عبد الامير الهماشي
ربما هي التجربة الاولى بالنسبة للامريكان أن يخرجوا من بلد باتفاقية صيغت بظروف (سلمية) بين الحكومتين بعد أن فقدوا بحسب الاحصاءات الرسمية الالاف المقاتلين ومليارات من الدولارا ت
وقد يشعر بعض الساسة من الامريكان أو من خططوا لقدوم القوات الامريكية الى العراق من أجل هدف ستراتيجي لتأمين مصالح الولايات المتحدة في الشرق الاوسط بالمرارة والخيبة وقد عبر بعضهم عن هذه الخيبة في تصريحات علنية ، وربما تكون احدى أسلحة الجمهوريين لاسقاط اوباما في الانتخابات القادمة
وما يهمنا هو الخيار العراقي في هذا الجانب وماهي مصالحنا الستراتيجية هل في علاقة طبيعية مع الولايات المتحدة أم قطيعة وتشنج؟
وقبل الاجابة على السؤال لابد لنا من مقدمة بسيطة وهي أن الولايات المتحدة سواء تواجدت بقواتها العسكرية ام لم تتواجد فهي مازالت تملك تأثيرا واضحا في الساحة العراقية من خلال علاقاتها مع اطراف سياسية او من خلال المنظمات الدولية التي تملك تاثيرا في كثير من مفاصل المستقبل العراقي
ولهذا فإن ما يتداوله السياسيون الامريكان وجدلهم حول خروج قواتهم يدخل في اطر الصراع الانتخابي بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي ، واذا ما التزم الرئيس اوياما وأوفى بالانسحاب فإنه سيكون الرئيس الامريكي الذي وفي بوعد انتخابي كان كبيرا ومستحيلا عندما وعد الناخبين الامريكان بانسحاب جنوده وعودتهم الى الولايات المتحدة وإنهاء المهمة في العراق
ان الانسحاب الامريكي قد يعطي الاستقرار الامني والسياسي دفعة قوية وايجابية تسمح بالتحول من العلاقات العسكرية الى علاقات مدنية فيها مصلحة للطرفين
وقد يشجع الانسحاب الطرفين العراقي والامريكي بتقوية العلاقات الاخرى ليبرهنا عن تمسكه أحدهما بالاخر
لم تعد العلاقات الدولية اليوم أسيرة القرار الواحد بل حتى القرارات الداخلية لاي بلد ترى انعكاساتها واضحة على علاقات البلد الخارجية وقبوله في المجتمع الدولي ولذا لاارى اي بلد
يستطيع ان يقوم بامر ما بمعزل عن المجتمع الدولي الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة بهذا المفصل او ذاك مع وجود مناطق فراغ تتحرك فيه هذه القوة او تلك
وهنا لا اُريد التقليل من الانسحاب العسكري الذي يعد التجربة الاولى في العالم لبلد مر بظروف مثل ظروف العراق وتنسحب منه الولايات المتحدة بهذا الشكل وربما يكون البلد الاول الذي يستطيع أن يخرج احتلالا عسكريا من بلده بمفاوضات سلمية وببقاء علاقات طبيعية بين البلدين ، نعم هذا الامر لايستسيغه بعض الساسة الامريكان وكذلك بعض الساسة العراقيين لمصالح معروفة سيسجلها التاريخ وسجلناها كمراقبين وكمواطنين
وتكون الدعوة العراقية للامريكان بان يتحولوا من احراق النقود والرجال بتواجدهم العسكري في بلدنا الى استثمار اموالهم ورجالهم في مشاريع الاعمار والبناء وفي كافة المجالات وبهذا تبدأ الولايات المتحدة صفحة جديدة في علاقاتها مع العراق بعد أن أسهمت بتدمير بنيته التحتية والكثير من مرافقه الحيوية منذ حرب عاصفة الصحراء في سنة 1991وحتى يومنا هذا مرورا بحصار ثقافي واقتصادي وتعليمي بقية المجالات وقد يطوي الانسحاب صفحة من الكراهية التي تولدت نتيجة استخدام القوة المفرطة والغير مبررة أحيانا في بعض المناطق في العراق
نعم نريد أن نرى الامريكان زائرين بزي مدني او بملابس العمل الى جانب العراقيين في مشاريع البناء في الموانئ والمطارات ومجال النفط وغيرها بدلا من رؤية العسكر مدججين باسلحة ثقيلة وخفيفة التي لا نريد أن نراها الا في الافلام والعاب البلي ستيشن فقط
انها دعوة لان تكون هناك علاقات طبيعية في مجالات مدنية في اطار اتفاقية ستراتيجية تم الاتفاق عليها وتم تنفيذ شطرها الاول بالانسحاب او هكذا المفترض وبقي على الامريكان الالتزام بالشطر الثاني وبالطبع التزام العراق ومن هنها تكون الفائدة مشتركة وعميقة للبلدين ونتحول فعلا من بلدين كانا في علاقة عسكرية مقيتة الى علاقة مدنية محببة