أخيراً…الحلم العربي بالصلاة في الأقصى يتحقق…
ولكن عبر مطار أبو ظبي حصراً والدفع بالشيكل الإسرائيلي…
موسى فرج
منذ إن تمنى المغفور له ملك السعودية فيصل بن عبد العزيز على كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي الذي زاره في مطلع السبعينيات من القرن الماضي أن يمكنه من الصلاة ركعتين في المسجد الأقصى قبل أن يموت …وقد تعددت الأمنيات في هذا الجانب فأحمد حسن البكر تمنى له أنصاره أن يخطب بالقدس عندما هتفوا قائلين: باچر بالقدس يخطب أبو هيثم …وأيضاً تعددت طرق الوصول إلى القدس فبينما رأى الإيرانيون أن ذلك يمر عبر كربلاء أثناء حرب الثمان سنوات التي استعرت بين العراق وإيران رأى أغلبية القادة العرب إن الطريق يمر من خلال الولايات المتحدة الأمريكية وعبر معاهدات التطبيع المنفردة بينهم وبين إسرائيل…
-ووحده أنور السادات اختصر الطريق ليحط مباشرة في تل أبيب في 17 أيلول1978 ليوقع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن معاهدة السلام الشهيرة بين مصر وإسرائيل عام 1979…التي كانت تمضي تحت لافتة:
استرداد سيناء، وتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 242 الذي ينص على انسحاب إسرائيل إلى حدودها قبل 5 حزيران عام 1967، والبدء بمفاوضات لإنشاء منطقة حكم ذاتي للفلسطينيين في الضفة وقطاع غزة تطبيقاً للقرار المذكور…
لكن في اليوم التالي أبلغ بيغن الإدارة الأمريكية بموقفه المتمسك بعدم قيام دولة للفلسطينيين، وأقسم أنه لن يترك أي جزء من الضفة الغربية وقطاع غزة ومرتفعات الجولان والقدس وباشر رسميا بتطبيق سياسة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية.
-وفي عام 1994، تم التوقيع على معاهدة السلام بين الأردن وإسرائيل في حفل أقيم في وادي عربة في إسرائيل، وقع رئيسا الوزراء إسحاق رابين وعبد السلام المجالي المعاهدة فيما ظهر عزرا وايزمان والملك حسين بمصافحة تاريخية. هذه المعاهدة طبّعت العلاقات بين البلدين وتضمنت “السيادة الكاملة” على منطقتي الباقورة والغمر لكن إسرائيل امتنعت عن إعادة الباقورة والغمر إلى الأردن إلا بعد إن مضى على المعاهدة 25 سنة ولم توقف الضم بل باتت تهدد الآن بضم الأغوار الأردنية…
-صدام الذي رافقه إلى نهاية حياته هتافه العتيد الذي كان يذيل به كل خطاباته “عاشت فلسطين حره عربيه …” ذهب ولم يحقق خطوة على هذا السبيل باستثناء بضعة صواريخ سكود أطلقها على إسرائيل عام 1991 استحق عليها بجدارة تمثال له في احدى ساحات غزه…
-حكام الأمارات بنوا كل إعلانهم ليلة البارحة على أن التطبيع مع إسرائيل يحقق وقف الضم الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية …لكن نتنياهو قال في صباح اليوم أن إسرائيل لن تتوقف عن الضم …
صحيح أنه يقال إن في العقيدة اليهودية نصوص لا تلتزم اليهودي بالإيفاء بتعهداته مع الغير ولكن الهاجس الأمني الذي بنيت عليه استراتيجية إسرائيل العسكرية والسياسية يقول بتغليب هذا الجانب على كل ما عداه من قيم ومواثيق … وأنا لا أتكلم هنا عن إسرائيل لكني أتكلم عن حكام الأمارات الذين سيوقعون على المعاهدة رسميا في واشنطن الأسبوع القادم …هل أن تخلي نتنياهو عن وقف الضم سيدفع بهم إلى رفض التوقيع على الاتفاقية على تطبيع العلاقات مع إسرائيل…؟؟
لا طبعاً…لأن تطبيعهم للعلاقات مع إسرائيل لا علاقة له البته مع وقف الضم ولا لأنهم شغوفون مثل فيصل بن عبد العزيز للصلاة ركعتين في الأقصى وإنما هدفهم جلب نتنياهو إلى أبو ظبي ليكون قبالة خامنئي ورفع نجمة داوود على برج خليفة لتحجب مثل الكسوف رؤية الكعبة عن المصلين الإيرانيين وعندما يرتفع علم إسرائيل على مرتفعات جبل علي المقابلة لبندر عباس ينتظرون من كَوكَوش الجميلة أن تتطلع من الشباك لتغني: يمه القمر ع الباب لطلع وانادي لو يمه…
هذا هو مراد محمد بن زايد ومحمد بن راشد …فدولتهما ليست دولة مواجهة أو تماس مع إسرائيل ولا يخشيان منها وهما لا يتحسران على ركعتين يؤديانها في الأقصى وإنما يشغلهما جداً أن يقولا للسيد خامنئي كف عنا لا نريد تشيعك وفي غضون أسبوع أو نحوه يتبعهما ملك البحرين المعظم وسلطان عمان المبجل …
– فقهاء الشيعة ذهب بعضهم للنظر إلى الموضوع من زاويته الشرعية فقال جواد الخالصي ” أن أرض فلسطين “قضية شرعية” ولا يمكن لأحد “التلاعب بها”.
