أمَّةٌ فاسِدة ؛
     و حکامٌ سافلونْ !.
- إعلان -
 2015-9-10
            احمد البحراني
 ما تمرُّ به أمَّتنا من واقع مریر نتیجة عدم الوعي والبصیرة  
  شَخَّصَّهُ، بل حذَّر منه المصلحُ 
  و العالِمُ و القائدُ و الفیلسوفُ 
  الفْذ جمال الدین الأسد آبادي الأفغاني قبل مائة و خمسین عاماً أو یزید ، حین ربَطَ بین 
  مآسي المسلمین و فکرهم الرجعيِّ المتخلِّف ، فحملَ 
  رایة التجدید و الإصلاح ؛
  بکلِّ ما اوتيَ من قوة ، لذا 
  نال مانال من تهم و تنکیل 
  و تخوین وتسقیط وتکفیر 
  حتی قیل بحقه زوراً و جزافا، تمنطق فتزندق، و مَن اتّّهمهُ  بالإنتماء للحرکة الماسونیة العالمیة ، و هي تهمة کفیلة لهدم جبل، لکنه قاوم فانتصر، بل ترك أثراً خالدا .
 تماماً کیومنا هذا ، کان الجهل 
  و الظلام و انعدام الهویة، قد وصل حدّاً مهولاً بین شرائح المجتمع ،، فاختار الأفغاني
  خیارالمواجهة مع مسبِّبَینِ رئیسَین ؛ رجال الدین 
  المنافقین و الساسة العملاء ،
  و الانفتاح مع النبلاء و الشرفاء من کافة الأدیان و المذاهب 
  و القومیات، لتحقیق حلم  ایقاض المجتمع من نومه . 
 و اذا کان سیِّد زمانه -جمال الدین- قد تمیز بقدرته الخارقة علی التکیُّف بمحیطه السیاسي و الإجتماعي ،  مهما اختلف مع نهجه و عقیدته ، فتراه یغیِّر القابه تارة ، و زیّه الذي یتبدّل حسب تقالید مضیِّفیه تارة أخری (من العمائم البیضاء والسوداء و الخضراء ، الی طربوش ترکي أو أزهري ، 
  الی عقال و کوفیة) ، فساستنا العرب في عصرنا هذا ایضاً تمیّّزوا و بجدارة ، لکن ، بعجزهم عن التکیُّف مع 
  الشریك و الحلیف و الصدیق في نفس الحزب ، فما بالك 
  مع الخصوم ؟!.
 انهم ، ابعدُ خلق الله عن القادة العظام ، بصرخاتهم المدوِّیةِ الموقِضةِ للشعوبِ النائمة ؛ أمثال سید جمال و روح الله الخمیني و عمر المختار، اصحاب رسالات عالمیةٍ تجاوزت حدود الحزب 
  و الطائفة و الوطن . هؤلاء استهدفوا اصلاح الفکر قبل 
  کل شيء ، لإصلاح الأمة من جذورها . أمّا حکّامنا الجدد إلّا ماندر، فإمّا اطفالٌ هواة ، أو عجزة رجعیینَ منَ العصر العتیق ، لاهمَّ لهم ولاغمَّ الّا ملئ بطونهم والهاء فروجهم ، و في افضل الأحوال ، عساکرَ ، لم یشُمّوا رائحة الفکر، لامن قریب، ولا من بعید !.
لکن ماهي أسباب ظهور هکذا قیادات علی رأس أمَّةٍ حکمت العالم لقرون بدینها و لغتها و علمها و علماءها ؟!.
 هنا اذ لا اُقلل من دور النهوض الغربي خلال القرون الأخیرة،
  الفکري منه و العسکري ، ثمَّ الإقتصادي، وهو ما ساهم 
  کثیراً بتضعیف الامبراطوریتین العثمانیة و الصفویة بشتی الوسائل ، بدءاً من الحروب التقلیدیة و الاحتلال المباشر ، مرورا بحملات المستشرقین الثقافیة و غزواتهم العقائدیة ،
  الی تسخیر و نهب الثروات، لکنَّني لا اتجاهل ما حلَّ بالعقل العربي من فسادٍ ، لادخل للأجنبي فیه ، أحلَّ التخاذل، 
  و بسَّط الإستسلام ، و اجاز  الخیانة ، و جمَّل الخضوع 
  و الخنوع و کلّ ممنوع  !.  
 من یقول إنَّ هذا الخراب الذي حلَّ بنا ، بفکرنا ، کُلُّه بسبب الاستعمار و مخططاته 
  الخبیثة ، کذّابٌ أو جاهل لامُحال، و إن آمنّا بذلك جدلاً ، فأمَّتنا ، هي من مهدت لذلك ، حین جسَّدت انها فعلاً ، أمَّة ، لاتعرف من الاسلام الّا اسمه ،
  و في أفضل الأحوال شيءٌ 
  من طقوسه ، فانطلت علیها لعبة الغرب باغراءاتها ، و قبلت  بالتغییر و الجدید الآتي من وراء البحار . و من الجدید، حکامٌ جدد و بحلةٍ جدیدة ، 
  و بأعراف و تقالید ، من نوعٍ غربي مثیرٍ و جدیدْ !.
 عدوُّنا تلقَّف الرسالة قبل غیره
  و فهما دون عناء ، و تیقَّن أننا اصحاب بَصرٍ من دون بصیرة ،  فمَلأَ عیوننا بمانُحب ، وافرغ عقولنا مِمّا لایُحب . 
 حینها أخذت دیکتاتوریة التخلُّف و الرجعیة و السذاجة، تفرض رأيها و بقوة على الفکر و التعقُّل و المعرفة عند العرب ، و بات العرب أمَّة ، تستحق قادتها بکل جدارة ، فالإمة التي تتقبَّل الذلَّ بترحاب ، مقابل الحصول علی رغبات دنیویة رخیصة، لیست کتلك التي ناضَلت و قاومت و تحمَّلت ماتحمَّلت ، حفاظاً علی تاریخها و شرفها ، و اکراماً لعظماءها و رُسلها ، و وفاءاً لدینها ، و مرضاةً لربِّها .
  لا ، لاتستوي الأمَّتان أبدا  !. 
 أمَّتنا العربیة جاهلة و غارقة حتی الرأس بجهلها ، لم تعد تستوعب حقوقها ، ولا طعم الحیاة الکریمة بعَدْلها و حرِّیَتها، و اِن وَعَت علی حالها بعد سُکرها ، ستستبدل الداء بداء ، السلطان المستبد المتخلف المتعجرف بسلطان آخر ،
  اسفلَ منهُ و أدهی . 
  هکذا یسرد التاریخ ، قصص اممه الغابرة دون مجاملة . 
 و کما عبَّر جمیلاً ، احد روّاد النهضة العربیة، عبدالرحمن الکواکبي، في کتابه الشهیر “طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد” ، إنَّ الله جلَّ و عَلا، قد فوَّض الأمم تقییم اداء حکامها ، فإن استغنت عن 
  حقِّها ، أذلَّها الله لأمَّةٍ أخرى .
إنها سنَّة الحیاة ،

