أحذيةُ التّتار
لم يغمسْ الحَمويّ ريشتَهُ في دواتِهِ هذا الصّباح . . . ١
تردّدَ أنْ يكتُبَ عن بلدةٍ
تزاحمتْ فيها أضدادٌ بأسماءٍ مسروقة . . .
محظورٌ على أبناءِ الحِبرِ أنْ تكتبَ عيونُهم ما ترى . . .
الخوفُ
يغلّفُ كُلَّ شيءٍ إلآ مَنْ تبعَ يداً
تمتدُّ لنهاياتِ الممنوع . . .
تفنّنوا أنْ يزيلوا ما سجدَتْ لجلالِهِ عاتياتُ الدّهور . . .
بانَ العَظمُ
ما توقّفتْ شِفارٌ عن سَلخ . . .
بيوتٌ من دخان . . .
أرغفةٌ
يطاردُها على أطباقِ التّعساءِ
رصاصٌ مُستورد . . .
موتى
يتحدّثون على قارعةِ الطّريقِ عن ليلٍ
أخفى تحتَ ثيابِهِ سيفَ ابنِ ثقيف . . .
قطفَ لسانَ ابنِ السّكيت . . .
ذبحَ ديكَ شهرزاد . . .
توظّأَ بفضلةِ كأسهِ للصّلاة !
. . . . .
خرجتْ من رِقاقِ طينهِ البشائر . . .
حسدتْ شمسَهُ شمسُ الوجود . . .
أدخلوهُ في قُمقمٍ
طافوا حولَهَ بما تركهُ صاحبُ الأربعينَ وربعُهَ على بابِ مغارتِهم . . .
تناسلتْهم حقبٌ
توحّمتْ بلحمٍ بشريّ بعدَ عقم
فباتوا لا يُعدُّ لهم عَدَد . . .
سيماهم
تعرفُها للقبحِ عيون . . .
كُلُّ شيءٍ
ذهبَ إلى مستنقعٍ لا يرى
زُرقةَ السّماء . . .
حفنةٌ من سنين
شربتْ آلامَ كُلِّ البؤساء ِ من برومثيوس إلى جان فالجان
إلى خالدين
توزّعتْ قبورُهم على بُقعِ الأرض . . .
فكانَ زمنُ السّيرِ إلى وراء . . .
. . . . .
إيّاك عشقت
ولم أكنْ أعرفهُ إلآ في عيونِ أُمّي . . .
كنتَ مرساها سفينةَ البشر
علّمتَهم كيفَ ينسلون من مواتٍ حياة ؟
لا أريدُ أنْ أراكَ كما يريدُ سِفلةٌ
ختمَ زمنٌ بهم شذوذَ قبحِه . . .
تتجافى عن مائدةٍ واحدةٍ جهاتُكَ الأربعة . . .
مُشوّهاً ما كانَ فيكَ مهبطُ شعرٍ . . .
أقلامٌ أرضعتِ الصّحفَ ثمينَ ما كان . . .
ليالٍ احتفظَ بها الدّهرُ في عميقِ ذاكرتِه . . .
نسوا أنّكَ عمّا سلفَ عفوْت . . .
ظنّوا
أنْ صارَ طائرُ الفينيقِ رماداً . . .
لوّوا رؤوسَهم سفهاً عن بئرٍ
روتْ دلاؤهُ شديدَ العِجاف . . .
. . . . .
أنتَ مَنْ كنتُ فيكَ
أُباهي
بثراكَ الثّريا . . .
كنْ بما وِهبتَ من سموقٍ ما حييت . . .
قبلَ أنْ يسلبوا قداسةَ حروفِك
أنْ يدعو بروتس لوليمةِ طعنٍ في عُرسِ دم . . .
سآتيكَ من غيرِ عصا لنبيّ . . .
ماردٍ في مصباح . . .
عرّافٍ
أتقنَ طلاسمَ شمسِ المعارف . . . ٢
آتيكَ بالذي أرضعتنيهِ ذاتُ نخلٍ ونهر . . .
لم يعُدْ في القوسِ مَنزع . . .
هم عازمون على أنْ يمشقو محاسنَكَ سواداً . . .
وأنا عازمٌ على أنْ أطلقَ بياضَ فجرِكَ من عقالِه !
. . . . .
عبد الجبار الفياض
فبراير / 2021
١ – ياقوت الحموي صاحب كتاب معجم البلدان .
٢ – كتاب في السحر والشعوذة للبوني .
٣- ابْنُ السِّكِّيتِ. إمام من أئمة اللغة العربية وعالم نحوي وأديب شهير،
استل المتوكل لسانه في حادثة مشهورة فمات من فوره، وكان ذلك في الخامس من شهر رجب سنة 244هـ.