-السيد الخامنئي وحده من بين فقهاء الشيعة شخص القضية وقرأها قراءة سليمة فقال بيانه: “الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعتبر خطوة العار هذه التي أقدمت عليها أبو ظبي لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني المزيف واللاشرعي والمعادي للإنسانية خطوة خطيرة، وإذ تحذر من أي تدخل من قبل الكيان الصهيوني في معادلات منطقة الخليج…”
هذه هي القراءة الصحيحة لموضوع تطبيع العلاقات مع إسرائيل “تغيير المعادلات في منطقة الخليج” …ومادام الأمر يقوم على قاعدة إذا عرف السبب بطل العجب …ليش ما نبطل السبب الدافع للتطبيع حتى يروح العجب …
فإذن لا توجد قضية اسمها وقف الضم للأراضي الفلسطينية، ولكن هذا لا يجعلنا ننظر بسوداوية للأمر فقد تعهدت إسرائيل بتمكين كل من يتمنى أداء ركعتين في الأقصى أن يذهب إلى مطار أبو ظبي ويحجز على الخطوط الإماراتية أو طيران شركة العال الإسرائيلية على أن يدفع بالشيكل الإسرائيلي…
وقريباً ستعلن عن امتيازات لترويج السفر إلى إسرائيل من بين ذلك الآتي:
1.الذين يتسبب لهم ختم جوازاتهم من قبل السلطات الإسرائيلية بالحرج فإنها ستوفر لهم فيزا خارجية يتم ختم الدخول والخروج عليها وليس على جواز السفر…
2.الحج للأقصى غير محدد بشهر معين أو يوم معين كما هو عند المسلمين مثل ذي الحجة وعاشور فعندهم كل الأيام تصلح لأن تكون عرفات وعاشوراء…
3.المسافرين لا يشترط فيهم السفر للأقصى بل يمكن تغيير الوجهة إلى شواطئ تل أبيب الذهبية …وسيجدون كل اللحم الحلال بانتظارهم على أن يكون الدفع بالشيكل…
في فيلم رأيته قبل عدة سنوات اسمه مملكة السماء وعندما تحاصر جيوش صلاح الدين مدينة القدس بغية اقتحامها يقف القائد الشاب الصليبي الذي بات مسؤولاً عن حماية المدينة ويخاطب السكان المسيحيين قائلاً:
(ما هي “القدس”…؟
مقدساتكم موجودة فوق الهيكل اليهودي الذي هدمه الرومان ومقدسات المسلمين فوقها…أيهم الأقدس…؟ الحائط…؟ المسجد…؟ كنيسة القيامة…؟
أنتم جميعاً مقدس، نحن لا ندافع عن تلك الحجارة بل عن الناس الذي يعيشون داخل تلك الأسوار…).
وحقيقة شغلني سؤال فني…الأرض كانت في أيام الرومان والمسلمين واسعه والمدينة لم تكن مكتظة بالسكان كيومنا هذا فلماذا لم يبتعد المهندسون والبناؤون 100 متر 200 متر عن مكان من سبقهم …؟ لو قصدهم إثارة مشكلة أزليه تبتلي بها الأجيال…؟