ياسمينة حسيبي
أَذْرَعُ رغوةَ الملحِ بقدمينِ من لهبْ،
أمشي صوبكـَ ، أحملُني على هودج دمي ،
وأستدلُّ بصدى صوتكـَ المتناسلِ في الهواء .
خيّامة الهوى ،
طاعنةٌ في العشقِ، أتكاثر في اللهفةِ ..
أتلمّسُ يدَ الضوء المرميّة على خاصرة العتم .
يا سيّد الصمت البليغ ..
أتبدّدُ .. حين ابتسامتكـَ تُقرفصُ أمام لحظي.
أَتَـعَـمْـشَـقُ بنَوالِ رضاكَـ ، تضرّعًا.
مَـتَتُّ إِليكـَ أو بكَـ ، صلةَ العشق تقرّبًا،
حنانيكـَ !
فهذا العشق جَـائِـف في الحشا.. يتلظى ،
والقلبُ يَـتَـوَفّزُ تحت جُبّة الشوقِ، ويتقافزْ.
في بيدائكـَ تسُـفّني الريــاح .. سفًّا
ولمن أشكو ؟
وأنا الولهانة ابدًا ،
الضامئة وجْـدًا حدّ الغليل ،
أنا اللَّا – تَملكُـ سوى تهجُّـدًا..
وقلبًا رهيفًا يبتهلُ خشيةَ إملاقٍ في الحب.
أفكُّ رباطَ الــرّوحِ قربانًا لأولياء العشقِ.
أتصيّرُ فيكـَ مليكي .. رذاذًا قُـزحيّا ،
والتّوقُ ارتعاشاتٌ تعزفها الشرايينْ.
ألوذ بكـَ، كما الطيّـر يلوذُ بغصنِ عوسجٍ
وإن تنأى يصير فجري يَـبَاباً..
وضــبابًا ،
وســرابًا ،
يجزُّني الحنين جزّا حتى تتمزقَ أوردة الضّوء،
وأنتهي فيكـَ أو إليكـَ ، سيّان عندي،
هو موجٌ وحيدٌ .. يصطفق ما بين مدّ وجزر.
أيا ناري …الْـ – تلتهمُ خافقي !
أيُّهذا الهسيس المتجَـمْهر في الضّلوعِ ؟
أيا جلدي ، لستُ أحميكَـ ..من حرائقي ،
وسعير الوجد يرتديني .. قفطانًا !
أجمعُ شهَقاتي بخورًا بعبق الياسمين
وأحرقُها في مَجمركـَ ، رُقى وأحرازًا.
أيَـا حُـلمي المعلّقِ على جذع ِالمساء ،
مَلامحكَـ تسحَلُني إلى عذبِ اللّحيظات.
خَشوعةٌ، أُرهفُ السّمع لوقْـع همساتكـَ ..
على رقعة الفؤاد المَهيض،
والموتُ قابَ تنهيدتينِ أو أدنى .
بعضي يأكل بعضي ..
كمَا الرّغيف يرتعشُ بين يديْ جَائع.
صفّفي الأحلام على طول الطريق ..
لِـنَمُرّ إلى سُدرة المنتهى ،
هكذا تُكلّمني عيناكـَ ..
فتَتعرّى النيازكُ من ضوئِها ،
وتتقمّطُ بعطر أنفاسكـَ الأريجِ.
وأرى بأمّ قلبي..دهشةً تنخُل الهنيهات
وتُصَفّيها بين يديكـَ.
أَصير فقاقيع المدى..
أُطوّحُ بي في فم المعابد يمنة ويسرةً ،
كيتيمة الحبّ ، لها في ذمّتكـَ نارٌ وحريق !
ربّاهُ.. كيفَ لهذا العناق أن يهدأ جيدُهُ ..
وذراعاهُ أجملُ ما زيّنَ عنقي ..؟
وكيف لروحي الْهائمة ان تتسلق قمّة الحواسّ؟
ونَصْلُ الصمت منغرسٌ في نحر الكلام
يا لَجبروتِ الحب حين يطغى.. فيتيقّظ خبْـوُ الجمرات.
كرجفة في انهيارٍ، هذا الخفْقُ في صدري !
كحربٍ ذات وَدْقيْـنِ !
شفة الشمس راوَدتِ الصّبح عن قبلة ،
فارتدّ صدى صوتها مبتهلاً ..
يرتّلُ آيات مطهّراتٍ في العشق
والعين تلكَ .. تكاد تتلبّسُ بنظراتٍ لَــعُـوبٍ،
لولا ابتهال المصابيح في حضرة الضّوءِ.
كُحْلِي العربي ينساب حروفًا من عيوني،
طقوسًا لمواجيدي ،
وأبجدية بلونِ الآسِ !
أمعقول -يا أنا- الوردةُ في إناءٍ دون ماءٍ؟
أمعقولٌ ..
كلّ ذاكـَ الغيث الْــ – ينهمرُ من نبعِ الروح ؟
ياعاهل الصمت ،
يقيني بكـَ .. تيَمّم بأريج العود وتنسّكْـ ،
والشوق، من صِدق إيمانه يتعبدّ ويصلي.
ليتني أعرف ..( وانا الْـ – وُلِدْتُ على يديكَـ )
كيف تَمشي الأصابع الجريئة – وحدَها – في العتم ؟
وكيفَ تمتدّ اليدُ الجَسور لعريشة القلب ،
تنبشُ في أحراش اللهفة ..جهرًا ؟
مَنْ لعاشقةٍ، شوقُها نياطُ القلب، بوعْظ في الهوى ؟
يا أنا ، يا امرأة تركض بين نارين ،
نارُكـَ … ونارٌ أخرى تزفُـر من ناِركـَ.
أنا الـْ – تُشاكسُ قميصَ الرّيح على سبيل الغنج..
وأنا – الأخرى – قانتةٌ في محرابكَـ ،
أُبْسِط سجّادة العشق.. تقرٌبًا !
وأطوفُ في عينيكـَ دونَ حجابٍ أو ستر.
حائرةٌ ، بين نزق قلبٍ .. وتهجدٍ ونُسكٍ.
يحيطني جلالُ القصيدة من كل الجهات.
وأهمسُ :
يا تلكـَ الّلحيظات المضمّخة بالعطر المعتّق،
إنّي ها هنا أموت وأحيا .. ما بين خمرٍ وجمرٍ !
جالسة خلف أهدابكـَ، مزدحمةٌ باللهفات،
أبذل القلب وما جاوره ، تنهيدًا ..
وأنثرالشوقَ.. أباديدًا !
أتمسّحُ بالندى السديميّ الْـ يَسحُّ من جبينكـَ ،
وأَجمعُ من نظراتكَـ نُـدَف العشق المشتهاةِ ..
نُـــــــدْفَــــــة ..
نُـــــــدْفَــــــة !