أُسودٌ مِنْ وَرَق
24/6/2021
امين يونس
خلال هذا الأسبوع ، شهد العراق أحداثاً بالغة الغرابة حسب مقاييس العالم المتمدن ، في حين أنها أحداثٌ عادية تماماً ، تبعاً للواقع العراقي المُزري :
* قبلَ ستة أسابيع اُغتيلَ الناشط المدني البارز ” أيهاب الوزني ” أمامَ منزله في وسط كربلاء بثلاثة إطلاقاتٍ في الرأس ، ضمن سلسلة الإغتيالات التي شملت الآلاف في طول البلاد وعرضها في السنوات الأخيرة ، والتي سُجِلَتْ جميعاً ضد : مجهول ! . بعد أن يأستْ والدة المغدور من قيام الأجهزة الأمنية والحكومة في القبض على القَتَلة ، فأنها نصبتْ خيمة وسط كربلاء ، جلستْ فيها ووضعت صورةً كبيرة لولدها أيهاب ، ولافتة مُطالبة بالكشف عن المجرمين وتقديمهم للعدالة . فماذا كان رد السُلطات في كربلاء ” المُقدَسة ” ؟ : قاموا بتعنيفها وتحطيم خيمتها على رأسها ! . هذه الأُم الثكلى هي رمزٌ لكل اُمهات الذين اُغتيلوا غدراً في بغداد والبصرة والموصل والناصرية وأربيل والنجف والعمارة ودهوك والكوت والسليمانية والكوت .
* لأن عدداً من المسؤولين الكبار ، كانوا يتسامرون في أحدى المناطق السياحية في مدينة السليمانية قبل أيام ، فأن مَفارِز قوى الأمن إنتشرتْ في الشوارع القريبة لحِماية المسؤولين ” حمايتهم مِنْ مَنْ ، لا أفهَم ” ؟! . وكانتْ قُوى الأمن تلك توقف بعض السيارات وتسأل عن هوياتهم ، ومن ضمن السيارات كانتْ واحدة تقودها إمرأة شابة ، وقالتْ لهم أنها إبنة مسؤولٍ كبير ، فكان جوابهم جافاً وربما فيه بعض الإستهزاء ، فقامتْ الشابة بالإتصال فوراً ب حماية البابا وشرحتْ لهم الأمر … فتوجهوا مُسرعين الى المكان ، وسُرعان ما تطورَ الموقف الى عِراكٍ بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة إستمرَ لحوالي النصف ساعة ، بين قُوى الأمن الداخلي وحماية المسؤول ، كانتْ نتيجته عشرة جرحى . ولكن بادرتْ الفعاليات المتنفذة في السليمانية لتطويق الوضع بسُرعة وحّلوا المُشكلة على الطريقة العراقية المُعتادة أي [ عشائرياً ] !! .
كَوْن الميليشيات المنفلتة والوَقِحة والخارجة عن القانون ، تُشكِل دولة داخل الدولة في بغداد والوسط والجنوب ، وطُغيان العشائرية وقِيَمِها المتخلفة … واقِعٌ مُؤسِف ومُحزِن ، فأن ماجرى في وسط السليمانية ، أمرٌ مُخجِل وعيبٌ كبير . نحنُ في العراق كله ، نعيش في لادَولة .
* حُكِمَ على شابٍ من أهالي دهوك بالسجن سنة وشهرَين وغرامةٍ مالية ، بتُهَمٍ مفادها : .. سوء إستخدام وسائل التواصل الإجتماعي ! . بالله عليكُم .. هل هنالك شئ أكثر ” مطاطية ” من هذهِ التُهَم ؟ مَنْ يُحّدِد ماهية السوء في إستخدام الفيسبوك والتويتر مثلاً ؟ أنها مُجرد حجة لتأطير الحريات بصورةٍ مُجحفة . معنى ذلك ببساطة : الجميع مُعرَضون للمُلاحقة ! .
* فريق كرة القدم الفرنسي يُكّنى ب ” الديوك ” ، ونادي مانشستر ب ” الشياطين الحُمر ” ، وهي فُرقٌ قوية وعريقة في كرة القدم . بينما فريقنا الوطني يُسّمى [ أسود الرافدَين ] ، ففي حين أنهُ من المفروض ، أن يخاف أي فريقٍ يُلاعبنا ، من الزئير المُرعِب لإسودنا ولا سيما لاعبي الهجوم وحامي الهدف ، فأننا قبل أيام خسرنا أمامَ مَنْ ؟ أمامَ فريق [ جُزر القَمَر ] صّدِق أو لا تُصّدِق ! .
ليسَ جَلد للذات … لكننا كما يبدو : اُسودٌ مِنْ وَرَق .