أم غايب وأبو غايب
قصة من واقع عشته.
شخصيتان لايمكن أن انساهما ابدا ادركتهما عجوزين يسكنان بيتا قديما في المنطقة التي ولدت فيها منحه لهما رجل ميسور ليسكناه مجانا.ليس لهما ذريّة .لذا كان الناس ينادونهما بهذه الأسماء.وهذا مااعتاد عليه العراقيون في نداء من لم ينجب.
كانا يذهبان الى السوق قبل ان ينتهي البيع فيه بقليل ليحصلا علي احتياجاتهما مما تبقى بثمن ارخص.مما يسمونه في العراق العزالة..لأنّ المورد الوحيد لهم تقاعد ابي غايب الذي لايتجاوز العشر دنانير انذاك .كنت اتعمد ان اسير خلفهما وهما يذهبان الى السوق يتوكأ احدهما على الآخر .وارى ابا غايب وهو يهمس بأدن ام غايب بكلمات لم استطع سماعها فما من العجوز الا وتنفجر بالضحك فيضحك معها وهكذا على طول الطريق.وعندما يعودون الى البيت وقبل الغروب بقليل يخرج ابو غايب بباب الدار ليكنس الارض ويرشها بالماء ويفرشها ببساط مصنوع من القصب تسمى في العراق الباريه ويخرج من البيت موقدا صفيرا للنار يسمى الجوله ليضع عليه قوري الشاي .وبعد قليل تخرج ام غايب لتشاركه تلك الجلسة التي تساوي عندهم الكثير .وتمر عليهما ساعات طوال وهم يتحدثان ويقهقهان .كنت اتمنى ان استمع الى ماكانا يقولاون لأعرف سرّ سعادة من لامال له ولا ولد.لكن ابو غايب مات وماتت ام غايب كمدا عليه بعد فترة وجيزة من الزمن .ودفن معهما سرّ تلك السعادة.وعندما كنت امر قرب قبريهما المتجاورين في مقبرة الشيخ معروف الكرخي اتخيل بأنهما مازالا يتمتمان ويضحكان.
رويت هذا لعلّ البعض يدرك بأن سعادة الانسان في قناعته والحبّ لاينبت الا في نفوس قنعت بما رزقت به من بارئها.
والله من وراء القصد.
علاء الأديب.