أربع قصائد من سِفْــرِ المنفى (1)
جميل حسيـــن الساعدي
ليلة رافضة
أرفضُ الليلة َصمتـــــي
أقلعُ الجذرَ الذي أنبتّــهُ في صحْنِ بيتي
أرجعُ الروحَ التي شرّدهــا وحشُ الحَــــذرْ
فأنا أرفضُ أنْ أحيـــا حجـــــرْ
أرفضُ العصرَ الذي يخنقُ اصوات البشـرْ
فوداعا يا كهــوف الصمت والموتِ البطـــــيء
أفلتتْ من ربقــةِ القيـدِ الحروفْ
ومضتْ تهزأ من أمــن الكهـــوف
****
الجرحُ يدعوكِ
قفي ولو للحظةٍ
شُــــــدّي على الجرحِ الذي ينزفُ من قرونْ
في أرضنا قدْ نزلَ الطاعونْ
واكلَ الرجالَ لمْ يُبقِ سوى بقيّـــةٍ
مفقـــوءة العيون
تقبعُ في مزابلِ الليلِ بلا أحــلامْ
تروي علينا قصص الظلامْ
وذكريـــــات فارسٍ قــــد نامْ
****
شهود الزور
وجهك الدامــــي
عويلُ الريحِ في الليلِ الجليــــديّ
وأحــــــزانٌ من الأمسِ القريــــــبْ
تذكرُاللحظة ماذا يا غريــبْ
ذبلـتْ وردةُ أحلامِــــــكَ
ماتَ العندليـــــــبْ
غربتْ شمسُكَ من قبلِ المغيـــــبْ
نزفَ العمرُ على بوّابــةِ الليل الطويــــــلْ
يســـألُ النجمُ عن القاتلِ في هــذا الظلامْ
آهِ من أينَ سآتي بالدليـــل
وشهــود الزورِ في محكمــةِ العدلِ المُضـــــامْ
شهـــــدوا أنَّ القتيــــــلْ
وجدوهُ فــــي النهـــارْ
جثــةً تحملُ آثارَانتحــــــــارْ
****
الوطنُ وطننـــــــا
حملناكَ على أعيننــا كُحْــلاً
وخلفَ مرافئِ الدنيـــــا
تعالتْ من حناجـــرنا
إلــــى أقصى المدى كلمــة
أتدري مــا هي الكلمـــــة ؟
هي اسمكَ أيّها الوطـــنُ
ألا فلتخســـأ الأبواقُ أبواقُ المخانيـــث ِ
بقــايا نســلِ عاهـــرةٍ
تزيّتْ زيَّ راهبـــةٍ
فغشّتْ أهلها ليلا ً
وأعطــتْ فرْجــها من غيرِ ما خجـــــلِ
إلى الأوباشِ والتتــــــرِ
****
(1): هذه القصائد الأربع تنشر للمرة الأولى على الشبكة العنكبوتية وهي من مجموعتي الشعرية(رسائل من وراء الحدود), التي صدرت عام 1980 عن مؤسسة دار المعارف للنشر في بيروت، وهي من الشعر الحرّ ــ شعر التفعيلةــ