءل البعض: هل مرافقة الحيوانات تجلب السعادة وتقلل القلق إلى حد ما؟ نعم، إذا لم يتوفر البديل. نجد في المجتمعات الشرقية الاهتمام أقل حتى إذا كان الشخص قادرًا ماديًا، بينما في الغرب يكون العكس. هناك أسباب كثيرة ناتجة عن رغبة الإنسان في أن يكون الحيوان مرافقًا له، منها الشعور بالوحدة، أو أن يكون الشخص في حالة اجتماعية مثل: أعزب، عزباء، مطلق، مطلقة، عدم وجود عائلة وأجواء أسرية حقيقية وليست شكلية، نقص في الاهتمام، عدم الحصول على الاعتراف من قبل المجتمع اذا تم احتسابها من وجهه نظر ضيقة وبالتالي تسبب أزمة نفسية… إلخ.
يلعب الإعلام أيضًا دورًا مهمًا في تسويق مستلزمات الحيوانات، وبالتالي فإن الشركات الكبرى تجني الكثير. إن المسألة الأصل فيها هي أن الحيوانات يجب أن تعيش في البرية وتأخذ كامل حريتها وتندمج مع الطبيعة، ولذلك وُجدت المحميات البرية كحل لمشكلة الحيوانات المشتتة هنا وهناك حتى لا تسبب إزعاجًا ومشاكل وتجلب أمراضًا عديدة.
بشكل عام، تعتبر هذه الظاهرة غير ناضجة ولا تدل على تقدم حضاري، بل هي نتاج عن ترف من جهة، ومن جهة أخرى أسباب تم ذكرها. وبالتالي، يجب أن يُوجه ويُقاد هذا الأمر بالشكل الصحيح، بحيث يحفظ التوازن السليم. من جهة، تُنفق ملايين الدولارات على الحيوانات، بل وصل الأمر إلى السخف بحيث توجد صالونات حلاقة وأزياء وأمور كثيرة كمالية، ومن جهة أخرى، يعيش الملايين من البشر تحت خط الفقر. حتى لو لم يكن هناك فقر في العالم، ينبغي الترفع عن هكذا أمور سطحية، والمستفيد الوحيد منها هو الشركات الكبرى ووسائل الإعلام.