استبشرنا خيرا بأن تكون النجف عاصمة للثقافة الإسلامية ،وتوقعنا أن يكون الصوت الناصع والحقيقي للإسلام عاليا في أروقتها ،ولكن يبدوا أن ما كل ما يتمنى المرء يدركه، فقد حاول البعض استغلال هذا الموسم الثقافي لبث السموم ولإساءة للعراقيين وإشاعة الفتنة في صفوفهم، فقد أقيم في جامعة الكوفة مؤتمر ثقافي كما قيل لمركز القصب للثقافات وبالتعاون مع إدارة المشروع استعداد لاختيار المحافظة عاصمة الثقافة الإسلامية عام 2012وبمشاركة العديد من الطوائف والمذاهب الإسلامية في داخل العراق وخارجه.
حضر المؤتمر جمع غفير من العلماء والأدباء والفنانين وكان الأحرى بجامعة الكوفة وهي صرح علمي يمثل العلم والموضوعية أن تنأى بنفسها عن ولوج المسالك الوعرة وتنتبه لدورها التاريخي في إشاعة العلم والمعرفة الحديثة بعيدا عن التخلف والجهل الذي يحاول أشاعته المتربصون بالعراق،وان لا تكون طرفا في الصراع السياسي في العراق لأنها مؤسسة رسمية علمية لا علاقة لها بما يحدث في الساحة السياسية من صراعات وان لا تفتح الباب لجهات سياسية وتغلقه دون أخرى،وتفسح في المجال للوافدين من دول الجوار ليمرروا سياساتهم المرفوضة ويشيعوا الفتنة في العراق .
لقد شارك في أعمال المؤتمر علماء أعلام ومفكرون وأدباء ومثقفون ولكن بعض الوالغين في حضيض الثقافة حاول أن يتصيد بالماء العكر ويكرر ظلام الماضي واطروحاته التي تبرأ منها أصحابها بعد أن ظهر خطأها واستغلت سياسيا لذبح العراقيين،وكان عليه وهو الإيراني الغريب أن ينأى بنفسه عن التدخل بالشأن العراقي وينصرف لإصلاح بلده وإيصاله الى شاطئ الآمان،لان العراق ليس بحاجة له ولمن هم من أمثاله ،لقد تطرق هذا الرجل الى فتوى السيد الحكيم عن الشيوعية، دون أن يعلم هذا المأجور أن هذه الفتوى قد صدرت في ذروة الصراع بين الغرب والشرق، وفي حمى الصراع بين الجبارين، ومن نتائجها استقواء البعثيين وحثالات العهد الملكي وعملاء تركيا ومصر وسوريا وإيران في إجهاض ثورة تموز وقتل زعيمها الوطني وإبادة مئات الألوف من العراقيين،وارتكاب الموبقات والجرائم التي تقشعر لها الآبدان،وما تلا ذلك من حكم رجعي دكتاتوري مقيت.
وكنا نتمنى على هذا الفطحل الذي يخوض في هذه القضايا أن يكون ملما بتاريخ العراق ومن أبنائه وليس غريبا عنه جاهلا لطبيعته ومجتمعه،عارفا بظروف البلد وطبيعة المرحلة،وان يعلم أن هناك مئات المجتهدين والعلماء الأعلام ممن وقفوا ضد الفتوى أو حذروا من نتائجها،منهم السيد القاياني والسيد محمد سعيد الحكيم،وغيرهم من علماء العراق،بل أن كثير من العلماء الأعلام كانوا من المناصرين للحزب الشيوعي والمدافعين عنه لما يحمل من وطنية وإخلاص ونزاهة يفتقر لها كثيرون،وربما أن هذا الجاهل لا يعلم أن السيد الحكيم ذاته كان في مقدمة المدافعين عن مناضلي الحزب عام 1956،وان المقصود بالفتوى هو عبد الكريم قاسم وليس الحزب الشيوعي كما يقول ألمفكر الإسلامي عادل رؤوف.
ولو كان هذا الجاهل عارفا بتاريخ العراق لقرء ما كتبه السيد حسن العلوي وهو من الكوادر البعثية الكبيرة تلك الفترة،وما ذكره عن الطرق والأساليب التي أتبعها البعث لمحاربة شعبية الحزب الشيوعي من خلال تمزيقهم للقرآن واتهام الشيوعيين به،وتوزيعهم ملايين النسخ من الفتوى المذكورة ،لا إيمانا بها أو بصاحبها وإنما للاستفادة منها في صراعهم السياسي،ويبدو أنه يجهل أن الحزب الشيوعي كان في جبهة مع الأحزاب الإسلامية ومنها المجلس الإسلامي الأعلى وأن السيد محمد باقر الحكيم قال بأن المقصود بها ليس الحزب الشيوعي العراقي .
ولا أدري لماذا لا يشير هذا الرجل إلى حزب البعث وتكفيره من قبل رجال الدين هل لأنهم والبعث أبناء عمومة أم لأنهم يغرفون من منبع واحد ولهم سيد واحد وتجمعهم مصالح مشتركة.
وأود أن أسال هذا المفكر الوافد هل قام الحزب الشيوعي يوما بتفجير حسينية أو موكب عزاء أو تفجير المراقد المقدسة أو قام بسرقة المال العام أو أصبح مطية للمستعمرين،ليقارن بينه وبين من ارتكبوا هذه الأعمال المخزية ويعرف من هو الكافر بالقيم والمبادئ الشريفة.
أخيرا أقول إذا كان بيتك من زجاج فلا ترمي الناس بحجر وإذا كنت تمثل مبدءا أو فكرا فكن بمستوى هذا الفكر والدين، ويكفي الشيوعيين فخرا أنهم أصبحوا اليوم كالشعرة البيضاء في الثور الأسود لنزاهتهم ووطنيتهم وإخلاصهم وتفانيهم،فيما تسربل أعدائهم بالخزي والعار وسيكون مصير مناوئيهم مصير صدام.
إلى ماذا تهدف هذه الأبواق المأجورة
شارك هذه المقالة
اترك تعليقا
اترك تعليقا